facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




عمّان في الشعر الأردني الحديث .. المدينة إذ تلهم القصيدة


د. محمد القضاة
20-02-2009 04:24 PM

تابعت ملحق الرأي الثقافي في عدده الأخير الذي خُصص لمدينة عمّان في مئويتها الأولى، وكم فرحت للأفكار التي تعيد الروح إلى جماليات المكان، والدور الذي اضطلع فيه في توجيه السفينة في وطننا الحبيب، هذا المكان الذي يحتضن الروح والحياة، ويعلن على طول المدى أن عمّان المدينةُ المفعمة بالحب والجذل والثقافة. إنها المدينة التي ألهمت الشعراء والكتاب غناء وبوحا وكتابة، وها أنا أعود إلى زمن أثير جميل جمعني مع صحبة من العلماء لمناقشة أطروحة علمية في أيار 2007 أعدتها الباحثة آمال فوزان محمد أبو شهاب، لنيل درجة الماجستير بإشراف الشاعر د.إبراهيم الكوفحي، ولجنة المناقشة د.محمد حوّر ود.مصلح النجار، ولا أنسى وأنا أقرأ تلك الأطروحة تلك القصائد والصور التي كانت تنهال أمامي كالبحر الهائج الذي يعيد للبحر مده وجزره، وللحياة شيئا من أنفاسها، وللمدينة زهوها وأريجها.

لقد سعت الباحثة إلى تقديم صورة ناطقة وواضحة لمدينة عمان وحضورها في الشعر الأردني الحديث، ووقفت على نتاج الشعراء الأردنيين وتجاربهم الخاصة مع مدينتهم الحبيبة، وتناولت في تمهيدها المدينةَ في الشعر العربي الحديث، وأشارت إلى أن الموقف من المدينة قد برز في أحضان الرومانسية التي تنطلق من مسلمة فردية ترفض الأطر المادية التي تحيط بالمدينة، وتكتفي بالعودة إلى الطبيعة الحية والصامتة، ولذلك عبّر الشعراء عن موقفهم من المدينة عبر اتجاهين مختلفين؛ القبول والرفض، أو الرضا والسخط، ولنتذكر صاحب جيكور والمدينة بدر شاكر السياب حين وصف دروب المدينة بحبال من النار تخنق أنفاسه:
وتلتف حولي دروب المدينة
حبالا من الطين يمضغن قلبي
ويعطين، عن حجرة فيه، طينة
حبالا من الطين يجلدن عُري الحقول الحزينة
ويحرقن جيكور في قاع روحي
ويزرعن فيها رماد الضغينة.
ويرفض صلاح عبد الصبور هذا الموقف من المدينة الذي وجد نفسه في أمسّ الحاجة إليها:
أهواك يا مدينتي
أهواك رغم أنني أنكرتُ في رحابك
وأن طير الأليف طار عني
وأنني أعود، لا مأوى، ولا ملتجأ
أعود كي أشرد في أبوابك
أعود كي أشرب من عذابك
ورغم تباين هذه المواقف وتغيرها أصبحت المدينة نتاجَ وعي مديني وسياسي واجتماعي لدى الشعراء على حد رأي الباحثة التي توقفت في أطروحتها عند أبعاد صورة عمان في الشعر الأردني الحديث؛ الوطنية والقومية والتاريخية والثقافية والحضارية والاجتماعية والوجدانية والدينية، بعد أن وقفت عند ملامح شخصية عمان في ملامحها وموقعها ونشأتها وتطورها، ثم طافت في مواقف وتجارب مختارة عند الشعراء عبد المنعم الرفاعي وحسن بكر العزازي وحيدر محمود وعبد الله رضوان وغيرهم من الشعراء الذين توقفت عندهم في أبعاد الصور، والذين توزعوا على خريطة المدينة في أزمان متباينة في عمر عمان المدينة.
ولا تخفي الباحثة أثر المساجلات الشعرية بين الأمير عبد الله والشعراء العرب على إحداث النهضة الأدبية التي شهدتها عمان في تلك الفترة، خصوصاً مع حمزة العربي وعرار وعبد المنعم الرفاعي ومحمد علي الحوباني وحسني زيد الكيلاني والمختار الشنقيطي ومحمد الشريقي وشكري شعشاعة ونديم الملاح وتيسير ظبيان وشجاع الأسد وناصر الدين الأسد وإبراهيم المبيضين ومحمد نهار الرفاعي وراتب دروزة وتوفيق الحناوي ومصطفى السكران وغيرهم، ولم تتوقف رحلة الشعراء مع مدينتهم الاثيرة، إذ كانت حاضرة في وجداناتهم وأشعارهم، وكانت معينهم الذي لا ينضب، ووهجهم ومادتهم يستحضرونها من واقعها وظلالها وحركتها ومتغيراتها العمرانية والحضارية ومواقفها السياسية ودورها الثقافي، ولنا أن نتوقف عند هذا الشعر الذي يمتد عبر أزمنة متلاحقة، فهذا الأحوص الانصاري تشكل عمان محطة ذكرياته ومصدر شوقه:
أقول بعمان، وهل طربي بهِ
إلى أهلِ سلعٍ إن تَشَوّقتُ نافعُ
فإن الغريبَ الدار مما يشُوقه
نسيمُ الرياح والبُروق اللّوامعُ
وورد ذكر عمان في شعر الفرزدق في قصيدتين يمدح فيهما سليمان بن عبدالملك يعبر فيهما عن حبه العميق للخليفة:
ليبلغن ملء الارض نوراً ورحمة
وعدلاً وغيث المعبرات القوائم
وكان على ما بين عمان واقفا
إلى الصين قد ألقوا له بالخزائم
وزار عمر بن أبي ربيعة عمان وقد أحبها حبا جما وقال فيها:
وبعمان طاف منعها خيال
قلت أهلا بطيفها المنُتاب
هجرته وقربته بوعد
وتجنٍّ بهجرتي واجتنابي
غير أنّ عرار وظف عمان توظيفا ينبع من رؤية فكرية واعية ترى المكان معادلا موضوعيا للوطن، ورمزاً أساسيا للبقاء والخلود وتحقيق الوحدة العربية ذلك أن عمان تمثل عمقا خاصا لأمتها:
خلت عمان والمزار بعيد
كوكب النور في سماء العواصم
نام سمارها ونام الندامى
والأغاريد ساهرات قوائم
هذه نشوة السرور وهذي
عزة المُلك في جلال المراسم
وعمان في نتاج عبدالمنعم الرفاعي أراة يتغزل بها؛ يحبها ويهيم فيها، ويقيم لها طقوسها، ينشدها ويغنيها، فهي فؤاده وعشقه ووداده ولحن ذكرياته:
حاشا لحبك إما جئت أذكره
أن أقبل الشك يوما فيه والريبا
تخطّري، فصباك الغضُ منشرحٌ
يُضفي على الصبح منك الفتنة العجبا
وجمع الرفاعي بين عمان وشقيقاتها في تفاعل عربي كان يعده صدىً من أصداء الوحدة العربية، فقد جمع بين دمشق وعمان في قصيدته دمشق :
دمشقُ هل تذكرين الخطوة السببا
لما إليك ركبتُ الريح واللهبا
في جناحيّ ضممتُ الشوق مستعراً
وفي ضميري حملتُ الشام والعربا
ألُقي عليك تحياتي تعطرها
عمانُ بالأرج الزاكي هوىً وصبا
ويرى عيسى الناعوري أنّ عمان هي موطن العروبة ومجد الحضارة، وتنبثق رؤيته من زاوية نفسية تنبع من أعماقه ونظرته للحياة والناس والموجودات:
من الشرق، من داري النائية
أتيت إلى داري الثانية
فعمان أخت الرباط، وأنتم
ونحن مودتنا باقية
وأهلي هناك، وأهلي هنا
وكلهمُ عزوتي الدائبة
جناحين للضاد كنا ونبقى
ووحدتنا الغاية السامية
بلاد العروبة منها تناءت
تقربها ضادنا الغالية
أما حسني فريز فكانت واحدة من محطاته، فقد كتب قصيدة فيها في عيد الاستقلال الأول، وكانت ملاذه ومجد أمته، وحروفه تنبض حبا وإحساسا وصدقا:
في ضفاف الأردن ألف عروس
من خيالي وألف عرس هجان
قد تبرجن غبطة وسرورا
لانبلاج الصباح في عمان
وأراني يهزني الشوق حبا
لاجتلاء الأفراح في رغدان
وشكل قصر رغدان رمزا حضاريا يكشف عن وجه عمان المليح، بما قدمه من احترام للشعر والشعراء والأدباء وأبناء الأردن على اختلاف مشاربهم، وهو ما أثار الشاعر محمد سمحان حين غنى بعمان:
رغدان يا بيت الأصالة والهدى
ما زلت فينا موئلا ومآلا
وأبو طلال في رحابك قائم
يبني ويعلي صرحنا مختالا
هو منقذ الأردن من طمع الألى
قتلوا الضمائر.. فتنة.. وضلالاً
وإذا بعمان الفتية.. تزدهي
وتميس في حلل الإباء.. دلالا
وإذا الأمير الهاشمي بوعيه
يعلي الصروح ويلهم الأجيالا
وقد قال الشاعر أيضاً:
عمان قلعتنا والحزم حصنها
والله يا وطني بالمجد أعلاكا
درع العروبة نفديها بأنفسنا
فالعرب يا وطني شتان لولاكا
وقد تميزت مدينة عمان باستتباب الأمن والأمان فيها، فهي مدينة الأمن والسلام، وفي هذا يقول محمد منصور أبو منصور:
عمان والأردن يزدهران
وبهاشم والعرب يفتخران
فالأمن فيها مستتب وارف
في أمنها يختال مكيونان
عمت مرافقها الجميع فكل من
فيها بها راض وفي اطمئنان
وقد حقق محمد أحمد أبو غربية، مجموعة من التواصلات الوجدانية بين مدينة عمان والمدن العربية الأخرى، التي حققت تواصلاً بين أجزاء النص الأدبي رغم اختلاف الأمكنة في النص الشعري الواحد. الأمر الذي حقق وظيفة دلالية فنية استطاعت أن تولد دلالات إيحائية بالغة الأهمية، حيث يقول:
عمان وجه عروبتي قد عانقت
قدسي وتدعمها بعزم مضاء
عمان تمنح قدسنا آمالها
تتحرر الأقداس من أعداء
عمان أيضاً هللت لعروبتي
للوحدة الكبرى بكل ولاء
أما حيدر محمود، فقد لخص تاريخية المدينة، في سطور قليلة، تبرز النسق المجتمعي القائم على سلطة الحضارة، إذ تضع المتلقي ضمن مقارنات صعبة تجمع بين المتناقضات، تجبره على البحث في العلائق الخفية وسط هذا التكثيف لتاريخية المكان وحضارته، وتحولات النسق المجتمعي فيه من البداوة إلى الحضارة، لينتهي المتلقي إلى الإقرار بمدى عمق حضارة عمان وعراقتها من خلال صور خيالية إبداعية، تصور المكان في اللحظة الراهنة، والمتمثلة في عبارة (ياوارثة الحضارات)، حيث يقول:
يا أيتها البدوية، والحضرية
و الختيارة ، و الطفلة
والوردة، والشوكة،
يا وارثة حضارات الدنيا،
يا فيلادلفيا! لا أملك إلا هذا القلب
وأحلف انك وحدك فيه..
فهل يكفيك... لترضي علي
يا ربة عمون ؟
ومن منا لا يذكر القصيدة الجميلة التي اتحفنا بها الشاعر الكبير حيدر محمود:
عمان اختالي بجمالك وتباهي بصمود رجالك
وامتدي امتدي فوق الغيم وطولي النجم بآمال
بارك يا مجد منازلها والأحبابا
وازرع بالورد مداخلها بابا بابا
أرخت عمان جدائلها فوق الكتفين
فاهتز المجد وقبّلها بين العينين
ولا ينسى الشاعر حبيب الزيودي مدينته الحبيبة عمان وهو ينشدها وقد شاخ قلبه على شوراعها، فهي مدارج حبه وهيامه ومصدر سعده، فهي الغصن الرطيب الذي يداوي القلب الشقي، والعذاب الذي يسري في أوردته ودمائه:
يا ليت عمان قد مدت إليّ يدا
بعد الفراق فإني قد بسطت يدي
أوَليت عمان بعد الصدّ تسمعني
فقد وهى بالهوى من بعدها جَلَديْ
الله أعلم أني ما نكثت لها
عهداً ولا فارقت روحي ولا خَلَدي
وهذه قصيدة تتدفق حبًّا وجمالا، وترسم لوحات فاتنة معطرة بالألوان والصور، وكلمات تقطر عذوبة لمعشوقة تستحق هذا العشق. إنها عمان عاصمة الشعراء العرب، للشاعر عبد الرحيم محمود:
عمان أنت من العصور
فقت الجمال منابتا وأصولا
الأولى وشربتِ من ألق الفوارس نبضهم
وشرقت من شمس الأصيل أصيلا
وسحرت صبح العاشقين صبابة
وجعلت منهم مغرما وقتيلا
ونسجت من زهر العرار قصيدة
وغدوت شمسا لا تخاف أفولا
وكتبت تاريخ العظام صحائفا
ومساجدا ومعاركا وصهيلا
مر العظام على ترابك فانتهت
أمجاد قيصر يوم عاد ذليلا
رسَمت سنابك خيلهم أمجادها
فغدت تماثيل السناء خيولا
ونثرت ليلك فوق بدرك فارتوى
قلب المعنى من سماك هطولا
وحضنت في ليل المصاعب ثلة
حملوا تراث جدودهم إكليلا
كحلت عينيك الأديم تزينا
ليكون وجهك في الزمان جميلا
في حضنك الوردي أورق خافقي
وردا نديا ساحرا وجميلا
وتفتحت أكمام أزهاري شذى
وغدت نسائم فجرها ترتيلا
وتنفست أوراقنا من ليلها
حبا يداني دجلة والنيلا
عمان فيك السحر أورق غصنه
نعت من أوراقه منديلا
وكسوته جيدا تسامق عزه
وبشعرك الفتان ذبت طويلا
من نورك الفتان كنت منار
أو كنت في غصن الهوى عثكولا
يا من كتبت على المشارق اسمها
فغدا الفؤاد بحبها مشغولا
جدلت من شعر القوافي غيمة
جدلتها من حسنها تجديلا
وهذه قصيد للشاعر عبدالله منصور يغني فيها لسماء عمان نجمته: صيرت يا (....) نبض القلب قيثارا
حتى يغني لك الأشواق أشعاراً
ما زلتُ أعتصرُ الأوتارَ
من لَهَفٍ
حتى جعُلتُ من الآهات أوتارا
رضيت حّبك سَجناً
لا أغادُره
ولا أضيق به
باباً وأسواراً
وبعد، فهذه عينات من الشعر الذي قيل في عمان، وهو كثير ولا يسمح المقام بالوقوف عليه كله لكثرة الشعراء الذين تغنوا في عمان وسجلوا خواطرهم في هذا الفضاء المكاني بلغة حميمة وشاعرية مثقلة بالدلالات والايحاءات والأفكار الواعية والشوق والذكريات والحنين، حتى غدت عند بعضهم شخصا من لحم ودم وإنسانية ووجه حسن يتدفق ودّاً ووفاء وحياة، وصورة صادقة تنبعث من وجدان الشاعر وأشواقه ومشاعره وأحاسيسه لمدينته التي يحب صباحها ونهارها وليلها الجميل، ومعذرة من الأخوة الأحباء الشعراء الذين تغنوا بعمان ولم نذكرهم وهم كثر، ولهم منا كل تقدير وود، وإذا كان من شكر فهو لعمان ملهمة الشعراء وللشعراء، وللباحثة آمال التي بذلت جهدا واضحا في لملمة الشعر العّماني وواضعه في إطار علمي تستحقه عاصمتنا العزيزة.
mohamadq2002@yahoo.com





  • 1 احمد ابو مطاوع 08-01-2010 | 06:40 PM

    الشعر حلو كتير و جميل وفيه روح الشعر الغنى الجميله واعجبني عندما قال عن ابو الطلال فهذا الشعر اجمل شعر قرأته انه يتحدث عن الاردن البهيه الجميله فهو لم يذكر كل شي لان الاردن اولا اولا ولا تنوصف

  • 2 شفاء 05-04-2010 | 07:23 PM

    الشعر حلو كتييييييييييير

  • 3 عاشقة الشوكولا 06-06-2013 | 01:23 PM

    شعر رائع بمعنى الكلمة

  • 4 عاشقة الشوكولا 06-06-2013 | 01:23 PM

    شعر رائع بمعنى الكلمة


تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :