facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




مأزق السلطة وشهوة الانتقام


سامر حيدر المجالي
28-10-2009 01:37 PM

إذا لم تستطع مقاومة الجور بيدك، فقاومه بخيالك. وليكن الانتقام بشعا، واجعل مشاهده مزيجا من السخرية والازدراء.

ليس في الدنيا شيء يُفصح عن أعماق المقهورين مثل سيرورة الأخبار وتناميها، وآفاقها التي تنفتح على المناطق المظلمة الباحثة عن متنفس أو شبه متنفس. هنا تغدو النبوءة ممكنة ونقطة الانفراج واضحة المعالم. خذوا مثلا قصة جميل هلسة ومحمد دحلان في طائرة فيينا، ذاك الخبر القائم على مفارقة تلغي حياد القاريء منذ اللحظة الأولى وتزجُّ به في حدث يُمكّنه من تنفيس غضبه واسترداد بعض عافيته. ثم راقبوا ما يحدث بعد ذلك، حيث لا تكتفي المفارقة بكونها مفارقة، ولا البياض بكونه نقيضا صارخا للسواد الذي يكتنف اللوحة في طرفها المقابل، بل إن الصحفي؛ أي ناقل الخبر المحايد، يتخلى عن حياده ويتخذ دور الراوي الذي يُزكّي طرفا ويلوذ بالصمت تجاه الطرف الآخر، فيقيم من نفسه شاهدا يمسك بيد القاريء فيقوده نحو نقطة خطط للوصول إليها سلفا. ثم يترك كل الإمكانيات مفتوحة لمزيد من الإضافة والتعديل الذين تفرضهما رمزية الحدث أكثر من كيانه المحدود المخترق بالزمان والمكان.

الإضافة والتعديل هما السر والمتنفس والنبوءة، وهما صنعة الإخباري الذي وضعك في جيبه منذ اللحظة الأولى. بل إنهما سر الكون القائم على الحركة، حتى لو خَفيَتْ هذه الحركة وكانت كالماء الجاري تحت جلمود من الصخر الثقيل. في الخبر إدانة واضحة لكل سُلطة ( ليس الفلسطينية فقط)، حيث ينوب جميل هلسة عن ملايين المقهورين فيسدد كلاما موجعا ونقدا مبرحا إلى رمز السُلطة محمد دحلان، الذي ينوب هو بدوره عن السلطة -بكل أشكالها التي نعرفها نحن العرب- في تلقي الشتائم والتقريع؛ إنه زعيم من طينة الأشرار، أو لنقل مشروع زعيم ومشروع لعنة في آن معا؛ قوي قوة الشيطان، منبوذ جدلي ممعن في العكرتة، يطوي المسافات طيا إلى مشروع مشبوه، هو ركنه وأساسه وطائر شؤمه.

تلك بنية الخبر الرئيسية، غير أن في الحوار تعديلا وإضافة يطالان حذاء محمد دحلان فيمعنان في ازدرائه والسخرية منه. وهناك تعديل آخر يُبيّن عجز السلطة عن مجابهة رصاصة الحق أو الانتصار لنفسها، ذلك أن وجه محمد دحلان يمتقع ولسانه ينعقد. وهل بعد هذا من عجز وقلة قيمة؟ ثم تأتي الإضافة الأهم حتى هذه اللحظة ( لا تنسوا أن خبرا كهذا سيستمر في التنامي حتى إشعار آخر) حين يصبح المتفرجون جزءا من الحدث فيصفقون ويباركون الذي قام به جميل هلسة، إلا واحدا منهم، إنه وزير أردني سابق، أو جزء من السلطة المطلوب إدانتها وتحقيرها، فيقوم هذا الوزير بعملية وساطة لثني جميل هلسة عن مغادرة مقعده، فيفشل في مهمته، وينال سخط القاريء هو أيضا. وبهذا تتم الحبكة وتفصح الأعماق عن خصب خيالها وأمانيها المكبوتة، وعدائها لكل أنواع السلطة، عداء يمور في الصدور خفيا، ينتظر متنفسا كهذا ولحظة تاريخية ممتدة كطائرة فيينا.

إنه عالم قائم بذاته يجتمع فيه الواقع بالخيال والقهر برغبة الانعتاق، تسير النفس فيه الى أقاصيها فتمزج أحلامها بآلامها، وتمعن في الانتقام لنفسها والنيل من أعدائها. السلطة التي تستحق أكثر من هذا هي التي تخلق هذا الكم من الكبت والشعور بالتهميش والظلم. انظروا إلى ما حدث قبل يومين، رمز أردني يتعرض لاعتداء بدني وبلطجة حقيرة في وضح النهار وفي وسط الشارع. إنه اعتداء على كرامة المواطن وعلى هيبة الدولة وعلى المروءة والرجولة والشرف.

فما الذي قدمته السلطة أمام هذا الاعتداء؟ لقد سارع وزير إعلامها إلى التنصل من المسؤولية وقدم إفادة أمام وسائل الاعلام أدان فيها المُعتدى عليه بذات الدرجة التي أدان بها المعتدين.

لقد تحدث بمنتهى البساطة عن (مشاجرة؟؟) فزج باسم رمز سياسي على أبواب السبعين من عمره في فعل لا يقدم عليه غير الاحداث وضعاف العقول. ثم أكمل الأمن العام مسيرة التخبط هذه فنفى أية أبعاد سياسية للقضية قبل أن يناقض نفسه ويقول أن التحقيقات ما زالت مستمرة!! فكيف نفى إذا كان التحقيق لم يُستكمل بعد؟؟!!! أي مُسَيِّر هذا الذي يسير السلطة عندنا فتغدو مجالا للسخرية والشفقة؟؟

السر يكمن في عجز السلطة والرسمية عن احتواء الإنسان، إنها تمتهن عقله وذكاءه وكبرياءه، بعد هذا يكون أبسط الشرور أن تمتهن جسده إذا صحت الاتهامات وبعض التحليلات...

هل تَشُكّون في أن الخبر ( الطازة) خبر ليث شبيلات سوف يبدأ بالتنامي ويسير الى أقاصي الانتقام البعيدة؟؟ أستطيع مراهنتكم على هذا مادمتم لا تمتلكون غير الخيال معبرا عن ضيقكم بالعالم من حولكم.

Samhm111@hotmail.com





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :