facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




تونس وثورة الجياع * نايف النوايسة


16-01-2011 03:21 PM

منذ زمن بعيد والشعوب العربية ترزح تحت تراكم الظلم الذي وقع عليها من الأنظمة الحاكمة التي أخذت على عاتقها ترسيخ غايات الاستعمار في المنطقة العربية بجعل القابلية للاستعمار وتداً ثابتاً في خاصرة هذه الأمة، وأصبح الضعف فيها صفة مميزة لشعوبها وكأن هذه الشعوب خلقت في حضن العبودية، وبينها وبين الحرية قطيعة أبدية، وإذا كنا ننتظر اندلاع الثورة في أي وقت فأننا لم نتوقع ان تأتي الثورة على الظلم من الشعب التونسي الذي أحكمت الأجهزة الأمنية قبضتها على رقبته حتى لم يعد قادراً على ان يرفع إصبعاً محتجاً او ينبس ببنت شفة ، لكن الغليان الذي يهدر في مراجل كرامة الشعوب المغلوبة كان الشعب التونسي أكثر هذه الشعوب قربا من الثورة، ويبدو انه كان بحاجة الى شرارة واحدة مهما ضعفت، وكان الأمر كذلك، فأشرقت شمس حرية الشعوب العربية من شعب تونس الخضراء الذي بدأ يتنفس من جديد نسائم الحرية بعد (23) سنة من الظلم.
بوعزيزي، هذا الشاب التونسي الذي أعاد بلده تونس الى سكّة العقل في تعاطي البناء الجمعي وجادة المعقول في الناتج الحضاري وجد ان جسده المثخن بالظلم هو صحيفة الاحتجاج عمّا يجري في بلده فأشعل النار بنفسه ليكون جسده الشرارة التي أشعلت ثورة الخلاص في تونس، بوعزيزي جسر التونسيين الى حديقة الحرية المنشودة، ودمه المشتعل هو قصيدة الأمل التي انتزعها الشاعر التونسي أبو القاسم الشابي ذات يوم من نضال الشعوب لإحراز التحرر.. في أيام معدودات تمكن الشعب التونسي من بسط خارطة الحرية والكرامة على تراب بلده الكريم وثبّت في تاريخ التراخي العربي المعاصر ان الشعوب المظلومة قادرة على إعادة إنتاج دورة الحياة الكريمة من جديد.
وإنني إذ ارفع اليد محييا الشعب التونسي أكّد كرامته وعنفوانه بهذه الثورة التي فتح بها عقدا جديدا لمواجهة الأنظمة الظالمة وأعاد للجسد العربي المترهل يناعته وأمله في الخلاص من الظلم، فإنني استذكر ما قاله ابن خلدون (التونسي) في مقدمته الشهيرة عن علاقة الظلم بزوال الحكم في فصل ان الظلم مؤذن بخراب العمران، وكأن ابن خلدون قرأ الحالة التونسية بدقة وجاءت مقدمته تعبيراً مبكراً عن هذه الحالة.
ان تونس التي رتبت أوراقها المبعثرة وأعادت إليها الروح هي نموذج فذ يمكن الاقتداء به في كثير من الدول العربية التي مرّغتها الأنظمة الحاكمة بالسياسات الظالمة والحاكمية غير الرشيدة واتخاذ الحاشية الفاسدة وتضييق الحياة على شعوبها بالأسعار اللاهبة ومصادرة الحريات وممارسة الكذب على هذه الشعوب المسكينة وإفراز طبقة متنعمة ترقص على جماجم الناس ومصّ دمائهم وما في جيوبهم.
الشعوب العربية خجولة وخائفة ومثخنة بجراحات الحقبة الاستعمارية وترسّخ في وعيها هذا الخوف فأدمنت هذه الحالة وسلّمت أمرها لرب العباد، لكن شروق شمس الحرية من تونس ضخّ في عروقها المتيبسة الأمل وهاهي تتحفز في شرق الأمة وغربها لإعادة الهيبة الى امة كريمة ذات مجد وتاريخ .. تحية لتونس الحرية ..تونس الكرامة .. تونس العرب .. وبورك الشعب التونسي الحر على هذا الانجاز العظيم.

nayef.nawiseh.com





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :