"هجرة المسيحيين من القدس" .. ورقة للدكتور جورج طريف في مؤتمر الدوحة
04-03-2012 04:47 AM
عمون -في ورقة العمل التي قدمها الى المؤتمر الدولي للدفاع عن القدس والذي عقد في الدوحة خلال الفترة من 26-2الى27-2-2012م 272تحت عنوان هجرة المسيحيين من القدس خلال الفترة من عام 1948م-2010م اكد الدكتور جورج طريف
ان علاقة المسيحيين في القدس تعود الى بداية الفترة التي بشر فيها السيد المسيح بالدين المسيحي، وتشترك كنائس الارض المقدسة بتراث ديني تاريخي واحد تمتد جذوره الى القرون المسيحية الاولى ، ويفتخر المسيحيون بدورهم الحضاري والثقافي الذي انبثق عن المدينة بالاضافة الى دورهم الطلائعي في نشر الدين المسيحي في سائر بقاع الارض . وأنشئت بطريركية القدس في القرن الخامس الميلادي واصبحت خامس بطريركية بعد روما والاسكندرية وانطاكية والقسطنطينية ،وامتدت سلطة البطريرك المقدسي الى مناطق فلسطين والجزيرة العربية وبلاد مابين النهرين وجزء من شبه جزيرة سيناء.
وقال ان الحياة المسيحية ازدهرت ابان الحكم البيزنطي (330م-638م) فضمت البطريركية الارثوذكسية تسعا واربعين ابرشية ، وبنى المؤمنون الكنائس في جميع انحائها "14 في مادبا و15 في ام الجمال و13في جرش و9 كنائس في عابود".
وفي عام 17 للهجرة 638 للميلاد دخلت الكنيسة المقدسية تحت الحكم الاسلامي فانتهى بذلك العهد الوحيد الذي كان فيه المسيحيون اكثرية ساحقة في فلسطين . واصبحت اللغة العربية عامل وحدة بين الجماعات المسيحية بالرغم من الخلافات اللاهوتية .
وقد اعطى الخليفة عمر بن الخطاب فاتح القدس امانا للقدس و سكانها يعرف بالعهدة العمرية التي اشترطت الا يسكن بايليا ( القدس ) معهم احد من اليهود ،وقد وقع على هذه العهدة بطريرك القدس صفرونيوس الذي سلم مفاتيح المدينة المقدسة للخليفة عمر بن الخطاب.
وتحدث المؤرخ والاعلامي الدكتور طريف عن الاوقاف المسيحية في القدس واشار الى ان المسيحيين ينقسمون في القدس الى كنائس شرقية واخرى غربية تتبع كل منها رئاستها الدينية ، وتشمل الكنائس الشرقية الروم الاورثوذكس والارمن الارثوذكس والاقباط مطرانية والسريان و الاحباش والكنيسة الروسية وكنيسة الكرج (جورجيا) اما الكنائس الغربية فتشمل البطريركية اللاتينية اللاتين والروم الكاثوليك الملكيين وسريان الكاثوليك والموارنة والانجيلية الاسقفية العربية والارساليات الالمانية .
وفيما يتعلق باعداد المسيحيين في القدس اشار الى ان عدد سكان القدس قدر عام 1840 ما مجموعه 11000 نسمة منهم 4650 من المسلمين و3350 مسييحيين و3000 يهود وبلغ عدد سكان القدس حسب احصائية عام 1922م كما يلي المسلمون 13413 المسيحيون 14699 اليهود 33971 نسمة .
وهناك اشارات الى ان اعداد المسيحين في القدس عام 1944 ما يقارب ال35 الف نسمة وشكلوا مانسبته 50% من سكان القدس عام 1948م .
وفي الفترة بين سنة 1967 -1993 غادر الضفة الغربية وقطاع غزة نحو 13000 مهاجر مسيحي منهم 8000 في الضفة الغربية و 5000 في قطاع غزة.
وكي نعرف اعداد المهاجرين المسيحين من مدن الضفة الغربية لا بد من الاشارة الى ان عدد المغتربين من منطقة بيت لحم يصل الى نحو 100000 مسيحي بينما عدد المغتربين في بيت جالا في تشيلي يصل إلى 25000 مسيحي ونحو 2000-3000 مسيحي غادروها في السنوات 1967-1970.
وفي جميع الاحوال فإن عدد المسيحيين العرب لا يتجاوز الان في القدس 11 الف نسمة ويشكلون1و7% من عدد السكان الفلسطينيين القاطنيين في المدينة ، وفي عظة القاها المطران عطالله حنا مطران سبسطية للروم الارثوذكس في كنيسة القيامة في القدس القديم بتاريخ 6-9-2009م ونشرتها صحيفة الايام الفلسطينية بتناريخ 7-9 -2009م اشار الى ان عدد مسيحي القدس في تناقص ولا يزيد في هذه المرحلة عن 8 الاف نسمة .
ويمكن حصر اسباب هجرة المسيحين من القدس في النقاط التالية :-
1- استمرار الاحتلال الاسرائيلي للقدس والضفة الغربية حيث يعاني مسيحيو القدس ما يعاني منه مسلموالقدس وفلسطين فهم لا يستطيعون بناء البيوت الجديدة ولا ترميم بيوتهم القديمة ويعيشون مقطوعين عن اهلهم وذويهم في بقية فلسطين يخضعون للممارسات الاسرائيلية وقوانين الاحتلال التعسفية وضرائبه الظالمة التي تدفعهم خارج اسوار المدينة
2- الاستيطان اليهودي في القدس حيث تعمل اسرائيل على عزل المدينة المقدسة بحزام من المستوطنات تفصلها عن باقي مناطق الضفة الغربية ويسكن داخل اسوار القدس حوالي ثلاثة وثلاثين الف فلسطيني...
3-غياب الاستقرارالسياسي والامني والاجتماعي الناجم عن ظروف الاحتلال
4- السعي لتحسين الظروف الاقتصادية ، وقد هاجر اهل القدس في البداية الى المدن المجاورة وبالذات الى مناطق يافا وحيفا وعكا وغزة .
5- عدم توفر التعليم العالي المناسب في الاراضي الفلسطينية .
ان استمرار الهجرة المسيحية من القدس يشكل خطرا كبيرا على المدينة المقدسة
وان خير من وجه الانظار اليها قداسة البابا بولس السادس في رسالة الفصح عام 1974م عندما قال متحدثا عن مسيحي القدس "هؤلاء الاخوة والاخوات الذين يعيشون حيث عاش المسيح والذين ما زالوا حول الاماكن المقدسة هم خلفاء الكنيسة الاولى انهم اصل كل الكنائس واذا زال الوجود المسيحي في القدس فان حرارة الشهادة الحية في الارض المقدسة ستنطفىء والاماكن المقدسة في القدس وفلسطين ستصبح متاحف " .
ان كل ذلك يذكر بالخطرالاكيد نتيجة الازدياد المتنامي لليهود في القدس بشكل خاص وفي فلسطين بشكل عام الامر الذي يتطلب وقفة عربية واسلامية واحدة وفاعلة وقادرة على تحريك المجتمع الدولي للضغط على اسرائيل لوقف ممارساتها التعسفية في الاراضي الفلسطينية ووقف الاستيطان والعمل على دعم صمود الاهل مسيحيين ومسلمين والحد من هجراتهم ومنح الفلسطينيين حقوقهم المشروعة على التراب الوطني الفلسطسيني واقامة دولتهم المستقلة على حدود الرابع من حزيران عام 1967م وعاصمتها القدس الشرقية .