facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




من المحب الى الأحب


20-08-2014 06:01 PM

عمون- من المحب الى الأحب

كنت أذهب الى حيث هو يجلس في بيتنا القديم ، وكان ينتابني الشعور بأنني سأظل أستظل بظل القمر حيث لا يغيب ، لكنه قد غاب القمر و مات أبي ، وتساءلت في نفسي العميقة المثقلة بالحزن ، هل تموت الجبال وهل تهب الريح ولاتقف ، وهل لماء البحر أن يجف ؟؟

كنت أنظر الى وجهه الوردي وأتساءل هل لهذا الوجه أن يذهب ولا يعود ؟ كنت أشعر بدموعه في مرضه وهي تنهال على خديه لتحفر آهات الوداع ، أنظر اليه وأتمنى أن يطول في غيبوبته ويبقى أمام أعيننا ليؤنسنا بتجاعيد جفنيه ، لنبقى صغارا لم نكبر بعد ، ها قد كبرنا كثيرا يا أبي منذ غيابك ، قد هرمنا بعد أن غمضت عيونك وتركتنا لأنفسنا لا نملك الا بكاء عليك وعلى رحيلك يا أغلى الرجال .

ها قد رحلت يا أبي بعد أن سلب المرض من قوتك وقدرتك ، وتركتنا نتلمس كل مكان كنا معك بالأمس فيه ، كل مكان ضحكنا أو أكلنا أو صلينا أو بكينا فيه ، كنت بالأمس بين أيدينا بصحتك ومرضك ، واليوم نبحث عن أية أثارة تدلنا على بسمتك البريئة وخدك الوردي الجميل ، ودموعك الغائرة فينا وشقاوة الزمان المرسومة على وجهك ، تركتنا لأنفسنا وذهبت وحيدا دوننا ، نبحث عن لحظة وداع أخيرة فيك .

من نعاتب على رحيلك يا أبي ، ودموع ضعفك من مرضك قد قتلتنا ، ونحن نبذل جهدنا كي نساعدك ، لكن سيف المرض المسلط عليك كان أقوى منا ، فسامحنا يا أبي ، لم نقدر على شيئ سوى ترقب أنفاسك التي اختلطت بحدقات عيوننا ، ، حتى أخترت فراقنا ووجدت راحتك في مكان غير مكاننا وأخذت معك منا مهجة أرواحنا ونور كبريائنا ، فلم تبقى من صورتك سوى تلك التي نخر المرض بها وجنتيك .

منذ أن فارقتنا وانتقلت روحك الطاهرة الى السماء ، وصورتك تخيم على أعيننا في كل مكان جمعنا ، أصبحنا اليوم ننبش بين بقايا أغراضك لعلنا نتلمس يديك الكريمتين ، وسريرك الذي صاحبك في مرضك لا يزال يبث فينا بقايا صور من نومك المثقل بالتعب ، سامحمنا يا أبي فقد أشغلتنا مناكفات الحياة عنك وسلبت منا أوقاتا هي أصلا لك ولقلبك الدافئ ، أما يا أبي وقد أخترت الرحيل فلا تتركنا يا أبي في ليال ظلماء دون أن تطرق باب أحلامنا في منامنا بصورتك البهية لنبقى على الوصل معك ، كن يا أبي كنجمة في السماء اذا جن علينا الليل نأنس بك .

أبي ... بعد وداعك الأخير أصبحنا اليوم نجلس في الاماكن العتيقة في منزلنا نسترق النظر الى زوايا البيت ، نلهث وراء سراب خيالك ، نظن بأنك قد تخرج الينا كما تعودنا عليك وقطرات ماء الوضوء تبلل تجاعيد وجهك المتخم في الزمان ، لله درك أيها الشامخ فقد عشت فينا بهدوء ، وبالامس رحلت عنا بهدوء ، حتى في مماتك لم تزعج أحدأ منا ، وكأن رحلتك في الحياة قصة قصيرة لم تثقل كاهل أحدنا باتمام مطالعتها .

أما وقد شهدنا أفول نجمك يا أبي ، فمني أنا المحب واليك أنت الأحب نعاهدك بأن نبقى الأوفياء لك بعد رحيلك ، ولن نترك أي شيئ يسر خاطرك ، أو يقربنا من البكاء اليك ، حتى يبقى حبل الوصل بيننا كما تعاهدنا ، ولك السلام منا على روحك الطاهرة ، التقية ، النقية ، وعزائنا أنك بين يدي ملك الملوك حيث الرحمة والأحسان ، وعساك يا أبي أن تكون اليوم راضيا مرضيا ، ولا نملك الا أن نقول ما يرضي ربنا ، اننا لله وانا اليه راجعون .

المخلص بالوفاء لعهدك
ابراهيم بن عيسى العبادي





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :