facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




عقلية البناء


د.رحيل الغرايبة
21-08-2014 04:16 AM

تشتد حاجتنا جميعاً إلى السعي نحو إيجاد عقلية البناء، التي تبذل قصارى جهدها في التفكير في البناء، وتعظيم الانجاز والزيادة في الانتاج، والمسابقة نحو التجويد والتطوير والتنافس في الابداع، وإيجاد العقلية الابتكارية، القادرة على تجاوز حالة العجز والسكون، من أجل امتلاك قدرة التغلب على التخلف المزري الذي يلف المكان.

«البناء» ينبغي أن يكون ملخص الرؤية للحكومة في هذه المرحلة، ومضمون رسالتها التي تنعكس في أداء كل الوزارات، على اختلاف مجالاتها، بدءاً من وزارة الثقافة المسؤولة عن تصحيح المسارات الفكرية والأنماط الثقافية السائدة في المجتمع، وارساء معالم ثقافة البناء عبر التوجيهات النظرية، وعبر المطبوعات الورقية والالكترونية وعبر الأنشطة والمهرجانات العديدة التي يجب أن تنبثق جميعها من هذه الفلسفة وتخدم هذه الغاية.

والدور الأكبر والأكثر أهمية يقع على وزارة التربية التي ينبغي أن تنطلق في عملية الاصلاح التربوي والتعليمي القائمة على اعداد الجيل وصياغة عقل الناشئة، بعد وضع معالم الفلسفة الشاملة التي تنطلق منها العملية الاصلاحية، والتي ينبغي أن تركز على ايجاد « العقلية البنائية» التي تتجاوز أقاويل الفوضى والهدم إلى أفاق العمل والإنجاز، وهذا ينبغي أن ينعكس في المناهج الجديدة المتدرجة في هذا المفهوم عبر المراحل الدراسية، والمصحوب بإعداد المدرِّس القادر على فهم هذه الفلسفة ومقتضياتها وامتلاك أدواتها وأساليبها.

تبدأ عملية بناء العقلية الايجابية المنتجة منذ مرحلة الروضة حيث تنقدح شرارة القدرة على التفكير بمنهجية علمية ثم تواصل المشوار عبر المرحلة الابتدائية إلى الإعدادية والثانوية، من أجل الشروع بعملية بطيئة ومتدرجة للصياغة الشاملة للجيل الجديد القادر على امتلاك أدوات النهوض وعناصر القوة الفكرية والوجدانية والبنوية.

الجامعات تشكل المحطة الختامية في عملية بناء الجيل المتسلح بالقدرة المكتملة نظرياً وعملياً، للخروج إلى الحياة والميدان، والشروع بالتطبيق والإمساك بخطوط الانتاج، وهذا يحتاج إلى ثورة عارمة على صعيد المناهج والخطط الدراسية، وعلى صعيد الأساليب والأدوات، وعلى صعيد المدرسين والأساتذة.

هذا كلّه لا طريق لتنفيذه إلّا عبر المشروع الوطني الواضح الذي ينخرط فيه القادة وأصحاب الرأي والنخب على الصعيد السياسي والاجتماعي والفكري والثقافي وأبناء الأردن الذين يملكون الرؤية الصحيحة، والانتماء الوطني العميق القائم على حب متأجج ومشاعر فياضة بعشق تراب الوطن الذي يصل إلى مستوى التضحية بالنفس والمال بلا أدنى تردد.

ينبغي أن نغادر فلسفة الهدم، ومرحلة المراهقة السياسية التي مكثنا عقوداً طويلة، وأن نغادر مرحلة التشكي والشعور بالعجز واتقان لغة الخصام والفرقة وفن القاء التهم، والانطلاق نحو مرحلة جديدة وثقافة جديدة تتمحور بجوهرها على فلسفة البناء والتفكير الايجابي المفعم بالأمل، والمدعوم بروح التوافق والمشاركة، والتسامح وتقبل الآخر، عبر إطار حضاري واسع ومرجعية قيمية نبيلة مستمدة من تاريخنا وواقعنا وتنسجم مع العقل والفطرة.

ليس من المبالغة القول إن أحد أسباب فشل الربيع العربي هو عدم تبني فلسفة البناء على مستوى الشعوب والمؤسسات، وعلى مستوى القوى السياسية كذلك، التي عجزت عن إعداد نفسها وكوادرها لعملية البناء، واستغرقت في عملية الهدم، حيث أن عملية البناء تحتاج إلى جهود مضنية، وسهر وإعداد ورؤية ووضوح فكري، وامتلاك مهارات عملية متخصصة، وتجربة ميدانية بالإضافة إلى الانتماء الوطني والشعور الوجداني العميق الذي يظهر بوضوح في الأجيال الجديدة التي تتحمل عبء النهوض والإمساك بمفاصل التغيير بكفاءة واقتدار.
(الدستور)





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :