facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




العرب : الأردن صامد بسياسته الإقناعية في محيط تعصف به الأزمات


20-09-2014 01:08 AM

النظام الأردني نجح في استخدام ما لديه من قدرات محدودة لتحقيق أكبر قدر من المكاسب، والحفاظ على كيان الدولة تحت قيادة الأسرة الهاشمية..

حكم الأسرة الهاشمية يحظى بتأييد شعبي قوي رغم انتقادات الأردنيين لأداء الحكومات المتعاقبة..


عمون - حالة الاستقرار السياسي التي يشهدها الأردن في ظلّ الوضع الإقليمي الملتهب المحيط به ووسط تحديات داخلية لا يستهان بها تبدو فريدة من نوعها إلا أن لها ما يبررها في ظل السياسة التي اتبعتها المملكة للحفاظ على كيان دولتها، حسب دراسة للباحث محمد صفيّ الدين خربوش، صادرة عن المركز العربي للبحوث والدراسات.
يعتبر النظام السياسي الأردني نظاما فريدا بين النظم السياسية العربية، حيث تمكن من الصمود والتطور خلال ما يربو على عقود من الأزمات العربية الكبرى التي كان الأردن طرفا رئيسا من أطرافها بسبب عوامل تاريخية وجغرافية واجتماعية، فرضت عليه التأثر بهذه الأزمات والتفاعل معها، حتى لو لم يكن راغبا في ذلك. فماهي العوامل التي تقف وراء هذا الصمود على الرغم من الأزمات الطاغية داخل الأردن وعلى حدوده؟


ما هي التحديات التي يواجهها الأردن؟

تناول الباحث محمد صفيّ الدين خربوش، في دراسته الصادرة عن المركز العربي للبحوث والدراسات، مسألة التحديات التي يواجهها الأردن استنادا إلى العوامل المحيطة بالمجتمع الأردني عموما والمؤثرة فيه بشكل مباشر، وهي الآتي:

*أولا، من حيث الجغرافيا؛ حيث أنّ الأردن يقع بين خمس دول تفوقه من حيث القدرات البشرية والاقتصادية والعسكرية، أربع منها دول عربية هي العراق وسوريا والسعودية ومصر والخامسة هي إسرائيل ومن ثم، تقع على كاهل النظام الأردني أعباء جسام، حيث يعتبر أحد أبرز الأنظمة السياسية العربية التي يفوق حجم الأعباء التي يعاني منها حجمه الطبيعي، أو النفقات التي تقع على عاتقه مسؤولية الوفاء بها، أو المطالب المحلية والإقليمية والدولية التي يجب عليه تلبيتها، كل هذا يفوق كمّ الموارد المتاحة لدى النظام الأردني للاستجابة إلى هذه الأعباء والمطالب والنفقات.

حجم الموارد المتاحة لدى النظام السياسي الأردني أقل من كم المطالب التي يراد تلبيتها أو الاستجابة لها
* ثانيا، من حيث التاريخ؛ حيث أوضح أنّ المملكة الهاشمية تعاني عبء إرث الثورة العربية الكبرى بما تتضمنه من دلالات عروبية تفرض قيودا على الإطار الذي تتحرك فيه السياسة الأردنية، يضاف إلى ذلك انضمام الضفة الغربية إلى المملكة الأردنية الهاشمية فيما يطلق عليه الأردنيون “وحدة الضفتين”، واستمرار هذه الوحدة فعليا حتى الاحتلال الإسرائيلي للضفة الغربية عام 1967، ورسميا حتى إعلان الأردن فك الارتباط مع الضفة عام 1988. وقد ترتب على ذلك تمتع الأردن بعلاقات خاصة مع الضفة بما تتضمنه من أماكن مقدسة في القدس الشريف. تضاف إلى ذلك العلاقات الخاصة مع فلسطين بسبب استيعاب الأردن للعدد الأكبر من اللاجئين والنازحين الفلسطينيين بعد عامي 1948 و1967.

*ثالثا، من الناحية الاقتصادية، أشار الباحث إلى أنّ الاقتصاد الأردني يعاني من شحّ الموارد الطبيعية. لاسيما المياه والنفط، وتعتمد الزراعة في أراضيه على مياه الأمطار في فصل الشتاء. ومن ثم، يعتمد في كثير من احتياجاته النفطية والمائية والغذائية على الخارج.

وتعاني الموازنة العامة الأردنية من عجز مستمر ومتزايد أجبر الحكومات المتعاقبة على الإقدام على تخفيف أو رفع الدعم عن بعض السلع الأساسية ـ لاسيما الغذائية والنفطية ـ الأمر الذي أثار موجات من الاحتجاجات لعدة مرات في ثمانينات وتسعينات القرن العشرين.
* رابعا، التركيبة الاجتماعية؛ حيث أنّ الأردن يضم أطيافا متنوعة، فمن حيث الانتماء الديني؛ يمثل المسلمون أغلبية كبيرة، وتوجد أقلية من المسيحيين، ومن حيث الانتماء العرقي، يمثل العرب أغلبية مع وجود أقليات من "شركس" و”شيشان” إضافة إلى الأعداد الكبيرة من اللاجئين الفلسطينيين.


*أمّا خامسا، فقد عرض الباحث الناحية الثقافية؛ مشيرا إلى أنّ المملكة تتعايش فيها ثقافتان شديدتا التباين؛ ففيما تسود في معظم أحياء عمان وإربد والعقبة ثقافة حديثة متأثرة بشدة بالثقافة الغربية، تسود في القرى والبادية وبعض المدن الصغرى وبعض أحياء المدن الكبرى، ثقافة تقليدية متأثرة بالدين والأعراف والتقاليد العشائرية: ولا تزال العشيرة تمثل المصدر الرئيسي للثقافة لاسيما بين ذوي الأصول الأردنية.

بناء على ما سبق، يشير محمد صفيّ الدين خربوش إلى أنّ صانع القرار الأردني لا يعمل في بيئة جغرافية وتاريخية واقتصادية واجتماعية وثقافية مواتية أو يسيرة، بل في بيئة معقدة ومليئة بالصعوبات. أي أن حجم الموارد المتاحة لدى النظام السياسي الأردني أقل من كم المطالب التي يراد تلبيتها أو الاستجابة لها.

في مثل هذه الحالات، يرى الباحث، أنّ النظام السياسي أمام خيارين: إما استخدام قدراته القمعية لوأد المطالب التي لا يجد الموارد الكافية لتلبيتها، أو السعي إلى استخدام قدراته الإقناعية لسد الفجوة بين المطالب والموارد (النفقات والإيرادات). وإذا كانت القوة المادية (لا سيما القوات المسلحة والشرطة) تمثل العصب الرئيسي لاستخدام البديل الأول، فإنّ المهارات القيادية والشرعية التي تتمتع بها تعتبر الأداة الرئيسية لاستخدام البديل الآخير الذي يعول عليه الأردن دائما.


كيف تم الحفاظ على بقاء الدولة؟

يعتبر النظام السياسي الأردني ـ على عكس العديد من الأنظمة ذات الأوضاع المشابهة ـ مثالا جيدا للتركيز على استخدام القدرات الإقناعية بدرجة أكبر من نظيراتها القمعية. وقد أصبحت هذه السمة من السمات الرئيسية لهذا النظام، لا سيما خلال فترة حكم الملك الحسين بن طلال (1952-1999)، واستمرت مع خلفه الملك عبدالله الثاني بن الحسين (1999 وحتى الآن). فقد تعرض النظام الأردني لضغوط هائلة خلال فترة الخمسينات والستينات، أي في ذروة المد القومي العربي، حيث شهدت هذه الحقبة سقوط النظام الهاشمي في العراق (الشقيق الأكبر للنظام الأردني) وتأسيس الجمهورية العربية المتحدة بالوحدة بين مصر وسوريا، جارتا الأردن، والعدوان الثلاثي على مصر عام 1956 والحرب الأهلية اليمنية (1962-1967) والحرب العربية ـ الإسرائيلية عام 1967.

على الرغم من الضغوط التي تعرض لها النظام الأردني منذ تأسيس إمارة شرق الأردن ثم المملكة الأردنية الهاشمية، نجح في استخدام ما لديه من قدرات محدودة لتحقيق أكبر قدر من المكاسب، والحفاظ على كيان الدولة الأردنية ونظامها السياسي تحت قيادة الأسرة الهاشمية. ويكمن سر هذا التجمع في الاستخدام الأمثل للقدرات الاستيعابية والاستجابية للنظام السياسي في مواجهة المطالب المحلية والإقليمية والدولية المتزايدة والمتضاربة، والتي كان مصدرها الداخل الأردني (المطالب الاقتصادية لاسيما التشغيل والسيطرة على الأسعار). أو الإقليمي المضطرب (العراق ـ سوريا ـ إسرائيل ـ القوى الفلسطينية)، أو الأوضاع الدولية (الحرب الباردة ثم الهيمنة الأميركية).

ومثّل الأردن نموذجا ناجحا في استيعاب المطالب المتعارضة للفئات الاجتماعية المتباينة (ذوي الأصول الأردنية في مواجهة ذوي الأصول الفلسطينية)، والمسلمون والمسيحيون، والعرب والشركس والشيشان، وأصحاب الثقافة العشائرية التقليدية في مواجهة ذوي الثقافة الحديثة الغربية، وأصحاب الاتجاهات السياسية المحافظة في مواجهة ذوي التوجهات الأيديولوجية اليسارية والقومية والتقدمية)، وبالتالي فقد تمكن من الحفاظ على كيان الدولة.


ماهي مميزات النظام السياسي الأردني؟

يجمع النظام السياسي الأردني بمهارة نادرة بين مظاهر النظام السياسي الحديث من ناحية ونظيره التقليدي من ناحية أخرى، ويوائم باقتدار بين شرعية تاريخية وتقليدية ـ يمثل الدين جزءا رئيسيا فيها ـ وبين أخرى حديثة قائمة على مؤسسات منتخبة تمارس دورها وفقا للدستور.

كما يحرص الملك والأمراء على احترام التقاليد العشائرية، وتوقير زعماء العشائر ودعوتهم في المناسبات الوطنية والدينية، وتلبية دعوات العشائر والالتقاء بزعمائها والاعتزاز بتأييدها للأسرة الهاشمية.

صانع القرار الأردني لا يعمل في بيئة جغرافية واقتصادية واجتماعية مواتية أو يسيرة بل في بيئة معقدة
من جهة أخرى، لا يعاني النظام السياسي الأردني من أزمة شرعية على خلاف غيره، فثمة تأييد قوي لحكم الأسرة الهاشمية، ولا تمثل المعارضة الإسلامية والقومية واليسارية تحديا جديا للنظام، فثمة تأييد قوي للحكم بين الأغلبية العظمى من المواطنين الأردنيين. ويستثمر النظام الأردني ما لديه من إرث تاريخي في تعزيز قدراته الرمزية (بتعبير ألموند) في حشد التأييد والمؤازرة في حالة سعي المعارضة إلى تحدي النظام.

ويستطيع الحديث بثقة عن شرعية مؤسسية ترتكز إلى وجود دستور يتبنّى نمط النظم الملكية الدستورية منذ العام 1952. كما يتيح النظام حرية تكوين الأحزاب السياسية بغض النظر عن توجهاتها الأيديولوجية (الإسلامية والقومية واليسارية والليبرالية والوسطية).

ويتمتع مجلس النواب المنتخب بسلطتي التشريع والرقابة على أعمال الحكومة. ولا تمارس الأخيرة اختصاصاتها إلاّ بعد أن تحظى بثقة مجلس النواب.

وتتسم الانتخابات الأردنية بالحرية والنزاهة، ويكاد ينعدم التدخل الحكومي في عملية الانتخابات.

هذا التماسك يبرز جليا، خاصة بعد الانقسام الجوهري الذي شهدته جماعة الإخوان المسلمين في الأردن خلال الأشهر الأخيرة الماضية بين جناح “الصقور” المتشدد وجناح “الحمائم” المعتدل، والذي كان بمثابة دليل على فشل خطة الجماعة في زعزعة استقرار النظام، التي راهنت عليها منذ العام 2011، لا سيما بعد فشل تجربة حكم الإخوان المسلمين في مصر وامتداد آثار هذا الفشل إلى باقي دول المنطقة.

من ثمة يخلص محمد صفيّ الدين خربوش في دراسته إلى أنّ النظام الأردني أثبت مرة أخرى، قدرته الهائلة على التفاعل بمهارة مع الضغوط المحلية والإقليمية والدولية واستيعاب المطالب والاستجابة إلى البعض منها، دون أن يضطر إلى تغيير أيّ من توجهاته الأساسية.
العرب اللندنية.





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :