عمون – محمد الخوالدة - بدّلت المعاصرة الكثير من انماط الحياة الشعبية في كافة مناطق المملكة ومنها بطبيعة الحال محافظة الكرك التي شهدت كما غيرها من المحافظات الاردنية قفزات واسعة على طريق التطور والحداثة..
واذا ما اخذنا ما يخص العاب اطفال محافظة الكرك الحركية وادواتها في ايام زمان فيمكن القول ان الحداثة ازالتها لتحل مكانها العاب الكمبيوتر والاتاري والهواتف الخلوية، الا ان تلك الحداثة لم تلغها من الذاكرة الشعبية اذ مازال كركيون من ذلك الزمن الجميل يحنون الى ماضٍ مارسوا فيه تلك الالعاب في مدارج طفولتهم ومرابع صباهم.
ألعاب اطفال الكرك في الزمن البعيد والحركية منها تحديدا استوحيت على ما يبدو من عالم السيارات على قلتها في ذلك الحين، ونختار هنا من تلك الالعاب وادواتها "الكريزه" و"سيارات الاسلاك" وعربات "البيليا"، ولعبة "سيارة علب السردين" وهي بالاجمال ألعاب فردية، وان كانت هناك مجموعة لاعبين في ذات الوقت فلا بد ان يكون لدى كل منهم اداته الخاصة به.
"الكريزه" هي اطار مستدير مستخلص من الحواف الداخلية لاطارات السيارات ليكون قطر الكريزه وفق كبر وصغر قطر الاطار المستخلصة منه، او قد تكون من الاسلاك الرفيعة المبرومة المستخلصة من داخل اطار السيارة بعد حرقه، وهنا يقول ابو محسن انه كان ورفاق الطفولة في بداية خمسينيات القرن الماضي ممن يمارسون لعبة الكريزة.
وعن كيفية القيام بهذه اللعبة يبين ابو محسن ان لعبة الكريزة لعبة حركية حيث يجري بها اللاعب او مجموعة اللاعبين مسافات بعيدة وبيد كل منهم عصا قصيرة وغليظه يقوم بواسطتها بدحرجة الكريزة.
ويقول ان اللعب بكريزة الكاوتشوك يختلف عن اللعب بكريزة الاسلاك المجدوله التي يتم تحريكها كما قال بواسطة ذراع معدنية في نهايتها حلقة مثنية بشكل مغلق حول اطار الكريزه.
ويضيف ابو محسن: كانت شوارع الكرك في زماننا خالية من السيارات الا ما ندر فيما المارون بها كانوا يقدرون بعدد اصابع اليدين لذلك كنا نجوب بكريزاتنا مختلف شوارع مدينة الكرك القديمة ولساعات طويلة من النهار خاصة في ايام العطل المدرسية، فيما كنا نصل بها جريا الى منطقة جسر الكرك او الى منطقة سيل عين سارة او باتجاه أي مكان آخر قريب من المدينة.
أما سيارات الاسلاك فتصنع بحسب الستيني ابو سلامة من اسلاك التربيط التي كانت يحكم بها اغلاق الصناديق الخشبية المعبأة ببعض انواع البضائع وبخاصة مادة الشاي الاسود وذلك قبل ان تكون العبوات المختلفة المستخدمة في تسوق مادة الشاي الاسود اليوم.
ويضيف ابو سلامة لقد كان هناك مصنعون مهرة لسيارات الاسلاك من الاطفال انفسهم الذين كان باستطاعتهم ان يعملوا وبشكل متقن هيكل أي سيارة وبعجلات من الاسلاك ايضا بحسب رغبة "الزبون" الذي قد يطلب هيكل باص او تكسي او شاحنة ولكل مواصفة كما قال ابو سلامة سعرها الخاص لدى الصانع وذلك مقارنة بحجم الهيكل المطلوب تصنيعه وكمية ما يحتاجه من الاسلاك.
اما كيف تتحرك سيارات الاسلاك فقال ابو سلامة كان هناك المقود او ما كنا نسميه بـ"القيدون" وهو سلك معدني سميك تعمل في طرفه السفلي حلقة صغيرة تثنى حول العجلين الاماميين للسيارة، اما في طرفه العلوي فهناك دائرة على هيئة مقود السيارة الحقيقية، وكان اللاعب وفق ابي سلامه يمسك باعلى المقود ليدفع بواسطته العجلات الامامية، ان لفه يمينا تستدير العجلات صوب اليمين او يسارا فتستدير العجلات جهة اليسار.
ويضيف: افضل مكان للعب بسيارة الاسلاك هي الارض الترابية المنسبطه حيث تترك عجلات سيارة الاسلاك عند تحركها اثرا يعتمده اللاعبون كطريق للمسير ذهابا وايابا.
اما بخصوص عربات "البيليا" فتتكون من قاعدة خشبية للجلوس فوقها واربع عجلات من البيليا المستخدمة في السيارات وحبل ومستطيلين خشبيين امامي وخلفي، وبحسب الحاج ابو بلال فان المستطيلين الخشبيين يثبتان اسفل القاعدة الخشبية وتدخل باطرافهما عجلات البيليا، فيما يربط المستطيل الامامي وفي الطرف الداخلي لعجلي البيليا الاماميين ومن الجهتين بحبل في ما يشبه عنان الفرس حيث يمسك اللاعب بطرفيه فان شد الحبل باتجاه اليمين اتجهت العربة يمينا وان شده يسارا ذهبت الى اليسار.
ويذكر ابو بلال كيف كان ورفاقه من الاطفال يلعبون بسيارات البيليا موضحا ان شوارع مدينة الكرك في زمن صباه كانت خالية تماما من السيارات المتحركة وشبه خالية من المارة.
ويشير إلى انه وبالنظر لطبيعة مدينة الكرك القديمة الجبلية والمنحدره فقد "كنا نتسابق بعرباتنا بدءاً من السرايا الحكومية القديمة في اعلى المدينة وصولا الى ميدان البلدية (وكلاهما اثران مهمان لكن ازيلا)، ولمعاودة السباق وببراءة الطفولة وعبثيتها كنا نحمل عرباتنا لنصعد الى حيث بدأ سباقنا الاول وهكذا".
بقي ان نشير الى لعبة سيارة علب السردين الفارغة حيث كنا كما قال ابو اسعد وهو من بين من مارسوا هذه اللعبة في الزمان القديم نثقب العلبة من احد طرفيها ونربط بالعلبة خيطا، وللحركة بالعلبة كنا نجرها بواسطة الخيط الى حيث نريد بشرط ان يكون ذلك على ارض ترابية ليرسم مسار العلبة طريقا يسلكه جميع اللاعبين الذي كانوا يملأون العلبة بالتراب او بالحصى كحمولة يقوم اللاعبون بايصالها من مكان الى مكان اخر.