facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




الحروب: ظاهرة العنف المجتمعي بدأت تنحسر


16-12-2014 09:26 PM

عمون - قالت النائب رولا الحروب ان ظاهرة العنف التي انتشرت في مجتمعنا مع بداية عام 2007 ومنها العنف الجامعي والمجتمعي بدأت في الانحسار بفضل زيادة الوعي بضرورة محاربتها من قبل السلطات المختصة والوزارات .

واوضحت في محاضرة لها الثلاثاء بجامعة جدارا عن العنف المجتمعي ان هذه الاجراءات جاءت من قبل جهات متعددة قامت بوضع برامج وخطط واضحة من اجل الحد منها ولكي لا تتحول مستقبلا الى عنف سياسي يستشري ويصبح داء مستفحلا يصعب السيطرة عليه مشيرة الى ان هذه الجهود جاءت بمشاركة وزارتي التربية والتعليم و التعليم العالي والاجهزة الامنية .

ووقفت على المسببات والمبررات وراء انتشار ظاهرة العنف المجتمعي واقتراح الحلول الناجعة لمعالجتها واستئصالها، والتي وصلت الى جامعاتنا ومدارسنا وما لهذه الظاهرة من آثار سلبية على المجتمع وصورته الحضارية المشرقة.

فيما يلي نص الورقة العلمية التي قدمتها الحروب الاثنين الماضي في مؤتمر العنف المجتمعي الذي نظمه المجلس الأعلى لشؤون الاسرة، ومحتواها مشابه تقريبا للمحتوى الذي قدمته في ندوة جامعة جدارا الثلاثاء :

العنف المجتمعي: قانون القوة ام قوة القانون؟
من اعداد: د. رلى الفرا ( الحروب)
يؤرق تنامي ظاهرة العنف في الاردن، بالأخص ما يسمى العنف المجتمعي، اذهان الاعلاميين والتربويين والسياسيين من نواب واحزاب وحكومة بدلالة عشرات المؤتمرات والمقالات والابحاث والبيانات المنشورة حول الظاهرة والتي تتباين بين محاولات الفهم والتشخيص واقتراح الحلول من جهة والسعي الى ادانة الظاهرة والحد من انتشارها من جهة اخرى ( ربيحات، 2012، علاونة، 2010، عبيدات، 2010 ،فاخوري، 2012)، حتى أن جلالة الملك عبد الله الثاني في لقاء جمعه بشخصيات وطنية بتاريخ 11-3-2012 أشار الى ان العنف ظاهرة مقلقة لكل مواطن، خاصة تلك الانماط الجماعية مثل شغب الملاعب والاعتداء على موظفي الدولة والمشاجرات الجامعية والعشائرية، علاوة على العنف الاسري، داعيا الى سياسة شمولية تقوم على تعزيز منظومة القيم وتطبيق القانون وتحقيق العدالة وتوفير الفرص المتكافئة للمواطنين ( بترا، 2012).
وتظهر دراسات مديرية الامن العام ان حجم الجريمة في الاردن قد تضاعف ثلاث مرات خلال العشرين عاما المنصرمة، وبشكل أعلى من معدل النمو السكاني لتلك الفترة ( العبادي، 2010)، ويعلل الدكتور صبري ربيحات تفشي العنف باعتباره موروثا ثقافيا حاضرا بقوة في كل أشكال ومكونات الثقافة الاردنية من الادب و الرسم و الموسيقى و الاغنيه و الشعر و المسرح بما فيها الاغنيه ( ربيحات، 2012). ويصف الدكتور سالم ساري ﻣﺎ ﺗﺸﻬﺪﻩ ﺣﻴﺎﺗﻨﺎ ﺍﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ ﺍﻻﻗﺘﺼﺎﺩﻳﺔ ﺍﻟﻴﻮﻡ ﻣﻦ ﻓﻮﺿﻰ ﻭﺷﺠﺎﺭﺍﺕ ﻭﺍﺷﺘﺒﺎﻛﺎﺕ ﺑﺄﻧﻪ “ﻋﻨﻒ ﺍﻟﻜﻞ ﺿﺪ ﺍﻟﻜﻞ”، ويتساءل: " ﻫﻞ ﺃﺻﺒﺢ ﺍﻟﻌﻨﻒ ﻋﻨﺪﻧﺎ نمطا مميزا ﻟﻠﺤﻴﺎﺓ" ؟ ( ساري، 2011).

فما هو العنف؟ وهل وصفه بالمجتمعي وصف ملائم؟
تعرف منظمة الصحة العالمية العنف بانه الاستخدام القصدي للقوة المادية او السلطة والنفوذ، سواء فعليا او بالتهديد، ضد الذات أو ضد شخص آخر، او ضد جماعة او مجتمع، مما يتسبب او له احتمالية في التسبب في الاصابة اوالوفاة او الضرر النفسي او اعاقة النمو او الحرمان (WHO, 2014)، وتعتبره منظمة علماء النفس الامريكية شكلا حادا من اشكال العدوان يتحول فيها العدوان من حالة الى ظاهرة او نمط سلوكي (APA, 2014).
وتصنف منظمة الصحة العالمية العنف الى ثلاثة انماط رئيسة هي : العنف ضد الذات وهو ذلك الشكل من العنف الذي يستهدف فيه المرء ذاته بالايذاء او بالسلوك الانتحاري، والعنف بين الاشخاص ، والعنف الجماعي، الذي ينقسم بدوره الى انماط ثلاثة: العنف الاجتماعي ، والسياسي، والاقتصادي (Krug, Dahlberg, Mercy, Zwi, Lozano, 2002).
في العنف الجماعي الاجتماعي تكون جماعات اكبر متورطة في حوادث العنف، ويتم ارتكاب هذا النمط من العنف لتحقيق أهداف اجتماعية، من مثل جرائم الكراهية او العنصرية او التعصب الطائفي او العرقي او العشائري او الديني ، والافعال الارهابية، وحوادث الشغب الجماعي في الملاعب او المظاهرات والمسيرات و غيرها ( المرجع السابق).
أما العنف الجماعي السياسي فيتضمن أنماطا من الافعال مثل الحروب والاغتيالات السياسية وارهاب الدول والجماعات السياسية، ويشابهه إلى حد ما العنف الاقتصادي الذي ترتكبه ايضا جماعات كبرى تحركها دوافع ربح اقتصادي، من مثل تخريب نشاطات اقتصادية معينة او منع الوصول الى خدمات معينة او خلق انقسام اقتصادي ، وعادة ما تحمل هذه الافعال دوافع متعددة ومعقدة ومتشابكة ( المرجع السابق).
اما الافعال العنفية فقد تاخذ شكل عدوان مادي يقع على الجسد او الممتلكات، او نفسي عبر الاساءات اللفظية أو المعاملة السيئة والمهينة او الاهمال ( WHO, 2014 )
وتحرك العنف دوافع عدة، منها : التعبير عن الغضب والعدوانية، تاكيد السيطرة، الاذلال والاخضاع والتهديد، التعبير عن الامتلاك، تحقيق هدف محدد، كما قد يأتي استجابة لخوف او الم أو احباط او نتيجة المنافسة مع آخرين ) www.psychology.about.com)
ويشير تقرير منظمة الصحة العالمية حول العنف والصحة الى أن العنف بأنماطه الثلاثة عام 2000 تسبب في مقتل 1.6 مليون شخص حول العالم، وان اكثر من نصفهم كانوا من ضحايا العنف الذاتي، وأن 35% منهم كانوا ضحايا جرائم القتل، و12% ضحايا الحروب ( (www.wikepedia.com، في حين ان تقرير المنظمة لعام 2014 أشار الى انه وفي عام 2012 توفى ما يقرب من 475 الف شخص بسبب العنف بين الاشخاص وحده، دون النمطين الاخرين من العنف الذين لم تتوفر بشأنهما دراسات مؤكدة على ما يبدو، وهو ما يجعل العنف بين الاشخاص السبب الثالث لوفاة الذكور في الفئة العمرية بين 15 سنة و44 سنة لذلك العام ( WHO, 2014).
ويتسبب العنف في كلف اقتصادية هائلة على الحكومات ويرهق نظم الرعاية الصحية والقانونية وخدمات الرعاية الاجتماعية ، كما يتسبب بأضرار سلوكية ونفسية ومادية خاصة لفئات النساء والاطفال والمسنين وذوي الاعاقات، ويتسبب في اعتلال الصحة وتسبيب الوفاة، لان طيفا كبيرا من الامراض يرتبط بالعنف عبر التدخين وتعاطي الكحول والمخدرات والسلوك الجنسي شديد الخطورة. ففي دراسة اجريت عام 1992 على الولايات المتحدة الامريكية قدرت التكاليف المباشرة وغير المباشر الناجمة عن الاصابة بطلق ناري وجدت أن الدولة تتكلف 126 مليارا، فاذا اضيف اليها الكلف الناجمة عن الطعن او الاصابة بجروح جراء اعتداءات فإن الرقم يرتفع بمقدار 51 مليارا اخرى Krug, Dahlberg, Mercy, Zwi, Lozano, 2002).
ويتسبب العنف في أربعة تداعيات رئيسة هي:
اولا: الامراض المزمنة مثل التهاب المفاصل والربو السرطان أمراض القلب والأوعية الدموية السكري المشاكل الكلوية أمراض الكبد السكتة الدماغية
ثانيا: اعتلال الصحة الجنسية والإنجابية كالحمل غير المرغوب فيه، و مضاعفات الحمل والإجهاض غير المأمون والاضطرابات النسائية ومتلازمات الألم المعقد والألم الحوضي المزمن والعدوى بفيروس الأيدز والأمراض الأخرى المنقولة جنسيا.
ثالثا: اضطراب الصحة النفسية والسلوكية وظهور اعراض مثل تعاطي الكحول والمخدرات، والاكتئاب والقلق واضطراب ما بعد الأزمة، واضطرابات الأكل والنوم ونقص الانتباه وفرط الحركة، والتدخين والأفكار الانتحارية والسلوك الانتحاري والممارسة غير الآمنة للجنس.
رابعا: العواقب البدنية، كالوفاة، والإصابات البطنية والصدرية والدماغية والحروق والحروق السمطية والكسور وحالات التهتك والعجز (WHO, 2014).
وتنطوي أشكال العنف المختلفة على عوامل خطر كامنة ومشتركة فيما بينها. من ذلك مثلا، عوامل مثل الظلم، والحرمان ، والاضطهاد، والقمع، وغياب العدالة الاقتصادية، وانعدام الفرص المتكافئة للنمو والتعليم والعمل والوصول الى الخدمات، وإساءة تعاطي الكحول، والدخل الاسري المنخفض، وتدني معدل الذكاء، وتدني التحصيل الدراسي ، والرعاية غير الملائمة للأبناء، ووجود نماذج عنيفة في الاسرة، والاختلافات بين الجنسين في المعاملة، والتمييز ضد المرأة او جماعات الاقلية، وطبيعة الثقافة المجتمعية، وتأثير وسائل الاعلام عبر نماذج العنف السياسي والترفيهي، هذا بالاضافة الى ضعف سيادة القانون ( Burbach, 1993 APA, 1993, WHO, 2014, ).
كما أن الأطفال الذين يعانون من نبذهم وإهمالهم ويتعرضون للعقاب البدني القاسي والاعتداء الجنسي أو يشهدون أعمال العنف في المنزل أو في المجتمع هم أكثر عرضة لخطر انتهاج سلوك تهجمي ومعاد للمجتمع في المراحل اللاحقة من نموهم ، خاصة في سن البلوغ (WHO, 2014).
وقد أفاد حوالي نصف البلدان بإدماج خطط تتصدى لأشكال متعددة من العنف مما يوحي باحتمال استرشاد التخطيط بالجهود المبذولة للتصدي لأشكال محددة من العنف أكثر من استرشاده بالحاجة إلى وجود خطة متكاملة وشمولية تراعي مختلف أشكال العنف (WHO, 2014).
ويظهر تقرير منظمة الصحة العالمية أزمة غياب البيانات الدقيقة لدى كثير من بلدان العالم، وهو ما يجعل خطط العمل الوطنية غير مبنية على البيانات، وتدعو الدراسة الى تجسير الفجوة بين السياسات والبرامج من جهة والاحصاءات والبيانات والدراسات من جهة ثانية ( المرجع السابق).
ويتوصل الدكتور سالم ساري من جامعة فيلادلفيا بعد تحليل محتوى لدراسات العنف المجتمعي الكثيرة التي اجرتها الجامعات والمراكز الاستراتيجية إلى نتيجة مفادها أن مجتمعنا الاردني ﻻ ﻳﺸﻬﺪ ﺍﻟﻴﻮﻡ ﻋﻨﻔﺎ ﻓﺮﺩﻳﺎ ﺧﺎﻟﺼﺎ، ﻭإنما ﻋﻨﻒ ﺟﻤﻌﻲ ﻣﺸﺘﺮﻙ ، وأنه من الخطأ مناقشة العنف في مجتمعنا باعتباره عنف افراد منعزلين، لانه ليس كذلك، بل هو عنف ﺑﻨﻴﻮﻱ ﻟﻨﻈﻢ ﻭﻣﺆﺳﺴﺎﺕ ممتدة ﺍﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺎ في كل المجالات: في الاجتماع والسياسة والاقتصاد والاعلام والاتصال والتربية والتعليم، ولذلك فإن من الاولى ان نتجه اليها مباشرة دون الدوران في طرق التفافية ( ساري، 2011).
من هنا، فإن هذه الورقة البحثية تركز على بعد واحد من ابعاد العنف، هو العنف الجماعي الاجتماعي، أو المسمى محليا باسم العنف المجتمعي.
وقد تم تعريف العنف المجتمعي في دراسة مولها صندوق دعم البحث العلمي في وزارة التعليم العالي، وأجراها الباحثون موسى شتيوي ومجد الدين خمش وجميل الصمادي وغازي ابو عرابي ومنير كرادشة، باعتباره "سلوكا إيذائيا، يقوم على إنكار الآخر كقيمة متماثلة للأنا أو للنَّحن، وكقيمة تستحق الحياة والاحترام، ويرتكز الى استبعاد الآخر عن حلبة التغالب، إما بخفضه إلى تابع، أو بنفيه خارج الساحة (إخراجه من اللعبة)، أو بتصفيته معنوياً أو جسدياً". كما انه "سلوك أو فعل يتسم بالعدوانية من قبل فرد أو جماعة، بهدف إخضاع الطرف الآخر في علاقة غير متكافئة اقتصادياً أو اجتماعياً ويتسبب في أضرار مادية ومعنوية ونفسية للآخرين ، ويتضمن انماطا كالمشاجرات الجماعية والعنف في الجامعات وشغب الملاعب "
( العبادي، 2010 ).
واشارت الدراسة السابقة الى ان انواع العنف المجتمعي تتراوح من النفسي والعقلي إلى البدني و المادي، و يمكن أن يصدر عن فرد أو مجموعة من الأفراد سواء كان عفويا أو قصديا، وهو ما يجعل تعريفه محليا مختلفا عن تعريفه الذي تتبناه منظمة الصحة العالمية الى حد ما، خاصة فيما يتعلق بالنية ( المرجع السابق).
وبحسب دراسة اجراها مركز الدراسات الامنية والاستراتيجية في مديرية الامن العام ، ونشرت عام 2010 على موقع المديرية ، فإن عدد المشاجرات الجماعية بلغ في العام 2009 (752) مشاجرة جماعية مسجلة رسميا لدى الأجهزة الأمنية. وحازت محافظة الزرقاء على النسبة الاكبر من هذه المشاجرات(26.1%)، في حين بلغت نسبة المشاجرات في العاصمة عمان (18.1%)، كما حصدت معان (11.6%) من مجموع المشاجرات، بينما ساهمت محافظة اربد بنسبة (9.2%) من مجموع المشاجرات ( الامن العام، 2009)..
كما وقعت 229 مشاجرة عائلية في العام 2010، كان معظمها في اقليم العاصمة عمان وبلغت 70 مشاجرة، وفي اقليم الشمال 38 مشاجرة، وفي الجنوب 59 مشاجرة، وفي اقليم الوسط 47 مشاجرة، وفي العقبة 10 مشارجات، قيادة قوات البادية الملكية 5 مشاجرات جماعية، وفقا لاحصائية مديرية الامن العام ( عمان نت، 2011).
و في رصد الأسباب المختلفة لحدوث المشاجرات، كما تم تدوينها في ملفات الأمن العام،فقد توزعت إلى خلافات عائلية(29.1%)، و خلافات شخصية و مالية(64.3%)، و ثأر قديم(6.6%)، تحولت فيما بعد إلى عنف جماعي ويدل ذلك على أن العنف المجتمعي هو في غالبيته ليس عنفا عشائريا وإنما يأخذ وعاءا عشائريا أو عائليا بعد حدوثه. ولقد نتج عن هذه المشاجرات أضرار جسيمة على الإنسان والممتلكات، حيث نتج عن هذه المشاجرات 2881 إصابة أغلبها بليغة و 25 حالة وفاة بالإضافة إلى تدمير عدد كبير من المنازل والمحلات التجارية والأماكن العامة والتي لم نتمكن من حصر حجم خسائرها.
وفي الدراسة السابقة لمديرية الأمن العام لوحظ أن غالبية الضالعين في العنف المجتمعي هم من الفئات الشبابية ، حيث ضمت الفئة العمرية(18-27) ما نسبته (47%) و الفئة العمرية (28-37) ما نسبته (28%) ، ومعظمهم من المتعطلين عن العمل، بنسبة (64.4%). أما بالنسبة لضحايا المشاجرات، فإنها تنحصر في الفئة الشبابية أيضا بنسبة 35% للفئة العمرية(18-27) سنة و (3ر27%) للفئة العمرية(28-37) سنة.
كما اظهر تحليل البيانات حول أشكال العنف المجتمعي أنه يمتاز بالمبالغة في ردود الأفعال، والعصبية الشديدة، والنزعة لعدم احترام القانون واستخدام العنف ضد الأجهزة الأمنية، والاستخدام الكبير للأسلحة النارية ( العبادي، 2010).
وتتوافق نتائج الدراسة مع الدراسات العالمية التي تظهر أن جرائم القتل الواقعة بين الشباب من الفئة العمرية بين 10-29 سنة تمثل 41% من العدد الإجمالي لجرائم القتل التي تحدث سنوياً على الصعيد العالمي ، وأن هناك مقابل كل شاب يُقتل يوجد 20 إلى 40 شاباً يتعرّضون لإصابات تقتضي دخولهم المستشفى لتلقي العلاج) منظمة الصحة العالمية، 2011).
وبينت دراسة شتيوي ورفاقه الأسباب التي ساهمت في العنف المجتمعي ولخصتها في رزمة من العوامل هي:
- الدور المتنامي للأطر التقليدية كالعائلة والعشيرة و مسقط الرأس ( كهويات فرعية) في الحياة العامة كمرجعية للعلاقة بين الفرد و الدولة بدلا من الأطر المدنية الحديثة كالأحزاب و المجتمع المدني، وتغير نمط السلطة في العشيرة في أغلب مناطق المملكة كتراجع سلطة شيوخ العشائر التقليدية و بروز متنفذين اقتصاديا و سياسيا ، ما أسهم في إساءة استخدام التنظيم العشائري العائلي لمصالح لا تمت للعشيرة بصلة، كما أن استمرار العمل بالعرف العشائري دون وجود اختصاص قضائي، وتوسع استخدام هذا العرف حتى في القضايا غير العشائرية أدى إلى توسع هامش أعراف المجتمع على حساب القانون و هيبته ( العبادي، 2010، عبيدات، 2012).
- المشاكل التي يعاني منها الشباب الأردني كالبطالة و الإحباط السياسي و الاجتماعي و النفسي، حيث تشير البيانات إلى أن البطالة لدى الشباب في الأردن هي من أعلى معدلات البطالة في الدول العربية، و أعلى من المعدل العالمي أيضا، كما انها الأعلى لدى الشباب من ذوي التحصيل الجامعي. وتولد البطالة لدى الشباب مشاعر الإحباط و العجز وتزعزع الثقة بالذات، و تؤدي إلى اختناقات و مشاكل مع أفراد الأسرة، و تهيء الوسائل للسلوكات المتمردة و العنيفة أحيانا ( الريماوي والفرا، 2005، شتيوي، 2007، العبادي، 2010)
- التحولات الاقتصادية و خاصة لاقتصاد السوق والعولمة و تراجع دور الدولة التنموي واستمرار نسبة الفقر المرتفعة و تدني دخول الغالبية من الأردنيين و خاصة في المحافظات و المناطق خارج العاصمة و التي تعاني من ضعف تنموي عام أثر كبير في توليد الإحباط و التوتر والعنف. بالاضافة الى ازدياد ظاهرة التفاوت في توزيع الدخل ) العبادي، 2010، عبيدات، 2012، النجار، 2011).
- الإعلام ووسائل الاتصال: أدى انتشار النماذج العنيفة في وسائل الاعلام والاتصال والعاب الفيديو والحاسوب الى نمو الاعجاب بهذه النماذج لدى النشء الجديد، كما ادى الى تعليم سلوكات عنفية، في غياب أساليب حل المشكلات بالطرق السلمية والتفكير الناقد والابداعي ( الفرا، 2009 ، العبادي، 2010، ساري، 2013 )
- الأسباب القانونية، وتشمل ضعف الثقافة القانونية لدى المواطنين وعدم الثقة بتطبيق القانون بالتساوي على الجميع. هذا علاوة على انتشار شعور كبير لدى فئات مختلفة بعدم المساواة وانتشار التمييز والواسطة والمحسوبية والجهوية في توزيع المكاسب في القطاع العام والخاص على حد سواء ( ابو عرابي، 2013، ربيحات، 2012) ، وهو ما يؤدي إلى عدم احترام القانون ومحاولة التعدي عليه لتحقيق مصالح محددة أو شعور بعض الفئات بأنها فوق القانون وبالتالي الانصياع إليه( العبادي، 2010، ساري، 2013). هذا بالاضافة الى قصور بعض النصوص القانونية المرتبطة بالعنف والجرائم وبطء إجراءات التقاضي أمام المحاكم وأحيانا عدم التطبيق السليم والصحيح للقانون ( العبادي ، 2010) ، وهو ما يؤيده تقرير منظمة الصحة العالمية حول الوقاية من العنف لعام 2014 والذي اكد وجود فجوة بين القوانين والتشريعات في دول العالم وتطبيقها WHO, 2014)).
- الاسباب السياسية: يعاني الشباب من أزمة ثقة مع المؤسسات الرسمية و غير الرسمية في المجتمع، حيث تشير البيانات إلى أن الثقة بالمؤسسات العامة و خاصة المنتخبة أو المدنية منها متدنية. و بالتالي، فإنها تؤدي إلى الانكفاء على الذات وعدم المشاركة في الأعمال المدنية و السياسية، و يتزامن ذلك مع تراجع و فقدان قيمة وأهمية التعليم في حياتهم و مستقبلهم و الذي يؤدي بدوره إلى الاغتراب عن المؤسسات التعليمية و غيرها ( العبادي، 2010، ساري، 2013).
ويقول الكاتب احمد ابو خليل إن السبب الرئيس في تفشي العنف المجتمعي في الاردن هو وصول المواطنين إلى حالة عدم ثقة بجهاز الدولة، وعدّه خصماً لهم“. وهذا برأيه ناتج عن “انسحاب الدولة، وبشكل متسارع، من علاقاتها مع المجتمع، سواء في المواضيع الاجتماعية والاقتصادية أو الأمنية أو المصالح، أو حتى في الموضوع الأكبر: الكرامة الوطنية“، ما يبرر عودة أشخاص إلى العشيرة، بوصفها الدائرة التي توفر لهم حماية وشخصية وهوية وحضوراً في المجتمع ( زايدة، 2013)
من جهة أخرى، فإن الانتخابات الجامعية على مجالس الطلبة والاندية الجامعية، هي من الأمور التي تستفز الطلبة سياسيا ، وما يزيد الأمور تعقيد تدخل تيارات فكرية وسياسية من خارج الجامعة ( الأمن العام، 2009).
وعلى النقيض من هذا التبرير، فإن الكاتب عريب الرنتاوي رئيس مركز دراسات القدس يعزو سبب العنف في الجامعات الى الحملة المنهجية من التجهيل التي تعرضت لها طيلة ثلاثة عقود بمنع القوى السياسية من العمل والنشاط داخلها ، حيث بقيت الجامعات في حالة خواء سياسي وبعيدة عن العمل العام. ويتفق معه الدكتور فاخر الدعاس منسق الحملة الوطنية من اجل حقوق الطلبة " ذبحتونا" الذي يعزوالعنف الى نظام الصوت الواحد لأنه يعزز الفكر العشائري والاقليمي والجهوي لدى الطلبة ( عمان نت، 2013).
- الاسباب الأكاديمية والإدارة الجامعية : يعتبر ضعف التحصيل الأكاديمي من أهم عوامل الإحباط لدى الطلبة مما يجعلهم أكثر عرضة للانسياق وراء التصرفات السلبية، وتدل الدراسات أن نسبة كبيرة من الطلبة المشاركين في المشاجرات من ذوي المعدلات المتدنية ( الأمن العام، 2009) .
- الاسباب الثقافية: يجد الشباب الأردني نفسه عالقا بين ضغوطات العولمة والانفتاح القيمي و الثقافي على العالم و بين استمرار الخطاب التقليدي للمجتمع الأردني الذي لم يعد يتماشى مع الواقع الذي يعيشه الشباب الأردني، وهو ما خلق ازمة هوية للجيل الجديد ( العبادي، 2010، ربيحات، 2012، النجار، 2011). علاوة على ذلك، فإن المجتمع بمؤسساته المختلفة كالأسرة و المدرسة و الجامعة و الإعلام لم يعمل على تهيئة الشباب في هذه المرحلة الانتقالية، وهو ما أدى إلى تعميق الفجوة بين مجتمع الشباب و مجتمع الكبار و مؤسساته، وتكريس الانكفاء والعزلة والنكوص إلى الأطر و الهويات والانتماءات الفرعية كالملاذ الوحيد المتاح لهم و خاصة «الأطر العشائرية الجديدة» غير الملتزمة بالمعايير التقليدية للعشيرة ( الامن العام، 2009، العبادي، 2010).
وأكدت بعض الدراسات أن العنف الجماعي- المجتمعي يجب أن ينظر إليه كمظهر من مظاهر الأزمة التي يعيشها الشباب الأردني حاليا، و ليس الأزمة بحد ذاتها، مبينة أنه في أغلب دول العالم، فإن الشباب يستخدمون أساليب مختلفة حسب ظروفهم و إمكانياتهم مع هذا النوع من الأزمات كاللجوء لتعاطي المخدرات و الكحول أو إلى الانسحاب من الحياة العامة والانطواء على الذات أو اللجوء للهجرة أو العنف كتعبير عن الإحباط أو الأزمة ( العبادي، 2010).
ويعتبر البعض العنف الشبابي الذي يأخذ الوعاء العشائري أحيانا، شكلا من أشكال التمرد المزدوج على العشيرة التقليدية و على المؤسسات المدنية معا، من خلال التمرد على القوانين و الاعتداء على الأمن العام و الممتلكات العامة و الخاصة على حد سواء، و الذي يضع العشيرة و الدولة في مأزق بسبب عدم قدرتهما على حل مشكلة العنف الشبابي المتصاعد. وجددت التأكيد على أن توجيه الاهتمام للشباب في إطار معالجة أزمة العنف المجتمعي مسألة في غاية الأهمية لأنها بذلك تتوجه إلى معالجة الجذور و ليس القشور في هذه المشكلة ( الامن العام، 2009)
من جهة أخرى فإن الدكتور سالم ساري يرى أن للعنف في ثقافتنا الشعبية تاريخا طويلا ممتدا، بدءا من الثقافة التاريخية، حيث يعتبر تاريخ القبائل العربية تاريخ حرب ونهب وغزوات وغارات، ثم الثقافة الانتقامية الثأرية التي لا تهتم بمفهوم العيب وإنما الوصم بالعار، ويرى ان المحرك الرئيس لهذا الانتقام هو الشرف: شرف القبيلة ودرء العار عنها بتأكيدها على اظهار الصرامة والقسوة والرجولة والخشونة، حيث تعيد القبيلة اليوم اعادة انتاج هذا النمط وتشرعن جرائم الشرف، ثم الثقافة المنغلقة المتعصبة التي تغالي في وصف فضائلها كما تغالي في وصف رذائل اعدائها، لا تثق الا بذاتها، لا تقبل الشراكة والاندماج والتفاعل ، وتضخم ذاتها، وتبخس الآخر، وصولا الى الثقافة الالتصاقية التي لا تتيح للفرد الابتعاد عن تأكيداتها، ولا تشجع الاستقلالية ولا تتسامح مع المختلف عنها، وصولا الى الثقافة الحمائية التي ﺗﻘﺪﻡ ﻷﻓﺮﺍﺩﻫﺎ ﺍﻻﻋﺘﺮﺍﻑ ﻭﺍﻟﻘﺒﻮﻝ، وتربطهم عبر تقديم الرعاية والحماية ، وتطلب منهم مقابل ذلك الولاء والانتماء والخضوع والتبعية ، وأخيرا، فهي ﺛﻘﺎﻓﺔ ﺗﺂﻣﺮﻳﺔ تسودها عقلية الشك والمؤامرة وعدم الثقة في نوايا الاخرين، فالاخرون هم الغرباء والجحيم. ويحذر الدكتور ساري من أن هذه الثقافة الجمعية للعنف حتى وان لم تعم وتنتشر لتمتد الى قلب الثقافة المجتمعية السائدة، فإنها قابلة للتشكل والتحول الى ثقافة مجتمعية للعنف، إذا وجدت التربة الخصبة ( ساري، 2011).
وحذرت الدراسات من خطورة العنف المجتمعي ، باعتباره مهددا للسلم الاجتماعي، و عاملا رئيسا في تراجع هيبة الدولة، ومصدرا لهدر الموارد واضافة الاعباء الاقتصادية والبشرية ، عدا عن أنه يمكن ان يتحول إلى عنف سياسي ( العبادي، 2010، العلاونة، 2010، ربيحات، 20 ).
وتدعو الدراسات الى تطبيق سيادة القانون بحزم وعدالة وتجرد (WHO, 2014) ، وتعزيز الهوية الوطنية الجامعة الشاملة و التركيز على فئة الشباب في معالجة العنف المجتمعي ( ربيحات، 2012 ، العلاونة، 2010، عبيدات، 2010 )، الى جانب اعتماد مبدأ اللامركزية في تنفيذ السياسات والبرامج على مستوى الوطن عبر إعطاء المجتمعات المحلية دورا فاعلا في بلورتها وتنفيذها، وخلق شراكة مع الهيئات المحلية المنتخبة كالبلديات ومؤسسات المجتمع المدني المحلية المحلي الأخرى و مشاركة مؤسسات المجتمع المدني وإعطائها دورا رئيسا في تنفيذ البرامج أو التوصيات والعمل على توفير أشكال الدعم المختلفة لها ( العبادي، 2010)، والارتكاز على مبدأ المشاركة والحوار ومبدأ إعمال العقل والتفكير الناقد ( ساري، 2011).

وتحدد الدراسات الاجتماعية بشكل عام تسعة محاور للعلاج والوقاية هي:
1.تعزيز المواطنة والانتماء والهوية الوطنية
تدعو الدراسات الى تجسير الفجوة بين جماعات الشباب من المناطق الاجتماعية والجغرافية المختلفة وصهرهم من خلال تنظيم برامج مشتركة على مستوى المدارس والجامعات لضمان التنوع والتعددية الثقافية ، وتنمية روح الديموقراطية وثقافة الحوار البناء بين الشباب وتعزيز ثقافة حقوق الإنسان و الثقافة المدنية والمواطنة والانتماء في مختلف المراحل التعليمية، وذلك من خلال إعداد و تأهيل المعلمين و المعلمات وتطوير المناهج التعليمية وتعزيز الهوية الوطنية من خلال إبراز مساهمة المكونات الاجتماعية المختلفة في نهضة البلد والاحتفال بهذه المكونات وثقافاتها الفرعية ( العبادي، 2010، ساري، 2013)
2.تكافؤ الفرص والعدالة الاجتماعية
تدعو الدراسات الى القضاء على جميع أشكال التمييز القائمة على أساس الجنس أو الدين أو المنبت او العرق أو الاتجاه السياسي، و تطبيق مبدأ المساواة بين المواطنين من خلال سن القوانين والتشريعات ضد التمييز بأشكاله المختلفة ، ومعالجة المظالم لدى الفئات المختلفة في القطاع العام والخاص واعتماد إجراءات تنافسية علنية تقوم على الكفاءة والاختصاص في عملية التعيين للمناصب العامة والقيادية ( العبادي، 2010).
كما تدعو الى ترسيخ وتعزيز مبادئ المساءلة والشفافية والمحاسبة لسلوك القيادات الحكومية في الإدارة العليا و استحداث قانون خاص لمكافحة استخدام الواسطة في القطاع العام، ونشر الثقافة القانونية بين الناس والتوعية بأهمية تطبيق القانون بطريقة صحيحة وسليمة من خلال الأطر التعليمية والإعلامية.
وتدعو ايضا الى استبدال العدالة الاصلاحية بالعدالة الجنائية ، وإيجاد بدائل للعقوبات السالبة للحرية والإسراع في البت في القضايا المرتبطة بالعنف المجتمعي من خلال إيجاد قضاء متخصص يمتاز بالسرعة والفاعلية.
3. تعزيز الكفاءة الأمنية والإدارية
توصي الدراسات بضرورة التركيز على الأمن الشخصي للمواطنين و تطوير قواعد اشتباك خاصة بالعنف المجتمعي تكون دليلا ومرشدا لمرتبات الأمن العام و للحكام الإداريين والمواطنين. كما توصي بإعادة النظر في الأسس والمعايير التي تتشكل بموجبها المجالس الأمنية المحلية، بحيث تضم بديلا عن القيادات التقليدية .
وتدعو الدراسات الى رفع السوية المهنية لمرتبات الأمن العام واعتماد مبدأ الشفافية في محاسبة موظفي الأمن الذين قد يتجاوزون القانون واتخاذ الإجراءات الحازمة والرادعة من قبل السلطة بحق أطراف النزاع الذين يتجاوزون القانون وعدم التساهل أو المجاملة او السماح بتدخل المتنفذين لعرقلة إجراءات سير العدالة ، اضافة الى خضوع الحكام الإداريين والمعنيين لدورات متقدمة في حل النزاعات وإدارة الأزمات الاجتماعية بالطرق السلمية.
كما أوصت بتطوير معايير موضوعية لتقييم أداء الحكام الإداريين و إعادة النظر بالقوانين الناظمة لحمل الأسلحة المرخصة وغير المرخصة، وإطلاق العيارات النارية في المناسبات الخاصة والعامة و تطوير برامج متكاملة (أمنية واقتصادية واجتماعية) لتأهيل المنخرطين بأنشطة اقتصادية غير مشروعة في المناطق والبؤر الأمنية الساخنة والمهمشة و التركيز على الدور الإصلاحي الفعال لكل من رجال الأمن والحكام الإداريين والقضاة.
4. تعزيز المنظومة القيمية والاجتماعية
تدعو الدراسات الى تعزيز الروح الوطنية والتسامح في المنابر الدينية المختلفة من خلال إدخال الثقافة المدنية في برامج التوعية الدينية الحكومية و غير الحكومية وتغيير منطلقات مبحث التربية الوطنية ومادته جذريا ليكون ناقلا لقيم المواطنة بأبعادها المتعددة ومسؤولياتها وحقوقها والقيم الأخلاقية والاجتماعية والاقتصادية والعلاقات الإنسانية ( العبادي، 2010، الفرا، 2006).
وتوصي بإبراز التنوع التراثي والثقافي في الأردن وإبراز إسهامات الجماعات الاجتماعية المختلفة في بناء الوطن من خلال البرامج الإعلامية والثقافية والفنية في المؤسسات الإعلامية والجامعات والمدارس، اضافة الى تطوير معايير أخلاقية لكل أنواع المهن، وبث قيم الصدق والأمانة والعمل المنتج من خلال برامج موجهة، وتوعية الشباب والشابات بمرحلة النضج لديهم من خلال إدخال مادة الثقافة الجنسية في المرحلة الثانوية والجامعات لإعطائهم معلومات علمية واجتماعية ونفسية على التفاعل والتكيف مع الجنس الآخر والانتقال إلى الحياة العامة.
كما تدعو الدراسات الى تنمية وتطوير التعددية الثقافية لدى الشباب بإدخال مادة نظرية المعرفة أو الفلسفة كمتطلب إجباري في المدارس والجامعات الأردنية وإطلاق حملة وطنية لمحاربة ثقافة العنف وتعزيز ثقافة الاحترام والتسامح.
5. تعزيز ثقافة العمل التطوعي
أوصت الدراسات بإنشاء معهد للخدمة المدنية ( مديرية الابحاث والدراسات، 2011)، وإحياء وتطوير فكرة المعسكرات الشبابية وتنشيط الحركة الكشفية وتضمين المناهج مفاهيم حديثة ووسائل لتشجيع الابتكار والإبداع والتطوع. كما دعت الى حفز مؤسسات القطاع الخاص والنقابات والاتحادات المهنية على تخصيص جزء من مواردها المالية لدعم مسيرة العمل التطوعي ( العبادي، 2010).
6. مكافحة البطالة لدى الشباب الأردني
تدعو الدراسات الى إفراد أجزاء خاصة في استراتيجية مكافحة البطالة لفئة الشباب، و تطوير أهداف ومؤشرات خاصة بالشباب في الخطة الإنمائية للألفية، وإجراء دراسات متابعة للمتعطلين من الفقراء ، وتطوير برامج العمل للشباب عبر خلق فرص عمل مباشرة (كتشجيع تأسيس المؤسسات الصغيرة والمتوسطة والتعاونيات أو من خلال توزيع الأراضي الأميرية القابلة للاستصلاح) و توفير برامج لتنمية المهارات (كبرامج التدريب المستمر في العمل لتحسين التوظيف والإنتاجية ومواكبة التقنيات المستجدة في ساحات العمل المختلفة) و تطوير البرامج التعليمية في مختلف المراحل لتتلاءم مع متطلبات سوق العمل المحلي والإقليمي. كما أوصت بتمكين وحماية المتعطلين من خلال تفعيل صندوق التأمين ضد البطالة في قانون الضمان الاجتماعي ( مديرية الابحاث والدراسات، 2011، العبادي، 2010).

7. تعزيز البيئة التعليمية في الجامعات
وفيما يتعلق بـ» تعزيز البيئة التعليمية في الجامعات»، دعت دراسة شتيوي ورفاقه الى إعادة النظر في إجراءات قبول الطلبة لتعزيز مبدأ المساواة والكفاءة، الى جانب ربط استمرار المنح المقدمة للطلبة بحسن السلوك بالإضافة للأداء الجيد، للحيلولة دون مشاركة الطلبة المستفيدين من هذه المنح بالمشاجرات الجامعية أو الأنشطة غير المشروعة الأخرى.
كما دعت الى العمل على تحقيق مبدأ العدالة في التعيينات في الجامعات، وعدم اقتصارها على أبناء المنطقة التي توجد فيها الجامعة، وإعادة النظر في نسبة الطلبة المقبولين من أبناء المنطقة التي توجد بها الجامعات مقارنة مع المقبولين من خارجها.
وأوصت بإنشاء مراكز إرشادية نفسية متخصصة لخدمة الطلبة الذين يعانون من مشكلات سوء التكيف النفسي والاجتماعي، ووحدة للأمن الجامعي في كل الجامعات الأردنية تتمتع بصفة نائب الضابطة العدلية تكون تابعة لرئاسة الجامعة مع إجراء التعديلات التشريعية اللازمة لذلك.
وأكدت ضرورة تعزيز العمل التطوعي داخل الجامعات وتشجيع الأندية والجمعيات الطلابية وإعطاء دورات تدريبية أو توجيهية للطلبة المستجدين في بداية كل عام دراسي يشارك بها الأساتذة، لتعريفهم بالبيئة الجامعية وأنظمتها، وحقوقهم وواجباتهم.
ودعت إلى إصدار مدونة سلوكية لأعضاء الهيئة التدريسية بالجامعات الأردنية يتحدد من خلالها حدود وحقوق الأساتذة واضطلاعهم بدورهم التنويري، وتطوير آليات لمتابعة الأنشطة غير المشروعة داخل الحرم الجامعي، واتخاذ الإجراءات اللازمة لمعالجتها وتطوير برامج وقائية وعلاجية لمساعدة الطلبة الذين يقعون فريسة الإدمان على المخدرات والكحول.
وشددت على ضرورة تعزيز قدرات الشباب وطاقاته الفكرية والاجتماعية والسلوكية وتنمية الثقة بأنفسهم وتبصيرهم بدورهم الاجتماعي والمعرفي والرياضي من خلال إعادة النظر بوسائل الجذب المختلفة للمنتديات العلمية والثقافية والرياضية والعمل التطوعي.
وأوصت بتطوير أساليب التدريس لزيادة مشاركة الطلبة واندماجهم في عملية التعلم وتقليل وقت الفراغ لديهم والتنسيق مع أسر الطلبة ذوي المعدلات المنخفضة، والذين يعانون من مشكلات سلوكية، ويخالفون تعليمات الانضباط، بحيث يتم الاتصال بالأسرة شهريا لإطلاعهم على وضع ابنهم وإتاحة الفرصة للشباب الجامعيين بالعمل ضمن مرافق الجامعة لساعات جزئية معينة، لملء وقت الفراغ لديهم، وتخفيف العبء المادي عنهم في نفس الوقت ، وبما يسهم في خفض النفقات الجارية على ميزانية الجامعة.
كما دعت الى العمل على اتخاذ التدابير اللازمة الكفيلة بإلغاء التمييز الإداري والأكاديمي ضد الطلبة ، وتفعيل دور عمادات شؤون الطلبة لتكون منفتحة على الطلبة تستمع الى همومهم وتعالج مشكلاتهم .
8. تطوير المعرفة حول العنف في المجتمع
كما أوصت دراسة شتيوي ورفاقه بإنشاء مركز دراسات متخصص يعنى بالعنف المجتمعي بأبعاده المختلفة، يكون مقره وزارة التعليم العالي والبحث العلمي، أو إحدى الجامعات الرسمية وإنشاء كلية أو قسم أكاديمي في إحدى الجامعات الأردنية متخصص بالعدالة الجنائية والجريمة ( العبادي، 2010)، وتعريف الشباب بالتبعات المترتبة على التورط في احداث العنف ( الأمن العام، 2009).


9. تطوير برامج وقاية وتدخل:
تورد منظمة الصحة العالمية في تقريرها حول العنف والصحة بعض برامج الوقاية التي أثبتت فعاليتها ومنها: برامج إكساب مهارات الحياة ، وبرامج التنمية الاجتماعية الرامية إلى مساعدة الأطفال والمراهقين على التحكّم في الغضب وتسوية النزاعات وتطوير المهارات الاجتماعية اللازمة لحلّ المشاكل، بالاضافة الى برامج الوقاية من التنمّر في المدارس، والبرامج التي تسعى إلى دعم الآباء وتلقينهم مهارات الأبوة والأمومة الإيجابية، والبرامج التي تستهدف الأطفال دون سن المدرسة وتسعى إلى إكسابهم المهارات الاجتماعية في سن مبكّرة؛ والبرامج التي ترمي إلى تحسين المدارس والسياسات المدرسية وممارسات المدرسين والتدابير الأمنية؛ والحد من فرص الحصول على الكحول بزيادة الضرائب المفروضة عليه وتخفيض كثافة نقاط بيعه، والسياسات التي تحد من امتلاك الأسلحة النارية وشرائها؛ وفرض حظر على حمل الأسلحة النارية في الأماكن العامة؛ والبرامج الرامية إلى الحد من حالات تمركز الفقر من خلال تزويد الأسر بقسائم سكنية لمساعدتها على مغادرة الأحياء المحرومة اقتصادياً ( منظمة الصحة العالمية، 2011).
ولا بد ايضا من اتباع نهج شامل يتناول المحددات الاجتماعية للعنف، مثل التفاوت في مستوى الدخل والتغيّرات الديمغرافية والاجتماعية السريعة وانخفاض مستويات الحماية الاجتماعية، وإدخال تحسينات على خدمات الرعاية السابقة لدخول المستشفى والرعاية الطارئة، بما في ذلك تحسين فرص الحصول على خدمات الرعاية ( المرجع السابق).
التعامل مع العنف المجتمعي:
بينت دراسة شتيوي ورفاقه أن الإجراءات المتبعة في التعامل مع العنف المجتمعي و خاصة المشاجرات تتفاوت حسب طبيعة و حجم المشكلة، مشيرة الى أن جهاز الأمن العام والحكام الإداريين ، وفي بعض الاحيان قوات الدرك، يتعاونون لبسط الأمن و النظام و خاصة في الحالات التي يمتد بها العنف المجتمعي خارج إطار الفئات المشاركة أو عندما يحدث شغب في الملاعب أو غيرها من الأماكن. وأوضحت أن الهاجس الأساس يكون في مثل هذه الحالات هو السيطرة على الوضع من الناحية الأمنية و العمل على عدم تفاقم هذه المشكلات و المحافظة على أرواح المواطنين و ممتلكاتهم.
و عادة ما يلجأ الحكام الاداريون و بالتعاون مع الأمن العام الى تطويق الأمور عبر الاتصال بالقيادات المحلية لمحاولة تهدئة الأمور بين الأطراف المتشاجرة من خلال اللجوء للأطر العشائرية و محاولة دفع أحد الأطراف لأخذ العطوة العشائرية، لنزع فتيل المشكلة و السماح للقانون بعد ذلك بأن يأخذ مجراه لملاحقة المخالفين .
إلا انه «في بداية ظهور المشاجرات الجماعية، كانت هناك حالات تم بها استخدام العنف و العنف المضاد من قبل رجال الأمن العام، و كان الدرك يتدخل في الحالات التي كانت تمتد بها المشاجرات إلى الأماكن العامة و التي تشكل تهديدا أمنيا مجتمعيا. و مع مرور الوقت، استطاعت الأجهزة الأمنية و جهاز الدرك تطوير قدراتها و تسخير إمكانياتها للسيطرة الأمنية على العنف الاجتماعي متجاوزة الإشكالات التي نجمت عن استخدام العنف الزائد".
وأشار شتيوي ورفاقه الى وجود تحديات في التعامل مع ظاهرة العنف المجتمعي منها:
اولا: عدم وجود قواعد اشتباك واضحة و معلنة لدى الأمن العام والمواطنين في التعامل مع هذا النوع من المشاجرات الجماعية مما أدى إلى التفاوت في التعامل مع حالات العنف، و في حالات معينة كان هناك استخدام للعنف من قبل الجهات الأمنية .
ثانيا : في بعض الحالات و في البداية، لم يكن التنسيق على درجة عالية بين الأمن العام و قوات الدرك، وبين الحكام الاداريين والاجهزة الامنية، ما أدى إلى التداخل في الصلاحيات و الإجراءات، وكانت النتيجة ضعف القدرة على التعامل مع بعض الحالات.
ثالثا : لقد برز في بعض الحالات ضعف وارتباك بعض الحكام الإداريين في إدارة الأزمات أو اتخاذ بعض الإجراءات الخاطئة.
رابعا: لقد أبرزت حالات العنف المجتمعي ضعف آلية التواصل المتبعة مع القيادات المحلية التقليدية أو عدم فعاليتها، لا بل أن هناك معطيات تدل على أن بعض القيادات المحلية لبعض العشائر قد حاولت استغلال هذه الحوادث لتحقيق مكاسب شخصية أو سياسية لهم.
خامسا: قد كشفت حالات العنف المجتمعي عن وجود عدد من البؤر في عدد من المناطق التي يتم فيها ممارسات غير مشروعة ووجود جماعات أو مجموعات تنخرط بأنشطة اقتصادية غير مشروعة كتهريب الأسلحة و المخدرات و غيرها. وبينت أن هذه الجماعات هي مسلحة و خطرة و تشكل تهديدا للأمن و الأمان داخل تلك المناطق كالسيطرة عليها و فرض الخاوات أو الاتاوات على التجار وغيرهم، و التي أدت إلى وجود متنفذين في هذه المجتمعات المحلية، يتمتعون بالنفوذ الاقتصادي و الاجتماعي ( العبادي، 2010).
ووفق النموذج الايكولوجي في فهم ظاهرة العنف المجتمعي فإن عددا من العوامل الشخصية ( الجينات، الاصابات على الرأس، الخبرات الذاتية، خصائص المزاج، معدل الذكاء، الأداء المدرسي، الاندفاع، اضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه، المعتقدات والسلوكات المعادية للمجتمع، مواجهة انفصال الوالدين أو طلاقهما، التعرّض للعنف في الأسرة، الخ..) والروابط مع المجتمع الصغير( العلاقة مع الاسرة والجيران والرفاق: نقص رصد الآباء ومراقبتهم لأطفالهم، الممارسات التأديبية الأبوية القاسية أو المتسامحة أو المتناقضة، انخفاض مستوى التعلّق بين الآباء وأبنائهم ، قلّة مشاركة الآباء في أنشطة أبنائهم ، تعاطي الآباء لمواد الإدمان أو ضلوعهم في أعمال إجرامية، انخفاض مستوى دخل الأسرة، مخالطة زملاء جانحين،الخ...)، ثم المجتمع الاكبر ( العلاقة مع المدرسة والمسجد والجامعة، انخفاض مستويات اللحمة الاجتماعية داخل المجتمع المحلي؛ العصابات والشبكات المحلية للتزويد بالأسلحة النارية والمخدرات غير المشروعة؛ انعدام بدائل غير عنيفة لتسوية النزاعات؛ ارتفاع مستوى التفاوت في الدخل؛ التغيّرات الاجتماعية والديمغرافية السريعة؛ التوسّع العمراني، الخ)، فالبيئة المجتمعية - الثقافية ( مؤسسات المجتمع الأكبر كالوزارات والاعلام والقضاء وما تحمله من ثقافة بين ثناياها من مثل القوانين القائمة في البلد ومدى إنفاذها، فضلاً عن سياسات التعليم والحماية الاجتماعية) تتحمل المسؤولية عن تفشي ظاهرة العنف المجتمعي Krug, Dahlberg, Mercy, Zwi, Lozano, 2002)).
ومن هذه العوامل المجتمعية والثقافية التي تمثل المستوى الرابع في التأثير على العنف المجتمعي، ولعله المستوى الأهم :
- سيادة المعايير الثقافية التي تدعم العنف كطريقة مقبولة لحل النزاعات
- سيادة الاتجاهات التي تعتبر الانتحار خيارا شخصيا وليس عملا عنفيا يجب الوقاية منه
- سيادة المعايير الثقافية التي تعطي الاولوية لحق الوالدين بدلا من حق الطفل في السلامة النفسية والعقلية والجسدية والنمو
- طغيان المعايير الثقافية التي تكرس سيادة الذكور على النساء وعلى الاطفال
- سيادة المعايير الثقافية التي تتساهل مع ممارسة القوة من قبل الشرطة وأجهزة الأمن ضد المواطنين
- تفشي المعايير التي تدعم الصراع السياسي وتشجع الانقسامات الاجتماعية
- انعدام المساكن اللائقة والخدمات اللازمة لدعم الأسر والمؤسسات
- ارتفاع مستويات البطالة أو الفقر
- سهولة الحصول على الكحول والمخدرات
- السياسات الاجتماعية والاقتصادية والصحية والتربوية والقوانين والنظم التي تؤدي إلى تدني مستوى المعيشة أو إلى عدم المساواة أو عدم الاستقرار في المجالين الاجتماعي والاقتصادي والتي تكرس اللا عدالة بين المواطنين والمجموعات الاجتماعية المختلفة في المجتمع (Krug, Dahlberg, Mercy, Zwi, Lozano, 2002).
وأخيرا، فإن العلاقة بين العنف والامن والتنمية هي علاقة دائرية ، ففي المجتمعات التي تتصاعد فيها معدلات العنف، يتباطأ النمو الاقتصادي، وتقل الانتاجية، وتتراجع قيمة الممتلكات ويتفكك النسيج الاجتماعي ، ويتهدد الامن الشخصي والجماعي ، ويتأثر النمو الاجتماعي ويضيع الاستثمار في التعليم، كما انها لا توفر المستوى المطلوب من التنبؤ لبيئة الاعمال، وهو ما يؤدي الى هروب الاستثمارات، وعندما يتراجع الوضع الاقتصادي وتتراجع معه التنمية، فإن معدلات العنف تتصاعد بدورها (Pinker, 2011).





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :