facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




عقبات الأمن القومي العربي ومواجهتها


د. علي فخرو
02-04-2015 03:00 AM

قيس ابن عمّي عندنا، يامرحبًا يامرحبا. قيسنا هذا هو الأمن القومي العربي، الذي غاب سنين طوالاً وضاع في الدّفاتر القديمة، لتخرجه أحداث اليوم الحالية المفجعة من تلك الدفاتر، بعد أن فشل في تذكُّره وإخراجه ابتلاع نصف الضفة الغربية من قبل المستوطنين الصهاينة وتدمير ألوف المساكن في غزّة على رؤوس ساكنيها من قبل الآلة العسكرية الهمجية الصهيونية المجنونة. ومع ذلك فأن يصل قيس متأخرًا أفضل من أن لايصل.

ولكن، وبعيدًا عن ثرثرة وحفلات الإعلام العربي الرسمي بشأن هذا الموضوع، دعنا نتفحّص الأمر بلا انحيازات ولا أحكام مسبقة.

أولا: إن أصل الإحساس الجاد بأهمية الأمن القومي العربي تمثّل في إقرار الجامعة العربية عام 1950 لما سمي " معاهدة الدفاع المشترك والتعاون الاقتصادي" الذي نص في شقّه الأمني على أن أي اعتداء يقع على أية دولة عربية يعتبر اعتداء على كل البلاد الموقّعة على المعاهدة.

لكن تلك المعاهدة لم تفعّل قط: لا إبّان العدوان الثلاثي على مصر عام 1956، ولا على العدوان الصهيوني على مصر وسورية عام 1967، ولا إبّان حرب رمضان الشهيرة عام 1973، ولا بشأن الغزو العراقي للكويت عام 1990، ولا على الاعتداءات الصهيونية المتكررة على لبنان، ولا على استباحة العراق من قبل أميركا، وحلفائها عام 2003، ولا على الحروب والاستباحات الصهيونية البربرية المتكررة على غزة والضفة الغربية.

إن الأمثلة الأخرى كثيرة، وإنه تاريخ أسود لمشروع أمني قومي ولد ميّتًا.

ثانيا: إن الأسباب التي حنّطت تلك المعاهدة وأماتت ماعرف "بميثاق الضمان الجماعي" العربي كثيرة، من بين أهمّها: أولًا المماحكات السياسية والإيديولوجية والقبلية والمذهبية التي عصفت بالعلاقات بين أنظمة الحكم العربية عبر الستّين سنة الماضية، وثانيًا إعطاء الأولوية للمصلحة الوطنية القطرية على المصلحة القومية المشتركة مع اعتبار مصلحة نظام الحكم، في الخفاء وفي الواقع، على أنه مساو بالتمام والكمال للمصلحة الوطنية، وثالثًا الصعود المستمر والمعقد، الظاهر والخفي، لظاهرة التبعية السياسية والاقتصادية والأمنية لقوى خارجية، وبالتالي فقدان الاستقلال في اتخاذ القرار بل وفرض التناغم إن لم يكن التماثل، بين مصلحة الخارج ومصلحة الداخل.

في قلب تلك الأسباب جميعًا يكمن الغياب شبه الكامل لقوى مجتمع مدني فاعلة ومعبّرة عن مصالح غالبية المواطنين. فسلطة الدولة العربية، إبّان مسيرة مابعد الاستقلال الوطني، قد ابتلعت في جوفها مجتمعاتها وجعلتها عاجزة عن الممارسة السياسية الديمقراطية، وبالتالي المساهمة في اتخاذ القرارات الكبرى من مثل الانخراط بحيويّة في مواضيع الأمن القومي العربي.

فاذا أضيف إلى ذلك عجز مؤسسة القمم العربية في اتخاذ القرارات الضرورية بالنسبة للكثير من الموضوعات العربية المشتركة، وأضيف إلى ذلك التراجع المستمر في قدرات جامعة الدول العربية وفاعليتها في ميادين السياسة والإقتصاد والأمن، وفشل كل محاولات إصلاحها مرارًا وتكرارًا ، ممّا جعلها شكلًا بلا مضمون، وأحيانًا أقحمها في صراعات محلية وجعل منها أداة في يد هذه الدولة أو تلك، فإن العجز المشترك يضاف إلى العجز الفردي ليصبح المشهد كارثيًّا.

ثالثًا: هنا يحق لنا أن نطرح السؤال التالي: هل جرى تحسّن في أيّ من تلك الأوضاع والممارسات الخاطئة والمؤسسات العاجزة أم أنها ازدادت سوءًا وعجزًا ؟ بل لقد دخلت أخطاء جديدة تمثلت في الصعود المأساوي لقوى الجهاد التكفيري الممارسة لأبشع أنواع البربرية، وتمثلت في انهيار العديد من الأقطار العربية الرئيسية المهدّدة بمزيد من التجزئة والصّراعات العبثية بين مكوّناتها، ومايجري في سورية وليبيا واليمن والعراق ماثل أمامنا.

إن الجواب بالطبع واضح أمامنا في شكل دخول أمة العرب في محنة كارثية لم تعرف مثلها طيلة تاريخها كلّه. ليس الهدف هو بثّ اليأس من إمكانية النّجاح في تكوين الأداة العسكرية المتواضعة، قوّة التدخل العربية، في طريق بناء الأمن القومي العربي. الهدف هو التنبيه إلى عدم الإستخفاف بالعقبات، وهي عقبات تاريخية لاتزال متجذّرة في الحاضر.

هذا من جهة، ومن جهة أخرى فإن الخوف هو أن تعكس تلك العقبات نفسها عندما تبدأ اللّجان في تعريف الأمن القومي وأهدافه وأشكال آلياته ومدى خضوعه أو تخطّيه لشعار السيادة الوطنية، شعار كل الأنظمة العربية المقدّس الذي ساهم في إضعاف كل مؤسسة عربية مشتركة، من مثل الجامعة العربية ومجلس التعاون الخليجي وأجهزة الاتحاد المغاربي.

وهذه النقطة الأخيرة ستحتاج أن تبحث بعمق كجزء لا يتجزأ من موضوع الأمن القومي، إذ سيكتشف بأن موضوع السيادة الوطنية المتزمّتة المبالغ في الحرص عليها هو وراء الفشل في حقول كل أنواع الأمن القومي: الاقتصادي والغذائي والمائي والثقافي والسياسي.

ماستحتاجه الحياة العربية المضطربة البائسة الحالية هو فكر سياسي جديد يعدّل طبيعة العلاقات ويغيّر الأولويات. فاذا كان القادة العرب الذين اجتمعوا في شرم الشيخ جادّين في أمر الأمن القومي الشامل فليعقدوا الجلسات، وليستعينوا بأصحاب البصيرة والحكمة، للاتفاق على الأقل على وضع الخطوط العامة لذلك الفكر. العرب اليوم

*كاتب بحريني





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :