خيمة الياسمين *شعر : راتب المرعي الدبوش
08-10-2015 03:13 PM
كَمَا تَرْتَقِي خَيْمَةُ اليَاسَمينِ،
شَبَابيكَ قَلْبيْ
وَتُفْرِغُ فِي الرّوحِ أحْمَالَها .
يَحُطّ حَريرُ الْكَلامِ ،
على قَلْعَةٍ في خَبَايا الْكُهوفِ،
لِيُخْرِجَ مِنْها رَذاذَ الْعَقِيقِ ،
وَسِرّ الرّحيقِ ،
وَيَفْتَحَ بالْمَاءِ ، والبَرْقِ أقْفَالَها .
***
شَمَمْتُ عَبيرَكِ إذ أشْرَقَتْ
حُقولُ الخُزَامَى عَلَى مَهْجَعِيْ
وَأدْرَكْتُ أنّكِ قُلْتِ ، وقد زَقْزَقَتْ
رُفُوفُ الْحَسَاسِينِ في مَسْمَعِي :
عَلَيْكَ بِتلْكَ الْيَنابيعِ ،
نَامَتْ عَلى سِرّها السّرْمَديّ الْقَديمِ دُهوراً
فَفُضّ مَغَاليقَ بِـئْـرِ الكَلَامِ ،
وَعَالِجْ بِهَمْسِكَ قُفْلَ الرّخَامِ ،
وأطْلِقْ مَعَ الفَجْرِ في سَحْبَةِ النّايِ شَلّالَها .
***
سَمِعْتُ رَنيمَ كَلامِكِ قَبْلَ اكْتِشَافِ اللّغَاتِ،
فَأثّثَ إيوانَ قَـلْبي رَفِيـفُ الْحُروفِ ،
تُبَرْعِمُ فَوْقَ وُرودِ الشّفَاهِ ،
تُلَمْلِمُ نَحْلَ الحُقولِ ،
فَأفْضَتْ إليْهِ ، وَ أفْضَى لَهَا .
***
سَكَبْتِ رَحيقَ الْغِوايةِ في خَاطِرِي
وأشْعَلْتِ فِيّ لَهيبَ الغَرَامْ .
فَأيْقَنْتُ أنّي عَلى مَوْعدٍ
معَ الفَجْرِ في لَيْلِكِ العَاطِرِ .
فَقُلْتُ :
أسَافِرُ ، أسْألُ عَنْكِ الظّبَاءَ،
وأنْشُدُ عَنْكِ طُيورَ اليَمَامْ .
فَلَمّا وَصَلْتُ إلى سِدْرَةِ المُسْتَحيلِ ،
على مَفْرَقٍ مِنْ دُرُوبِ الضّيَاعْ
وأوْشَكْتُ أفْقِدُ حَبْلَ الطّريقِ ،
و ثَارَتْ بِوَجْهي السّوافِيْ
وَجَنّ عَليّ الظّلامْ
هُناكَ ،
تَجَلّيْتِ لِيْ فَجْأةً فِي حَنايا الضّلُوعِ،
وآنَسْتُ نُورَكِ في شُرْفَةٍ ،
تُسَامِرُها نَجْمةٌ لا تَنامْ .
هُناكَ
هُناكَ رأيْتُ قُباباً تَشِعّ
شُمُوسَاً تُضِيءُ
مُرُوجَاً من الْقَمْحِ و اليَاسَمينِ ،
بَسَاتينَ نَخْلٍ
عَلى أنْهُرٍ مِنْ رَحيقٍ تُمَدّدُ أظْلالَها .
***
تَلَمّسْتُ حَقْلَكِ قبلَ رُجُوعِ الحَمامِ،
وقبلَ انْحِسَارِ المِيَاهِ ،
وقَبْلَ اسْتِواءِ الشّراعِ عَلى الْيَابِسَةْ
فهيّأْتُ تَخْتَكِ في أضْلُعيْ
وَأشْرَعْتُ أبْوابَ قَلبيْ على وُسْعِها ؛
لِتُوْرِقَ بِالقَامَةِ المَائِسَةْ .
فَسِيريْ على ( شَرْشَفٍ ) مِنْ رُمُوشِ الْعُيونِ ،
يَقِيكِ غُبارَ الطّريقِ ، وَ أوْحَالَها .