لا أفهم كثيراً بالأمور التقنية، كل ما أعرفه فقط أن اضغط زر تشغيل الكمبيوتر فيشبك مع الانترنت مباشرة، هذه الحركة أقوم بها يومياً عشرات المرات، لمتابعة كل ما يجري من أحداث مباشرة وقراءة ما تيسر لي من الصحف اليومية والاليكترونية...

الأسبوع الماضي،قطعت عني خدمة الانترنت، مع ان فواتيري مسدّدة وأسلاكي ممدّدة..ماذا حدث اذن؟ .. «صنعة الزلم» قمت بالاتصال على 1214 وتسجيل شكوى في قسم الأعطال ..أخذوا رقم الهاتف واسم المشترك واسم الأم، وتركوني على الخط لدقائق، ثم عادوا و قالوا عفواًً العطل جماعي، ثمة كيبل مقطوع ويحتاج الى بعض الوقت ..عبارة «بعض الوقت» هذه جعلتني أتصل كل صباح ومساء بالتالية أسماؤهم: سمير،مرام، خلود،شريفة،معروف، ابتهاج، قاسم، إبراهيم،نادر، عبد الكريم، نسرين، مشهور، نوال، كرمة،نيفين، هشام، عبدالله، فزعة،عمر ..وسماع عبارة «هذه المكالمة مسجلة لغايات ضبط الجودة» يرجى الانتظار، ثم يرد عليك موظف بالغ التهذيب - حتى وانت في أقصى درجات غضبك ونزقك- .ليقول لك ..»معاك فلان كيف ممكن أساعد»؟؟..ترمي له شكواك بالتاريخ والساعة والرقم، ليبرر لك موقف الشركة بنفس العبارات التي لا تتغير « عفواً..عطل جماعي» ..»تحملنا «..»ما عندي معلومة «..»أي خدمة ثانية» ..يعني وكأنه خدمني في الأولى ؟؟؟....

الآن أرسل مقالاتي هذه من مقهى انترنت قريب..على يميني صبي قام بتفجير خمس دبابات و3 طائرات هيلوكوبتر وقتل العشرات عن بكرة أبيهم ..انه سفّاح ودموي أكثر من القذافي..وعلى يساري شقيق مصري..يتصل بخطيبته..ويضبط الكاميرا كل لحظة «كدا واضح»..»طيب كدا»..»أبعد شوية؟؟»..» استني بس يا بطة «..ثم يسألها عن حماته وأخيها جواد وفاطمة والحج مرزوق ..ثم يأخذ لها صورة بهاتفه من خلال شاشة الكمبيوتر كما يفعل مراسلو الجزيرة..

على الكمبيوتر المقابل شاب عاطل عن العمل ..يبعث شهاداته وصورة عن جواز سفره «سكاننج» بغية الحصول على تأشيرة زيارة في دبي ..ويقول لأخيه المماطل بصوت منفعل : ان شاء الله بشتغل بـ 100 درهم المهم اخلص من نقّ «أبوك»!!...وينفجر بشتيمة هائلة عندما يهدّئه اخوه المغترب .. ليقول..»يلعن...... بتهون»!!...وفي الزاوية ..ثمة شاب جامعي يتكلم بانجليزية مكسّرة مع «حجة» أمريكية لغرض الزواج والهجرة..ويقول لها ان من هواياته السباحه ولعب الجولف... لو بقيت ساعة أخرى لسمعت قصصاً أكثر ايلاماً وعمقاً وحنقاً من جيل يفكر الهروب بأي ثمن...أخيراً سحبت «فلاشي» من غمده ..وخرجت مكتئباً..

.يبدو أن عطلاً جماعياً ضرب آمالنا..بينما لم تزل الحكومات تطلب الانتظار «بعض الوقت» لغايات «ضبط الجودة»...

ahmedalzoubi@hotmail.com

(الرأي)