facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




دراسة للدكتور الحموري في التعديلات المقترحة على الدستور ..


21-08-2011 09:38 AM

(الجزء الاول من ثلاثة أجزاء)

** ".. هل جاءت اللجنة بنص المادة (33/2) على سبيل السهو أم كان مقصوداً?..".
** " .. لم لا يقوم الشعب بانتخاب الأعيان من بين الطبقات التي حددها الدستور في المادة 64 , أو ينص الدستور على شروط في كل من يرشح نفسه لعضوية مجلس الأعيان..".


الاستاذ الدكتور محمد الحموري

.............

منذ خمسة عشر عاماً وأنا أكتب وأنشر وأنادي بضرورة إجراء تعديلات على الدستور, لإعادة التوازن إلى أحكامه, وبينت المواد الدستورية التي سبق أن أدخلت عليه وتكفلت بتشويهه, مؤكداً على ضرورة حذفها, واقترحت المواد التي لا بد من تعديلها أو إضافتها. وخلال تلك الفترة الزمنية, تعرضت لأخذ مواقف ضدي من مرتزقة ومنافقين, وصفوني بأني ضد الوطن والنظام, كوسيلة منهم, كما هي عادة الكثيرين, لإثبات ولاءٍ, يقبضون ثمنه, وهم من الولاء بريئون, لأنهم لا يعرفون من الولاء سوى ما يدر عليهم من منافع ومصالح. وقد تطرف بعض المنافقين من الجالسين على كراسي المسؤولية بوصف دراستي عن المشروعية الدستورية لنقابة المعلمين, بأنها تفتح الباب واسعاً أمام أعداء الوطن للنفاذ منه. لكن المنافقين غيروا جلودهم الآن, وأصبحوا مصلحين, ولمشروعية نقابة المعلمين مهللين.

وأسعدني أن الكثير من التعديلات الدستورية التي طالبت بها وجدتها قد تحققت الآن, بعد أن درست بعناية التعديلات التي اقترحتها اللجنة الملكية على نصوص الدستور. وأعتقد بأن اللجنة الكريمة بذلت جهداً كبيراً في مراجعتها لأحكام دستورنا, واقترحت تعديلات كثيرة جوهرية وأساسية ومتميزة, بعضها يشكل نقلة نوعية متقدمة للدستور الأردني. وكنت أتمنى أن لا تغفل اللجنة عن تعديلات أخرى ضرورية, وأن لا تؤدي بعض التعديلات التي اقترحتها إلى تعارض وتناقض مع نصوص قائمة, وذلك من أجل أن تكون النقلة النوعية متكاملة, وأكثر سلامة وتميزاً.

وقبل عرض ما توصلتُ إليه في هذه الدراسة, فإني أخاطب رئيس الوزراء والسادة الوزراء, باعتبارهم الجهة الدستورية المسؤولة التي تبدأ منها التعديلات, وذلك بصفتي مواطناً أردنياً سعى ويسعى لإحداث توازن في نظامنا الدستوري, وأقول, أنه في الوقت الذي وجدت فيه أن هناك الكثير من الإيجابيات في اقتراحات اللجنة الملكية, إلا أن هناك الكثير من الثغرات التي ينبغي سدها, ليصبح نظامنا الدستوري نظاماً برلمانياً وملكية دستورية. وفي هذا الصدد أؤكد لكم, أن النظام الدستوري للملكيات الدستورية, هو بناء دقيق ومتكامل, وصلت إليه الشعوب بعد رحلة طويلة من الكفاح والنضالات, حتى وصلت إلى إجماع على ما هو مطلوب لهذا النظام من أركان وأسس وتفريعات, بحيث إذا اختل أحدها, فقد النظام صفة الملكية الدستورية, وتحول إلى ملكية رئاسية لا شأن للنظام البرلماني بها.

ورجائي أن تحظى هذه الدراسة بعناية مجلس الوزراء, وأن ينظر إليها بذهنية الباحث عن المعرفة أياً كان مصدرها لتحقيق مصلحة الأردن أكثر مما تعنيه إيحاءات الموافقة على توصيات اللجنة. وعليّ هنا أن أذكر الجميع, بأن جلالة الملك عبدالله أعلن بكل صراحة أنه منذ عشر سنوات وهو ينتظر الظروف المناسبة في الأردن وفي المنطقة العربية, لبناء ملكية دستورية على أفضل وجه, وأن جلالته أضاف إن الوقت الراهن هو الوقت المناسب لتحقيق المطلوب, في حين أن توصيات اللجنة لن تحقق هذا المطلوب.

وإنني إذ أكرر التأكيد أن مجلس الوزراء في المرحلة الحالية, هو وحده الجهة صاحبة الاختصاص الدستوري, باقتراح وصياغة أية تعديلات على الدستور يراها مناسبة لبناء الملكية الدستورية التي نسعى إليها, قبل إرسالها لمجلس النواب, وذلك دون التقيد بتوصيات اللجنة الملكية, فإني أعرض ما توصلت إليه على النحو التالي:

أولاً: مواد الحقوق والحريات:

إن التعديلات التي اقترحتها اللجنة على مواد الحقوق والحريات الواردة في الفصل الثاني, وهي المواد (,6 ,7 ,8 ,11 ,15 ,16 ,18 20) أضافت تحسيناً جيداً على حال تلك الحقوق والحريات, خاصة وأن هذه المواد جرّمت كل اعتداء على الحقوق والحريات, وأعلت من شأن كرامة المواطن, ومنعت أي إيذاء بدني أو معنوي له, وجعلت إنشاء النقابات حقاً للأردنيين, مثل حقهم في إنشاء الأحزاب والنقابات, يستمدونه مباشرة من الدستور, ليقتصر دور القانون على تنظيم طريقة التأليف ومراقبة الموارد المالية. وأعتقد أن اللجنة راعت أن معاناة الأردنيين من الاعتداء على حقوقهم وحرياتهم حتى الآن, تكمن في غياب الضمانات التي تكفل عدم إفراغ النصوص الدستورية, التي تفرض تلك الحقوق والحريات, من محتواها, وذلك من خلال قوانين تعمل الحكومات على إصدارها لهذه الغاية, تحت ستار أن تلك النصوص الخاصة بالحقوق والحريات تشترط أن تكون ممارستها وفقاً للقانون, أو وفق الأحوال المعنية بالقانون, أو بشرط أن لا تتجاوز حدود القانون... إلخ. ومن هذا المنطلق, أتفهم دوافع اللجنة الملكية في اقتراح المادة (128) التي تنص على ما يلي:

"لا يجوز أن تنال القوانين التي تصدر بموجب هذا الدستور لتنظيم الحقوق والحريات من جوهر هذه الحقوق أو تمس أساسياتها".

وفي الوقت يعتبر اقتراح اللجنة نصاً متقدماً, إلا أنني أرى أن كلمات مثل: تنال, جوهر, تمس, أساسيات, تعوزها دقة الاصطلاحات الدستورية, وتنطوي على مدلولات واسعة ومرنة, يمكن من خلالها نفاذ التغول على الحقوق والحريات بموجب قوانين تفتح الباب لممارسات تعيدنا إلى الماضي الذي نشكو منه. ولهذا فإني أعتقد أن احلال النص التالي مكان النص المقترح من اللجنة يحقق الغاية المطلوبة:

"لا يجوز إصدار قوانين تحد من الحقوق والحريات الواردة في الدستور أو تفرغها من مضمونها".

ومثل هذا الحكم أخذت به أمريكا كتعديل أول على دستورها منذ عام ,1791 وابتدعت مثله العديد من الديمقراطيات المعاصرة, بموجب نصوص وتفريعات تعددت تفصيلاتها, (مثل اسبانيا والسويد والنمسا وهولندا وبلجيكا), وشكلت أحكام القضاء التي راعت تلك النصوص, تراكماً معرفياً متميزاً للدارسين والباحثين في فقه الحقوق والحريات.

ثانياً: المواد المتعلقة بالسلطة التنفيذية:

في الفصل الرابع وتحت عنوان السلطة التنفيذية, اقترحت اللجنة على بعض المواد, تعديلات تشكل تناقضاً مع القواعد والمبادئ التي ينص عليها الدستور, كما أن اللجنة من ناحية أخرى, أبقت على مواد كان يتوجب حذفها, وأحجمت عن تعديل مواد كان ينبغي تعديلها, مما يشكل انتقاصاً من ديمقراطية لا يصح أن تتجزأ, وافتئاتاً على مبدأ الشعب مصدر السلطة. ونتبين ذلك مما يلي:

1- اقتراح اللجنة لمعاهدات صلح تعدل في أراضي الدولة أو تنقص من سيادتها:

اقترحت اللجنة على المادة (33/2) تعديلاً بموجب نص غريب وشاذ, ليدخل إلى الدستور ويتناقض بشكل فاضح مع المادة الأولى من هذا الدستور, وذلك على النحو التالي:



المادة (33/2) المقترحة تنص على ما يلي:

"معاهدات الصلح والتحالف... التي يترتب عليها تعديل في أراضي الدولة أو نقص في حقوق سيادتها... لا تكون نافذة إلا إذا وافق عليها مجلس الأمة".

إن هذه المادة التي تجيز التنازل عن أراضي الدولة أو تنقص من سيادتها تتعارض مع المادة الأولى من الدستور التي تنص على ما يلي:

"المملكة الأردنية الهاشمية دولة عربية مستقلة ذات سيادة ملكها لا يتجزأ ولا يُنزل عن جزء منه..."

لا أريد الحديث عن البعد السياسي لنص المادة (33/2) الذي اقترحته اللجنة, ولا عن نوايا أو غايات مستقبلية قد يوحي بها النص, ولكني أكتفي بالبعد الدستوري البحت, وأتساءل, كيف قبلت اللجنة أن تقترح النص المذكور, رغم أنه يتناقض بشكل صارخ مع أول مادة في دستورنا? هل جاءت اللجنة بهذا النص على سبيل السهو أم كان مقصوداً? وإن كان مقصوداً فلماذا, وما هي أهدافه وغاياته, وهل تعتبر اللجنة هذا النص الذي تقترحه, ناسخاً لما ورد في المادة الأولى? وهل يجوز أن نضع نصوصاً دستورية بهذا التناقض المسيء لتحكم أجيالاً قادمة?

ومرة أخرى, وبمعزل عن الأبعاد السياسية, فإنه لا يجوز أن يحتوي دستورنا على هذا التناقض, وبالتالي ينبغي إلغاء التعديل المقترح والإبقاء على النص الموجود الآن في الدستور.

2- الإبقاء على مجلس أعيان كمجلس تشريعي تعيّنه الحكومة, يعصف بمبدأ الشعب مصدر السلطة:

أبقت التعديلات التي اقترحتها اللجنة على مجلس الأعيان, كمجلس تشريعي تعين أعضاءه الحكومة, ويصدر بهذا التعيين إرادة ملكية وفقاً للمادة (40) من الدستور, وبذات الطريقة يتم إقالة أي واحد من عضوية هذا المجلس في أي وقت وبدون ذكر أي سبب, فهل يُعقل أن يقبل الأردنيون بهذا المجلس المعيّن, كمجلس تشريعي يجسد إرادة الشعب كمصدر للسلطة!!

لقد سبق أن نشرت في جريدة العرب اليوم بتاريخ 2/8/2011 دراسة بعنوان "مبدأ الشعب مصدر السلطة يستوجب مجلس أعيان منتخب", ولا أريد أن أكرر ما ورد في الدراسة المذكورة, ولكن يكفي هنا أن أقول أنه لا توجد دولة في الديمقراطيات المعاصرة يكون فيها مجلس تشريعي بالتعيين من قبل الحكومات. ودول الملكيات الدستورية التي تأخذ بالنظام البرلماني مثلنا, أكدت دساتيرها على أن مجلس الأعيان فيها هو مجلس منتخب من الشعب مباشرة تطبيقاً لمبدأ الشعب مصدر السلطة, كما هو حال مملكة بلجيكا ومملكة هولندا ومملكة أسبانيا. وحتى بريطانيا التي يوجد فيها مجلس لوردات غير منتخب, فقد أصدر مجلس العموم قراراً بتاريخ 7/3/2007 باتخاذ الخطوات المناسبة لجعل هذا المجلس مجلساً منتخباً تحت اسم مجلس الشيوخ البريطاني. وحتى لا أطيل في بيان هذه الخطوات أكتفي بالقول أنه بتاريخ 6/6/2011 تم حصر وتحديد عدد اللوردات, وفي 1/7/,2011 تقرر أن يكون عدد أعضاء اللوردات الوراثية في المجلس (90) عضواً فقط, بشرط أن يتم اختيارهم بالانتخاب من قبل جميع من يتوارثون لقب اللورد. وأعتقد أنه لن يطول الزمن حتى تكتمل خطوات ظهور مجلس منتخب في بريطانيا تحت اسم مجلس الشيوخ. وإلى حين اكتمال هذه الخطوات, هناك قوانين ذات طبيعة دستورية (Constitutional Convention) ومشهورة باسم (Salisbury Convention) صادرة عن مجلس العموم يحدد بموجبها القوانين التي لا يجوز لمجلس اللوردات أن ينظر فيها أو يعدلها أو يعترض عليها, ومن هذه القوانين, ما يتعلق بالضرائب أو المال العام, أو ما يمس معيشة المواطنين, وجميع القوانين التي يصدرها مجلس العموم, التزاماً من وعد الحزب الحاكم بإصدارها أثناء الانتخابات التي حصل فيها على الأغلبية... الخ, ومنها قوانين تتعلق بالاقتصاد والمال, والسياسة والتعليم والاجتماع والعمال والمعاشات... الخ, فهذه جميعاً أُبعد مجلس اللوردات عنها.

وبالنظر إلى أهمية انتخاب جميع أعضاء المجلس الذي يصدر التشريعات, فإنه يصبح من الضرورة بمكان, الحديث بشيء من التفصيل عن واقع مرير, جعل من مجلس الأعيان بالتعيين أداة تعصف بالديمقراطية التي لا يجوز أن تتجزأ, وجرحاً يقتل نزيفه مبدءاً ناضلت الأمم والشعوب من أجل اكتسابه وهو مبدأ الشعب مصدر السلطة. ولتوضيح ذلك نقول:

أ- أنه إذا كانت المادة (64) من الدستور قد نصت على الطبقات التي يعين أعضاء مجلس الأعيان من بينها تحت ستار توفير الكفاءات للمجلس التشريعي, فلم لا يقوم الشعب بانتخاب الأعيان من بين هذه الطبقات, بدلاً من تعيينهم, أو ينص الدستور على شروط في كل من يرشح نفسه لعضوية مجلس الأعيان, لضمان الكفاءة والتأهيل والخبرة في الشخص الذي ينتخبه الشعب لهذا المجلس. وما دام الدستور في مادته (24/1) يجعل الشعب مصدراً للسلطة, ووسيلة الشعب لممارسة هذه السلطة هي انتخاب من يمثله في المجلس الذي يتولى التشريع ومراقبة الحكومات, فإنه لا يستقيم التعيين في المجلس التشريعي مع مبدأ الشعب مصدر السلطة.

ب- ومن حيث الواقع الذي شهده الأردنيون على مدى العقود الماضية, هل يعلم من يدافع عن التعيين في مجلس الأعيان, كم من المداحين وأصحاب الفتاوى التي أوصلتنا إلى هذا الحال, تربع على كراسي هذا المجلس!! هل يخفى على أي أردني, الكيفية التي يتم فيها تعيين الكثير من أعضاء مجلس الأعيان, ودور كتبة التقارير في هذا التعيين, ونوعية أداء بعضهم ممن تكفلوا بإفراغ نصوص الدستور من مضامينها, وكم عدد الذين أصبحوا عاطلين وغير منتجين, بل وعندما ننظر الى القوانين التي أصدروها نقول, وأحياناً غير راشدين, في حين أن الكثير من هؤلاء لا يغادرون عضوية ذلك المجلس باعتبارهم من أبناء ليلة القدر, أو من المحظوظين بالقربى أو بالمصالح أو النسب? هل يخفى على كل ذي عينين, ما تم تمليكه للكثيرين من فلل وقصور بأرائكها المصفوفة, وما قدم لهم من مالٍ? أليس من حق كل أردني أن يتساءل: هل كان هذا الإغداق من الخزينة على تلك النوازل البشرية حسنة لوجه الله تعالى, أم ثمناً لتخريجات وموافقات تتجنى على البدهيات المعروفة عند أهل القانون? ألا يعلم الذين يدافعون عن مجلس الأعيان المعيّن, أن غير المطواع من أصحاب الرأي في هذا المجلس يطردون بجرة قلم, أو يجدون أنفسهم معزولين ويستعجل أصحاب القرار مضي الأيام حتى يغادرون?

ج- ولعله من الغريب حقاً أنه في الوقت الذي يتزايد فيه ضغط الشعب لاسترداد حقه في أن يصبح مصدراً للسلطة, كل السلطة, يكتب أو يصرح البعض, ممن ينادون بمجلس أعيان تتولى الحكومات تعيين أعضائه, دون أن يعي هؤلاء الكيفية الدستورية التي ينبغي فيها إعمال مبدأ الشعب مصدر السلطة, أو ما تعنيه الكيفية الواقعية التي يعين فيها العديد من الأعيان. ومما يدعو للسخرية, ما أصبحنا نسمعه الآن حول تأجيل انتخاب مجلس الأعيان, إتباعاً لمبدأ الخطوة خطوة في الوصول للديمقراطية, وكأن هذه الديمقراطية تتجزأ, ولا تكفينا ستون سنة من الخطوات التي قدست هذا المجلس وما قادت إليه تشريعاته. والمحزن حقاً أنه في الوقت الذي هجرت فيه جميع النظم السياسية في الديمقراطيات المعاصرة, الرئاسية منها والبرلمانية, مبدأ التعيين في المجالس التشريعية, نجد حتى بعض الشباب, ممن التحقوا حديثاً بهيئات التدريس في الجامعات, أخذوا بالتيّمن بتجار السياسة ممن يغطون ميكافيليتهم بأثواب مهترئة وأقوال تدعو للسخرية, ينسبوها إلى القانون والدستور, عندما أصبحوا يدعون لمجالس تشريع يتم تعيين أعضائها من سلطة الحكم, كمجلس الأعيان, بدلاً من انتخابها من الشعب. ولجذب الاهتمام بما يقولون, يزينون أسماءهم بأوصاف ومؤهلات عمرها الزمني بضع ساعات أو أيام, علّها تستقطب قرّاءً وتشفع لهم بما يكتبون, دون أن يدركوا أن ما يقولوه يشكل إساءة بالغة, ليس فقط للأساس الذي تقوم عليه الديمقراطية ولأشخاصهم, بل ولتلك الأوصاف والمؤهلات.

د- وفي ظني أن حالة الاستعجال واستدراج الأضواء التي تدفع هؤلاء الشباب إلى الكتابة في بعض الموضوعات الدستورية الدقيقة, دون إدراك لما توصلت إليه الأمم والشعوب عبر تطور تاريخي حافل بالأحداث, والخوض فيها قبل أن يكتمل نضجهم المعرفي, في فهم ما يستوجبه مبدأ الشعب مصدر السلطة, هي ظاهرة مستجدة, لم ألحظها على مدى خمسين سنة عشتها مع القانون والنظم القانونية. ومثل هذه الظاهرة, سوف تجعل المنتمي من هؤلاء الشباب إلى حقل اختصاصه, في حالة ندم ودفاع عن النفس في المستقبل, لا تنفع معها كل أنواع الاعتذار. أما غير المكترث منهم, ويلهث وراء من يلوّح له بحظوة, أو يسعى لأن يُقبل كواحد من اللاهثين, فسوف يفقد احترامه أمام طلابه قبل أقرانه, ويعاني من إدانة مجتمعية له, قبل أن يستقر في قاع النسيان عند أصحاب المؤهلات وأصحاب الكراسي في آنٍ معاً. ذلك أنه إذا كانت القدوة عند هؤلاء, هم بعض الطافين على سطح الحياة السياسية ممن غربت شموسهم, واغتروا بمواقع يحتلها هؤلاء, فذلك اقتداء بعابثين من أهل السياسة, ممن أصبحوا جزءاً من تاريخ حالك السواد, لن يلبث إلا أن تُطوى صفحته إلى الأبد, ومن الظلم للشباب أن يقبلوا على أنفسهم ارتداء جلابيب من كانوا عرابين لمصادرة سلطة الشعب في اختيار من يمثله, والتغول على الحقوق والحريات, وتزوير الانتخابات, ومن قبلوا على أنفسهم أن يكونوا فقهاء لسلطات وأجهزة لا تقبل بغير السلطان المطلق, فحولوا الحكم من دولة قانون إلى دولة أشخاص. ومن يتابع تفصيلات ما تكشف في مصر بعد انهيار نظام حسني مبارك سوف يتبين أن فتاوى الفقه السلطاني قادت إلى الانتخابات المزورة, والتعيينات للمحاسيب والأزلام في مجالس التشريع, واستتبعت السلطان المطلق للرئيس, وترتب على ذلك ما أصبح معروفاً بالأرقام والوقائع من فساد وإفساد. وكان من الطبيعي بعد تغييب الناصحين أن يسقط الحكم, دون أن تستطيع الملايين من القوات الأمنية وكوادر الارتزاق الحزبي, حماية النظام, أو حماية الرئيس من إيصاله إلى السجن, وإيداعه أمام شعوب العالم قفص المجرمين!!!

ه¯. وأخيراً, أقول في هذا المجال, إن الديمقراطية إذ تقوم على مبدأ حكم الشعب, فإنها تشكل مبدءاً غير قابل للتجزئة. وما دام الأردن الآن يؤسس لإصلاح يستهدف ديمقراطية وحكماً ديمقراطياً, فإن الخطوة الأولى لتحقيق ذلك تبدأ من إعمال مبدأ الشعب مصدر السلطة الذي يقود إلى مجلس تشريعي منتخب, سواء اقتصر هذا المجلس على النواب وحدهم, أو أضيف إليه مجلس آخر يسمى مجلس أعيان, إذ كل واحد من المجلسين ينبغي أن يكون منتخباً. أما وجود مجلس نواب منتخب وحده, ومجلس أعيان معين بمقدوره إجهاض التشريعات التي يشرعها المجلس المنتخب, فهذا يعصف بأي إصلاح مرتجى, وأتمنى أن نتدارك الأمر وإلغاء المواد المتعلقة بتعيين أعضاء مجلس الأعيان, قبل فوات الأوان.0(العرب اليوم)





  • 1 اردني 21-08-2011 | 02:27 PM

    شو بدك تحكي لتحكي يادكتور والله الواحد تعب اذا انت من نظره واحدة تبين معك هذا التعليق على المادة فما رئيك برئيس الحكومة يا أخي رئيس الحكومة بيحكي التعديلات الدستورية تلبي طموحات غالبية الاردنيين ما هي طموحات كل الاردنيين ....

  • 2 يوسف 21-08-2011 | 02:32 PM

    بدلا من الكلام والحديث ...لماذا لا يتم طرح التعديلات الدستورية على الشعب في استفتاء عام ليقول كلمته لها؟ مجرد سؤال بريء

  • 3 خلاصة القول شوربة 21-08-2011 | 03:07 PM

    فمهت بشكل لا يدع مجالاً للشك من دراسة العلآمة الدكتور الحموري أن التعديلات الدستورية الخارجة عن اللجنة ماهي إلا تعديلات شكلية تحتوي كثيراًمن التناقضات و تدلّ على عدم الجدّية في إجراء أي إصلاح و ما هي إلا ذرٌ للرماد في العيون. أتمنى أن لا تخرج أجهزة الشد العكسي بالقول أن الحموري من الإخوان أو له غرتباطات خارجية أو أنه غير واع ٍ للواقع القانوني و السياسي، و أتمنى أن نشاهد تعديلات تليق بهذا الشعب العظيم.

  • 4 مجدي 21-08-2011 | 04:37 PM

    كرا كثير يا دكتور والله لا زم هيك الحكي يكون والتفصيل الصحيح للتعديلات الدستورية لحتى المواطن يفهم مش زي البعض بده ينتقد بس لاجل الانتقاد اشكرك جدا على التوضيح القانوني الرائع ونحن بحاجه لمثلك كي يوضح الامور للشعب الذي يجهل التعبيرات والصيغ القانونية

  • 5 مجدي 21-08-2011 | 04:37 PM

    كرا كثير يا دكتور والله لا زم هيك الحكي يكون والتفصيل الصحيح للتعديلات الدستورية لحتى المواطن يفهم مش زي البعض بده ينتقد بس لاجل الانتقاد اشكرك جدا على التوضيح القانوني الرائع ونحن بحاجه لمثلك كي يوضح الامور للشعب الذي يجهل التعبيرات والصيغ القانونية

  • 6 الدكتور الحموري ضيف جوسات الليلة 21-08-2011 | 05:22 PM

    تستضيف قناة جوسات الليلة الساعة 11 مساء الدكتور الحموري حول التعديلات الدستورية

  • 7 محمد الخالد 21-08-2011 | 06:55 PM

    هذا بيان للناس..... بل هو بيان" لرئيس الوزراء والسادة الوزراء, باعتبارهم الجهة الدستورية المسؤولة التي تبدأ منها التعديلات".

  • 8 عيسى غرايبة 22-08-2011 | 04:22 AM

    شكرا دكتور لهذا التوضيح الجيد والذي يجب ان يقرا من اصحاب العلاقة ومن ابناء الشعب ليعرف كل واحد ما يدبر له بليل.
    ثغرات كثيرة وتعديلات كثيرة ولكنها لا تمس جوهر المعادلة


تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :