facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




ورقة اخرى من كتاب مغلق


خالد محادين
09-09-2007 03:00 AM

عبثا هذا الذي تحاوله تضع المسدس بين اصابعي، توجه الفوهة نحو رأسي، تنهض في وقارك الكاذب وتجلس امامي على مسافة نصف عام او نصف شهر او نصف اسبوع او نصف ساعة او نصف دقيقة او نصف وطن، تضغط باصبعك المرتعش على آلة التسجيل، يرتفع صوت جوليا بطرس عن الجنوب الجائع الظامئ، يرتفع صوتك ان اضغط على زناد المسدس، او ضع رأسي عن كتاب بين يدي، وابتسم: ايها الصديق دعني اولا اقرأ لك اخر قصائدي، ابدأ بالقراءة، ابدأ بالغناء، ابدأ بالصلاة، يستفزك غنائي عن السنوات التي لم تأت تكاد تهتف لي: لماذا لا تلتزم الصمت؟ لماذا لا تضغط على الزناد؟ لماذا لا تترك هذه الرصاصة تفتح في رأسك ثقبا في استدارة فم طفلة عربية تتسلق نخلة في البصرة او زيتونة في القدس؟ لماذا لا تترك لدمك ان يسيل هادئا هادئا هادئا مثل دموع امرأة نهضت في الصباح فلم تجد عاشقها عند رأسها، اطلت من نافذتها فرأته يركض عنها بينما القصائد تتطاير من قلبه وجيوبه.(2) كنت اعتقد انك بعد كل هذه السنوات لم يعد هناك صفحة لم تقرأها في كتابي، وانك بعد هذه الصحبة والركض بين العواصم التي احببناها لم اغادر وحدي في رحلة، ولم نكن معا، كنت اعتقد وانت تشدني الى صدرك انك ادركت ان هذا الذي اتعب خطواته لم يتعب خطوة واحدة مني، وان هذا الكبد الواهم قد يدفعني الى لحظة يأس او لحظة خوف او لحظة كراهية، كأنني على امتداد سنوات العمر من الطفولة المتقدمة في الشيخوخة الى الشيخوخة المتقدمة في الطفولة أحنيت رأسي مرة واحدة او سمحت لهذا الجسد ان يتعب قلبي او يتعب قصائدي او يتعب خطواتي.

عد ايها الصديق وتوقف عند كتابنا- وكن شجاعا في مواجهك لحظة خوفك واقرأ كيف اواجه لحظات تعبي، وافعل كما افعل كل صباح عندما اقف امام مرآتي حتى لا ارى وجهي في زجاج مكسو بالندى، كنت اغافل من حولي وابتسم متسائلا: يا الهي متى كنت بهذا العنفوان؟ متى كنت بكل هذا الجسد الذي يحمل المدن والقرى؟ متى كان لي مثل هذا البريق في عيني وهذا الماء الدافىء يغطي كل وجهي؟ ثم تمد نحوي مسدسا محشوا بالرصاص لاطلق الصمت والرحيل على ما تبقى من العمر، هل تبقى يوم؟ يا الهي ما اطوله. هل تبقى عام؟ يا الهي ما اطوله، هل تبقى دقيقة؟ انها لي وهي تكفي للنظر من النافذة على عمان وبغداد والقدس.

وتكفي لكتابة قصيدة او بيتين من الشعر، وتكفي لشرب كأس من الماء المتدفق الى القلب من الوطن، وتكفي لاحتضان عشرة اصدقاء والشد على اصابع عشر نساء والمرور باصابعي على جدائل عشرة اطفال، وتكفي للجلوس وكتابة رسالة اخيرة للذين خذلوني فلم اغضب من واحد منهم، فقد انصفني واحد وسيعرف ذات يوم انهم وضعوا بين اصابعي مسدس احدهم وعندما لم اضغط على الزناد فعلوا ذلك.

(3) ايها الاصدقاء الكثر الذين كتبوا لي دون ان اعرفهم او التقي بهم ذات يوم، ايتها النساء الجميلات اللواتي وقفن عن يساري وعن يميني وخلفي حتى لا تمتد نحوي سكين رجل او امرأة استفز احدهما كل هذا الحب الذي منحني اياه اصدقاء كثر لا أعرفهم. وها نحن معا نسير في الشوارع ونجلس على الشرفات ونتابع الاخبار ونستمع الى (فيروز) و جوليا بطرس و ماجدة الرومي وتلال عمان السبع التي تضيء الازقة والبيوت والزوايا المزدحمة بالكتب ورسائل العشق وهذا الخوف الذي يدعو الى السخرية من رحيلي قبل موعد الاقلاع، حتى اخر عام واخر شهر واخر اسبوع واخر يوم واخر ساعة واخر دقيقة واخر ثانية واخر مسافة زمنية لا حدود لقصرها سأظل محتفظا بروحي وعشقي وقلمي واوراقي ووفائي للذين احاطوني باكبادهم وهم يتابعون كبدي يجف قليلا قليلا ويصغر قليلا قليلا دون ان يدرك انني سأواصل الرحلة بعد جفافه ولو نصف دقيقة هي كافية للانتصار على فرح النهاية.
k.mahadin@hotmail.com





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :