facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




من الاستبداد إلى مكافحة الفساد


د. قاسم نعواشي
14-11-2011 02:40 AM

حين تستيقظ الشعوب لمكافحة فساد تفشى على مدى عقود بسبب استبداد حفنة من كبار المسؤولين، وحين تتحرك لتنفض عن نفسها ذل استعباد مجموعة من المتنفذين للعباد وخيرات البلاد، لا تتجه أنظار الناس إلا إلى مؤسسة واحدة ألا وهي "هيئة مكافحة الفساد"، وكأنه بحكم اسمها يجب أن تقتصر مسؤولية مكافحة الفساد عليها وأن نتجاهل أدوارا غائبة من جهات عديدة. نعم لقد كان استبدادا حقيقيا لم تواجهه الدولة سوى بتغيير الوزرات كعمليات تجميلية لا تغير من حقيقة الوضع. فعلى مدى العقود الماضية تراكمت لدينا خبرات مريرة، عشنا خلالها تجارب استبد فيها وزراء ورؤساء وزرات بالبلد ومؤسساته وشعبه، ولن ننسى ذاك الذي استبد بنا فملأ جيوبه بمليارات المال العام، وبعد أن أقيل يأتي ابنه ليكمل المشوار، ثم يعود الأب ليستبدنا من منبر جديد.

لم تكن فكرة تأسيس هيئة متخصصة لمكافحة الفساد مجرد وجهة نظر قدمها أحد رؤساء الوزارات الأردنية أو رئيس الهيئة في زمن ما، وإنما جاءت وفق توجه عالمي لمواجة ظاهرة الفساد التي هي ألد أعدا التنمية والإصلاح والديمقراطية. فحين ينتشر الفساد في معظم المؤسسات العامة والخاصة، ويصبح ممارسة يومية يعتاد عليها الناس بحيث لا تصبح الرشوة والواسطة واستغلال المنصب سلوك مستهجن؛ وإنما جزء من الثقافة السائده فى المجتمع، عندها تصبح الدولة أمام خيارين: إما أن تفرض آليات جديدة لمكافحة الفساد؛ وإما أن تصبح الحياة فوضى فيخرج الناس على النظام ويستبسل الفاسدون في قتل الأبرياء، كما هو الحال في دول ليست عنا ببعيد. لذا، لا زلنا نستمع بين الفينة والأخرى بقايا المدافعين عن استبداد المتنفذين وسطوة كبار المسؤولين على المال العام وحقوق الآخرين، فهم يخرجون علينا لينتقدوا المهام والصلاحيات والمخصصات المقدمة للهيئة والتشكيك في كفاءة كوادرها.

إن اتفاقية وإعلانات الأمم المتحدة لمكافحة الفساد والتي بدأت بالصدور منذ عام 1996 لم تتحدث عن مؤسسة بعينها لمكافحة الفساد بل جعلت مكافحة الفساد استراتيجية ينبغي أن يشارك في ترجمتها كافة أفراد المجتمع ومؤسساته واشارت إلى ضرورة استحداث مؤسسات وفق مقتضيات الحال. ومن العجيب أن تجد من يستكثر المخصصات المالية والبشرية لموظفي هيئة مكافحة الفساد على قلتها، ويدعي بأنها تستهلك ميزانية البلد! إن ما يتم تخصيصة من مصادر مالية وموارد بشرية لهيئة مكافحة الفساد لا يعادل عشر ما يتم تخصيصه لبعض الجهات الرقابية التي تقوم بعمل معاكس لعمل هيئة مكافحة الفساد، أي أنها بدلا من أن تراقب لتطبيق القانون توفر غطاء للفاسدين، فمثلا موظف في هيئة المكافحة يتقاضى راتب 600 دينار ومثيلة في هيئة أخرى يتقاضى 3500 دينار، فلنكن منصفين ولا نبخس الناس أشياءهم رغم قلتها. إن الكوادر الحالية في هيئة مكافحة الفساد أصبحت اليوم على درجة عالية من الاحتراف، ولا يغرنكم قلة أو تأخر النتائج لغاية الآن، فربما يكون جارك خياطا ولا تسمع صوت ماكينة الخياطة لعدة أيام، فهل يعني هذا أن الخياط غير موجود؟ ربما أنه منشغل بالقياس والقص والرثي، ونأمل أن نسمع بالنتائج عن قريب حين نرى بعض الفاسدين الذين اختلسوا عشرات الملايين مصفدين خلف القضبان بعد استرداد الأموال التي اغتصبوها.

لا شك أن القضاء يمتلك خبرة كبيرة، ودائرة الادعاء العام التابعة لمكافحة الفساد تضم خيرة الشرفاء الأردنيين الذين يتمتعون بحيادية تامة؛ إلا أن معظم القضايا التي تتولاها لجان التحقيق جاءت إلى الهيئة لأسباب منعت من ذهابها إلى القضاء مثل أن كثيرا من المواطنين أو الموظفين ليس لديهم استعداد للذهاب إلى القضاء إما خوفا من أن يلحق بهم أي أذى أو عمل انتقامي من رؤساهم أو مدرائهم أو لأنهم لا يملكون القدرة المالية أو الإلمام بأبعاد القضية وتبعاتها القانونية، فيمتنعون عن ذلك. كما أن هيئة مكافحة الفساد تقوم بدور يكمل عمل جهات أخرى حيث تتلقى ملفات قضايا من الجهات الرقابية مثل دائرة مراقبة الشركات التي تقوم بالتدقيق في حدود قانون الشركات، ثم تحيلها إلى هيئة مكافحة الفساد لمتابعة التحقيق عند ورود شكاوي من المواطنين.

لقد حدد القانون وبشكل صريح أدوارا ومهام هيئة مكافحة الفساد، ولكن هناك أدوار مكملة لعمل الهيئة ينبغي أن تقوم بها جهات أخرى ولكنها لا زالت مقصرة أو غائبة، ولهذا نحن نلحظ هذا التأخر الظاهري في نتائج عمل هيئة مكافحة الفساد. فبدلا من النقد السلبي لهيئة مكافحة الفساد، علينا أن نفكر بكيفية تفعيل الأدوار التكميلية التي ينبغي أن تمارسها مؤسسات المجتمع المدني، ومجلس النواب، والإعلام، ولجان الحوار الاقتصادي، والجهات الرقابية مثل هيئة الأوراق المالية. إن آليات وبرامج عمل هذه الجهات بحاجة طارئة ومراجعة شاملة لتفعيلها والارتقاء بدورها في مكافحة الفساد.





  • 1 نشمي 14-11-2011 | 10:07 AM

    بالنسبة للمال العام وموؤسسات الدولة فأعتقد أن مكافحة الفساد أصبحت ظاهرة تتباهى بها الحكومات من أجل الظهور بمظهر حسن وحضاري أمام الهيئات الدولية وخاصة في الدول التي تعتاش على المعونات والهبات نظراًلإستياء الدول المانحة من إهدار المال دون حسيب أورقيب... أما في حالة الشركات المساهمة العامة فأعتقد أن طمع وسذاجة المساهمين هو ماأسهم في فسادها، فالعديد من صغار المساهمين يشترون الأسهم بناء على معلومات مستقاة من أقارب أو معارف دون أدنى دراية بأليات عمل السوق وتوابعها ناهيك عن عدم درايتهم بأبجديات التحليل المالي والسوقي.
    الجدير بالذكر أن البورصة هي عبارة عن مقامرة شرعية فالكثير ربح وإعتاش منها في السنوات التي سبقت الأزمة المالية العالمية في عام 2008 ولم يكترثوا بقرأة أو تحليل أي من ميزانيات الشراكات التي ساهموا فيها، ولكن للأسف عندما بدء السوق بالتهاوي إستفاق صغار المساهمين بعد أن تبخرت أموالهم وألقوا اللوم على مجالس الإدارة لأنه وكما هي طبيعتنا كعرب نفضل أن نلعب دور الضحية دائما لأننا لانملك الجرأة للإعتراف بأخطائنا وتحمل المسؤولية... وكما يقول المثل - مين فرعنك يافرعون؟ قال مالقيت مين يردني - والله الموفق

  • 2 الدكتور سامر ابو كف 14-11-2011 | 11:15 AM

    تحليل دقيق ورؤية شاملة.
    تحتاج من الحكومة التوقف عندها إن ارادت لنفسها النجاح وتحقيق الاصلاح - فمكافحة الفساد استراتيجية شاملة لا تقف عند هيئة او مؤسسة واحدة. يجب على الحكومة التركيز على ما ورد بكل دقة خاصة تفعيل دور
    مؤسسات المجتمع المدني: بدلا تحجيمها
    مجلس النواب: بدلا من تزويره واغلارقهم بالعطايا.
    الإعلام: بدلا من تكميمه
    لجان الحوار الاقتصادي: بدلا من الضحك على الذقون.
    الجهات الرقابية مثل هيئة الأوراق المالية: تغيير رئيسها لأنه يعطل دور الهيئة الرقابي.

  • 3 خولة حطاب 14-11-2011 | 01:44 PM

    لابد وأن نكون واقعيين نوعًا ما ونسمي الأشياء بمسمياتها، ونسمي هذه الهيئة هيئة الحد من الفساد، فهذا أكثر واقعية من مكافحته. كل التحية دكتور قاسم.

  • 4 ياسر 14-11-2011 | 01:47 PM

    يقولون ان تشعل شمعة خير من ان تلعن الظلام الف مرة، والصحيح اننا بحاجة في هذا البلد الطيب الى امثال د قاسم النعواشي ليبث الامل من جديد الى نفسياتنا المحطمة بان هناك امل في مكافحة الفساد والاصلاح وانها ( ان خليت بليت ) شكرا للنعواشي على الكلام الطيب.

  • 5 اميرة المحيسن 14-11-2011 | 02:11 PM

    يقول الكاتب *فربما يكون جارك خياطا ولا تسمع صوت ماكينته لعدة ايام فهل يعني هذا ان الخياط غير موجود * ويجيب ربما انه منشغل بالقياس والقص والرثي لاحظ الكلمة الاولى التي تم استخدامها في اول سؤاله و اول جوابه *ربما* يعني حتى هو مو متاكد شو بيعمل الخياط بالتحديد وبناء عليه * ربما * يكون الخياط يخيط ثوبا دسما .....

  • 6 بركات العـزام 14-11-2011 | 05:07 PM

    شكرا يا دكتور قاسم. فنحن ما نعرفة هو القليل من الجهود التي تبذلها هيئة مكافحة الفساد من اجل تدمير قوى الشر في الاردن. لنعلم جميعا ان الفساد المالي في الاردن هو أكثر خطرا علينا من اكثر التنظيمات السياسية تطرفا.
    والمطلوب من الحكومة هو تقوية وتعزيز ودعم جميع من تم تكليفهم بمكافحة الفساد.
    ولكن يبدو ان محور الشر المتثمل بكل الفاسدين يسعى بما يملك من جاه ومن مال منهوب لتدمير الجهات الشريفة التي تعمل من اجل احقاق الحق.
    ان نتائج العمل لهيئة مكافحة الفساد او غيرها هي التي تقوي شرعية وجودها.

  • 7 هشام النعواشي 28-11-2011 | 06:37 PM

    أصبت يا عماه . تحليلٌ دقيقٌ بلغةٍ سلسة يُشفي الغليل

  • 8 مازن 12-12-2011 | 01:40 PM

    ان الفساد العدو الأول الذي يقف في وجة التمدن والعمران وينشر الجهل والتخلف و الفقر ويدمر الأنجازات العصرية للدولة وأذا أستمر دون تصدي فهو مؤشر على نشر الفوضى والأنفلات ويطي فكرة للذين يتابعون الأحوال من الخارج بأن الدولة على وشك الأنهيار لعدم المقدرة على مواجهته ويعطي أنطباع وصوره عن حالة الوهن والضعف الذي أصاب مؤسسات الدولة ويولد شعور لدى المواطنيين بأن أموالهم وممتلكاتهم ومستقبل أولادهم في ستؤل الى المستقبل المجهول بفعل الفاسدين ويدمر ثقة المواطن بمؤسسات الدولة ويقتل الطموح والإبداع وينشر ثقافة الفساد في المجتمع


تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :