facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




ضَوعة الطُيوب


محمد رفيع
13-09-2007 03:00 AM

للعطر أسرار. وأول اسراره انه لا ينتشر . بل يضوع . فالعطر اذا جُمّع او أُعتقل صار طيباً . أما اذا ضاع فانه يستحيل الى سحر من الطيوب .حرية الطيب في ضوعته . وهي ضوعة اقرب الى الضياع، منها الى جوهر الحرية. والسر الأكبر هو في اعتقال العطر وأسره. ولكن كيف..؟!.

ضعف العطر يكمن في جوهره كرائحة. وهي مكمن قوته ايضاً. فمن شكل الضعف، ما عليك سوى ارخاء القيود قليلاً. بحيث تبدو الرائحة المربوطة (!) كأنها محتفظة بحريتها. حينها، تتحول الرائحة الى بوصلة للجهات. فيصير للرائحة شمال او جنوب. وبها يمكن الاستدلال على مشرق الشمس ومغيبها ايضا.

في امكنة خاصة، من هذا الكون، وفي حقول البوح، وحفلات الاعتراف. تبدأ رحلات قتلة وقراصنة ، ارتدوا ازياء عطارين ، مع الرائحة، الباحثة عن حريتها او ضياعها .

فهناك، تبدأ رحلة تجريد الكلام من رائحته. كلام بلا جُمل شميّة ، يحيل مواد الحياة الاساسية الى اشياء لا رائحة لها. وفي حقلي الاخلاق والفلسفة، تصبح مفردات القانون، الضمير، المسؤولية، الرب كلمات بلا رائحة. وبالتالي لا تُحس ولا تُسمع ولا تُرى ولا تستساغ، وبالطبع لا تُشّم.

يُقال ان باريس قلعة الروائح . اذ لا يحتاج المرء فيها للسير في الظلام الى ضوء او فانوس. وما عليه سوى ان يتحول الى خفاش يشم. ويحدّق باستدارتي أنفه..(!!).

وقد لا نخطئ، اذا قلنا ان العرب هم من دشنوا مملكة الروائح السحرية . ليس بعود الندِّ والعنبر والمسك فحسب. بل بوضعهم دستوراً ل عطاري الحياة ، على اختلاف انواعهم، ينص على ان رائحة المرء هي روحه . ومن هنا، تأتي محاولات الأفراد في الحرص على امتلاك رائحة شخصية . بل واكثر من ذلك، فقد استعاروا من العطر جماله، ومنحوه بسخاء اسماً ابدياً للعطر: الطيب .

وبلا ضجرٍ، تُمعن احدى اندلسياتهم في عمق المعنى: لا تسألوني ما اسمه حبيبي/ اخشى عليكم ضوعة الطيوب . فالطيب، في تلك الاندلسية، اذا ضاع او تضوع ، فانه يتكدس في الدروب . وما على الباحثين عنه، سوى استبدال الرائحة بالبصر، ليرونه بدلا من شمه: في ضحكة السواقي ، او في رفّة الفراشة اللعوب ، او في البحر.. ، او في تنفس المراعي ، او في ادمع الشتاء حين يبكي ، أو في عطاء الديمة السكوب .

كل تلك الخيارات اتاحها العرب في ثقافتهم بدائل عن البحث الحقيقي عن ضوعة الطيوب . لا لشيء، الا لانهم يدركون ان الروائح الحقيقية لا تستطيع امتلاك حرية ضوعتها ، الا اذا انكسر الإناء..!؟.

FAFIEH@YAHOO.COM





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :