facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




إضراب الموظفين وشرعيته


د. جودت المساعدة
09-02-2012 01:18 AM

كثرت في الآونة الاخيرة إضرابات عديدة بين طوائف مختلفة من الموظفين الممرضين والمعلمين وغيرهم للمطالبة برفع رواتبهم أو إعادة النظر بتسمياتهم الوظيفية ولتسليط الضوء على ماهية الإضراب وشرعيته, فإنني ارتأيت أن أتناول هذا الموضوع بإيجاز, فالإضراب لا يكون القصد منه التوقف الدائم عن العمل بل التوقف لمدة معينة بقصد تحقيق أغراض أو أهداف معينة.

ومن الرجوع للتشريعات ذات الصلة, يتبين أن الإضراب ليس حقاً مشروعاً للموظفين في جميع الدول، بل إن المشرع الأردني يعتبره جريمة يعاقب عليها القانون, كما أنه يشكل مخالفة تأديبية تستوجب الملاحقة التأديبية والتي قد تؤدي إلى فصل الموظف وذلك انطلاقا من فهم ومبررات لـها موجباتها من أن الإضراب يؤدي إلى تعطيل المرافق العامة للدولة، والضغط على إدارات الدولة المختلفة من خلال التوقف عن العمل للاستجابة إلى مطالب الموظفين المضربين والتي تؤدي بطريقة مباشرة إلى انتشار الفوضى والإخلال بالأمن العام والإضرار بمصالح الدولة والمواطنين على حد سواء ويتعين التعامل معه بحكمة وعقلانية وعدالة وإنصاف.
أما الدول التي أجازت للموظفين بموجب تشريعات أصدرتها لـهذه الغاية واعتبرته حقاً لـهم، فإن هذا الحق لم يرد على إطلاقه، بل وردت عليه العديد من القيود والضوابط لتنظيمه بحيث لا يكون أداة بيد الموظفين لتعطيل المرافق العامة بالدولة، بقصد تحقيق غايات وأهداف مهنية أو تحقيق أهداف سياسية للضغط على الحكومة للتراجع عن موقف معين أو إلغاء أو تعديل تشريع ، كما تم استثناء مرافق حيوية معينة من ممارسة حق الإضراب الممنوح للعاملين في مرافق الدولة المختلفة.

إن الاعتراف للموظفين بحق الإضراب لا بدَّ وأن يسبقه توافر آليات تعمل على تثقيف ونشر الوعي الوطني بين الموظفين، بحيث يكون الموظف على قدر كبير من النضج والشعور بالمسؤولية ومعرفة إمكانيات الدولة وقدراتها والتحديات التي تواجهها، وأن لا تسيطر على طبقة الموظفين الأنانية والتي تتعارض وتصطدم مع المصلحة العامة أو أن تكون مطالباتهم ضرباً من الخيال، أو مقارنة غير منصفة مع الدول العربية أو غيرها لأسباب عديدة لا داعي لذكرها.

إن الوعي والقدرة على التفكير لدى الموظف ووجود نقابات مهنية وأحزاب وطنية، وتشريعات وظيفية منصفة يتصفون القائمون عليها بالكفاءة والعدالة والنزاهة، فإنها بتقديري تكون بديلة عن الإضراب لتحقيق مطالب الموظفين المشروعة، حيث أن الإضراب يكون وسيلة في بعض الأحيان لنشر الفوضى والأضرار بالمصلحة العامة والذي من خلاله يندس الكثيرون من الجماعات المناوئة للدولة والتي لها أجندتها والتي قد تكون غير وطنية وهذه الجماعات تعمل على التحريض على الإضراب ودعمه وتغذيته بوسائل عديدة.

لقد حرم المشرع الأردني الإضراب وجرم من يقوم به أو المحرضين أو المتدخلين، ما دام توجد نقابات مهنية ترعى شؤون الموظفين وتوجد أحزاب بإمكان أي موظف أن ينتسب إليها، ولكن وبصدق فإن التشريعات الوظيفية المطبقة في الأردن ما زالت غير كافية للوصول بالموظفين إلى غاياتهم وطموحاتهم المشروعة، بل لا بدَّ من إصدار تشريعات وظيفية جديدة أو تعديل المطبقة حالياً، بحيث تحقق العدالة والمساواة بين الموظفين، وتطبق بنزاهة وحيادية, فإن ذلك سيترتب عليه الوصول إلى جيل وقيادات من الموظفين، يكون مؤهلاً وقادراً على تسيير أمور المرافق العامة للدولة بانتظام واضطراد، حيث بتوافر هذا الجيل الواعي من الموظفين، يكون حافزاً للدولة للسماح للموظفين في الإضراب، إضراباً مقيداً ومنظماً ومبرراً تكون لـه أهداف مهنية حصراً، ويكون هذا الحق وسيلة لإبعاد الموظفين من الانخراط في جماعات متطرفة معارضة للدولة وهذا ما قامت به الدول الأوربية، إذ لم تقم بإعطاء حق الإضراب للموظفين دفعه واحدة، بل مرّعبر مراحل طويلة استغرقت عشرات السنوات وعندما توصلت تلك الدول إلى قناعات تامة من وصول الموظفين إلى درجة عالية من النضج والوعي تم منحهم هذا الحق.

وأخيراً يمكن القول أن التشريعات الوظيفية المتطورة والعادلة، والتي يتم تطبيقها من أشخاص مؤهلين ويتمتعون بالكفاءات والولاء الوطني والعدالة مع وجود قضاء حر ومستقل ومؤهل، فإن إضراب الموظفين او التلويح به سيتراجع، ما دام أن الغاية من الإضراب تتحقق من خلال التشريعات الوظيفية المطبقة، كما أن اشتراك النقابات المهنية في اللجان الوظيفية والاشتراك في إعداد التشريعات الوظيفية وتعديلـها سيساهم إلى درجة كبيرة في عدم مطالبة الموظفين بإصدار تشريع يجيز لـهم الحق بالإضراب وعلاوة على ما تقدم فإنه لا بد من إعادة النظر في الحقوق السياسية للموظف المعمول فيها، من حيث توسيع قاعدة هذه الحقوق وتنظيمها في ذات الوقت ، وذلك من خلال التوفيق بين مصلحة الموظف العام في التعبير عن مطالبه المشروعة بحقوقه عن طريق ممارسة حقه بالإضراب ومصلحة الدولة في الحفاظ على قاعدة حسن سير المرافق العامة بإنتظام واطراد, ونتمنى أن تتوصل الحكومة إلى حل عادل يحقق مصالح الموظفين ومصلحة الدولة على حد سواء, لا يترتب عليه زيادة العجز بالخزينة أو يرتب عليها ديوناً إضافية يدفعها الموظف والمواطن حاضراً ومستقبلاً على حد سواء, وأتمنى أيضاً على إخواننا الموظفين بمختلف طوائفهم التوقف عن الإضرابات أو الاعتصامات حرصاً منهم على أبنائنا ووطننا ووضع حد للضرر الذي لحق أو سيلحق, لأن الوطن والمواطن تضرراً أو سيتضررا أكثر من الموظفين مع التأكيد والحرص على حقوق الموظفين وذلك تطبيقاً للقاعدة الشرعية التي تفيد الضرر الأشد يدفع بالضرر الأخف, وأن لا يستفيد الفاسدين والمفسدين من الإضراب حتى تتواصل وتستمر ملاحقتهم ومطاردتهم قانونياً وقضائياً وصولاً بهم إلى محراب العدالة لمحاكمتهم ومجازاتهم ولردع غيرهم أو ممن تسول لهم أنفسهم بالتطاول على المال العام وعلى مستقبل الأردنيين جميعاً.





  • 1 اردني 09-02-2012 | 10:06 AM

    ... حدا قاري قانون

  • 2 رائد بيان 09-02-2012 | 12:52 PM

    شكرا لك يا دكتور جودت.... فعلا نحن بحاجة لكل ما ذكرت.. بارك الله فيك

  • 3 ادم مساعده 13-03-2012 | 04:51 PM

    مقال قانوني رائع ومعبر الى الامام يا دكتور


تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :