facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




ترك حذاءه ومضى!


محمود منير
19-02-2012 01:45 AM

اعترضني حذاء ملقى وسط الشارع, في طريق عودتي من محاضرة نظّمتها مؤسسة ثقافية, وكأن صاحبه اختار موضعاً لافتاً للأنظار ليدّل على أثره الباقي.

أثرٌ استحقَّ وقفة وعميق نظر, فالحذاء خُلع بتمهل, ورُكن على نحو يشبه ما تعرضه محلات الأحذية على واجهاتها, مع فارق بسيط أنه ما كان ملمّعاً بما فيه الكفاية, ولم يظهر عليه كذلك الاتساخ.

"مظهر" يُذكر بوصايا منظمي حملات الترشيح للرئاسة الأمريكية, (فقليل من عناية المرشح بحذائه لا ينفّر العمال, ولا يلفت رجال أعمال, في الوقت نفسه, ما يمنح فرصة أكبر للتصويت).

"تصويت" لم يخطر ببال صاحب الحذاء, فربما لم يذهب يوماً للاقتراع على مجلسي النوّاب أو أمانة عمّان, لعدم اقتناعه بقانون الانتخاب أو لانشغاله بقضايا أكثر جدوى وإلحاحاً.

منطق الجدوى لا يغيب عن اختياره لحذائه, وإن تركه بعد حين, فالحذاء لا يحمل دمغة ماركة مرتفعة الثمن, لكنه ليس رخيصاً, ويبدو بسيطاً في تصميمه وعملياً ومريحاً.

مواصفات تشي بنوع من الحكمة والإدارة الناجحة, إلاّ أنها لم تحُل دون التخلي عن الحذاء, فربما اكتشف صاحبه أنه أخف حملاً بالاستغناء عنه, أو أن الحكمة تقتضي الخروج على عُرف, دام طويلاً, يقول بارتداء الأحذية.

وقد ترتبط تلك الإدارة الناجحة بذائقة زوجته, ما دفعه إلى التمرد على وصاية تفرض اقتناء أصول وممتلكات تُعمر طويلاً, وقرر فجأة أن يعيش اللحظة, ولا يكترث لحسابات المستقبل المعقدة.

تعقيد لا يُفقد المسألة وجاهتها, فهناك سبب منطقي دفع صاحب الحذاء لاتخاذ موقف يكلفه المشي حافياً على مرأى من الناس.

موقفٌ يُمكن تقديره, وتقدير دوافعه كذلك, بالنظر إلى تزامنه مع أحداث بارزة تبدأ بإضراب المعلمين, وفرْط لجان التحقيق بفساد برنامج التحول الاقتصادي في البرلمان, واعتصام أبناء الريشة رفضاً لاستيلاء متنفذين على أراضيهم, ولا تنتهي بمحاولات تهويد القدس المحتلة.

وربما كان الدافع شخصيا يتعلق بانكسار عاطفي, أو كآبة مصدرها دسائس زملائه الموظفين, أو تأثراً بموت بطله المفضل في فيلم سينمائي.

حذاءٌ تركه صاحبه ومضى! لا أقل ولا أكثر.

mahmoud1st@hotmail.com


العرب اليوم





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :