facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




اللوبي الإسرائيلي والسياسة الأميركية


حسن ابو نعمة
13-10-2007 03:00 AM

في مقالي الاخير، الذي اردت ان يكون هذا استمراراً لموضوعه، كانت الفكرة الرئيسية هي ان الامور ستظل مجمدة في منطقتنا الى ان يجري تغيير جذري في طريقة صنع القرار في واشنطن. ولا بأس من بعض التكرار لتأكيد بعض النقاط الاساسية: لن نشهد اي تقدم فيما يسمى بعملية السلام في المدى المنظور.. وما دامت هذه القضية، قضية الصراع العربي الاسرائيلي بلا حل، فإن مجمل القضايا الاخرى التي زعزعت امن وسلام واستقرار العالم بما فيها معضلة التصدي للارهاب ستظل بلا حلول ايضا، فهي مرتبطة ارتباطاً وثيقاً بأصل النزاع في فلسطين، ومرتبطة بالظلم الذي وقع والذي عجزت الامم المتحدة والقانون الدولي عن معالجته، والذي يتكرس كل يوم امام صمت دولي رهيب.هذا الظلم هو الذي انتشر ضرره وسمم العلاقات بين الغرب من جهة والعالمين العربي والاسلامي من جهة اخرى، وهو الذي جرّ الأديان والمعتقدات الى بؤر الصراع ما زرع الكراهية والشك المتبادل بين الامم والشعوب، فولد العنف والشر بأشكاله المختلفة، وساهم في تغذية نزعات الشر والفتنة لدى الإرهابيين.

المعادلة النافذة حالياً هي أن اسرائيل تتحكم في قرار واشنطن من خلال "اللوبي" وواشنطن تتحكم في كل ما يتعلق بالمنطقة. ولأن اسرائيل لا تريد ان تتوصل الى أية تسوية مع الغرب او مع الفلسطينيين وهذا قول وموقف معلنان، فهي تكبل ايدي اصحاب القرار في واشنطن، لذلك فإنّ عملية السلام تدور حول نفسها ولم تحقق - ولن تحقق- اي تقدم قبل ان يتحرر قرار واشنطن من سيطرة اللوبي، لكن هذا الاحتمال ليس قريباً زمنياً، ولا هو سهل الحصول واقعياً، الا اذا جاز التفاؤل ازاء الجدل الجاري حالياً، وفي اميركا بالذات حول اللوبي وتأثيره ودوره وضرره على مصالح اميركا القومية والحيوية والأمنية.

ذلك الجدل ما يزال مقصوراً على فئة صغيرة من المتفوقين والمثقفين، ولم ينتقل بعد بقوة للجماهير، كما يبدو أن الحجم المتنامي لمناهضة حرب العراق لا يربط بعد بين قرار الذهاب الى تلك الحرب ومصلحة اسرائيل البحتة، كما يقول تقرير الاستاذين ميرشايمر (جامعة شيكاغو) وستيفن وولت (جامعة هارفرد)؛ فما تزال الأكثرية العظمى من الاميركيين المطالبين بانهاء الحرب يعتقدون انها شُنّت كجزء من حرب مشروعة على الارهاب اوجبتها هجمات الحادي عشر من سبتمبر عام 2001.

كان تقرير "ميرشايمر/وولت" الذي ظهر في شهر آذار من العام الماضي، بعنوان "اللوبي الاسرائيلي وسياسة اميركا الخارجية"، قد تعرض لحملة مضادة شرسة اتهمت الباحثين بالاغراض الشريرة، وطبعاً باللاسامية.

وسبب الحملة، التي لم تنجح في قمع التقرير وفكرته، والتي ظهرت الآن بشكل اوسع في كتاب يقدر له انتشاراً واسعاً وتأثيراً بالغاً على المواطنين الاميركيين. سبب الحملة ان التقرير يُحمّل اللوبي الاسرائيلي المسؤولية الكاملة عن تورط اميركا في حربها البائسة في العراق، وفي الضغط على واشنطن حتى لا تدفع باسرائيل للتفاوض ولانهاء صراعها مع الفلسطينيين، ولاحقاً في الكتاب الموسع، يحمل المؤلفان اللوبي الاسرائيلي مسؤولية التحريض الجاري حالياً ضد ايران وسورية، كما يحملانه مسؤولية حرب الصيف الماضي على لبنان (وهي حرب فشلت وارتدت على مرتكبيها ايضا) ويحملان اللوبي ايضا مسؤولية معارضة التوصل لقرار بوقف اطلاق النار ما ادى لاستمرار حرب لبنان لاكثر من شهر.

الأكثر حساسية وخطورة من كل ذلك هو ان التقرير/ الكتاب يدحض مفهوماً راسخاً يدّعي توافق المصالح الاميركية والاسرائيلية وكأنهما شيء واحد. فالتقرير يقول انه لا توجد لا اسباب استراتيجية ولا مصلحية ولا اخلاقية ولا قانونية تلزم اميركا بتبني اسرائيل وسياساتها وتصرفاتها على هذا النحو، وان هذا التبني هو الذي حمّل اميركا تبعات باهظة وورطها في حروب خاطئة ودمّر علاقاتها مع العالم تقريباً.

ولأن التقرير موثق، ولا يدعو لتخلي اميركا عن اسرائيل، ولا يشكك في شرعية اللوبي، فقد كان له هذا التأثير الخارق وهذه المصداقية التي ثبتته في وجه كل العواصف والحملات المستمرة المضاءة.

ويشرح المؤلفان بأنهما اختارا تسمية اللوبي "بالاسرائيلي" وليس "باليهودي" كما يتردد كثيراً، لأنهما لا يعتقدان ان اللوبي يمثل وجهة نظر كل يهود اميركا او أكثريتهم بل يمثل سياسات ورغبات ومصالح اسرائيل، ولذلك اختارا له هذه التسمية.

ويدلل المؤلفان على ان اميركا لم تدعم مصالح اسرائيل فقط، بل وضعتها في المقام الاول قبل مصالحها. ان تقرير ميرشايمر وولت هو الجهد الاكبر والاهم الذي يتعرض لمسألة كانت لسنوات عصية على المناقشة ومحظورا الحديث فيها، لكنه ليس الجهد الوحيد، فهناك كتاب الرئيس كارتر الذي وصم اسرائيل بالتمييز العنصري "الابرثيد" وتعرض هو ايضا بدوره لأفظع الهجمات والتشهير. ولكن كتابه احدث مع ذلك، كما هو مقدر ايضا لكتاب ميرشايمر/وولت، هزة كبيرة في ضمير الاميركيين.

هل تؤدي هذه التحركات الفاعلة على محدوديتها الى ايقاظ الرأي العام الاميركي لحقيقة خطف سياسة اكبر واعظم دولة في العالم من قبل دولة معتدية وخارجة على القانون، وتشكل تصرفاتها عبئاً سياسياً ومالياً واخلاقياً مكلفاً على اميركا؟ علينا ان ننتظر التطورات.

وقد يكون للتوقيت تأثيره ايضاً. فهنالك غليان حقيقي في اميركا نتيجة الخسائر الباهظة في ارواح الجنود الاميركيين, وغيرها من الخسائر المالية، من جراء حرب يتضح للاميركيين انه لم يكن لها اي مبرر.. ماذا سيكون موقف هذا الاميركي سواء من فقد عزيزا عليه في حرب عبثية، أو من لم يفقده ماذا سيكون موقفه عندما يعلم ان الحرب شنت بناء على رغبة ومصلحة اسرائيلية؟

قبل ان انهي هذا المقال، اود ان اشير لمقال بعنوان "من يخاف اللوبي" للكاتب الاميركي "راي ماكغفرن" (الذي عمل محللاً في وكالة الاستخبارات المركزية CIA لمدة 27 سنة ومنذ عهد جون كندي) في (انتي وور 6/10/2007) يقول ماكغفرن: أن الكل يخشون اللوبي، الجمهوريين والديمقراطيين والليبراليين، وان عامل الخوف محسوس وملموس ولا علاقة له بحزب دون آخر. ويضيف أن اللجنة الاميركية الاسرائيلية للشؤون الامة AIPAC تتباهى باستمرار بانها اكثر منظمة لوبي تأثيرا على السياسة الخارجية الاميركية في الكونغرس، وانها اثبتت هذه القدرة مرة بعد أخرى.

ويستشهد الكاتب على قوة اللوبي بقدرته على قتل حقيقة مرعبة وقعت في 8 حزيران 1967 عندما هاجمت إسرائيل عمداً سفينة التجسس الاميركية (ليبرتي) بقصد اغراقها وقتل كل من عليها مع العلم المسبق بأنها سفينة اميركية تابعة للبحرية الاميركية. ولم توقف اسرائيل هجومها بالطائرات والصواريخ البحرية الا عندما علمت بتدخل الاسطول السادس وارسال مقاتلات لحماية السفينة المنكوبة التي كانت عندئذ قد تعرضت لهجوم استمر ساعتين، واودى بحياة 34 بحاراً ممن كانوا عليها.

ونتيجة لتأثير اللوبي أُجبر كل من عرف بهذه الحقائق على كتمانها على مدى اربعين سنة، واكثر من ذلك قامت وكالة الامن الوطنية National Security Agency باتلاف التسجيلات الصوتية والمخطوطات التي كان قد سمعها وقرأها المحللون والتي حملت الادلة البعيدة عن أي شك بان الاسرائيليين كانوا على علم كامل بما فعلوا، لكن هذه الحقيقة القبيحة بدأت ايضا تظهر الآن - وبعد أربعين سنة- في مقال للمحقق الصحافي المعروف جون كرودسون نشر في مطلع هذا الشهر في جريدتي شيكاغو تربيون وبالتيمور سن.

هل من دليل على قوة وتأثير اللوبي الاسرائيلي أكبر من قتل جريمة كهذه! وهل من دليل على عدم تطابق المصالح الاسرائيلية الاميركية بل وعلى تناقضها من ان ترى اسرائيل ان من مصلحتها اغراق سفينة معلومات استخبارية اميركية وكانها لألد أعدائها!

تدلل هذه الحقائق على شيئين متناقضين: قوة تأثير اللوبي من جهة، وخطورة وعواقب اكتشافه من جهة ثانية. النتيجة لن يتغير شيء في واشنطن، ولا في منطقتنا قبل ان تتغير هذه المعادلة.

* الكاتب سفير الأردن السابق في الأمم المتحدة





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :