facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




لماذا ندفن فرساننا مرتين .. ؟!


أ.د عمر الحضرمي
18-04-2012 03:19 PM

تقول كل الأدبيات الإنسانية، إن الدولة التي تريد أن تصنع حاضراً مجيداً، لا بد وأن تقرأ ماضيها بكل عناية. والتي تريد أن تصنع مستقبلاً مشرقاً، عليها أن تدرس حاضرها بكل حرص وجدّية. أي أن ماضي الأمة، الذي نسميه «التاريخ» هو المرتكز الذي يجب أن نحترمه ونجلّه وننطلق منه، سواء من حيث وضعه في مكانته السامية، أم من حيث تعظيم رجاله وإبقاؤهم في ذاكرة الوطن والناس والأرض، وتعليم الأجيال سير البنّائين الأوائل الذي حرثوا الأرض بضلوعهم، وسيّجوه بنور عيونهم، وهجروا النوم وهم يحرسون ثغوره، وزرعوا وجوده بشرايين قلوبهم. هؤلاء الذين خزّنوا في رحم الأيام تجارب هائلة، بعد أن جعلوا الوعر مرجاً والحَزَنْ سهلاً، ومع كل هذه التضحيات، وبالرغم من عِظَمِها فإنهم كانوا يحسّون أنهم مقصّرون، وأن الوطن «يستاهل» أكثر من «هيك».

هؤلاء الفرسان الذي ترجلوا في مراحل متقدمة وأيام متأخرة، لم يجدوا منا التقدير الذي يستحقون. ولم نستطع أن نفيد من تجاربهم بعد أن خزَّناها في جرار العتمة، ووضعناها على الرفوف العليا.
ما قدمه هؤلاء المشيّدون هو أمر عظيم وهائل، ولكن يبدو أن الأحفاد لم يكونوا على قدر المسؤولية، فألقوا ما كان من إرث مقدّس على قوارع الطرق، وراحوا يقفزون في الهواء دون وعي. المهم عندهم أن يزينوا هندامهم، وأن يجعلوا من رؤوسهم أشبه ما يكون برؤوس الشياطين، وقد فرغت أدمغتهم إلا من تقليد أعمى، أو هروب من الواجب.

إذْهب إلى أية جامعة على اتساع البلد، وأسأل من وصلوا إلى مراتب التخرّج عن أي موقع جغرافي في الأردن له دلالات تاريخية أو عسكرية، فإنك لن تحصل على جواب صحيح، حتى لو كان بعضهم يسكن في جوار ذلك الموقع، وإنْ عَرَف اسمه، فلن يعرف مضامين أهميته. والأدهى والأمرّ، أنك لو سألت عن أيّة شخصية، كانت في يوم من الأيام تصنع لهذا النفر تاريخاً وأمجاداً واستقلالاً وأماناً وأمناً، فإنك ستسمع العجب العجاب. ومن المبكي أن تاريخنا في هذا البلد قد جُبل بدماء الشهداء والفرسان الذين دفناهم مرتين؛ الأولى يوم أن غيبّهم الموت، والثانية يوم غيّبهم إهمالنا لمواقعهم في تاريخ البلد. وفي المقابل إذا ما سألت ذات الأشخاص عن آخر صرعة في الغناء وفي الخلويات وفي السيارات فإنك ستجد نفسك أمام نهر متدفق من المعلومات المفصّلة.

أنصح كل غيور على الأردن وتاريخه وسمعته وهيبته ووجوده، أن لا يدخل في مثل هذه المغامرة. وأطمئنه أن أيّاً من هؤلاء الشباب لن يدري من هو يوسف باشا السكر أو علي خلقي الشرايري أو نمر الحمود أو سعيد الصليبي أو سليمان السودي أو سعيد أبو جابر أو ناصر الفواز أو حسن خالد أبو الهدى أو وصفي التل أو حسين فخري الخالدي، أو علي نيازي التل أو حسين الطراونة أو حديثة الخريشة أو مثقال الفايز أو سالم أبو الغنم أو سالم الهنداوي أو إبراهيم هاشم أو نجيب الشريدة أو عودة القسوس أو توفيق أبو الهدى أو شمس الدين سامي أو سعيد المفتي أو حمد بن جازي أو نجيب أبو الشعر أو صالح العوران أو رفيفان المجالي أو حابس المجالي أو عطا الله سحيمات أو بخيت الإبراهيم أو عبد الله الشريدة أو قاسم الهنداوي أو الشيخ عبد الله سراج أو هاشم خير أو ناجي العزام أو ماجد العدوان أو محمود كريشان أو خلف التل أو هاشم خير أو عبد الحليم النمر أو عاكف الفايز أو أحمد الطراونة أو وصفي ميرزا أو أنور نسيبة أو صالح المعشّر أو سليمان السكر أو عبد الله العوران أو هزاع المجالي أو حمد الفرحان أو عمر مطر أو فوزي الملقي أو الشيح محمد الأمين الشنقيطي أو فلاح المدادحة أو محمد المنور الحديد أو سعود القاضي أو سليمان النابلسي أو عمران المعايطة أو سليم البخيت أو مصطفى خليفة أو موسى الساكت أو عطا الله غاصب أو خالد هجهوج، وغيرهم الكثير الكثير. دعونا نعمل بمقولتين، الأولى أن هناك رجالاً ميّتون وهم أحياء، والثانية أن هناك رجالاً أحياء وهم ميتون، وفي الثانية يسكن كل فرسان هذا البلد، الذين نصر على أن ندفنهم مرتين.





  • 1 صدام الخوالده 18-04-2012 | 04:12 PM

    ابدعت يا دكتور

  • 2 خاتمة الكيلاني 19-04-2012 | 05:01 AM

    صحيح يا دكتور, بس هيك كتير ناس رح يزعلوا منك :)

  • 3 إشراق الصعوب 19-04-2012 | 02:09 PM

    مقال راااااااائع وأنا أؤكد على كل حرف فيع.. شكرا دكتوري


تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :