facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




بانتظار الملك!


د. هاني البدري
17-05-2012 03:16 AM

لا أعرف كم هو رقمي بين صفوف الكتاب والصحفيين الذين انبروا للكتابة عن كارثة مراكز تربية خاصة والاعتداء على طلابها من ذوي الإعاقة، بعد أن وجه الملك رسالته الغاضبة للحكومة، مُنتصراً لهم ومُنذراً بأشد العقاب لأولئك (التربويين)، فهذا هو شأننا عموماً عند الحديث عن فسادٍ أو ظاهرة أو حدث جلل يُلم بنا ويسبقنا إليه الملك.
راقبت تجليات الحكاية الجديدة، فيما كنت أُتابع وأنا في فلسطين حدثاً آخر نوعيا تَمَثل في انتصار إرادة الأسرى والسجناء الفلسطينيين والأردنيين في عسقلان وباقي السجون الإسرائيلية، بعد معركة ضارية قََضَت مضاجع (السجانين) باسم حرب الأمعاء الخاوية، ورُغماً عني ذهبت لأقرأ المشهدين.
المشهد الأول، سيدات تبدو مظاهر الوداعة والتسامح والتربية الزائدة جزءا جوهرياً من عملٍ تربويٍ وإنساني ينغمسن فيه لخدمة شريحة من الأطفال الذين ابتلاهم الله بالضعف والعجز وقلة الحيلة، هكذا تُرسم الصورة الخارجية، أما في حقيقة الأمر فلا الوداعة ولا التسامح استطاع أن يُبقي على المستور مستوراً، لتنجلي حقيقة التربية (الخاصة) ومناهجها في التعامل مع هؤلاء، بعيداًً عن الرقابة والعيون.
المشهد الثاني، وجوهٌ باهتة وأبدانٌ هزيلة أعياها التعب، وصمتٌ خلف القضبان ودعاءٌ وصلاة، وأطباقُ طعام السجان تعود كما أتت، لا تلمس، وسيماه لا مبالاة مُفتعلة يرسمها السجانون على وجوههم. وعدم اكتراث.
دون أن أعي وجدت نفسي أربط بين هؤلاء (التربويين) الذين حباهم الله بدور إنساني عظيم ومهماتٍ ورسالة، وبسلطة مُطلقة بعيداً عن عيون الحكومة ومراقبة الأهالي، وبين هؤلاء السجانين الذين كسرت الأمعاء الخاوية سلطتهم المطلقة، وقيّدَت دورهم ومهامهم، فخنعوا لاتفاقٍ يُخرجهم من الأزمة.
هنا، قوةٌ مُفرطة تتوارى وراء أقنعة الابتسام الناعم، وضعف من لا حول له ولا شأن، وهناك قوة ضاربة تَكشف عن وجهها الصارخ كل لحظة دون تردد في مواجهة عزيمةٍ أقوى لم تَختبئ وراء حاجتها اليومية في الحياة، ولم تترك للجوع أي خيارات.
هو الضعف إذن الذي يُغري طائفة كبرى منّا لاستباحة الضعفاء وممارسة أشد الفظائع ضدهم، وإنزال كل عقدنا النفسية وأمراضنا الاجتماعية وضعفنا القابع وراء ملامح مُفتعلة نرسمها كل لحظة على وجوهنا، لنُنَفس كل شيء.
وهي العزيمة والإرادة إذن، ذلك المفتاح الذي يفتح كل الأبواب، ويُغلق أيضاً كل الطرق المؤدية إلى الخلل النفسي والاجتماعي والإنساني، الذي يعتري نفوساً مريضة كتلك التي شاهدناها في التقارير الإعلامية.
عادت الدنيا مرة أُخرى أمام عيني، ومرّ شريطٌ من الصور في رأسي وأنا أُتابع لهجة الرسالة الملكية وإمهالها الحكومة اسبوعين للتحقيق في الجريمة المرتكبة ضد شريحة عزيزة على القلوب العامرة بالإيمان والضمير الحي، عُدت إلى الأشرفية، حيث مركز رعاية للأيتام قمنا بتصويره، فكانت مشاهد لا تقل إجراماً وانتهاكاً لحرمات الأطفال من تلك التي شاهدناها مؤخراً.
وقتها مات أطفالٌ بالإهمال، وسُرقت أغطيتهم وطعامهم، أتذكر تلك الوجبة الرمضانية التي كانوا يتناولونها قسراً من المياه المبللة بأشياءَ أُخرى تحت عنوان (شوربة الافطار)، شارف أطفال آخرون على الموت، كانوا كلهم في قلعة صمت بعيداً عن العيون، حتى أتى الملك الراحل الحسين رحمه الله، فانتصر لهم وكشف المستور بنفسه عبر "ستون دقيقة"، تبرع ببيته لهم وغادرت الحكومة.
لم نتغير كثيراً، ما زلنا ننتظر الملك لأن يقوم بكل الأدوار، أن يستشيط غضباً وأن يُحذر ويُحقق ويُوجه في مسائل لو كانت تحت عيوننا لما تفاقمت، كنا ننتظر الملك ليتحدث في البيئة والتلوث، حتى نملأ الدنيا برامج ومقالات وندوات وورش عمل عن البيئة والتلوث لم نتغير أبداً.
ما حدث أكد لنا أيضاً، إمكانية أن يكون لنا، للصحافة وللإعلام دور جوهري في كشف جوانب المرض والخلل، طالما أن عيون الحكومة وأجهزتها مشغولة في انتظار دورها الآتي حتماً، في أحد التعديلات والتشكيلات الحكومية الهاطلة كزخ المطر، وعيون النواب مشغولة هي الأخرى بغنائم آخر أيام الصيف، فلنعظم دورنا، ولنحَيي هذا الجهد الاستقصائي المحترف.
أما أنتم، فمشهدا القوة والضعف، يؤكدان لكم مجدداً وكل يوم، أن ما يبدو قوة في مواجهة من يظهرون ضعفاء، هو ليس حقيقيا ويحتاج منكم لتنفيس من نوع آخر.
hani.badri@alghad.jo

الغد





  • 1 محمد منور 17-05-2012 | 05:57 PM

    سلمت كلام رائع ... واضيف من لا يرحم لا يرحم كيف سيرحمنا الله وبين ظهرانينا جوعى ومرضى ومظلومين ومحرومين وأطفال تساء معاملتهم بهذه القسوة ... كيف سيرحمنا الله وبين ظهرانينا هذا النوع من قساة القلوب عديمي الضمير الذين يرتكبون اكبر الظلم ثم يطيب لهم الطعام والشراب والنوم كان شيئا لم يكن ... كيف سيرحمنا الله وبين ظهرانينا اناس لا يضيرهم ان يكون مصدر رزقهم التجارة بالانسانية وبالاطفال الضعفاء الذين هم امانة في الرقاب . واخيرا اقول الاردن واهله جميعا سيظلون بخير طالما ظلت هذه القيادة الانسانية بخير ...اجل ............ عاش الملك المعظم عاش عاش


تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :