facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




هوشة* على الموبايل وكلام في فلسفة التاريخ وأشياء أخرى


مسَـلم الكساسبة
25-10-2007 03:00 AM

"عن مسلسل الملك فاروق ومسلسل غضباتنا المضرية ولماذا دائما يصوروننا هكذا ..الخ"منذ أكثر من سبع سنوات على الأقل ، أي منذ اندلاع الانتفاضة الثانية وما تلاها من أحداث كحرب الخليج الثالثة انقطعت صلتي بمتابعة الدراما والفن بشكل شبه تام .. حيث أخذتنا تلك الكوارث التي توالت على المنطقة رغما عنا تجاه القنوات الإخبارية والحوارية وسيست خياراتنا رغم أنوفنا .. حتى أن جهاز الاستقبال الفضائي لدي مثبت على باقة من تلك القنوات : كالجزيرة والحوار والحرة والعالم والعربية وما شابهها .. أتنقل بينها متجاهلا تماما ما عداها من قنوات لها صفة الفنية أو الرياضية أو المنوعة ....الخ ، وهذا هو ما فرضته علينا ظروف منطقتنا سيما نحن أبناء هذا الجيل الممتد من حدود النكسة إلى الوكسة.. ولولا سلسلة المقالات والهبة المضرية على مسلسل الملك فاروق هنا .. لما تبادر إلى ذهني أن هذا المسلسل قد تطرق للأردن لا من قريب ولا من بعيد .. فضلا عن أن يكون قد أساء له ؟ بل ربما لم أكن لأعرف أن هناك مسلسلا عن الملك فاروق أصلا .

لكنني مع ذلك أشَـبّه هذا الذي يدور عندنا كلما ذُكِر الأردن بغير ما نهوى (بهوشة* على الموبايل) يقطعها صوت الرد الآلي : (إن رصيدك يقارب على الانتهاء فبادر لتعبئة الرصيد في أقرب وقت .. ) ثم ينقطع البث وتنتهي الهوشة ويذهب المتهاوشون كل لسبيل حاله وهو يتمتم لاعنا الخلويات والبطاقات المدفوعة مسبقا والهوش الذي طير رصيده بلا طائل ! باحثا عن اقرب محل لإعادة الشحن .. تماما هذا ما يحدث أو قريبا منه ! أو فهو مثل فزعة في حارة نائية ومعزولة لم يشاهدها أو يشعر بها إلا أهلها للرد على معركة حصلت في مدينة كبرى في مكان ناء منقولة على الهواء للعالم كله .

والتاريخ ليس ملكا لأحد ولا حتى لأصحابه أنفسهم ..إنه ملك للجميع .. ولا تستطيع أن تفرض رؤيتك للتاريخ- حتى تاريخك نفسه- على الآخرين .. فهم أحرار أن يروك كما يشاءون .. لكن تبقى هناك حقيقة واحدة هي التي تتبلور وتفرض نفسها في الأخير .

وإن تاريخ كل امة هو كوجه الإنسان ليس هو الذي يراه أو يصفه أو يصوره بل سواه .. وهذا حق للآخرين أن يروا وجهك قبيحا أو وسيما .. دون أن ينفي ذلك أن هناك حقيقة لذلك الوجه حتى لو تجنى واحد أو عشرة ففي النهاية صورتك ستبقى كما هي في حقيقتها .. أي انه وبرغم تعدد الرؤى لكن هذا لا ينفي أن للتاريخ حقيقة لا يمكن إنكارها أو طمسها لا برغبة صاحب ذلك التاريخ ولا برغبة مناوئيه أو حتى محبيه ومؤازريه .

والتاريخ مهم لا شك في ذلك .. وكذلك أبطال التاريخ وصانعيه . ومن لم يعرف أمسه لن يفهم يومه ولن يخطو بثقة نحو غده ..لكن الخطأ يكمن في تقديس التاريخ والبطل الفرد وجعل امة بكاملها أسيرة ومدينة له بل ومرات تجيير هذا الدين وتوارثه.. فهو من مساوئ الأمم التي لا تريد أن تتقدم وتكبر. وإنه كمثال لا يسيء للأتراك كتقديسهم لكمال أتاتورك وتلقيبه بأبي الترك مما يعني تصغير امة ووضعها تحت جناح رجل كالأطفال الصغار .لان تركيا كانت قبل كمال وستبقى بعده وما هو إلا أحد أبنائها مهما قدم لها يظل هو المدين .وأن يكون لشعب من الشعوب أب كما للأطفال الصغار وان يكون لوطن من الأوطان سيد فرد أو جماعة فهو تصغير لذلك الشعب وتحقير لذلك الوطن مهما كان ذلك الفرد وكانت إنجازاته ففي النهاية رغم تقدير جهده فما هو إلا فرد منتم اجتهد فحالف الحظ والظروف اجتهاده .

لقد وحد بسمارك ألمانيا ..وناضل مانديلا وقضى عمره في السجن حتى خلص امة بأسرها من الرق العنصري كما أقام زعماء الفترة الستالينية إمبراطورية هائلة كان لها إنجازات عملاقة حتى لقد سبق السوفييت سواهم من الأمم في تلك الحقبة إلى الكثير من الإنجازات العملاقة كبرنامج غزو الفضاء مثلا ..وكانت سبوتنك1 السوفييتية أول مركبة تنطلق من الأرض وتتحرر من مجال جاذبيتها للفضاء .. لكن أيا من تلك الشعوب لم يتوقف عند واحد من هؤلاء الرجال كدائن أو متفضل على تلك الأوطان والأمم..ورأينا كيف أطيح بنصب لينين وأخرجت مومياه المحنطة من عليائها لتدفن إشعارا بطي حقبة بكل ما فيها رغم أن فيها إنجازات عملاقة .. ولتبدأ الأمة الروسية عهدا جديدا ..وهكذا ليس تقليلا من دور البطل الفرد لكن بالمقابل هناك حد ما للاهتمام بالتاريخ وأبطاله بعده يصبح تمجيدا على حساب مسيرة الأمة.. فما هم في النهاية إلا أفراد حاولوا واجتهدوا لصالح أوطانهم وأممهم فواتى الحظ سعيهم وخدمتهم الظروف ونالوا التقدير الذي يستحقون في حياتهم وحتى بعد مماتهم ..وظل سجل التاريخ يحتفظ لهم بما أنجزوا .. أما أكثر من ذلك فإنه يكون إسرافا على حساب الأمة بجعلها أسيرة الامتنان لذلك الفرد أو العهد .. والأمم الدينامية ترجع للتاريخ للاستفادة منه لكنها لا تظل أسيرة في كهفه..أو متقوقعة في خانة المدين له .

والتاريخ قلنا ليس ملكا لأحد ولا حتى لأصحابه وصانعيه أنفسهم .. وليس حق سرده وتصويره هو حق حصري لأحد .. وكمثال فإذا كانت أمريكا ترى أنها حررت العراق وان جيشها قدم التضحيات للإطاحة بطاغية ونشر الديموقراطية وتخليص العالم من حرب جرثومية كانت ستقع لولا ما قاموا به ....الخ - من وجهة نظرهم بالطبع - فقد تجد بالمقابل من يرى أن هذا الجيش محتل وسفاك دماء وهو المسؤول عن مليوني عراقي قضوا حتى الآن عدا عن ملايين النخل وملايين الوثائق والآثار التي دمرت ونهبت ....الخ.

وبنفس القياس لا نستطيع أن نفرض على الآخرين أن يروا تاريخنا كما نراه نحن الأردنيون .. فهم ليسوا تابعين لنا ولا موظفين في التلفزيون الأردني أو في وزارة الثقافة الأردنية ...الخ.

والذي يريد الدفاع عن نفسه ووطنه وتاريخ بلده فليس بهذا الأسلوب البائس والمحزن الذي يزيد الطين بلة أكثر مما يرد على التهم ويدحضها ..والذي لا أخطئ حين أشبهه بهوشة في حارة ردا على معركة تدور رحاها على الهواء في مدينة ضخمة بعيدة ؟ إنهم يشتموننا في الشارع ونغضب في بيوتنا ونرد بكلام لا يقرأه ولا يسمعه إلا نحن والأولاد .

فكل مرة يتعرض بها صحفي ، هيكل مثلا ، أو قناة كالجزيرة مثلا أيضا أو مؤرخ أو محاضر أو باحث أكاديمي أو عمل درامي لأحداث التاريخ ويرد اسم الأردن فيدلي بدلوه من وجهة نظره أو عاكسا لتوجهات الوسط والمناخ الثقافي الذي تحدث باسمه وشكل قناعته من خلاله وبشكل لا يتفق مع وجهة نظر الأردنيين عن أنفسهم نشهد هبة أردنية وغضبة مُضرية ولكن في الصحف المحلية وعلى شكل زوبعة في فنجان وكلام لا يقرأه ولا يسمع به إلا الأردنيين أنفسهم بعضا منهم وليس كلهم بالمناسبة وكأنما يردون على بعضهم لا على لجهة التي يفترض أنها أساءت؟

ولا زالت في الذاكرة تلك الهبة والغضبة المضرية في الصحف والبرلمان ردا على حديث هيكل في الجزيرة .

وكم كنت اشعر بالخجل من بؤس حالنا لدى متابعتي الرجل وهو مستمر في حديثه وكأنه لم يسمع بشيء مما قيل رغم أن أحاديثه شغلت حتى البرلمان الأردني عن مناقشة الثقة بالحكومة .. فتحولوا لمناقشة أحاديثه .. وبينما بدا الأمر بالنسبة لهيكل وكأنه لا يوجد شيء من هذا .. في حين أصبح هو شغلنا الشاغل من صحف وبرلمان حوّل اهتمامه من مناقشة الثقة بحكومة جديدة إلى هيكل وأحاديثه . فبدا الموقف ذاته أكثر إساءة من حديث هيكل نفسه .

فهونوا عليكم يا بني جلدتي ..لا نستطيع أن نمنع الناس أن يدلوا بدلوهم في أحداث التاريخ من وجهة نظرهم سواء على شكل عمل درامي أو مؤلف أو حديث متلفز أو مقال صحفي أو بحث علمي أو أطروحة ...الخ .

وبدل أن نشتم العرب لماذا يروننا هكذا ولماذا يكرهوننا .. علينا أن نبحث عن السبب ..فهناك اتجاه لاحظته في المنتديات الإلكترونية اسمه كراهة الأردن وتحميله فشل وإخفاقات الأمة وقد عانيت شخصيا منه بل وبسبب دفاعي أدى إلى عزلتي في ذلك المنتدى بعد أن كنت أكثر الأعضاء نشاطا ومتابعة من قبل بقية الأعضاء. وهو اتجاه لا أعرف له سببا ؟

لا نستطيع أن نملي على المصري والسوري والعراقي والليبي أن يرى جيشنا وقادتنا وتاريخنا كما نراه نحن..
والرد الصائب ليس أن تقعد على الدرب لكل من لا يراك كما تحب بل أن يكون لك بدورك رؤيتك في تلك الأحداث ودورك في صنعها مستخدما ومستغلا نفس الأساليب والوسائط .. وأن تثبت وتبث الصورة التي تعتقدها عن نفسك مقابل الصورة التي يراها الآخر وتثبت له أنك لست كما يرى وأن المشكلة في عينيه ليس في طولك وعُرضك.

وكلما كانت قامة الإنسان أطول كان عدد الذين يرونه من مكان بعيد أكثر ..وكلما كان صوته أكثر جهورية كان عدد الذين يمكنهم سماعه من مكان بعيد أكثر .. وبالتالي عدد منتقديه أكثر ..وفقط من لا ينتقده الناس هو من لا يشعر به أحد ولم يسمع به ولم يره أحد . والناس لا يركلون كلبا ميتا . لكنهم قد يطلقون حتى الرصاص على أسد في براثنه .

ولو أن الأمريكان مثلا أرادوا أن يهبوا هبات سكسونية (على وزن مضرية) كلما ذكرت أمريكا وتاريخ أمريكا بطريقة لا يحبون ولا تتفق مع وجهة نظرهم عن أنفسهم لأشعلوا كل يوم حرب عالمية .. لأنه لا تمر دقيقة إلا ويذكر بها أمريكا وتاريخ أمريكا بسوء.

بل إن مصر ذاتها ربما لا يمر يوم إلا وتذكر في الصحف ووسائل الميديا المختلفة عشرات بل مئات المرات وليس دائما تذكر كما يرغب المصريون وهم يعرفون أن هذا لأن مصر كبيرة وقامتها طويلة وكثيرون هم الذين يرونها من مكان بعيد لطول قامتها لذا لابد أن يكون من بينهم من يراها بشكل مختلف عما يرغب به أهلها فلا يستطيعون أن يقيموا محطة للردح لكل من لا يرى مصرهم على هواهم .

الم يأن للثقافة والفن والدراما والأغنية الأردنية أن تتغير بالشكل الذي ينهض بهذه الرسالة التي لا يتم النهوض بها بطريقة الفزعات والهوش والصراخ كلما قال عنا أحد كلمة لا تعجبنا ؟

وهل يعقل مثلا في عصر الفضاء والقنابل الذكية أن مطربا أردنيا رائجا ما زال يغني للهوكر هنتر وللمدفع الذي (عيارو برن) ودبابات الجنزير .. ولا تذهب لعرس أو مهرجان إلا وسمعت صوته يلعلع بتلك الأغاني الخاوية من المحتوى.. ألا يوجد مثقفون أردنيون استمعوا لهذه الأغاني التي لا تعدو كونها جعجعة وتطبيلا وانتقدوا مضمونها قبل أن ينتقدوا الدراما المصرية أو السورية ....الخ ؟ إن فن وغناء شعب من الشعوب يدل على مزاجه وطبيعته وعقليته بل وحتى مستوى رجولته .. وهذه الأغاني لا تدل إلا على سيكولوجية ساذجة وبائسة !

أذكر كان لي صديق عراقي وهو مثقف ثقافة عميقة وبالذات في تحليل الأعمال الفنية من دراما ونصوص وكلمات أغاني ....الخ قال لي ذات جلسة أنتم الأردنيون سذج ونساؤكم أشجع .....؟

قلت له كيف حكمت هكذا حكم .. فمد يده إلى الدرج وأخرج شريط كاسيت فيه أغاني شعبية أردنية ودور الشريط على عدة أغاني أتذكر منها أغنية تقول كلماتها :

يا بنت يا اللي انتي بنية
لو فيكي من الطول شوية
لا أجيب لك عصبة وشبرية
........الخ

ثم أنه أغلق الكاسيت ملتفتا إلى وقال :

لماذا يتمنى الأردني أن تكون حبيبته أكثر طولا مما هي عليه ؟ وكأنه يعيب عليها قصرها ؟
ولماذا يريد أن يهدي لها شبرية (الشبرية نوع من أنواع السلاح الأبيض)
فالشبرية للرجال أولى من أن تهدى للنساء ..
أما زيادة الطول فهي تعني بسطة في الجسم أي قوة !
فهل يريد أن تحميه وتدافع عنه ؟
وبينما يتمنى العاشق حبيبته- والحديث لا زال لصديقي- أرق وأجمل بغض النظر عن الطول والقصر ..
ويعد حبيبته بوردة أو قصيدة.. يبحث الأردني عن امرأة طويلة ليسلحها بشبرية ؟
فماذا يريد هو بالمقابل أن تهديه ..وردة مثلا ؟

أذكر وقتها تألمت كثيرا لما قال فرددت عليه وذكرته بنماذج من الغناء الشعبي الأردني الذي يستشف منه النبل والشجاعة ؟ من مثل :

(على ضفاقك يا أردن قابلني الزين .. وما كان أسعد منا حدا احنا الاثنين ) ..و
(شدينا ع الخيل الضُّـمَّر ) ..و
(ضمة ورد من جنينتنا لاخذها واهديها من عاشق لمعشوق ) وغيرها من أغاني تطفح وتضج حماسة وصورا فنية جميلة ..
وقلت :لا تنس يا صديقي أن لنا ارض محتلة.. ونحن شعب في حالة حرب واستهداف منذ تأسس الأردن.
فالدعة والرقة ترف لا نستحق التمتع به ..لذا فالعاشق هنا يهيئ حبيبته لأصعب الظروف
فيهديها سلاح حتى إذا قتل أو استشهد عنها تكون مهيئة للدفاع عن نفسها ؟

ما أقصده من حديثي هنا هو أن الرجولة والانتصار للأوطان ليست في التزعيط والتفعيط والغوش والهوش ..والتهديد والوعيد والادعاء (( والفزعات الخالية من المعنى والمضمون)) ..الرجولة في الإنجاز والفهم والإبداع تمثل قيم الرجولة الحقة .

وحينما يجد شعب من الشعوب ثراء في التاريخ والإنجاز ورجالا يتحدث عنهم بفخر ويلتف حول سيرهم وأعمالهم عندها تصبح مهمته سهلة في حياكة صورة مشرقة لتاريخه ويستطيع أن يدعي بان تاريخه هو شيء يخصه ومن حقه أن يدعيه وحده ويصوره وحده للآخرين.

فلولا أن صانع الدراما المصري وجد أحمد شوقي وقاسم أمين وأم كلثوم وطه حسين ورفاعة الطهطاوي والشيخ الشعراوي والشيخ القرضاوي والشيخ سيد درويش وسعد زغلول وغيرهم من عمالقة في الفن والفقه والأدب والدراما ليصوغ من خلال سيرهم تاريخ مصر في أعمال درامية بل وأحيانا يتعداه ليرسم صورة للآخر . لما كان له أن يدل على الغير هذا الدلال ويعطي لنفسه حق تصوير أوجه الآخرين نيابة عنهم .. إذا لا ينعش التاريخ ويضخ الدماء النقية في عروقه كالرجال الكبار ..وبنفس القدر لا يوجد ما هو أكثر خطرا على التاريخ من الرجال الصغار سواء كانوا في مواقع الكبار أو في أي موقع الصغار سيان .. والشعب الذي لا يوجد لديه جيل من آباء كبار ورجال يتركون لمن خلفهم ما يمكنهم الاعتزاز به والبناء عليه هو شعب من العبيد والانتهازيين والمضيعين على هوامش الصفحات وأذيالها .

ورجالات التاريخ ليسوا بالضرورة هم القادة والسياسيون ورجال المال والأعمال الذين عادة ما يكونوا خلافيين وتاريخهم لا يخلو من أن تشوبه الشوائب .. إنهم أبطال الحدث الشعبيين من مفكر وشاعر وأديب وزعيم وطني ومصلح سياسي أو اجتماعي ... الخ .. إنهم أولئك الذين ليست لهم مصالح ولا شراكات بزنس وراء ولائهم وانتمائهم ونشيدهم للوطن ..الخ .. ولدينا في الأردن بدءا من التاريخ القديم المؤابي والنبطي مرورا بالتاريخ الوسيط والأيوبي وسواه وصولا للتاريخ الحديث شخصيات يمكن الحديث عنها بفخر والالتفاف حول سيرها ولتكريس حالة من الاعتزاز الوطني والقومي من علماء وأدباء ومفكرين وشعراء ومتصوفة بل ورسل حتى .. فالمسيح نفسه ويوسف النبي عليهم السلام مروا على هذه الأرض وتعمدوا بنهرها وباركوها ..وجعفر وزيد وخالد كانت لهم ملاحم وبطولات هنا .. فالأردن وطن والأردن شعب والأردن تاريخ ومن لا يرى هذا جيدا فالمشكلة في عينيه فليذهب لأقرب طبيب عيون يعالج عشى التاريخ متمنين له السلامة.

وقد كان عمل نمر بن عدوان كمثال - وإن كنت لم أشاهده لكن الفكرة- هو نموذج لتلك الأعمال التي تحاول تكريس الشخصية الأردنية بسماتها الطيبة والأريحية والمنحازة لهموم أمتها وثقافتها .

أخيرا فإن اقصر الطرق للفتك بروح شعب من الشعوب أو أمة من الأمم والسيطرة عليها هو إخماد جذوة الرجولة لدى تلك الأمة وحرمانها من أن يكون لديها رجالات وزعامات حرة تثير سيرها الفخر والحمية وتصنع القدوة والمثال ، وبث قيم وأخلاق العبيد في الأنفس من استخذاء وأنانية وانتهازية وتملق وبحث عن الصالح الفردي والآني وسواها ..أي إبقاء الرجال صغارا في أنفسهم وتطلعاتهم ..بل ومحاولة ربط وجدان ذلك الشعب بزعامات وهمية كرتونية من ذلك الصنف من صغار الرجال الذي يتم صناعتهم وتلميعهم ليكونوا كبارا على ذويهم وأهلهم صغارا أمام المستغلين والمحتكرين والمستكبرين .. وثقافة أي أمة والفن أحد أهم مكوناتها هي احد موقظات تلك الجذوة أو مثبطاتها ..وإن إيقاظ جذوة الرجولة لا باعتبارها قنوة وشوارب عريضة وعرط وادعاءات وفهلوة وانتهازية بل باعتبارها قيما وإيثارا للأمة وانشغالا أو اهتماما بشؤونها لا يقل عن الاهتمام بالشأن الخاص والتزاما مهيبا برفعتها ومنعتها يحول دون التجاسر على كل ذلك - هو احد أهم ركائز نهوض وحياة وتماسك شعب من الشعوب وهيبته في عين غيره من الشعوب .

msallamk@yahoo.com
-------------------------------------------------
*تنويه بسيط لغير الأردنيين: "هوشة" بالاردني تعني طوشة او عركة أو خناقة باللهجات العربية الأخرى أو شجار بالفصحى .. حتى لا يظنها الإخوة العرب اختصارا لاسم الزعيم والمناضل الفيتنامي هوشي منه مثلا .





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :