في الوقت الذي يستمر فيه مسلسل القتل في سوريا وتسيل دماء الأطفال في الحولة وغيرها من القرى والمدن السورية المحاصرة بأسلحة روسية الصنع وبدعم سياسي من روسيا والصين تقف الجامعة العربية على استحياء ولا تجرؤ على انتقاد هاتين الدولتين بأي شكل من الاشكال.

ومن الغريب ان تقوم المندوبة الامريكية في الأمم المتحدة سوزان رايس بانتقاد علني وشديد اللهجة موجه لروسيا كونها ارسلت سفينة محملة بالأسلحة القتالية الى سوريا قبيل مذبحة الحولة بأيام، بينما ينام العرب في دولهم الكثيرة العدد ولا يحركون ساكنا تجاه هذه السياسات الروسية المعادية للشعب العربي وفي انحاء هذا الوطن الكبير فنحن لا نرى اي استنكار او استدعاء لسفير روسيا في هذه الدول ولم نسمع اي تصريح رسمي ينتقد مثل هذه التصرفات الغريبة من وريثة الاتحاد السوفياتي العظيم وصديقة الشعوب وحليفة الطبقة الكادحة.

وقبل ايام انعقد مؤتمر في تونس تحت رعاية الجامعة العربية لتنمية وتطوير التعاون بين الصين والدول العربية وقد حاول الرئيس التونسي مشكورا لفت انتباه الصين الى موقفها الخاطىء من الأحداث في سوريا ملمحا الى ان التعاون مع الشعوب العربية اكثر جدوى من دعم الطغاة.

ان التعنت الروسي الذي يمارسه بوتين ليس مرتبطا على الاطلاق بمواقف مبدئية او ايديولوجية كما يظن البعض لكنها لعبة ابتزاز يلعبها هذا الرئيس المخضرم لإجبار الغرب وامريكا للتنازل عن بعض القضايا مثل الدرع الصاروخية وغيرها من المصالح التي تسعى روسيا جاهدة للحصول عليها من الغرب.

لذلك فانه يتوجب على العرب ان يمارسوا ضغطا دبلوماسيا واقتصاديا واجتماعيا على روسيا والصين مثل الاستنكار الرسمي والشعبي والتهديد بالمقاطعة الاقتصادية والثقافية وغيرها من الوسائل.

كما ان تزويد روسيا للنظام في سوريا بالأسلحة يعتبر خرقا للقانون الدولي في ظل عدم اقدام اي دولة على تسليح الجيش الحر؛ ما يشكل معادلة غير منصفة ويهدد امن المعارضة السلمية والمتظاهرين.

لقد حان الوقت لأن يخرج العرب من قمقمهم ويهبّون لنجدة اشقائهم جنبا الى جنب مع دول العالم الأخرى التي ابدت حزنا واهتماما بالشعب السوري اكثر منهم!!

ان قرارات مجلس وزراء الخارجية العرب الأخيرة في الدوحة تعتبر محاولة خجولة لانقاذ الشعب السوري وذلك من خلال المطالبة بفرض بعض العقوبات على سوريا تحت البند السابع.

ومعلوم ان اي سعي لاستصدار قرارات من مجلس الأمن ذات جدوى ضد النظام السوري سواء تحت البند السابع ام غيره، غير ممكنة لان الفيتو الروسي والصيني سيكونان بالمرصاد لأي قرار يمكن ان يؤثر بشكل جدي على النظام السوري.

ان المطالبة بانقاذ الشعب السوري من آلة القتل اليومية المستمرة منذ سنة واربعة اشهر لا تعني بالضرورة استحضار التجربة الليبية فالحريص على الشعب السوري لا يمكن ان يقبل هجوما اطلسيا يحرق الأخضر واليابس في سوريا ويدمر بناها التحتية ويتسبب بقتل الآلاف من السوريين.

نحن حريصون على سوريا ارضا وشعبا وعلى ما حققه الشعب السوري من انجازات ونرفض تدمير هذه الانجازات وبالتالي فان الحل العملي والواقعي الممكن من وجهة نظري هو الضغط الحقيقي العربي والإسلامي على مستوى الحكومات والشعوب على روسيا والصين لرفع الغطاء عن النظام السوري.

ورغم ان تغيير الموقفين الصيني والروسي امر صعب كون هاتين الدولتين تدافعان في الملف السوري عن مصالحهما ، لكن مثل هذا التغيير ليس مستحيلا في حال توحد العرب والمسلمون على كلمة حق لانقاذ اطفال ونساء وشيوخ أهلنا في سوريا.


الدستور