facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




"ساكب المنكوبة" .. نعم هنالك قضية


د. محمد أبو رمان
30-10-2007 02:00 AM

بصراحةٍ شديدة لست مطمئناً لنتائج الفحوص الأوّلية التي أفادت أنّ مياه منطقة ساكب خالية من"الملوثات"، وهذا ليس موقفا من العلم والتكنولوجيا، لكن من الشفافية والوضوح لدى المؤسسات الرسمية، فهنالك مؤشرات معتبرة تتناقض مع النتائج المخبرية!واذ لا يستبعد المختصون وجود مشكلة ما قد تكون في مادة الحمص، فان هذا لا ينفي ان وضع شركة المياه وشبكة الصرف الصحي مقلق للغاية.

الناس أدرى بمُصابهم،ومن الواضح من تصريحات وأحاديث سكان ساكب أنّه من المستبعد أن يكون الـ338 شخصاً مصاباً جميعهم قد تناولوا (الحمص).وما يؤكّد ذلك أنّ شكوى الأهالي من مياه الشرب قد تكررت، وأنّ الوزارة أوقفت تزويد المياه - خلال الأسابيع القليلة الماضية- عن العديد من المنازل، نظراً لثبوت روائح كريهة منبعثة من مياه الشرب، ما يعني أنّ هنالك مقدمات مؤكدة واضحة للمشكلة.

الوثائق التي حصلت عليها الزميلة حنان الكسواني من وزارة الصحة، ونُشرت أمس في"الغد" تؤكد أنّ "مِحنة" ساكب تدخل في باب الإهمال السافر،وأنّها قضية تستحق المساءلة والعقوبة قطعاً. تقول الوثائق إنّ وزارة الصحة حذّرت قبل نحو اسبوعين من احتمال وقوع كارثة بيئية وصحيّة، بانتشار أوبئة وأمراض في ساكب "جرّاء انسياب مياه الصرف الصحي في شوارع البلدة بمحاذاة أنابيب مياه الشرب"، وأنّ الوزارة وجّهت تلك الكتب إلى ما يسمّى(!) "المجلس الأعلى للسلامة العامة" ووزارة المياه. بمعنى: أنّ جهة مسؤولة ورسمية متخصصة كانت قد حذّرت بوضوح من خطر كبير يتهدد حياة آلاف السكان، قبل وقوع الكارثة بأسبوعين، تصوّروا!

رد المسؤولين على تلك الوثائق ليس مقنعاً.فمن الواضح أنّ هنالك حالة من الارتجال والحلول الجزئية والتسيب والاستهتار كانت جميعها عنواناً لتعامل الجهات المعنية مع الأزمة،وإذا كانت وزارة أو جهة مسؤولة غير قادرة بإمكاناتها على التعامل مع أزمة(أو بوادر أزمة) فكان من الضروري نقل القضية إلى أعلى المستويات.أمّا أن يُترك الأمر لموظف من الدرجة الثالثة أو الثانية او للمواطنين "ليقلعوا شوكهم بأيديهم" فيُضاعفوا من خلال فتح"حفر امتصاصية جانبية"حجم المشكلة، فهذا لا يحدث في دولة فيها "الحد الأدنى" من المؤسسية المطلوبة!

كان من الواجب فور صدور التحذيرات من وزارة الصحة أن يقوم الوزير المسؤول عن"السلامة العامة" بتشكيل لجنة من أعلى المستويات ومن مختلف الدوائر تتابع الموضوع وتتخذ الإجراءات الوقائية المطلوبة. ولك أن تتوقّع عزيزي القارئ فيما لو كانت إرهاصات المشكلة التي تحدّثت عنها وزارة الصحة(في وثائقها)هي في أحد الأحياء المنعمة في عمّان الغربية(عبدون أو الصويفية أو الرابية مثلاً، مع صعوبة تصور مثل ذلك في هذه الأحياء)، فهل إجراءات الأجهزة المعنية ستكون كما حدث في بلدة ساكب؟!

ثمة ملاحظات سريعة على هامش هذه الأزمة المحزنة:

أولاً؛ حول "الإنسان" في ساكب، فمن سيتحمل مسؤولية المعاناة التي طاولت الأسر والأطفال!وهل هنالك إدراك رسمي لما تعنيه "هذه المعاناة" ومستوى السخط والغضب من قبل مواطني ساكب والرأي العام عندما تُقرأ "وثائق الصحة" التي حذّرت قبل أيام طويلة من كارثة محقّقة! ألا يدفع هذا - مرّة أخرى- المواطن(الإنسان)البسيط أن يتساءل عن قيمة حياته وصحته وأمنه الأساسي لدى المسؤولين؟!

ثانياً؛ حول النظام الصحي والمائي؛ فمن الواضح أنّ خللاً كبيراً في شبكات المياه، يستلزم خطة طوارئ مدروسة وجدّية، بعيداً عن التذمّر الرسمي من"كلفة هذه الشبكة"، فنحن نتحدّث من جهة عن قضية مبدئية لا تقبل القسمة على2، إنّها قضية من طراز عالٍ في الخطورة تتمثّل بشعور الإنسان بالأمن في وطنه.

قضية ساكب هي إحدى حلقات سلسلة من حالات التسمم والتلوث الجماعي بدأت بمنشية المفرق،وصولاً إلى بعض قرى الكرك، وحالات التسمم الغذائي من الشاورما في العديد من المناطق.ما يستدعي إعادة النظر فيما يسمى بـ"المجلس الأعلى للسلامة العامة" من حيث تركيبته ومهامه ودوره. فهنالك دواعٍ باتت ضرورية وملّحة لتفعيل وجوده ونشاطه لوضع حدّ للأزمات الأخيرة.

أمّا إذا شعر المواطن بالخطر على نفسه من ماء الشرب والاستحمام ومن النظام الغذائي(وهو يعيش – يومياً- برسم الظروف الاقتصادية القاهرة، من غلاء المعيشة وارتفاع الأسعار، وعجز الدخل الفردي عن مواكبة التضخم الملفت في الحالة الاقتصادية خلال الشهور الماضية) فإنّ علامة استفهام كبيرة ستُطرح على مشاعر المواطنين بالولاء والانتماء.

ثالثاً؛ حول الموازنة والمصاريف التي تُنفق على البنية التحتية، فإذا كان هنالك أزمة في ميزان المدفوعات، فإنّ الأوّلية هي للقضايا الأساسية ولحماية المواطن، بخاصة أنّ حالات التلوث تكررت في أكثر من محافظة، فشبكة المياه وشبكة الصرف الصحي والبنية التحتية في هذه المناطق أولى في النفقات والاهتمام من بناء جسور معلّقة وشوارع جديدة واستحقاقات بنية تحتية كبيرة لأبراج عالية. وإذا استمرّ تجاهل هذه المعطيات فإنّ أزمة (المركز- الأطراف) ستتجذّر وسيكون لها انعكاسات سلبية واضحة على جوانب حيوية.

نُدرك تماماً مستوى الأزمة الاقتصادية الكبيرة،والأعباء الملقاة على عاتق الحكومة والمسؤولين،والضغوطات الاقتصادية والخدماتية المختلفة، لكن حياة الناس وأمنهم الأساسي ومشاعرهم الإنسانية قضايا لا تحتمل النقاش ولا المجاملة!

m.aburumman@alghad.jo





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :