facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




تكافل !


رنا شاور
25-07-2012 04:37 AM

كانت الاشارة حمراء والحرارة في عمّان ذلك اليوم تفوق الأربعين. ألمحها دائماً في نفس المكان.كم بدا المشهد سخيفاً وظالماً، ففي حين تغلق معظم السيارات نوافذها تاركة لمكيّف الهواء في الداخل أن يبدد «جهنم» التي في الخارج، تجلس ممسكة بكيس أسود كبير تملأه خضار مجهزة لسيدات عمّان، ولا أبرئ نفسي،فأنا من القابعات داخل السيارات المبرّدة واللاهثات خلف من تختصر علينا بعضاً من المسؤولية، أشتري منها كلما مررت بها زعتر أخضر «مفرّط» وملوخية وبقدونس وفاصوليا وبامية»مقمّعة».تحوم «ام علاء»يوميا بين الإشارات الضوئية تبيع خضارها ثم تجلس إلى طرف الشارع حين يهدّها التعب وتجدها تنظر إليك مرهقة وقانعة بوجع لقمة عيشها. أسألها دوماً عن أحوالها وأذهل بكمّ الرضا الذي تختزنه برغم ظروفها، فهي وإن بدت كغيرها من النساء المكافحات تعيل عائلتها دون تأفف، لكنها لم تستطع أن توقف دمعتها وهي تحكي عن ظلم أبنائها الذين يريدونها خادمة لهم ولزوجاتهم، فابنها البكر علاء متزوج من أجنبية وهو «لا يصوم» كما تقول، ويطالبها يومياً بثمن الدخان ولا تجد بدا وهي الخمسينية الصائمة في حر رمضان أن تقوم الليل لتجهيز الخضار ثم بيعها على الإشارة في النهار اللاهب لتؤمّن لأبنائها وزوجاتهم مايريدون. تمسح دمعها كلّ مرة وتحمد الله وترفض أي مبلغ مالي خارج ثمن بضاعتها.
الدكتور هشام يعمل في دولة خليجية ويأتي إلى عمّان في اجازات الصيف وفي رمضان والأعياد ليقضي بضعة أيام مع أسرته. يصف تبدل حال زوجته وأولاده الذين اعتادوا غيابه وأصبح وجوده معهم فائضا عن الحاجة ولا يعنيهم حضوره بقدر ماتهمهم الحوالات المالية التي يرسلها شهرياً من غربته. في رمضان الحالي يشعر بانسحاب لهفتهم ومبالغتهم بالترحيب غير التلقائي وانشغالهم المفاجئ وقت حضوره.. تذكرت مارواه «الطيب صالح» عن هذا التبدل في العلاقات الأسرية في احدى كتاباته على لسان أحد أبطال الرواية إذ يقول: «قبل أعوام كان خلية حية في جسم القبيلة المترابط. كان يغيب فيخلق فراغاً لا يمتلئ حتى يعود، وحين يعود يصافحه أبوه ببساطة وتضحك أمه كعادتها ويعامله بقية أهله بلا كلفة طوال الأيام التي غابها.. أما الآن فأبوه قد احتضنه بقوة وأمه ذرفت الدموع وبقية أهله بالغوا في الترحيب به. هذه المبالغة أزعجته. كان إحساسهم الطبيعي قد فتر فدعموه بالمبالغة».
كثيرون هم خليط من الأضداد في عالم مضطرب. فهل يعرف القارئ أن أحد أبناء أم علاء يعطي دروساً في المسجد عن البر بالوالدين والتكافل في رمضان، وهل يعرف أيضاً أن زوجة الدكتور هشام وابنتها تكثفان أعمالهما الخيرية كلما صادف وجود الرجل في إجازة!.


الرأي





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :