كانت جدتي (تسرح فينا) كثيرا.. وتروي فيما تروي لنا أن طفلا كان يلعب بلعبته.. فرآه الذئب فخطف منه اللعبة.. فقال الطفل باكيا راجيا: يا ذئب أعطني لعبتي لألعب بها.. قال الذئب: سأعطيك إياها إذا ذهبت إلى ذلك الراعي وأتيتني منه بخروف أتغدى به.. ركض الطفل حتى وصل إلى الراعي وقال: يا راعي أعطني خروفا .. أعطيه للذئب.. فيعطيني لعبتي .. فقال الراعي: أعطيك خروفا إذا ذهبت إلى تلك الكلبة وأقنعتها أن تعطيك جروا أربيه ليحرس الغنم، فركض المسكين حتى وصل الكلبة وقال راجيا: يا كلبة أعطني جروا.. أعطيه للراعي.. فيعطيني خروفا.. والخروف للذئب.. والذئب يعطيني لعبتي .. قالت الكلبة: أعطيك جروا إذا ذهبت لتلك الفرس (التي ولدت حديثا) وتأتيني بسلاها ( أي المشيمة) لآكله .. عاد إلى الركض .. فلما وصل قال: يا فرس أعطني السلا.. والسلا للكلبة.. فتعطيني جروا.. والجرو للراعي ليعطيني خروفا .. والخروف للذئب.. والذئب يعطيني لعبتي .. قالت الفرس: أعطيك السلا ( ما في إشي ببلاش حتى هذا!!!) إذا ذهبت لذلك الحصّاد وأتيتني بحزمة من شعير آكلها.. فركض حتى وصل وقال: يا حصاد أعطني شعيرا .. والشعير للفرس والفرس تعطيني السلا للكلبة والكلبة تعطيني جروا للراعي ليعطيني خروفا للذئب.. والذئب يعطيني لعبتي .. فقال الحصاد: أعطيك الشعير إن أتيتني بالماء من تلك (الورّادة) (أي المرأة التي تملأ القربة ماء من البئر..) فركض حتى وصلها فقال: (يا خيتي يا ورادة)أعطني ماء . والماء للحصاد ليعطيني شعيرا للفرس لتعطيني سلاها للكلبة لتعطيني جروا والجرو للراعي ليعطيني خروفا للذئب ليعطيني لعبتي لألعب بها.. أشفقت عليه الورّادة فأعطته ماء.. أعطى الماء للحصّاد فأخذ الشعير.. فأعطاه للفرس وأخذ السلا فأعطاه للكلبة فأعطته الجرو فأعطاه للراعي فأخذ الخروف فأعطاه للذئب ( هكذا بكل بساطة) ليحصل على لعبته!!!
ولعبته ( في تقديري) كرة مصنوعة من فردة (جرابات) محشوة بأقمشة بالية...مثلا.
(تتمة الحكاية كما رواها خميس بن جمعة)
كانت كل مجريات تلك الحكاية على أرض يمكن أن يجري فيها طفل حتى آخرها ويعود، لكن بعد أن ماتت جدتي.. كبرنا نحن والطفل حتى أصبحنا شعوبا وقبائل، وامتدت أرضنا على أربعة عشر ألف كيلومتر مربع واثنين وعشرين مارسا، وتعلمنا في المدرسة درس الفاعل والمفعول به بمثاليه الأكثر شهرة وهما.. أكل الذئب الخروف، وضرب زيد عمروا .. ضربه لأنه سرق (واو ) داود الذي كان له (واوان) كما يروي بعض النحاة (يعني عمرو طلع حرامي).
كبرنا أكثر ولم نتعلم كيف نحمي اللعبة من الذئب، فأصبحنا نركض نحو (الورّادة) لتحن علينا بشربة ماء نسقيها للحصاد لنأخذ الشعير فنجري به إلى الفرس أملا في أن تعطينا وليدها لنتعلم الفروسية على ظهره، فترمقنا بنظرة احتقار وتعطينا السلا.. فنركض به حتى نصل الكلبة، فتأنف منه وترفضه، وتعطينا جروا لتتخلص من عبء إرضاعه، فنركض به للراعي، فيأخذه و(يحلق لنا) فنضطر إلى مخالسته لنسرق خروفا ونجري، فيفترسه الذئب الذي وجدناه أكل اللعبة، فنعود فرحين بسلامتنا.. ومعنا السّلا..
تنهدت... وتنهد خميس.. ثم قال بحزن ظاهر: (وكثير علينا السلا..)
http://atefamal.maktoobblog.com/