facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




حتر يكتب ل"عمون" عن جدل المواطنة والهوية


29-08-2012 10:34 PM

عمون - كتب الصديق العزيز، فهد الخيطان، داعيا إلى نبذ الجدل حول الهوية، والذهاب فورا إلى تشاركية المواطنة. وبذلك، يكون الكاتب قد انتقل من الجبهة الوطنية الاجتماعية، واستكمل شروط انتسابه إلى نادي الليبراليين. وهذا حقه. بل أنني سعيد بأن هذا النادي قد حصل، أخيرا، على كاتب مرموق وانسان نزيه ومحترم.

لكن ما آخذه على العزيز فهد هو تسرّعه في طرح فكرة لم يتبيّن منابعها الفكرية ولا الإشكالات المحيطة بها، ولا عيانيتها التاريخية في التطبيق. المواطنة مفهوم ليبرالي برجوازي أصيل وتقدمي، نُحتَ في مجابهة الأرستقراطية الإقطاعية والعسكرية والفئات صاحبة الامتيازات، بهدف خلق إطار متساو يندرج فيه البرجوازيون في عهد صعود الرأسمالية. وقد تطوّر هذا الإطار ليشمل، لاحقا، الفلاحين والعمال وكل الفئات الشعبية، بحيث أصبح كل فرد في الدولة، بغض النظر عن وضعه الطبقي، مواطنا، أي عضوا في الدولة، له حق الاقتراع للمجالس البلدية والتشريعية ـ وكان هذا الحق محصورا في السابق على الملاكين وأصحاب الامتيازات ـ ومتمتعا بالحريات المدنية والسياسية وبالمساواة القانونية. ولكن، ليس، بالطبع، المساواة الاجتماعية. وقد تبيّن، في الممارسة التاريخية الملموسة، أن المواطنة، كإطار للمساواة القانونية والسياسية، هي مجرد وهم، طالما أن هناك فئات تحتكر وسائل الانتاج والثروة وتفرض سيطرتها الاقتصادية ـ وتاليا السياسية والثقافية ـ على الأغلبية الشعبية. وعلى هذه الخلفية، ظهرت الحركات الاجتماعية التقدمية الهادفة إعادة توزيع الثروة والسلطة على المستوى القومي أو انتزاعها لصالح الأغلبية الشعبية.


وفي بلد كالأردن، يتمتع حوالي 2 بالمئة فقط من مواطنيه ب60 بالمئة من ثرواته، ويعيش ثلث سكانه تحت خط الفقر وسدسهم تحت خط الجوع، فإنه لا معنى لرؤية تغييرية تستند إلى مفهوم المواطنة، بل أن هذه المفهوم، في الظروف الأردنية العيانية، مضلل إلى أبعد حد، ذلك أنه يريد انتزاع حقوق المواطنة، سياسيا، من كتلة مفقَرة ومهمّشة ـ ولكن لنخبها بعض الامتيازات السياسية ـ لصالح نخب برجوازية وبرجوازية صغيرة تريد، بالإضافة إلى استيلائها على الثروة، أن تستولي على الدولة!

لكن المواطنة تظل الإطار الذي لا غنى عنه للدولة الحديثة، سواء أكانت ديموقراطية أم لا. فمنطق الحداثة يستحضر منطق المواطنة. لماذا؟ لأن الدولة تتحقق في وحدة الهوية الوطنية، والمواطنة هي الإطار اللازم لجبّ الهويات الفرعية ذات الدينامية التفكيكية. لكن، لننتبه، هنا، إلى نوعية الهويات الفرعية التي ينبغي جبّها بالمواطنة. إنها الهويات الدينية والطائفية والمذهبية والجهوية والاتنية القومية الخ ولكن ليس بينها الهوية السياسية الوطنية. فدولة المواطنة تصهر كل الهويات ما عدا الهويات الوطنية السياسية التي، بقبولها، لا تعود هناك دولة وطنية واحدة ، بل فدرالية لتجمّع هويات وطنية.

لم يكن المجتمع الأردني بحاجة إلى الفكر الليبرالي الغربي، لكي يبتدع أشكالا محلية تجب الهويات الفرعية ( مسلم مسيحي درزي عربي شركسي شيشاني أرمني شامي فلسطيني الخ ) في وحدة مجتمعية ذات هوية وطنية واحدة هي الهوية العربية الشرق أردنية. وهي هوية نشأت على أسس نمط انتاجي فلاحي بدوي عشائري وتطورت لاحقا في دولة نشأت، ابتداء بإرادة شعبية، العام 1920، ولها عائلتها اللهجوية وتراثها الابداعي المشترك وذاكرتها الجمعية ووسائل تفكيرها وتعبيرها ورموزها وما يشكل، في الأخير، نظرتها إلى الذات والآخر والعالم.

لا توجد مشكلة هوية لدى الشرق أردنيين بغض النظر عن الدين والجهة والأصل. المشكلة القائمة هي في أن قسما من الشعب الفلسطيني الشقيق تهجّر قسرا إلى الأردن، وحصل على الجنسية الأردنية، وأصبح في عداد المواطنة، لكن مع تمسكه بالهوية الوطنية السياسية الفلسطينية. نحن، في حالة الأردن، لا مشكلة عندنا مع الهويات الفرعية، ولكن المشكلة في حل التناقض القائم بين المواطنة وبين وجود هويتين وطنيتين سياسيتين الاعتراف بهما يعني تحويل المملكة إلى كونفدرالية لشعبين.

هل تريد، يا عزيزي فهد، حلا كهذا. ليكن. لكن دعنا نناقش المسائل المطروحة بوضوح ودقة وشجاعة. بالنسبة لي، فقد قدمت حلا آخر. وهو وحدة الهوية القانونية في قانون جنسية جديد، ووحدة الفئات الاجتماعية الشعبية في النضال المطلبي، وحرية المواطنين المنتمين للهوية الوطنية الفلسطينية في الاختيار بين الاحتفاظ بها ـ مع تمتعهم بالمواطنة ـ وبين الاندماج الكامل، المرحّب به، في الهوية الوطنية الشرق أردنية التي لها وحدها الحق السياسي السيادي في البلاد. ولا أقول هذا انطلاقا من تعصّب من أي نوع سوى الانحياز لوحدة الدولة الوطنية التي لا تقوم إلا بهوية وطنية واحدة.





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :