facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




الديموكراسي والديماغوجية


د. سامي الرشيد
23-09-2012 04:11 PM

عمون - ذكرت في مقالة سابقة عن الديموكراسي، أنه في المجتمعات المتخلفة، تقوم فئة بالمناداة بالديمقراطية وإيهام الناس بنشر الحريات والمساواة بينهم، وعند انتخاب زعيم أو رئيس لتلك الدولة، فإنه يستأثر بالحكم ويحوله لحكم دكتاتوري استبدادي فردي، منتزعا كل حقوق الشعب وربطها به، فإذا بها تصبح ديموكراسية لإدامة حكمه والتصاقه الدائم بالكرسي الذي يجلس عليه، ليصبح من الصعوبة بمكان إزاحته عن ذلك الكرسي، مما يشجع من حوله على التصرف ذات التصرف، وتصبح هنالك مراكز قوى، وينتشر الفساد بين الناس، وتتخلخل أركان الدولة، وتعم الفوضى التي هي غياب حكومة معترف بها علنا، أو فرض السلطة السياسية عند استخدامها. وهذا يعني الفوضى السياسية أو الخروج على القانون داخل المجتمع.

أما الديماغوجية، فإنها تعتبر الطريقة الأسهل للحد من قدرة الشعب على انتقادك، بأن تجعل المهمة خطيرة، ويمكنك تحقيق ذلك بسن القوانين، واستخدام السلطة المباشرة، أو حمل أنصارك على إيذاء كل من يخالفك الرأي؛ فهذه هي الديماغوجية...

يعود هذا التعريف إلى بعض الأساتذة المختصين في الجامعات الأمريكية، ولكن هناك ثمة تعريفات أكثر تنوعا، ينطلق بعضها من الأصل اللغوي اليوناني للكلمة (قيادة الشعب) فيما يحصر بعضها الآخر مستخدميها في الأحزاب والقادة البرجوازيين. ويرى آخرون أن الجمهور المستهدف بها ليس سوى البسطاء والأميين، وسكان الأرياف، ومحدودي الثقافة والتعليم.

يحلل الديماغوجي نفسية الجمهور الذي يستهدفه، ويعرف جيدا طبيعته العاطفية، ويتقن اللعب على مشاعره البسيطة، ويتفنن في مخاطبة هواجسه ورغباته وأهدافه المطلقة.

لا يحب الديماغوجي اللجوء إلى البراهين في حديثه مع جمهوره، وإنما يكتفي عادة بذكر ما يؤكد بأنها حقائق مطلقة، وهي ليست سوى أكاذيب وضلالات يجمعها من هنا وهناك، ويسبكها في سياق يبدو متماسكا، ويصبها صبا في أسماع جمهوره المتوتر، والمشدود، والخائف من الأعداء الخارجيين والداخليين، أو المنتشي والمهووس بالإنتصارات الوهمية. يراوغ الديماغوجي باستخدام المصطلحات، ويختار منها تلك التي تتحمل الحمولات الدلالية المتفاوتة، ويتنصل من مسؤوليته حيال ما قاله، لا يعترف أبدا بخطئه ولا يتراجع عن وعوده، ولا باستخدامه الكلمات المطاطة ذات الطبيعة الملتوية.

لا يقبل الديماغوجي النقد أبدا، ولا يفهم فكرة انتقاد السياسات، ولكنه يأخذ كل انتقاد على أنه مؤامرة خارجية منحطة، وفي أفضل الأحوال، يعتبره استهدافا شخصيا، أو عداء غير مبرر من قوم جاهلين. أخطر شيء في الديماغوجي أنه يفهم مرتكزات شخصية جمهوره، ويدرك مواضع أعصابه الثقافية الحساسة. ويستند في ممارسته للسياسة إلى قاعدة مطلقة، قد تكون قومية أو دينية أو عرقية، ويقنع جمهوره بأنه خير من يمثلها، وأصفى تعبير عنها، ويكرس نفسه لنصرتها والدفاع عنها، ويتوحد معها أمام الجماهير. وحينما يوجه خصومه الانتقادات إلى سياسته أو إلى شخصه، يقلب الحقائق تماما، ويخاطب جمهوره بقوله لهم بأن أولئك لا يهاجمون سياسته أو شخصه، وإنما يهاجمون ما نؤمن به؛ فهل ستسكتون عنهم؟ دافعوا عن إيمانكم، دافعوا عن أنفسكم، عليكم بهم.

يختار الديماغوجي أتباعه بعناية شديدة، وهم لا يخذلونه أبدا، وحين يحملونه إلى سدة الحكم، أو إلى الوظيفة العامة، فهم لا ينتظرون منه دقة ولا كفاءة ولا إنجاز، وكل ما يحاسبونه عليه هو قدرته على إقناعهم بأنه مخلص لقضيتهم المطلقة، وأنه شديد الصرامة والإصرار على منازعة أعداء القضية. يحترم الديماغوجي العلم والمنطق فقط إذا استطاع أن يستند إليهما، لتبرير موقفه أو خدمة أهدافه.

يشيع الديماغوجي عادة أن حقبا تاريخية مضت هي الأفضل وأكثر ثراء؛ روحيا وأخلاقيا، وأن الأمور تمضي على هذا الدرب من سيء إلى أسوأ، لكنه لا يستند أبدا إلى الحقائق التاريخية الوافية والإحصاءات المتكاملة للبرهنة على ما يقول؛ رغبة منه بإقناع جمهوره باليأس من الحاضر المشوه، والإخلاص للمثل الأعلى الذي يمثله وسيكون وكيلا عنه.

يجب الانتباه لهذه الظاهرة، حتى لا يأتينا ما هو شبيه بهذا النظام، وتتدمر مكتسباتنا وما نحاول الابتعاد عنه منذ سنين طويلة.

بعدما أفاقت الشعوب العربية من سباتها العميق، وعبرت عن شعورها برغبتها بالتحرير ونبذ الظلم والعدوان في ربيعها العربي، ورغم محاولة القوى الظالمة ركوب موجة هذه الثورات لإحرافها عن مسارها الصحيح، ولكن لن يكون هناك مجال لدكتاتوري أو ديماغوجي، وستحكم الشعوب بنفسها وتصل إلى الديمقراطية الصحيحة. ومن يقرأ التاريخ يعرف ذلك، وفي النهاية، لا يصح إلا الصحيح، وستصل الشعوب لمبتغاها، لا محالة ولا شك في ذلك.

ونحن في الأردن طالما بدأنا ننادي بفصل السلطات الثلاث؛ التنفيذية والتشريعية والقضائية، واستقلالها، فإن السعي وراء حكومة برلمانية سيتناقص مع هذا السعي ويصبح هناك تغول للسلطة التنفيذية على التشريعية، ويبتعد دور الرقابة، حيث من سيراقب من.

لذا. يجب أن تبقى كل سلطة مستقلة عن الأخرى، ولنا في الدول المتقدمة مثال، حيث لا يوجد سيناتور في أمريكا وزيرا، وسلطاتهم مستقلة تماما الواحدة عن الأخرى.





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :