facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




الصورة النمطية للآباء في الثقافة العربية


باتر محمد وردم
02-11-2012 05:01 AM

يقال أن أحد أهم الأسباب التي تجعل تربية الأطفال عملية مرهقة وصعبة وخاضعة للكثير من المفاجآت أن الأطفال يولدون دون وجود “كتيب للتعليمات” يحدد أسس التشغيل والصيانة، وهذا ما يجعل الحياة عبارة عن سلسلة طويلة من الأحداث غير المتوقعة والتي يحتاج الأهل فيها إلى التعامل السريع والحكيم مع المستجدات. ولكن هل يأتي الآباء ايضا بدون “كتيب تعليمات” في كيفية تربية الأطفال؟.

يمكن القول علميا ونفسيا بأن الأم تكون مهيأة للقيام بدورها في تربية الأطفال بناء على آلاف السنوات من التطور الوراثي الذي يمنحها ميزات نفسية مختلفة عن الرجل، والذي بدوره يقضي معظم وقته بحثا عن الطعام سواء تم ذلك من خلال صيد الجواميس قبل آلاف الأعوام أو الذهاب إلى عمل مكتبي أو ميداني في القرن الحادي والعشرين.

هذه السنوات الطويلة من تطور الإنسان ساهمت في ترسيخ اسطورة مفادها أن تربية الأطفال مهمة مقتصرة على الأمهات، وأن دور الآباء لا يتجاوز توفير الغذاء والمال وممارسة دور السلطة مع القيام بنسبة بسيطة من واجبات ومهام التربية اليومية. وفي بعض المناطق والثقافات مثل العالم العربي يتم النظر بسلبية وانتقاد إلى الرجل الذي يقوم بدور كبير في تربية الأطفال بينما يجب أن يكون دوره الاساسي هو القيام بالمهام الرجولية مثل الصراخ وممارسة السلطة وقضاء الوقت في العمل أو خارج المنزل مع الأصدقاء.

هذه الصورة النمطية تختلف عن الواقع الطبيعي في الكائنات الحية. على سبيل المثال تفيد الدراسات أن أطفال القرود يقضون حوالي 90% من الوقت بين أحضان القرد الأب وليس الام حيث يقوم الأب بتعليم الصغار الكثير من المهارات الحياتية. أما لدى الإنسان فإن مستوى الهرمونات الأنثوية عند الذكور (مثل الأوكسيتوسين المسمى هرمون الحب) يتزايد مع حالات ولادة الأطفال وفي أوقات حمل الأطفال الرضع ورعايتهم وهذا ما يؤكد بانه ومن الناحية الوراثية يعتبر الرجل قادرا ومهيئا على ممارسة دور عاطفي في الرعاية، ولكن الصورة النمطية الثقافية هي التي تمنع ذلك أحيانا. ويمكن أن يكون هنالك تفسير تاريخي لهذه الحالة حيث أن معدل وفيات الأطفال كان عاليا جدا في السابق بغياب الرعاية الطبية والأمن، وبالتالي كان الآباء يضطرون إلى مساعدة الامهات في حمل ورعاية الاطفال عندما يكون هنالك أكثر من طفل بحاجة إلى الرعاية. أما في المجتمع الحديث حيث الرعاية الصحية والبيوت الآمنة وأدوات التسلية والحماية متوفرة وكذلك الرعاية المقدمة من عاملات المنازل أحيانا لا يضطر الأب إلى ممارسة دور كبير في رعاية الأطفال.

وفي دراسة أجريت في السويد في العام 2008 بالاعتماد على ملاحظات لمدة 20 سنة توصل الباحثون إلى نتيجة مفادها أن الأطفال الذين يقضون أوقاتا أطول مع آبائهم وخاصة في الصغر يعانون أقل من المشاكل النفسية بل ويحققون إنجازات أكاديمية ويتمتعون بثقة أفضل ولكن هذا طبعا يتعلق بوجود دور إيجابي للأب في الوقت الذي يقضيه مع الأطفال، فلا يمكن لأب يقتصر دوره على النهر والضرب أن يقدم فوائد نفسية للأبناء.

ربما نكون بحاجة إلى تغيير في الأنماط المهنية وكذلك في الصورة النمطية الثقافية لدور الأب في رعاية الأطفال بحيث يتم منح الآباء أيضا إجازات خاصة للمساهمة في رعاية الأطفال المولودين حديثا أو رعاية الأطفال المرضى في البيت، ولكن لا بد من وجود مجموعة مؤثرة من الآباء المهتمين الذين يمكن أن يطالبوا بمثل هذه المزايا والحقوق التي يسلبها منهم المجتمع وأيضا التقسيم الحديث للعمل، وفي المحصلة فإن الأطفال يساعدون الآباء على أن يكونوا اشخاصا أفضل، فلا تضيعوا هذه التجربة بسبب المكابرة الذكورية الفارغة.

batirw@yahoo.com
الدستور





  • 1 نهر الاردن 02-11-2012 | 07:46 AM

    رائع ... كلام علمي ورصين اؤمن تماما بما تقول ...التعليم ايضا يمكن ان يفيد من خلال برامج خاصة حول العلاقة بين الاباء (البوين) واطفالهم وهذا الامر ليس ترفا هو من اهم اساليب الوقاية الصحية (النفسية والاجتماعية والجسدية ايضا)


تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :