facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




لقد اتّسع الخرقُ على الرّاقع .. ولكنْ من الخارق؟


د. محمد علي عكور
11-12-2012 08:41 PM

رحم الله ابن عطاء الله السكندري إذ قال في حكمته الرائقة: من أشرقت بدايته بإحكام أصولها ، أشرقت نهايته بقطاف محصولها. هذه جوهرة من جواهر الفهم الذي يكشف السجوف عن الحقائق ، ويرسم للسالكين دربا قويما، إنْ في أمر الدنيا أو الآخرة.وليس هذا المقام بكاشفٍ غَور هذا القول بقدر ما هو مقاربة نقدية لما يجري لنا في الأردن.وهذه المقاربة ترتكز إلى النظر في البدايات ، لتصل إلى الحكم على النهايات، لا سيما أن الحكم على الشيء فرعٌ عن تصّوره.

وهذه المقاربة في غمرة ما تعانيه البلاد من تلاطم موج السياسة الذي يكاد يُغرق مركباً تكسّرت أشرعته الضعيفة، وخُرقت أرضيته بعبث المتسللين لِواذا بركوبٍ مشبوهٍ على َمتنه، فجاؤوا شيئا إمرا، ونحن تاركو بحرنا رهواً حتى صرنا من المغرقين. ولما رأينا الماء الحارق يتقاذفنا ، طفِقنا نصيح : وليخسأ الخارقون، ولا ندري أن الثبور من المثبور ذاته.

نعم أيها الإخوة، لقد دمّرنا البناء بتخاذلنا عن رأب الصدع قبل الاتساع، ومرّت علينا آفات الفساد ونحن نترنح في أروقة السياسة نبحث عن هودجٍ جميل للجمل، بعد أن نحروه في عيد الصمت، ولما فِقنا طالبنا بالهودج وتناسينا الجمل الذبيح.فمنذ أن بدأ الفاسدون برامجهم ونحن ننظر إليهم بعين المراقب لا الرقيب. وكأننا مستشارون، ولكن بلغة الرضا والتأسف ، وإذا نطقنا فإننا نشتم الليل وظلمته، ولا نضيء فيه ولو مصباحا خجولا.

ومن البدهي التقرير بأن بناء الدول والكيانات يقوم أول ما يقوم على منظومة من القيم والأخلاق والسلوك . ولا يمكن لنا بوصفنا أمة مسلمة إلا أن نرتكز إلى هذه المنظومة لنحقق السيادة والصلاح. فكيف تعامينا عن برامجِ هدمِها في عُقر دارنا؟ وكيف تركنا درب البناء الصحيح ينعوج وفق برامج ليست لنا؟ وهنا مكمن الخطيئة، ومبتدأ الضياع.

وفي صدد ما نعاني منه في بلادنا اليوم، فثمة أسئلة تطرحها علينا مفردات الأزمة. فلماذا نستنكر في الوقت الضائع ؟ ولماذا نشجب واقعا بنيناه بغيابنا المشبوه؟ فعلى سبيل المثال : أين كنا حين بدأ أساطين الفساد بنهب البلاد ، مباركين نهبهم بثقتنا الرخيصة من خلال نوابٍ كسَرابٍ بقيعةٍ يحسبُه الظمآن ماء ، فإذا حضروا جمعنا اتخذناهم أصناما قيادية وعلامات للوجاهة؟ ثم أين كنا حين بدأ العهر ينخر الأجيال الطلائع ، التي أصبحت أدوات الهدم الفتيّة في مجتمعنا؟ ثم أين كنا حين ضاعت مؤسسات المجتمع المدني والنقابات وما يسمى بالأحزاب ، وغابت عن المشاهد خلا الاعتصامات والندوات التي تدور في رحى الفراغ والاستلاب؟ ثم أين كنا حين وُضعت المساجد على رفوف مغبرّة منسية ، وغابت رسالتها من حياتنا ، خلا بعض مظاهر التديّن المعوجّ الذي اختزل الدين العظيم في مسائل الحيض والنفاس ، وأرنَبَة الهمم ، وصناعة جيل مهادنٍ خانع، وفق ما تريده كواليس السياسة الغربية في حربها على الله في مساجده؟ ثم أين كنا حين ماعت معاهد العلم، فصارت مدارسنا معتقلات فكرية تأسر عقل الطالب في سجن فسيح فضاؤه الضياع والخواء. وصارت جامعاتنا مراتع للرذيلة، ومقاهي تعجّ بالتائهين، ومصانع لتدوير التخلف، وانتاجه في قالب أكاديمي ، وليس أدلّ على ذلك من تفاهات أحداث العنف المشتعل فيها، ومخرجاته الأخلاقية الهابطة ، واندثار البحث العلمي الفاعل؟ ثم أين كنا حين تداعى سياسيّونا على موائد المناصب والشهرة، واتخذوا من القضايا الوطنية قميص عثمان ، لتتعزز مكانتهم بالتباكي عليها، وصفقنا لهم، ولا نتيجة ملموسة على أرض الواقع؟ ثم أين كنا حين عدَت ذئاب الماسونية على كياناتنا الأسرية ، وراحت تهدم بها بمعول عربي مسلم، وقد تمثل هذا في برامجهم الخاصة بالمرأة، فأصبحوا مشرعين لشرفنا ، يريدون أن يعلمونا الحرية بتحرير المرأة من القيم والفضائل، فاحتكمنا إلى المواثيق المشبوهة، ورحنا نتآمر على أنفسنا مدّعين الرقي والتحضر، متباكين على حال المرأة، ونسعى لنعرّيها ونفقدها حصانتها العليا باسم حقوق الإنسان، وأقمنا حفل تأبين للرجولة ؟ ثم أين كنا حين ألغينا ثقافة الانتاج من حياتنا، ورحنا نرسّخ قيم الاستهلاك بشتى صنوفه ، ابتداءً من استهلاك الفكر ، وانتهاءً بأقلام الرصاص؟ وهنا نسأل عن دور نقاباتنا التي تملأ الأفق بصخبها، وتعجّ بآلاف الكفاءات، وتتورّم صناديقها . فماذا قدّمت لنا من مشاريع لتنمية الوطن؟ ولماذا اتخذت من اللّهو السياسيّ دينا ، وكفرت بالعمل والبناء؟

أسئلة تتعدد، وكأني بها تستغيثُ بالآفاق ، ونحن عنها صمّ بإصرار. ليس الفاسدون هم مصيبتنا، بل نحن المصيبة ، فنحن لم نقدم لأنفسنا سوى الشكوى والعويل، حتى إذا ما وصلنا إلى الحال الذي نراه، خرجنا إلى الشوارع تائهين نريد الحلول بعد أن قتلناها، ويا ليتنا ونحن نطالب بالحلول نعرف حقيقتها، وليس أدلّ على ذلك من تحوّل عملية الإصلاح في قاموسنا إلى مسيرات واعتصامات ، وكلّنا ينادي وهو موقنٌ أنه لات حين سماع ، ولات حين نداء.

لقد كان الشابيّ دقيقا حين قال: "إذا الشعب يوما أراد الحياة" ، فالحياة مرهونة بإرادتنا، وإرادتنا يجب أن تكون إرادة واعية تسدّ كل ثغرات الخلل، ولا تجتزئ منها ما يبرّر الأعراس المسيراتية، وكأننا نرقص على قبورنا...وبعد: فهل ثمّة فرصةٌ للحياة؟؟؟ أم أن الخرق اتّسع على الراقع ؟ وعليه : من الخارق؟ ومن الراقع؟





  • 1 د. محمد روابده 11-12-2012 | 10:58 PM

    ا
    ماالمسؤول باعلم من السائل؟

  • 2 maffraq 11-12-2012 | 11:28 PM

    كلام جميل واةشاء الله تصحى الامه من غيبوبتها

  • 3 د.علي حامد- الرياض 12-12-2012 | 02:47 AM

    ما هذا الفكر الكبير؟؟؟ نظرة عميقة ورؤية دقيقة...شكرا دكتور

  • 4 لاح الهوى 1982 18-12-2012 | 12:47 PM

    راااااااااااااااااااااااااائع
    كنت وما زلت وستبقى


تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :