facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




ذوقيات


د. رحيّل غرايبة
31-12-2012 06:21 AM

لقد صدر كتاب جديد من القطع الصغير بعنوان "الذوق السليم" للأستاذ فاروق بدران، يعالج فيه مسألة اجتماعية على غاية من الأهمية والخطورة والأثر الكبير في حياة الشعوب والأمم، وتستحق الرعاية والاهتمام البالغين من المؤسسات التربوية والتعليمية جميعها، منذ البستان والروضة ومروراً بالمدرسة والجامعة وانتهاءً بالأحزاب والقوى السياسية على الصعيد المحلي.
عندما تسير في الشارع العام، أو تدخل السوق، وعندما تتجول في ساحات الجامعات، وفي ردهات المباني الحكومية، وعندما تهم في دخول قاعات المحاضرات، تشعر بالحاجة الماسّة إلى ضرورة تعليم أبنائنا مادة دراسية تحت عنوان "ذوقيات" من أجل أن يتعلموا كيفية التعامل مع الآخر، وكيفية الخطاب، وأدب السؤال وأدب الحوار وأدب الجواب، ومن أجل أن نتعلم جميعاً كيف نسير في الشارع وفي الزحام، وأين نقف، وكيف نجلس، وكيف نحترم الكبير، وكيف نعطف على الصغير وكيف نقدم المساعدة إلى ذوي الحاجات، وكيف نتعامل مع الأدوات والوسائل والمنجزات الحضارية بطريقة سليمة.
أعتقد أن مادة الذوقيات "كمتطلب جامعي" ضرورة ملحة تفوق أهميتها كل المتطلبات الأخرى على أهميتها من أجل إعادة بناء الذوق الانساني الرفيع، ومن أجل إتمام البناء المعرفي والتربوي لهذا الآدمي حتى يكون مشروع مواطن صالح قادر على احترام ذاته، وقادر على خدمة شعبه ووطنه بأسلوب حضاري راق، وبمنهجية سليمة قادرة على تعظيم الانجاز وتحسين الأداء وتجويد العطاء، وتسهيل الحياة في المجتمع وبين جميع الأفراد.
لقد اهتم القرآن اهتماماً ملحوظاً بصقل الذوق الإنساني، وتجويد الاداء الانساني في التفاعل مع موجودات الكون، بحيث كانت مقصداً شرعياً أصيلاً من مقاصد الشريعة الكبرى، كما اعدها تمثل الثمرة الحقيقية والفعلية للتعلم والتعبد والتفقه، بحيث يتم اختصار الدين كله بكلمة واحدة كما ورد في بعض الآثار: "انما الدين المعاملة"، فقد خاطب الله عز وجل الناس على لسان لقمان الحكيم معلماً ابنه: "واغضض من صوتك"، "ولا تمش في الأرض مرحاً"، وورد عن الرسول محمد صلى الله عليه وسلم آثاراً عديدة تحض على الرفق، وحسن الخلق، والتواضع، والصبر وعظيم الأدب والإحسان في كل شيء، وحض على لين الجانب وبشاشة الوجه، وإفشاء السلام، وغض البصر والصدق في الحديث، والوفاء بالعهد، والالتزام بالوعد..، كل ذلك من أجل بناء الانسان الصالح، والمواطن العامل المنتج بكفاءة، ومن أجل ايجاد مجتمع نظيف متماسك يسوده الاحترام المتبادل والخلق العالي والتعامل النظيف والذوق الرفيع، الذي يعود بالنفع على كل الأفراد وعلى كل المخلوقات.
مسألة الاهتمام بالذوق ليست مسألة ثانوية، والحديث فيها لا يأتي من باب الترف، بل هي من صلب الحياة، وما نتعرض له من محاولات اغتيال يومياً على الطرقات من تصرفات رعناء، وقيادة طائشة للمركبات، ومراهقات وسلوكات تخدش الحياء، وتسيء إلى المشاعر وتؤذي الروح والأعصاب، وقد تودي بالحياة، إلاّ لانعدام الذوق عند بعض الأفراد الذين يرون في الغلظة رجولة، وفي البلادة تحقيق للذات.
فما هو الضرر الذي يعود على الشخص عندما يتصرف باحترام وتقدير للآخر، وما هي المتعة التي يشعر فيها بعضهم عندما يمارس السخرية والتهكم بحق الزملاء، ولماذا يصر أحدهم على نفث دخان سيجارته في وجوه القوم، وفي
المركبات العامة، ولماذا يتم اغلاق الشارع العام بسيارات مواكب الفرح، ولماذا يقدم أحدهم نفسه على الآخرين وهو صفوف "وطوابير" على حاجاتهم.
لماذا لا نسعى لإيجاد ميثاق اجتماعي، نعظم من خلاله مرجعية القيم والأخلاق والأعراف الاجتماعية الصحيحة، ولماذا لا تبادر الجامعات والمؤسسات التربوية إلى الإسهام في تصحيح البناء الاجتماعي الذي يتعرض للوهن، وترميم ما يمكن ترميمه، ولماذا لا ندخل ذلك في مناهجنا وكتبنا وبرامجنا الإعلامية، ولماذا لا نعيد الحياة إلى مجتمعاتنا، ومدارسنا، وشوارعنا، ولماذا لا نرحم أنفسنا وأوطاننا ومستقبلنا.







a.gharaybeh@alarabalyawm.net
العرب اليوم





  • 1 الفرايه 31-12-2012 | 11:59 AM

    والله كلام سليم وواجب تطبيقه في جميع المدارس والجامعات لان الاجيال الطالعه تفتخر في المسخره والسلوك الغير سليم ولاقاهر ولا ناهر

  • 2 عاطل عن العمل 31-12-2012 | 01:10 PM

    لماذا تستمتع الحكومة بتطنيش المواطنين و قهرهم و تتلذذ بتجويعهم و اذلالهم و تتعامل معهم بعنجهية و فوقية
    الا تعلم الحكومة انها بسؤ تعاملها مع المواطنين فانها تنتج مواطن حقود !منزوع الولاء و الانتماء ؟
    نتمنى على عمون نشر التعليق وشكرا

  • 3 د حسين جروان-استشاري طب الاطفال-السعوديه 31-12-2012 | 01:41 PM

    الاولى ان يتم التركيز على التربيه الاسلاميه الصحيحه في البيت والمدرسه والشارع فلا تذهبوا بعيدا وتشتطوا في التفكير والتقليد .
    تذكروا ان سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم قال:-انما بعثت لاتمم مكارم الاخلاق.

  • 4 جنى القراله 31-12-2012 | 05:33 PM

    رائع يا دكتور

  • 5 واحد مزوق 31-12-2012 | 06:45 PM

    السواقه فن وذوق وأخلاق

  • 6 مواطن 31-12-2012 | 07:25 PM

    احب محاورتك لأنني احترمك
    إلا تظن يا سيدي أن التربية تبدا في البيت. ومن ثم في المدرسة ومن ثم في المسجد وفي المجتمع. وما ذا نتعلم في كل هذه الأماكن ؟.
    نتعلم الكراهية ومسبة الآخر أو تكفيره ولا نعرف ما معنى الاختلاف بالرأي دون التكفير . أو الاختلاف في العقيدة دون الحط من قدر الآخر المختلف إلا تذكر قول الإمام محمد عبده. عندما زار فرنسا وجدت الإسلام ولكن بدون مسلمين
    اللهم أصلحنا بعقولنا وأخلاقنا واحترامنا للآخر. مهما كان الآخر لان الله كرم ابن ادم. أليس هذا في القران ؟؟؟

  • 7 تلبيس طرابيش وخلط 31-12-2012 | 11:59 PM

    ليس للدين علاقة بالأخلاق ولا بالثقافة ولا بالذوق


تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :