facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




الانتخابات ومعركة الصورة


د.رحيل الغرايبة
08-01-2013 04:42 AM

لقد طغت الصورة على الدعاية الانتخابية في بلادنا، وتحولت الشوارع والميادين إلى معارض صور شخصيَّة، ويلحظ المراقب تنافساً محموماً يجري بين المرشحين حول الصورة، حيث تجلت الابداعات التقنية في عملية الإخراج، حتى يظهر المرشح أكثر شباباً، وأعرض ابتسامة وأبهى طلة، وأكثر حضوراً في عيون المارة.

عندما يمر المواطن عبر دوار الداخلية على سبيل المثال يلحظ معركة الصوّر على أشدها، إلى درجة أن بعض المرشحين يضع عشرين لوحة مكررة في المكان نفسه من أجل احتلال أكبر مساحة ممكنة، ومن أجل تفويت الفرصة على الخصم في المزاحمة على المكان، ومن أجل الاصرار على الحضور المتكرر مرّة ومرة في مخيلة المشاهد، دون بذل أي عناء في التفريق بين صورة وصورة أخرى لا من حيث الشعار ولا من حيث الطرح البرامجي!!

المواطنون لا يرون إلاّ الصور، ولا يكادون يفرّقون بين مرشح وآخر إلاّ من حيث الاختلاف في الأبعاد "العرض والطول" للصورة وفي مقاسات الابتسامة، وعظم الهامة، وفي محاولة تقدير الكلفة المالية للدعاية من حيث القدرة المتفاوتة بين المرشحين على "رشم" الميادين والشوارع وإمطارها بأكبر عدد من " الطلّة البهيّة"، ولو قدّر لبعض الباحثين أن يقوم بدراسة حول ما علق بأذهان المواطنين من فروقات في البرامج والطروحات، فلن يجد شيئاً من ذلك، والله أعلم.

الدعاية الانتخابية في جوهرها العام قائمة على "معركة الصورة" وهي تعبّر عن الواقع السياسي الموجود وتختصر المشهد السياسي القائم على الصورة الذي يعطي جانباً من الحقيقة المرّة التي يجب الاعتراف بها، حيث ما زالت الانتخابات البرلمانية تعاني من تصورات مشوهة وانطباعات ناقصة حول دور البرلماني ودور المجلس النيابي، وتعود بالدولة إلى الخلف، وإلى تلك الحقبة التي كانت تبرز فيها معركة حضور الزعامة، وإثبات الذات بين العشائر والتحالفات والعائلات والأشخاص، وكلها تحاول الامتداد والبحث في سجل الروايات الشعبية حول "لمن كانت الزعامة" على مستوى المنطقة وعلى مستوى البلدة وعلى مستوى العشيرة و الحي!!
الأجيال الجديدة التي دخلت على المعركة الانتخابية، انغمست في المشهد نفسه، ودخلت ميدان التنافس بالأدوات نفسها، والمشاعر المتوارثة نفسها، ولم تستطع تطوير حالة سياسية جديدة، ولم تستطع نقل المجتمع إلى آفاق جديدة من حيث مستويات التنافس ودرجاته ونوعيته، ودخلت معركة الصورة واستغرقت تماماً في مشهد الصورة وتجلياتها.

العامل الأكثر حضوراً في التنافس المحتدم هو "المال والثروة" ولم أقصد على وجه التحديد ما يعرف بالمال السياسي، بل أقصد أن القادمين الجدد إلى لجة التنافس مع الزعامات التاريخية جاءوا على قارب "الثروة" التي تشكل العامل الأهم من عوامل "الوجاهة" التي تتجلى في المظاهر المادية، سواء كانت في طبيعة المنزل وضخامته التي تعكس المستوى المالي، أو نوع السيارة التي يركبها، أو الحفلات التي يقيمها من ولائم وغداءات وعشاءات وقدرة على إحضار المسؤولين الكبار على موائدهم، وتأتي الانتخابات البرلمانية في هذا السياق تماماً، فقد أصبحت سلاحاً، وأداة جديدة من أدوات تكريس الزعامة وحضور الصورة الذي يتجلى في مظاهر الانفاق على المعركة الانتخابية مثل "المقر الانتخابي" من حيث الشكل والمظهر والفخامة، والقدرة على حجز المركبات الكبيرة و المتوسطة، وعدد السيارات العاملة، والمآدب وحفلات الحلويات، ويأتي في هذا السياق الدعاية الانتخابية القائمة على "الصورة". ولا تعتمد على البرامج ولا المضامين والطروحات سوى بعض الشعارات المكررة التي تقوم مقام "الملح" في الطبخة فقط.
الشيء الأهم لدى المرشح أن ينتصر في معركة الحضور وتكريس الزعامة الجديدة، أو استعادة المجد التاريخي القديم، وليس مهماً على الاطلاق الأداء في مجلس النواب، وليس مهماً ذلك الحضور السياسي فيما يتم طرحه من قضايا وطنية أو سياسية أو اجتماعية.

نحن بحاجة إلى وقفة تقويميّة جادة لهذا الوضع البائس الذي يتردى بنا جميعاً إلى الخلف، ولا أمل في الانتقال نحو آفاق جديدة في تطوير شكل الدولة وتحسين أداء مؤسساتها، ونحن نمارس الطريقة القديمة المكررة من أجل الخروج بنتائج جديدة.


a.gharaybeh@alarabalyawm.net

العرب اليوم





  • 1 حمد القويدر 08-01-2013 | 10:42 AM

    للاسف في مجتمعات اخرى وصلوا الى حد الترف في التفكير والابداع والانتاج والتميز في مختلف الميادين ...ونحن الى حد التبذير في التركيز على الاستهلاك والشكليات فكل شؤون حياتنا....الفجوة كبيرة في النهاية..هذه مخرجات سياسات...حتى اصبحت ثقافة مجتمع....

  • 2 دقامسه 08-01-2013 | 12:31 PM

    انت شو الي قاهرك انشاءالله يحط مليون صورة ومليون شكل

    لازم تعلق على الي بخصك والي ما بخصك . خلص بكفي...

  • 3 عايده 08-01-2013 | 12:59 PM

    احد مرشحي ثالثة عمان قام بتلوين.......

  • 4 محمد علي 08-01-2013 | 02:10 PM

    وصف جيدة للصور والاسماء... ولكني لا اجد شيء غريب او غير عادي بالموضوع!

  • 5 ابو رمان 08-01-2013 | 05:21 PM

    مقالك مزمزم... يا استاذ رحيل ما انساك ما طيق العشرة بلاك

  • 6 حموري 08-01-2013 | 05:40 PM

    الانتخابات هذه المرة ستكون امتحان من الله لنا من حيث حسن وصدق الاختيار, فامّا الاحتماء أو الابتلاء.

  • 7 بلال 08-01-2013 | 07:29 PM

    وصف حلو لمشهد مرير يمر بالوطن والصورة القاتمة سيدة الموقف

  • 8 نقابي علبان 09-01-2013 | 02:57 AM

    والله يا شيخ كلامك صحيح ولكن دعنا نتكلم بصراح. من ابتدع وسائل الاعلان للانتخابات بصورتها التي تتحدث عنها؟ ... الم تكن جماعة الاخوان المسلمين هي اول من مارس ذلك في انتخابات النقابات؟؟؟؟؟......

  • 9 عبدالله الحنيطي 09-01-2013 | 04:42 AM

    غالبية المرشحين يريدون مجد شخصي وألأردن ماله غير الله والوطنيين ألأحرار والله يستر ..


تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :