facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




الولاية العامة : بقلم المحامي عدنان محمد الخشاشنة

12-02-2013 03:41 AM

الولاية العامة

(مفهومها ونطاقها في ظل احكام الدستور الأردني)

بقلم المحامي عدنان محمد الخشاشنة ...

تردّد مُصطلح الولاية العامة منذ ابتدأ الربيع العربي بالظهور على الساحة السياسية في وطننا الغالي, ومنذ ابتدأ الحراك مطالباً الى جانب بعض النخب بإجراء اصلاحات سياسية, وفي مقدمتها تعديل لعدد من مواد الدستور الأردني, كان الهدف الأبرز منها بسط ولاية السلطة التنفيذية على الشؤون العامة للدولة, واقصاء المؤسسات الأمنية وادارت البلاط الملكي عن التدخل في ولاية تلك السلطة, وأصبح هذا الاصطلاح مثاراً للاستيضاح احياناً, ومثاراً للتهكم والسخرية من الآخر احياناً اخرى؛ خاصةً عندما زاد الحديث عنه في الصالونات السياسية, فصار يقيَّم رئيس الوزراء من خلال عدد من النخب السياسية بمدى سلطته أو ولايته العامة واصفينه بالانقياد للمؤسسة الأمنية احياناً, والاذعان والطواعية لإدارة الديوان الملكي – وأقصد موظفيه بغض النظر عن درجاتهم – من جهةٍ أخرى.

والوِلاية لغةً: الإمارة والسلطان، وتعني ايضاً "توليِّ الأمر"، والولّي: هو الشخص القائمُ على الولايةِ, ولا ينصرف هذا المصطلح الّا حيث ان هناك سلطةً وسلطاناً, لأن الولاية مختصة بهما, وهي تعبير يتضمن الاختصاص والسلطة.

امّا الولاية العامة اصطلاحاً او فقهاً فتعرف بانّها: سلطة شرعية عامة مستمدة من اختيار عام، أو بيعة عامة، أو تعيين خاص من ولي الأمر أو من يقوم مقامه، تُخول صاحبَها تنفيذ إرادته على الأمة جبرًا في شأن من مصالحها العامة في ضوء اختصاصه.

وعليه فان الولاية العامة منوطة بسلطات معينة ولا يمكن ان تكون عامة مطلقة, وقد ذكر الماوردي في كتاب (الأحكام السلطانية) انه اذا ما استقر عَقد (الإمامة), اي الولاية لولي الأمر فان ما يصدر عنه من قرارات تولية (ولايات) لعماله او خلفائه لا تعدو ان تكون واحدة من أربعة أقسام:

أولها: الولاية العامة في أعمال عامة، وهذه ولاية السلطة التنفيذية, وبالأخص تلك الولاية الممنوحة للوزراء، لأنهم يُستَنابون في جميع الأمور من غير تخصيص.

وثانيها: الولاية العامة في أعمال خاصة، ومثالها ولاية أمراء الأقاليم والبلدان؛ لأن النظر فيما خصوا به من الأعمال، عام في جميع الأمور.

وثالثها: الولاية الخاصة في أعمال عامة، ومثالها رئيس او قاضي القضاة، ونقيب الجيوش، لأن كل واحد منهم منوط به عمل خاص في جميع الأعمال.

اما الرابعة: فالولاية الخاصة في أعمال خاصة، ومثالها قاضي بلد، أو إقليم، أو مستوفي خراجه، أو جابي صدقاته، أو حامي ثغره، أو نقيب جند؛ لأن كل واحد منهم خاص النظر، مخصوص العمل.

وهذه الأقسام كلها تدخل تحت مفهوم الولاية العامة.

ولكن هل الولاية العامة اقوى من الولاية الخاصة؟

ابتداءاً, يتبادر الى الذهن ان العام اقوى من الخاص, وان الولاية العامة اقوى من الولاية الخاصة, وفي التشريع, فان القانون الخاص يقيد العام, والنص الخاص اولى بالتطبيق, وهو مقيد للنصوص العامة, وقد ورد في المادة 59 من مجلة الاحكام العدلية – وهي جزء من التشريع الأردني - أن الولاية الخاصة أقوى من الولاية العامة.

وقد ذكر هذه القاعدة الفقهية عدد من علماء الشريعة والفقه كالزركشي والسيوطي مبررين ذلك بقوة العلاقة بين الولي الخاص وما تحت ولايته بقوة المقتضي لخصوصية الولاية ؛ وضربوا مثلاً لذلك تزويج الأب لابنته بحكم ولايته عليها ، فهو أقوى من ذي الولاية العامة في تزويجها, ولا عبرة بمرتبة الولاية العامة حينئذ ، وإنما العبرة بالولاية التي جاءت خاصة من جهة الشرع , ومثالها في عصرنا الولاية الخاصة لقائد الشرطة - مدير الأمن العام مثلاً- على جنده فهو الذي ينقل ويعزل وينهي الخدمة..الخ, في حين ان رئيس الوزراء مثلاً لا سلطة له بتجنيد شرطي او دركي.

ولكنْ إذا قصّر صاحب الولاية الخاصة في ولايته ، في عضل أو إفساد أو استغلال وما نحو ذلك ؛ فإنَّ لصاحب الولاية العامّة أن يتدخل في الحفاظ على المصالح ؛ لأن له ولايته العامة التي تشمل الإشراف على الولاة من امثاله فيعزله او يستبدله...الخ .

وقد ذكر العلامة العز بن عبد السلام في كتابه (قواعد الأحكام في مصالح الأنام) أن "الولايات وسيلة إلى جلب المصالح للمولّى عليه ، ودرء المفاسد عنه ".

وهذا يقودنا الى التنظيم الاداري للولاة واعمالهم, بحيث تتوزع الصلاحيات والمسؤوليات وفقاً لنظام هرمي متدرج.

والولاية العامة في المملكة الأردنية الهاشمية –ووفقاً للدستور الأردني – مناطة بمجملها بجلالة الملك – وان كانت الأمة مصدر السلطات- الا ان هذه السلطات بحاجة الى من يسيّرها.

وبرجوعنا الى احكام الفصل الثالث من الدستور, وهو فصل الأحكام العامة في السلطات, نجد ان المادة (25) منه قد نصّت على أنه " تناط السلطة التشريعية بمجلس الامة والملك ويتألف مجلس الامة من مجلسي الاعيان والنواب.". كما نصّت المادة (26) منه على أنه " تناط السلطة التنفيذية بالملك ويتولاها بواسطة وزرائه وفق احكام هذا الدستور " .كما نصّت المادة (27) منه على أن " السلطة القضائية مستقلة تتولاها المحاكم على اختلاف انواعها ودرجاتها وتصدر جميع الاحكام وفق القانون باسم الملك " .

وقد أوضح المجلس العالي لتفسير الدستور في قراره رقم (2 لسنة 1954 الصادر بتاريخ 22/2/1954 المادة (26) انفة الذكر بقوله "أن واضع الدستور اخذ بمبدأ الفصل بين السلطات وجعل السلطة التشريعية مؤلفة من ركنين اساسيين: مجلس الامة والملك ، وحدّد لكل سلطة من تلك السلطات ولكل ركن من اركانها حقوقه المتصلة بالتشريع ، بحيث جعل التشريع في هذه المملكة ثمرة ثلاث عمليات اساسية وهي. 1- عرض مشروع القانون على مجلس الامة من قبل السلطة التنفيذية. 2- موافقة مجلس الامة على هذا المشروع. 3- تصديق الملك. وبما ان كل عملية من هذه العمليات تؤلف بحد ذاتها وحده مستقلة وتدخل ضمن اختصاص ركن معين ذي كيان مستقل. وبما ان كل ركن من ركني السلطة التشريعية يعتبر مكملا للآخر ويراجع عمله فانه لا يجوز لأيهما او لأي عضو فيهما ان يمارس صلاحياته وصلاحيات الركن الاخر في آن واحد ، اذ بذلك تفوت مزية هذه المراجعة فيما يتعلق به. هذا فضلا عن ان الازدواج في العمل يتعارض مع مبدأ تحديد الاختصاصات المشار اليه ويتنافى مع طبيعة مركز رئيس الدولة المصون من كل تبعة ومسؤوليه وما ينبغي ان يتصف به من حياد تام في ممارسة صلاحياته. ونخرج من هذا بانه عندما يعين رئيس او احد اعضاء مجلس الامة نائبا للملك او عضوا في هيئة النيابة فانه ينبغي ان ينحصر عمله في ممارسة صلاحيات الملك فقط ، وان ينقطع عن الاشتراك في اعمال مجلس الامة طيلة مدة قيامه بتلك النيابة).

ووفقاً للمادة (45) من الدستور فان مجلس الوزراء يتولى ادارة جميع شؤون الدولة الداخلية والخارجية ، باستثناء ما قد عهد او يعهد به من تلك الشؤون بموجب الدستور او اي تشريع اخر الى شخص او هيئة اخرى, وهذا ينقلنا للحديث عن سلطات لأشخاص مثل ما هو مقرّر للذات الملكية (جلالة الملك) او نائبه, ومنها ما هو ايضاً مقرر لهيئات أو سلطات أخرى كالسلطة القضائية والسلطة التشريعية.


ومثال ما هو مقرر للذات الملكية السامية ما ورد في عدد من مواد الدستور, ومنها ما ورد في القسم الأول من الفصل الرابع منه –الملك وحقوقه-؛ فهو وفقاً للمادة (30) من الدستور ” الملك هو رأس الدولة وهو مصون من كل تبعة ومسؤولية”, ووفقاً للمادة (31) منه " الملك يصدق على القوانين ويصدرها ويأمر بوضع الانظمة اللازمة لتنفيذها بشرط ان لا تتضمن ما يخالف احكامها"


والملك اذ يمارس صلاحياته كرأس للدولة وصاحب للولاية العامة فيها ورئيس للسلطة التنفيذية؛ فهو القائد الاعلى للقوات البرية والبحرية والجوية وذلك اعملاً لنص المادة (32) من الدستور, فهو الذي يعلن الحرب ويعقد الصلح ويبرم المعاهدات والاتفاقات. واذا ما ترتب على المعاهدات والاتفاقات تحميل خزانة الدولة شيئاً من النفقات او مساس في حقوق الاردنيين العامة او الخاصة لا تكون نافذة الا اذا وافق عليها مجلس الامة ولا يجوز في أي حال ان تكون الشروط السرية في معاهدة او اتفاق ما مناقضة للشروط العلنية استناداً لنص المادة (33) منه.

والملك يعين رئيس الوزراء ويقيله ويقبل استقالته ويعين الوزراء ويقيلهم ويقبل استقالتهم بناء على تنسيب رئيس الوزراء سنداً للمادة (35) من الدستور.

وله بموجب المادة (37) من الدستور ان ينشئ ويمنح ويسترد الرتب المدنية والعسكرية والاوسمة وألقاب الشرف الاخرى وله ان يفوض هذه السلطة الى غيره بقانون خاص كما تضرب العملة باسمه.

ولجلالة الملك استناداً لأحكام المواد (124و125) من الدستور وبناءاً على قرار مجلس الوزراء ان يعلن بإرادة ملكية الاحكام العرفية في جميع انحاء المملكة او في اي جزء منها في حالة حدوث طوارئ خطيرة .

وفي مجال ولايته العامة فيما يخص السلطة التشريعية فان جلالة الملك وفقاً لنص المادة (34) من الدستور هو الملك هو الذي يصدر الاوامر بإجراء الانتخابات لمجلس النواب وفق أحكام القانون, ومن ثم يدعو مجلس الامة الى الاجتماع في دورة عادية او استثنائية, ويفتتحه ويؤجله ويمدده ويفضه وذلك وفقاً لأحكام المواد (68و78و81و82) من الدستور. وله ان يحل مجلس النواب, وكذلك للملك – بموجب سلطاته وفقاً للمادة (36) منه أن يعين اعضاء مجلس الاعيان ويعين من بينهم رئيس مجلس الاعيان ويقبل استقالتهم- وله ايضاً ان يحل مجلس الاعيان أو يعفي احد اعضاءه من العضوية كما هو مقرّر في المادة (34) آنفة الذكر.

هل يندرج العمل النيابي (أعمال البرلمان) تحت مفهوم الولاية العامة؟

ان الصلاحيات التي منحتها بعض الدساتير - ومنها الدستور الأردني كمثال – لمجلس النواب من حق اقتراح القوانين وإصدارها، والرقابة على اعمال السلطة التنفيذية ومساءلتها، وحجب الثقة عن الحكومات او عن بعض الوزراء فيها وغيرها من تلك السلطات يجعل عمل النائب يقع ضمن مفهوم الولاية العامة, ولكن بحدود سلطاته الدستورية.

اما في مجال السلطة القضائية وولايتها العامة في اقامة العدل واحقاق الحق, وحيث انه وفقاً للمادة (27) من الدستور فان السلطة القضائية مستقلة وتتولاها المحاكم على اختلاف انواعها ودرجاتها وتصدر جميع الاحكام وفق القانون باسم الملك, فان جلالة الملك يعيّن رئيس واعضاء المحكمة الدستورية سنداً لأحكام المادة (58) من الدستور, وله حق العفو الخاص وتخفيض العقوبة, ولا ينفّذ حكم الاعدام الا بعد تصديقه من قبل الملك وبعد عرضه على مجلس الوزراء وبيان رأيه فيه استناداً للمواد (38و39) من الدستور.



وأخيراً, وفي ظل مفهوم مبدأ الفصل بين السلطات فانه لا تستطيع اي سلطة ولا رئيسها الادعاء بسلطة الولاية العامة على اطلاقها في اي شأن من الشؤون العامة او حتى الخاصة, وانه لا بد من التفريق بين مصطلحي "الولاية العامة" و"السياسة العامة", وهو ما سيكون موضوعنا في الجزء الثاني من هذه الدراسة بإذن الله تعالى.
الخشاشنة
محام ووسيط خاص-ماجستير في القانون
قاضي محكمة الشرطة ومدعي عام شرطة العاصمة سابقا"





  • 1 محمد عدلي الناصر 12-02-2013 | 04:17 PM

    الله يعطيك العافية استاذ محمد... نشكرك على هذا المقال و هو يرقى لمثابة البحث القانوني...


تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :