facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




طريق الإصلاح السياسي مغلق!


د. محمد أبو رمان
19-02-2007 02:00 AM

ثمة مؤشرات كثيرة تدفع إلى الاعتقاد أننا أمام موسم انتخابي بامتياز؛ يبدأ بالانتخابات البلدية وينتهي بالنيابية. بيد أنّ ذلك لا يعني خطوة حقيقية أو قفزة كبيرة إلى الأمام في مشروع الإصلاح السياسي الذي لا يزال يبارح مكانه منذ سنوات، على الرغم من الدعاوى والضجيج الكبير المثار حوله والعناوين التي تجترح من أجله (لجان الأردن أولاً، الأجندة الوطنية وكلنا الأردن)، إذ يبدو الإحساس العام في الشارع أنّنا ندور في حلقة مفرغة.قد تكون الدلالة الرئيسة الإيجابية في مشروع قانون البلديات الذي ستجري وفقاً له الانتخابات القادمة هي الرجوع عن مبدأ التعيين والعودة إلى الاختيار الشعبي، مع تحسين شروط من يتولون إدارة البلديات (الحصول على مرتبة دنيا من التعليم حسب درجة البلدية) لكن في المقابل هنالك محددات رئيسة - تضع حدوداً على تطوير مسار البلديات الديمقراطي- أبرزها الإبقاء على تعيين نصف أعضاء الهيئة الإدارية في أمانة عمان واختيار الأمين عن طريق التعيين، واختراع منصب "مدير البلدية" (المعيّن) الذي مُنح - في مشروع القانون المقدّم- صلاحيات وسلطات واسعة (تحديد جدول الاجتماعات، التدخل في التعيينات والموازنة..) تجعل منه ندّاً لرئيس البلدية المنتخب.

ما يضع شكوكاً حقيقية على المضمون الديمقراطي في الانتخابات البلدية هو الواقع الاجتماعي- السياسي الحالي الذي يجعل من التنافس في البلديات من المرتبة الثالثة والرابعة في مناطق متعددة مبنياً على غلبة العلاقات الاجتماعية أو العشائرية، وإعلاء قيم القرابة والعشائرية على اعتبارات الكفاءة والتميز، في ظل غياب دور كل من الأحزاب والمجتمع المدني اللذين يصقلان الأبعاد والجوانب الإدارية والتنظيمية لمن يتولون إدارة البلديات ولمن ينتخبونهم.

أمّا الانتخابات النيابية؛ فمن الواضح أنّها ستخضع لقانون الصوت الواحد من دون تغيير حقيقي، وما يثار اليوم حول تعديلات على القانون، يرتبط بقضايا جانبية وهامشية لا تطال جوهر القانون الذي يعوق التنمية الحزبية وقدرة الأحزاب على التنافس، ويعزز حالة الركود السياسي والحزبي التي كادت أن تصير مزمنة.

لن تختلف تركيبة مجلس النواب القادم عن الحالي كثيراً، ولن تتجذّر الحياة الحزبية، وسيبقى الدور الحقيقي البنيوي للبرلمان داخل النظام السياسي دون المتطلب الدستوري بكثير. والأهم من ذلك أنّ منصب رئيس الوزراء ذاته سيبقى ضعيفاً، كما هو عليه الحال منذ سنوات، ما لم يحدث تغيير سياسي جذري يأخذ أحد مسارين؛ إمّا انتخابات نيابية مبنية على التنافس الحزبي تأتي بحزب أكثرية، ومعارضة برلمانية فاعلة تُنشِّط الحياة السياسية وتُحرّك المياه الراكدة، وإمّا تعديل دستوري يسمح بانتخاب مباشر لرئيس وزراء قوي يرفع معه دور البرلمان ويشد من وتيرة الحياة السياسية. في المقابل فإنّ ما نراه من "تجاذبات" حالية باسم الإصلاح لن تؤدي إلى تحول سياسي معتبر يقوم على توسيع قاعدة صنع القرار والمحاسبة السياسية.

المفارقة الملفتة في الجدل الإعلامي والسياسي الحالي تصوير التوجه لإجراء الانتخابات بوقتها على أنّه نصر سياسي (داخل مؤسسات صنع القرار) لتيار ديمقراطي ضد تيار "التمديد" (الحرس القديم) الذي كان يسعى إلى تأجيل الانتخابات النيابية والإبقاء على مجلس النواب الحالي بذرائع عديدة بعضها خارجية (الظروف الإقليمية وفي مقدمتها الوضع الفلسطيني) وأخرى داخلية (المعادلة الاجتماعية والحسابات الديمغرافية وهاجس الحركة الإسلامية)، لكن تمرير فكرة الانتصار على "الحرس القديم" تحتاج إلى مناقشة واختبار بعيداً عن الدعاوى والتعامل السطحي الذي يجعل من بعض "مفاصل" النظام تارة مع التمديد وأخرى مع إجراء الانتخابات. فالاختلاف بين التيارين المفترضين لا يصل إلى درجة وجود تيار إصلاحي يدفع إلى تغيير حقيقي في قانون الانتخاب والقفز خطوات معتبرة إلى الأمام مقابل "حرس قديم" بقدر ما هو خيارات فرعية في سياق الحالة الراهنة، وصراع بين مراكز قوى داخل مؤسسات القرار المختلفة.

السجال السياسي والإعلامي الحالي لا يعدو أن يكون ثرثرة بلا مضمون سياسي حقيقي، وإذا كان هنالك موقف واضح في دوائر صنع القرار يتمثل بالحذر والشك من أية خطوات إصلاحية جوهرية فليصبح هذا الموقف ومبرراته موضوع الحوار السياسي والإعلامي بين النخب والقوى السياسية، بحيث يكون التساؤل الرئيس: كيف نسير إلى الأمام بمشروع إصلاح سياسي متوازن ومدروس مع وجود ضمانات ببناء فضاء سياسي تعددي حقيقي وإنضاج تجربة حزبية وطنية واقعية؟ وتجنباً للقفز في المجهول يمكن أن توضع خارطة طريق للإصلاح السياسي على مدى السنوات القادمة، لكن على أن تكون المراحل واضحة بفتراتها الزمنية وموضع اتفاق بين أطراف الحياة السياسية، فنكون أمام خطة استراتيجية وطنية في الإصلاح السياسي يمكن فهمها وإدراكها، تبدأ من مناهج التعليم المدرسية والجامعية والبرامج الإعلامية والحريات العامة وتنتهي بتفعيل وتقوية المؤسسات السياسية، ونتجاوز مرحلة أصبح فيها مستقبل الحياة السياسية موضع أحجيات وتكهنات وتسريب معلومات من أشخاص ومسؤولين، وكأننا نعمل في فراغ من المؤسسات الدستورية والسياسية.

الانتخابات النيابية القادمة في ضوء قانون الانتخابات الحالي لا تقدّم ولا تؤخر، وهي التفاف صريح على مطلب الإصلاح السياسي واستحقاقاته، وإذا كانت الانتخابات ضرورية للحصول على مساعدات مؤسسة الألفية الأميركية ولتسويق الأردن خارجياً فإنّ الفكرة النمطية المتداولة عن الأردن في الدوائر السياسية والإعلامية الغربية، والأميركية (على وجه التحديد)، هي أننا نتحدث عن الإصلاح ولا نعمل فيه!
m.aburumman@alghad.jo





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :