facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




رحلة الى العالم الاول /1


سامر حيدر المجالي
09-12-2007 02:00 AM

العالم الأول والعالم الثالث وما بينهما ، مسافات يمكن الانتقال بينها جغرافيا خلال ساعات معدودة بكل سهولة ويسر ، لكن الانتقال الذهني والعبور الحقيقي يتطلب أشياء كثيرة جدا يضيق عن الإحاطة بها هذا المقال ، لكننا مضطرون إلى تناول جزء يسير يتعلق بالتجربة الإنسانية التي هي مناط التغيير الحقيقي في كل زمان ومكان .ويكاد الدمع يهمي عابثا ............ ببقايا كبرياء الألم

ذاك هو حال المنتمي إلى أمة لم يعد لها منبر للسيف أو للقلم ، وهو قبل ذلك شعور الإنسان المطلق القادر على بلوغ التمام وقد أيقن بلا شك أو مداراة انه عاجز . فالأرض هناك أخذت كل زينتها وازدانت بأبهى حللها عندما وقف على أديمها إنسان شامخ كريم حقق منهج الخلافة وأعلى بنيان الإنسانية .

إنسان شامخ كريم .. هذا هو سر الحضارة وعامل نمائها . فأول ما يواجهك هناك في مدينة ملبورن الاسترالية التي أقمنا فيها لمدة عشرة أيام هو القيمة العليا للفرد والإمكانات المتاحة له من اجل العمل والعمل والإنتاج . أنت من حيث كونك أنسانا تشكل رقما صعبا لا يمكن تجاوزه وعلاقتك بالمجتمع والتنظيمات من حولك علاقة واضحة منظمة ، صدقوني أن البحث في أصلك وعرقك وعمرك ومعتقدك أمر غير ذي جدوى وتحاشيه عمل غير مصطنع بل هو جبلة جبل عليها الناس في ذلك المكان ، فالمهم انك موجود فوق تلك الأرض وانك تعمل وتحترم الآخرين وتتقيد بالقوانين الموضوعة والمطبقة بحرفيتها عليك وعلى السكان أجمعين .

تمشي في الشارع مثلا فلا تلتقي عينك بأعين أخرى مصممة على البحلقة والنظر المريب ، قد تبدأ أنت البحلقة – كما حصل مع كاتب الكلمات بطبعه الذي غلب التطبع – فتكتشف أن لا أحد يدري بك أو يهتم بنظراتك النافذة المتفحصة ، حتى وان التقت عينك بعين أخرى فهو حادث عابر غير مستفز ولا مثير للسخط والاشمئزاز لان اللقاء لن يدوم أكثر من جزء من الثانية تستنتج بعده أن الشخص المقابل ماض في طريقه إلى شيء آخر غير آبه بك ولا بنظراتك ، هذا النقطة مهمة كثيرا لأنها تعني أن الناس غير مشغولين بما لا يفيد ويستهلك الوقت ، كل ينظر إلى نفسه أولا ويهتم بوقته وواجباته قبل أن يهتم بالآخرين وشؤونهم .

في الشارع كذلك أمر آخر ذو شأن عظيم .. أحد عشر يوما لم نبق فيها شارعا رئيسيا أو زقاقا إلا دخلناه فلم نسمع خلال ذلك صوت منبه " زامور " سيارة . نظام عجيب وتقيد بقوانين السير وهدوء لم أعهد مثله أبدا وصل بي إلى درجة الشعور بالغربة الصوتية ، لا أصوات أبدا ولا أشخاص حانقين يكثرون الضغط على المنبه ويرغون ويزبدون ويشتمون ويلعنون ، هل نحن على كوكب الأرض ؟ أم أن السيارات هناك غير مجهزة بهذه الأداة المهمة ؟ لا أدري ، لكنني متأكد أن شوارع ملبورن أضيق من شوارعنا والسيارات هناك كثيرة جدا ، لكن السائق مرتاح جدا . لماذا ؟ الجواب عندكم .

مفارقات كثيرة في الشوارع ، منها نظافتها وخلوها من الأوساخ والقاذورات ، تكاد لا تجد ورقة ملقاة في الشارع ، نظافة ورعاية واهتمام بالمنظر العام وآلات غريبة الشكل متوسطة الحجم تذرع الأمكنة جيئة وذهابا تنظف أرصفة وشوارع لم تعرف من القذارة شيئا لا قبل التنظيف ولا بعده .
الآن سأصدمكم فقد وجدت هناك شارعا ممتلئا بالنفايات والأوراق ، انه الشارع الذي يقع فيه المسجد الذي قررنا أن نصلي الجمعة فيه والذي غالبية سكانه من أصول عربية وإسلامية .
أمر محزن ، أليس كذلك ؟

أما نظام المواصلات فحدث ولا حرج ، فنظام المترو يصل إلى أدق الأمكنة وأضيق الزوايا ، انه نظام نقل مجاني مرتبط بمحطات غير متباعدة فتستطيع الصعود أو النزول عند كل تقاطع في المدينة ، الأوقات محددة و محسوبة بالدقائق ، والتعامل مع النظام سهل وسلس بحيث أن غريبا مثلي استطاع أن يذهب إلى كل مكان في ملبورن بأقصر الطرق وأقل الأوقات ، فلم احتج شيئا سوى خارطة صغيرة عليها كل المعالم المهمة وموقعها من محطات المترو بدقة وضبط .

هنا نتوقف فنقول ، أن كل ما تحدثنا عنه سابقا من راحة للسائقين ونظافة في الشوارع وفعالية في نظام المواصلات وغيرها من الأمور التي لم أرها كالتأمين الصحي والضمان الاجتماعي ، كل ذلك هو خدمات تقدمها الدولة بعد أن تكون قد استوفت الضرائب المستحقة على المواطنين ، فكل شخص هناك يدفع ما مجموعه 35% من صافي دخله كضرائب ، هذه النسبة عالية بلا شك لكنني لم أجد شخصا واحدا يتذمر منها ، فالكل هناك يحس بالرضا تجاهها ، ربما لأن مستوى الدخل عال أصلا ولأن نوعية الخدمات المقدمة للمواطنين تبرر هذه النسبة وتعكس حرص السلطات على راحة المواطن ورفاهيته .
ولكم هنا أن تقارنوا بين ضرائبنا وضرائبهم ومستوى خدماتنا ومستوى خدماتهم لتعلموا أن ضرائبنا مهدرة وهي لا تقدم لنا شيئا حقيقيا رغم ارتفاع نسبتها وتدني مستوى دخل الفرد السنوي .

هذه مقتطفات بسيطة استطعت أن الم بها خلال عشرة أيام قضيتها هناك ، وهي بلا شك مظاهر مادية بحتة تعكس حالة حضارية مبهرة وتترجم المثل الاسترالي الذي يقول أن الكمال له ثمن . نعم فالقضية من أساسها هي سعي نحو الكمال وتسخير لكل الإمكانات المادية في هذا السبيل وصولا إلى مجتمع متكامل وحالة من الراحة والرفاهية ، إنها بالضبط خلافة الله في الأرض لولا ما يكتنفها من نقص روحاني واضح .

فالحضارة هي حالة على المستوى الجماعي يعيشها الناس ويسعدون بها وهي واجب تؤديه الجماعة والفرد على حد سواء ، فالجانبان مترابطان إلى ابعد الحدود . الحضارة هي سيطرة الإنسان على الأشياء خدمة للغاية العظمى التي وجد من اجلها ألا وهي عبادة الله ، فان فهم العبادة على أنها طقوس مجردة وحركات يؤديها فقط يكن قد أخل بجانب مهم من جوانبها ألا وهو عمارة الأرض وخدمة الكون من حوله . وان فهم العبادة على أنها مجرد انجازات علمية وضرائب تدفع دون التزام بعلاقة متينة مع الخالق الذي اوجد كل شيء يكن أيضا قد اخل بجانب مهم من جوانب العبادة .

للحديث بقية ......

samhm111@hotmail.com





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :