facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




"سيدتي الأرض"


جهاد المنسي
31-03-2013 04:11 PM

زرع قُبلة على جبين أمه، استودعها الله، طلب منها أن تدعو له وتترضى عليه، قبّل يديها، ذهب الى والده طالبا رضاه، قبل يديه وجبينه، وخرج من البيت مسرعا، حاملا ما تيسر له من حصى الشارع، وحاكورة البيت، وفي جيبه مقلاع ينتظر حجرا.
كانت الأم والأب يعرفان أنه ذاهب الى ملحمة بطولة وشرف وتضحية، للدفاع عن أرضه، عن شرفه، وعن أبناء جيله، وعمن سبقوه ومن سيلحقون به. لم تنبس الأم ببنت شفة، وإنما اكتفت بالدعاء له، وواصل والده تسبيحه، وأخذ بالدعاء للجميع بالنصر.
كان يعرف أنه ذاهب لمواجهة جيش مدجج بكل الأسلحة وكان لسان حاله يقول "مروا على جسدي، ايها العابرون على جسدي، لن تمروا.. أنا الارض في جسد .. لن تمروا.. أنا الارض في صحوها.. لن تمروا.. أنا الارض، يا أيها العابرون على الأرض في صحوها .. لن تمروا ... لن تمروا .. لن تمروا".
قاوم، قاتل، سقط شهيدا، وكان لسان حاله يقول: "أنا أرض أنا شجر، أنا زرع، دم الزيتون بعض مـن شراييني، فكيف تصـادر الشريان في قلبي وكيف تجـز من جسدي بساتيني، حرمت الشيخ حقلا عاش يزرعه، أذقت الابن أنواء الزنازين، هدمت منازلي جورا وغطرسة وبالتطوير والتعمير تغريني، صلبت الحق يا محتل مغتصبا، فـأيُّ النار عـن حقي ستثنيني".
ولأمه قال وهو في الرمق الاخير "دَعِي الأحزانَ يا أمِّي وغذِّيـني بعشق الأرض يزهرُ في شراييني، ولا تبكي على ماضٍ ُيعـذبنا فما العبراتُ بعد اليوم تجديني، دعيني أنسجُ الثكنات من لحمي إذا هَّبت ريـاحُ الغـزو تغزوني، دعي صدري على الطرقاتِ متراسا يصد النار مهما الارض تكويني".
وتابع قائلا: وإن سكنت رصاصات العدى قلبي فبالنسرين والزيتون غطيني، ولا تمشي وراء النعش باكية ولا تدعي عذارى الحي تبكيني، لأني مت فوق الأرض مبتسما فهذا الموت ميلادي وتكـويني.
الملحمة تلك حصلت قبل 37 عاما، وفيها سطر فلسطينيون درسا للعالم، أرادوا أن يقولوا للكون أجمع، إن الأرض أرضنا، والسماء سماؤنا، والشجر شجرنا، والمياه مياهنا، والهواء هواؤنا، والبحر بحرنا، والبيت بيتنا والبساتين لنا، والقدس، والخليل، وغزة، والناصرة وبيت لحم، والاقصى والمهد، وحيفا ويافا، وعكا لنا.
أرادوا ان يقولوا للصهاينة إنكم طارئون، ومهما فعلتم لن تغيروا خضرة شجرنا، وطعم بساتيننا، ولون سمائنا، وزرقة بحرنا، ولن تدخلوا في جلدنا.
ملحمة البطولة والشرف والشجاعة كانت في الثلاثين من آذار من عام 1976، عندما خرج أبناء فلسطين رفضا للذل والهوان، ومصادرة أراضيهم من قبل قوة احتلال اسرائيلي، جثمت على الأرض دون وجه حق، فحرقت الزرع، وقتلت الأطفال، وروّعت النساء، وقهرت جيوشا جرارة.
خرجوا للدفاع عن أرضهم من تغول جيش صهيوني امتهن القتل وسيلة حوار، وهضم البيوت والأرض وسيلة إثبات واقع، وتشويه الحقائق، وسيلة للوصول للآخر.
الصهاينة بجبروتهم صادروا آلاف الدونمات من الأراضي ذات الملكيّة الخاصّة أو المشاع في مناطق فلسطين التاريخية المحتلة عام 1948، وخاصّة في منطقة الجليل وقرى عرابة، سخنين، دير حنا.
ولأن الارض هي التي صودرت، وحب الأرض مغموس في النفوس، ويمشي كالدم في العروق، قرّرت الجماهير الفلسطينية العربية في فلسطين المحتلة عام 1948 إعلان الإضراب الشّامل، فكان الرّدّ الصهيوني عسكريّا شديدا، فدخلت قوّات معزّزة من جيش الحرب الصهيوني مدعومة بدبّابات ومجنزرات المناطق الفلسطينية، فقاوم أبناء تلك المناطق التغول الصهيوني بصدور عارية، وأيدِ لا تحمل سوى الحجر، فسقط شهداء وجرحى جراء تلك المواجهة غير المتكافئة.
سيدتي الأرض ستبقين أمنا، واختنا، وحبيبتنا وعنوان الحياة والأمل والشهادة والرجولة، تعطينا ولا تأخذ، تُغطينا إن تعرينا، تجود علينا إن جعنا، تطبطب على أكتافنا إنْ حزنّا أو غضبنا، تحضننا بين ذراعيها إن شعرنا بالوحدة أو فقدان الأمل.





  • 1 .. 31-03-2013 | 09:25 PM

    ما أشطركوا ..

  • 2 .. 31-03-2013 | 10:08 PM

    الأرض راحت..

  • 3 واعي 01-04-2013 | 06:26 AM

    صحيح انك منسي


تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :