مضى على الصراع العربي الاسرائيلي نحو 65 عاما ، قدم فيها الشعب الفلسطيني والمناضلين من شتى اصولهم ومنابتهم العربية والإسلامية مختلف انواع النضال العسكري والسياسي والثقافي والاجتماعي ، لكن اخر انواع النضال وأقلها كلفة ودون أن تسل قطرة دم واحدة ، كانت ما حدث قبل أيام عندما اتفق مجموعة من الهكرز العربي المنتشر في مختلف ارجاء العالم لإلحاق ضربة موجعة بالعدو الاسرائيلي عندما اخترقوا معظم مواقعه الالكتروني.

الحرب الالكترونية هي اول انواع المقاومة المعلنة من شباب النضال الالكتروني ضد الغطرسة الاسرائيلية التي تمتلك اكبر ترسانة عسكرية في الشرق الاوسط ، لتجد نفسها تتعرض لهجوم على مواقع (الموساد الاسرائيلي والخارجية والكنيست ورئاسة الوزراء والبورصة) وعدد من المؤسسات الهامة، دون ان تستطيع استخدام صواريخ الردع او سلاحها النووي الذي تتبجح به وتحرمه على الاخرين، بذات الوقت لم تسل من أي مناضل الكتروني قطرة دم واحدة ، ولم تسجل حالات أسرى ولم نخسر شبرا واحدا أكثر مما خسرنا ، ولم تستطع قوات الاحتلال الصهيوني استخدام طائراتها لقصف الهكرز أو المدنيين (أطفال ونساء) والتنكيل بهم او تنفيذ حملة اعتقالات عشوائية.

حجم الخسارة كان موجعا للإسرائيليين بسبب هزيمتهم الالكترونية ، واعترفت الجهات الاسرائيلية بخسارة مالية بلغت 2 مليار دولار حتى الان والهجمة ما زالت مستمرة ، ناهيك عن فضح 37 الف عميل للموساد الاسرائيلي في العالم بعد ان تم نشر اسمائهم وأرقام هواتفهم وبريدهم الالكتروني.

نعم ، أنها الحرب الالكترونية ينفذها مبدعون وهم جالسون خلف حواسيب لامعة ومحمولة ويتناولون شطيرة من الهمبرغر وكوبا من النسكافيه ، فلم يسبق لهم ان حملوا سلاحا وليس لهم عضلات مفتولة أو غيروا اسمائهم بأسماء حركية تسهل عليهم حرية التنقل ، او تم اعتقالهم بسبب نضالهم ، ولم نجمع لهم مالا لدعم نضالهم ، لكنهم عشقوا حبهم للارض وتحرير فلسطين فتحولت جرائمهم الحاسوبية الى مقاومة الكترونية.

المناضلون الهكرز لقنوا اسرائيل بكل امكانيتها درسا لن تنساه عبر التاريخ ، واثبتوا ان نضالهم اكثر ايلاما من اي نضال ترتب عليه اراقة دماء وقتل لأطفال ونساء وتهجير للشعب الفلسطيني واحتلال للأرض .
الهكرز اتاح لجميع المناضلين حق المقاومة دون عناء التواجد على ارض فلسطين ، دون الخوف من الرقابة الأمنية ، لا بل جعل فلسطين ارضا لكل مناضل الكتروني عبر حاسوبه أينما كان ، فالفضاء الالكتروني ليس له حدود مرسومة ولا حراسات وأجهزة تصنت لملاحقة الثوار المتسللين.

أين الموساد الاسرائيلي من احباط هذا الهجوم قبل تنفيذه ؟ أين عملاءه وضباطه الذين يحترفون العمل الاستخباري ؟، ويتتبعون المناضلين العرب والفلسطينيين لاغتيالهم بأدوات غريبة او قصف جوي ، والاعتراف بارتكاب الجريمة دون خوف او خجل من المجتمع الدولي.

اليوم جاء من يداوي اسرائيل بدائها أنه "النضال الالكتروني" المعضلة التي لن تجد لها اسرائيل حلا ولم تتمكن من اختراق الهكرز وتجنيده ، فليس لهم ارض حتى تحتلها ، فالوطن العربي مليء بالهكرز وكلهم فلسطينيون من أجل فلسطين ومقدساتها ، واكبر دليل على ذلك المناضل والهكرز الجزائري (حمزة بن دلاح )، الذي قال بعد اعتقاله والعرض عليه بمساعدة الاسرائيليين لحماية مواقعها الالكترونية المخترقة "انه يفضل ان يقضي حياته بالسجن على ان يساعد القتلة والمجرمين، وانه يتمنى لو كان طليقا ليساند الفلسطينيين في هزم عدوهم ".