facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




ملح الرجال


د. هاني البدري
18-04-2013 05:04 AM

حكاية الوزير الفرنسي الذي استقال بسبب إخفائه أرصدة له في أحد بنوك سويسرا، فتحت شهيتي لأقرأ في خطوط التماس الملتبسة بين المسؤولين وشخصيات الخدمة العامة والمواطن.

وزير المالية الفرنسي استقال بسبب كذبة، حول وجود أرصدة له في الخارج، ليس بسبب الأرصدة نفسها، ولا بسبب التهرب الضريبي، ولم يأبه الرئيس هولاند ولا حزبه ولا نظامة الاشتراكي بحجم الهزة التي يمكن أن تضرب معاقل الحزب والنظام، لكنه حرص على أن لا تبقى شُبهة (الكذب) إحدى سمات النظام الذي يخوض حرباً شرسة في الانتخابات البلدية ومن ثم الرئاسية المقبلة.

كذب الوزير (كابر)، ثم اعترف واعتذر للشعب الفرنسي وغادر، قصة موجزة وبسيطة ومشوقة، لكنها تعكس حال من يعملون في السياسية في دول لا تحتمل حتى كذبة بيضاء على مواطنيها.

قصة الوزير ليست الأولى ولعلها لن تكون الأخيرة في عالم تتداخل فيه المصالح وتتزاوج السياسية بالمال، لكن النظام يكون كفيلاً دوماً بكشفها طالما أنها طالت عقل المواطن.

في فرنسا استقال عشرات المسؤولين بسبب الكشف عن كذب مارسوه على جمهور الفرنسيين، لم يكن آخرهم جورج ترون الذي نفى واقعة التحرش الجنسي ثم اعترف واعتذر وغادر، مثل من قبله ومن بعده.

وفي بريطانيا سجلت الأعوام القليلة الماضية جملة استقالات ارتبطت كلها بكذبة ومكابرة، أتذكرون وزير الطاقة كريس هون الذي كذب في (ضلوعه) بمخالفة مرورية، ثم اعترف واستقال، ووزير الأحزاب أندرو ميتشل بسبب صراخه على ضابط شرطة، وقتها نفى الواقعة، ثم اعترف وغادر.

السياسيون في الغرب يكذبون مثلنا، لكنهم يعرفون الاعتذار فيما ملايين القابعين شرقاً وجنوباً يبحثون عمن يعتذر لهم عن ظلم أتى عليهم بسبب كذبة أو على أعمارهم التي أفنيت وراحت هدراً من أجل كذبة، لكن الاعتذار لا يأتي أبداً.
في التاريخ السياسي فسر علماء النفس وأطباء نفسيون اطلعوا على الحياة الخاصة لزعماء وسياسيين ظاهرة (الاعتذار الذي ليس اعتذارا)، الذي يتسم بصياغة على نمط "اعتذار إن كان هناك خطأ أو إساءة"، فسروها بأنها اعتذار بدون ندم، لكنه آسف على الأذى الذي لحق بأشخاص أو مجموعة بسبب الكذبة أو الخطأ.

هذا هو المطلوب، والا فما يهم المواطن الأميركي من ندم كلينتون على كذبة العلاقة مع مونيكا لونيسكي إلا بقدر الاستخفاف التي تسببت فيه الكذبة في عقول الناس، تماماً كما اعتذر نيكسون عن كذبة وواترغيت التي آذت المواطن الأميركي في كبريائه.

آلاف المسؤولين الغربيين والآسيويين غادروا مواقعهم محفوفين (بزفة) الكاذب بدون أن تنهار الأنظمة التي عملوا بها، بل مثلت كل قصة لمسؤول كَذب وغادر، حكاية تُدرس، في شفافية المجتمع وتعافيه، للأجيال المقبلة وقصة تُروى من باب التباهي والاعتزاز بقدرات المجتمع على لفظ المسؤول الذي يكذب مهما كان موقعه.

cut، ينتقل المشهد بعيداً الى حيث ننتظر اعتذارا.

كم من مسؤول حكومي عربي غادر بسبب كذبة، أو حتى اعتذر وظل في مكانه، وكم من وزير أو رئيس حكومة (أكل في عقولنا حلاوة) على حد التعبير المصري.

كم كذبة في الساعة، يمكن للمواطن العربي أن يتحمل ويسكت ويبلع، ولا يقوى حتى على المجادلة أو التشكيك، وكم تصريح كاذب لناطق رسمي أو وزير إعلام أو خطاب مهيب لمسؤول أو تصريح تلفزيوني لوزير، يستطيع المواطن أن يحتمل.

المشكله أن الكذب، لم يعد في علاقة المواطن العربي بحكومته ومسؤوليه خطيئة سياسية، بل إن أبعد توصيفاتها، التباس في الفهم، إذا ما انكشف المستور، وكفى الله المسؤولين شر الاستقالة، والمشكلة أننا بدأنا بتلذذ الكذب، ليس لأنه ملح الرجال كما يعترف مسؤولون كبار بفخر لافت، ولكن لاننا نسينا طعم الصدق والمصارحة، فأدمنا الطعم ورحنا نُلبسه مسميات "الشطارة والذكاء والحذاقة والقدرة على المناورة والتلون"، فأضحت تلك سمات المسؤول المتمكن.
لم ننتبه بعد، إننا أُشبعنا ملحاً وخلاً بسبب من منحناهم العصمة والحصانة، فأصبح كذبهم ديدننا وحلاوة مجالسنا والحكايات التي نتندر بها قبل النوم.

hani.badri@alghad.jo
الغد





  • 1 ام اسامه المبيضين 18-04-2013 | 10:43 AM

    معظم الشعب الاردني مصاب بارتفاع ضغط الدم بسبب ملح الرجال حسبي الله ونعم الوكيل

  • 2 مكتب ..... 18-04-2013 | 11:04 AM

    هيك عودونا ذوو الحقوق المنقوصة .....

  • 3 ميشيل 18-04-2013 | 08:59 PM

    كلامك جميل وواقعى نتمنى ان نصل الى جزء من الألف بما يقوم به أهل الغرب من صدق وامانه


تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :