صرح وزير الخارجية ناصر جودة في روما مؤخراً بأن "عدد اللاجئين السوريين في الاردن سيشكل 40 % من عدد سكان المملكة الأردنية الهاشمية منتصف العام المقبل". !! وقال جودة في بداية لقاءه مع وزير الخارجية الاميركي جون كيري في العاصمة الايطالية "حاليا يشكل اللاجئون السوريون 10 % من سكاننا لكن بالوتيرة الحالية سيرتفع الرقم إلى ما بين 20 و25 % في نهاية العام 2013 وحوالي 40 % بحلول منتصف 2014". وبمعادلة أخرى فإن من المتوقع وفي حال إستمرار الأزمة السورية أن تتجاوز النسبة 50% مع نهاية العام 2014 !! ولمن لا يعلم فإن آخر الإحصائيات تشير إلى أن عدد سكان الجمهورية السورية بلغ في العام 2012 ما يقارب من 24 مليون نسمة ، وإذا ما إستمرت وتيرة المعارك الدائرة على الأراضي السورية خلال الأعوام 2013 -2014 فإنه من المتوقع أن ينزح أكثر من 15 مليون سوري إلى الأقطار المجاورة ، مما يعني أن المملكة ستشهد أزمة حقيقية لم تشهدها من قبل فحرب الخليج الأولى والثانية لم تكلف الدولة الأردنية مثل هذا العبء ، وفي ظل الأوضاع الإقتصادية الصعبة التي تعيشها المملكة وإزدياد حجم المديونية مروراً بملفات الطاقة والمياه والتعليم والصحة والبطالة والتي كانت ولا زالت تشكل منعطفاً صعباً في معادلة الاقتصاد الاردني تبدو الامور اكثر ضبابية لمستقبل الاقتصاد الأردني !

تشير التقديرات الأولية والصادرة عن البنك الدولي إلى أن عجز الموازنة الأساسي في الاردن بقي مرتفعاً ليسجل 6.3 % من الناتج المحلي الإجمالي في 2013 مقارنة مع 8.2 % من الناتج المحلي الإجمالي في 2012 وبنسبة بلغت 10.6 % في 2011. في حين نوه التقرير إلى أن الأردن يجب عليها أن تعمل على تخفيض العجز الأساسي إلى 2.8 % من الناتج المحلي الإجمالي في 2013 إذا ما أراد الأردن أن يحقق قفزة في مفهوم الإصلاح المالي والإقتصادي والضريبي الشامل! كما أنه كان من المفروض تسجيل عجز تقدر نسبته بواقع 3 % من الناتج المحلي الإجمالي في العام 2012 من أجل تحقيق الاستقرار في ﺩﻴﻨﺎﻤﻴﻜﻴﺔ ﺍﻟﺩﻴﻥ وهذا لم يحصل !!

في خضم هذه التقارير أشارت تقارير أخرى إلى إن المملكة يمكن أن تحد من ارتفاع العجز الأساسي من خلال تطبيق تدابير مالية إضافية من خلال ضبط أكبر للنفقات الجارية والرأسمالية كما أن إيقاف التوظيف في القطاع العام والحفاظ على مستوى الرواتب والبدلات عند نسبة 1.2 % من الناتج المحلي الإجمالي في عام 2013 يعتبر مطلباً حيوياً لضبط دفة الإقتصاد الأردني، في حين يمكن لخفض 75 % من دعم المواد الغذائية أن يوفر 0.7 % من الناتج المحلي الإجمالي كما يمكن أن يوفر تحديد أولويات إضافية للإنفاق الرأسمالي 0.27 % من الناتج المحلي الإجمالي.

في مقابل ذلك ومن خلال الإستقصاء في جانب الإيرادات فإن التوقعات تشير إلى أن استرداد ديون الأسهم على مدى 8 سنوات سيولد عائدات تعادل 0.9 % من الناتج المحلي الإجمالي في عام 2013، وسوف تولد إزالة الإعفاءات الضريبية التي نفذت في عام 2008 ما يعادل 0.3 % من الناتج المحلي الإجمالي في الإيرادات.

والسؤال المطروح وفي ظل دخول متغير التزايد السكاني الغير متوقع نتيجة الأحداث السورية كمتغير مستقل في معادلة الافتصاد الأردني فهل سيصمد الإقتصاد الأردني في مواجهة هذا المتغير ! وكيف للحكومة أن تتعامل مع هذا البعد من خلال وزاراتها المختلفة فالجالية السورية باتت اليوم تشكل ضغطاً على ملفات الطاقة والعمالة والتعليم والمياه وغيرها من الملفات الحيوية ، وبدى واضحاً للعيان أن الخطط الرامية للنهوض بالوضع الاقتصادي قد تذهب أدراج الرياح إذا لم تجد الحكومة مخرجاً حقيقياً للأزمة السورية ، فالمواطن الأردني كان ولا يزال هو المعادلة الأصعب في خطاب الثقة لأي حكومة من الحكومات ، ولكن مجريات الحال قد تفرض وإذا ما قدر للجالية السورية أن تشكل أكثر من 50% من السكان فإنه من المتوقع مع نهاية العام 2014 أن يطالب البعض بان يتضمن خطاب الموازنة القادم إشارة واضحة للمواطن السوري وحقوقه أسوة بالمواطن الأردني الذي يقله عدداً !

qatawneh@yahoo.com