ساد اعتقاد في الفترة الأخيرة مفاده أن ما يسمى "معسكر الدول المتطرفة" في الشرق الاوسط برئاسة ايران، أصيب بالضعف، وبالمقابل تعززت مواقع مجموعة الدول المعتدلة، وعلى رأسها مصر، والسعودية، وسواهما، هذا ما زُعم في تقرير استخباري إسرائيلي وضع مؤخرا في مركز البحوث السياسية في وزارة الخارجية. وحسب التقرير الذي يحمل عنوان "ابطاء في زخم المعسكري الراديكالي، وتعزز المعسكر المناهض لايران" وكتبه رئيس دائرة في مركز البحوث السياسية، دانييل كيتنر، فان "الشرخ السني - الشيعي في الشرق الاوسط العربي تعمق في اعقاب شنق صدام حسين، والذي اعتبره الكثير من السنة في المنطقة كعمل انتقامي من الشيعة بدعم من ايران". كما جاء أيضا بأن "الامر ساهم في تلطيف حدة الاعجاب والتأييد الشعبي غير المتحفظ لحزب الله، وبقدر أقل لحماس".. وأدى قتل صدام الى تحول "إيجابي" في الاردن أيضا، وحسب التقرير، فان "اعدام صدام أدى الى موجة من الاحتجاج المناهض لايران ومناهض للشيعة"!!هذا هو تقدير الاستخبارات الإسرائيلية، كما جاء في صحيفة عبرية، لكن الاستطلاع الميداني الذي أجراه شبلي تلحمي، وهو عربي من عسفيا بفلسطين 1948، ويعمل استاذا جامعيا في جامعة ميريلاند الامريكية، في الاشهر الاخيرة ينقض هذا التقدير، الاستطلاع فحص رأي الجمهور في ست دول عربية "معتدلة" وهي مصر، ولبنان، والمغرب، وتونس، والسعودية، والامارات العربية. ما يهم هنا في نتائج الاستطلاع هو الفرق الكبير بين موقف الحكومات "المعتدلة" الموالية للغرب وبين الرأي العام فيها من كل ما يتصل بعلاقتها بالولايات المتحدة، واسرائيل والنزاع، وحزب الله.
حسب الاستطلاع، وجد ان حسن نصرالله يحتل المكانة الاولى في جواب سؤال من هو القائد (خارج بلدك) الذي انت له اكثر اجلالا، في جميع البلدان، قبل الرئيس شيراك، واحمدي نجاد الايراني ورئيس فنزويلا شافيز، بكثير، وكان السؤال المعاكس: من هو اكثر من تبغضه وتكرهه، يحتل الرئيس جورج بوش المكانة الاولى في الدول الست كلها، قبل الثلاثة الذين يأتون بعده وهم: اريئيل شارون، وايهود اولمرت وتوني بلير، بكثير.
وسؤال آخر كان: ما الذي قد يغير موقفك الى افضل منه، من الولايات المتحدة؟ واجابت اكثرية بلغت 62 في المائة: وساطة امريكية للاتيان بحل للنزاع الاسرائيلي - الفلسطيني.
وكذلك اجاب 70 في المائة من المستطلعة آراؤهم ان موقف الولايات المتحدة في النزاع الاسرائيلي - الفلسطيني هو عامل حاسم في صوغ موقفهم السلبي من الولايات المتحدة، وفيما يتصل بالحل المفضل للنزاع - 23 في المائة مستعدون لـ "سلام عادل شامل، يقوم على عودة اسرائيل الى خطوط 1967، بما فيها القدس". وفي هذا السياق، يرون انه "يجب على الدول العربية أن تعمل اكثر في هذا الاتجاه" يشارك 38 في المائة من المستطلعة آراؤهم في هذا الرأي.
لكنهم لا يعتقدون ان اسرائيل ستوافق على قبول حل كهذا بالطرق السلمية. اما 29 في المائة من المستطلعة آراؤهم فلهم موقف حاسم: فحتى لو قبلت اسرائيل هذا الحل، يجب على العالم العربي ان يستمر في النضال للقضاء عليها، مهما كلف النضال. تناول الاستطلاع الواقع ايضا وتطرق الى حرب لبنان. يعتقد 62 في المائة من المستطلعة آراؤهم ان حزب الله هو المنتصر الاكبر في الحرب، بل يرى 68 في المائة من المستطلعة آراؤهم انهم عقب الحرب طوروا علاقة افضل بحزب الله!
رأيان يستحقان المقارنة: تقرير استخباري بدا أنه غبي، واستطلاع رأي ميداني مفاجىء، يناقض كل ما اعتقدنا أنه حصل بعد إعدام صدام!
al-asmar@maktoob.com