facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




العيش في العام الماضي


سامي الزبيدي
01-01-2008 02:00 AM

أنا لا أحب كل صعب ، الرياضيات، الفيزياء ، والتعرف على أشخاص جدد ، حتى المرأة إذا كانت من النوعية الصعبة أتحاشاها، كما أنني لا ارغب في الدخول إلى العام الجديد، ببساطة لأنه عام صعب وهذا الأمر الأخير - أي الدخول في العام الجديد - لا بد من تفادي الدخول إليه بشتى السبل.
أمامي ألان أكثر من خيار : مواصلة عد الأيام غير معني بانتهاء الرزنامة كأن اعتبر أن الثلاثاء الماضي هو الثاني والثلاثين من كانون الأول واليوم الذي يليه الثالث والثلاثين من الشهر نفسه وهكذا حتى أتلافى الوقوع في تاريخ 1/1 / 2008.الخيار الثاني : استخدام نفس الرزنامة واقلبها على قفاها وأبدا من جديد ليكون تاريخ يوم الثلاثاء الماضي هو الأول من كانون ثاني للعام 2007 وهكذا استعيد أيام السنة السابقة يوما اثر آخر مع إجراء بعض التعديلات الضرورية لتستقيم الرزنامة وبهذا أتفادى الولوج في العام الجديد.
الخيار الثالث: العودة بالتعداد بصورة عكسية فما أن اصل إلى الحادي والثلاثين من العام حتى ارجع للعد بوصف اليوم الذي يليه هو الثلاثين ثم التاسع والعشرين وهكذا، بهذه الطريقة أتفادى العام اللعين.
لن يجبرني كائن من كان على الدخول في العام 2008 فانا اعشق 2007 كثيرا وسأبقى أعيشه بشهوره وأسابيعه وأيامه، ببساطة لأنني اعرفها جيدا ولا أخشاها، فانا اشعر برعب شديد من مواجهة يوم لا اعرفه فكيف بي أواجه سنة بأكملها وأنا لا اعرف منها يوما واحدا ؟!
الانكى أنهم يعرفون شدة رعبي من المجهول ورغم ذلك يستمتعون في الإيغال بإخافتي من أن العام الجديد سيكون صعبا جدا على أمثالي من الناس.
يكسرون جرة فخارية خلف العام المنصرم كناية عن وداع لضيف ثقيل، لكن هؤلاء أنفسهم ربما يضطرون " لكسر" جرة معدنية معبأة بالغاز استقبالا لعام أثقل واشد وطأة، وبين جرة الوداع الفخارية وجرة الاستقبال المعدنية نصاب بدوار الأرقام غير القابلة للجمع أو الطرح أو الضرب أو القسمة.
خلال العام المنصرم نجحت – على خطى آخرين غيري – في إيهام احد البنوك بملاءتي المالية وأقنعته بقدرتي على شراء عقار سكني فأضحت الأقساط تلتهم 167 % من الدخل اعتمادا على أمل بان العام المقبل ( 2008) سيكون عام البحبوحة نظرا للتدفقات الاستثمارية التي غزت البلد، لكنني – مثل غيري – لم احسب أن أرقام النمو الموغلة في التفاؤل ليست موجهة لي أو لأمثالي من سواد الناس بل هي تنحصر في قطاع ضئيل، وفق معادلة : لي التضخم ولهم النمو.
بهذا يتكامل المشهد الوطني في أرقى صوره، تتكافل الأغلبية بتحمل أوزار التضخم، وتتكفل الأقلية بقطف ثمار النمو، وهو أمر منطقي جدا فالأقلية أكثر وعيا من الأغلبية في ابتداع كيفيات "راقية" للإنفاق، أما الأغلبية فهي أغزر علما في ابتداع وسائل مبتكرة للترشيد .
إن أكثر الأسئلة مثارا للحيرة هو: "وكيف بمقدور الحكومة مواجهة أسعار المحروقات الملتهبة عالميا ؟" الإجابة المنطقية : تأتي على شكل سؤال أيضا ، هل أنا المسؤول عن تضاعف استهلاك الصين والهند للنفط؟ وهل أنا المسؤول عن انهيار قيمة الدولار في الأسواق العالمية؟ وهل أنا المسؤول عن فشل الولايات المتحدة في مشروعها الإمبراطوري؟... ببساطة أنا لست مواطنا عالميا حتى أترك وحيدا في مواجهة الأعاصير الدولية.
خبراء الفقر وإدامته ينتقدون دولة الرفاه ويحسدون الناس بضعة ملايين "قد" تنفق في مشاريع الإسكان لذوي الاحتياجات السكنية الخاصة، ويرون أن الزيادات في الرواتب ما هي إلا شكل من أشكال الإنفاق غير المبرر الضاغط على الخزينة، وبجرأة يحسدون عليها يقولون: الزيادات أكثر من كافية.
نقول لهؤلاء حسبنا الله ونعم الوكيل على عقل لا قلب له، وقلب لا عقل له.
هناك ثلاثة مواقف : واحد مبرر وآخر شجاع وثالث ذكي:
الأول المبرر فهو المستند إلى الشكوى من الغلاء وأثره السيئ على الناس ومن يتحدث بهذا الأمر فهو من الوجهة الأخلاقية مبرر ولا تثريب عليه.
الثاني الشجاع: وهو التطوع للاصطفاف مع الدولة في تحمل المسؤولية الأدبية والسياسية في أمر الغلاء وهو ينبئ عن شجاعة في التخفف من الشأن الشخصي لصالح المشاركة في تحمل أعباء المرحلة.
أما الثالث الذكي فهو الوقوف على يسار الحكومة ونقدها في "التساهل" في أمر العجز محرضا إياها على إلغاء البعد الاجتماعي للموازنة العامة والاكتفاء بانتهاج سياسات "رقمية" لا ضمير لها لمواجهة ألازمة.
اعترف بأنني لست شجاعا هذه المرة لكنني قطعا لست ذكيا لذلك لن اكسر جرة فخارية تطيرا من العام 2007 ببساطة لأنني لا ارغب في مغادرته.

samizobaidi@gmail.com





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :