facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




المناقشة الغائبة


د. باسم الطويسي
23-07-2013 03:59 AM

نقصد بـ"المناقشة الغائبة" تلك التي تُخرج الراكد السياسي والاجتماعي إلى السطح، وتجعل ضجيج النقد السياسي الراهن ينتقل بحرية إلى العمق الاجتماعي والثقافي. السؤال الراهن: هل نملك الإرادة والقدرة على فعلها؟
كل المجتمعات المتحولة تحتاج إلى مناقشة تاريخية فاصلة، تخلصها من قلق المصير. فالمناقشات الكبرى الفاصلة التي ترتقي إلى صفة المناقشة التاريخية، هي جسر العبور الحقيقي، وهي محصلة صراع أفكار حقيقي ومتعب؛ يدور بين النخب وقادة الرأي والمثقفين، ويدخل في إطارها حوار مؤسسات وجماعات ثقافية ودينية وطائفية، وتصل إلى الشارع والناس العاديين. والقيمة الفعلية لهذه المناقشة حينما تصل إلى الناس.

إحدى مشكلات تحولات "الربيع العربي" وما بعده أنها جاءت بدون أطر فلسفية حقيقية؛ فالتغيير بدون رؤية يقود إلى الفوضى. ويبدو واضحا اليوم حجم الجريمة التي ارتكبتها النخب العربية خلال العقود الأربعة الماضية، حينما توارت خلف النظم السياسية التقليدية، والنظم الاجتماعية والثقافية التقليدية على حد سواء، ولم تساهم بشكل عميق في تهيئة مجال عام قادر على استيعاب التغيير؛ فكما نعيش اليوم، ما تزال المعارك المحتدمة تدور على الأسئلة الأولية المرتبطة بنشأة الكيانات والمجتمعات ولم تتجاوزها، رغم ضجيج الميادين الهادرة.

"المناقشة الغائبة" تحتاج إلى حد أدنى من الوضوح بشأن المفاهيم الأساسية، وحد أعلى من القدرة على طرح الأسئلة العميقة، وطاقة هائلة من القلق الذي يفجر الجرأة ويُخرج من بطون المجتمعات مواقف حاسمة حول السياسة والدين والديمقراطية والمجتمع.

اليوم، يبدو أن التفاعلات المرتبطة بالدين السياسي في الشرق العربي هي أكبر التحديات التي تواجه هذه المجتمعات، سواء كان ذلك في الصراع حول الحاضر والمستقبل بين الدولة الدينية والدولة المدنية، أو في الصراع السياسي الطائفي المغرق في التوظيف والتعبئة الشعبية. بمعنى أن لا مستقبل للديمقراطية ولا للتنمية بدون اقتراب اجتماعي وثقافي من هذه العقدة، وكل ما تم تسخين حدة الصراع حولها اكتشفنا حجم تعقيد هذه المسألة، ومدى الحاجة الفعلية لحلها. والحل لن يأتي، قريبا أو بعيدا، بدون القدرة على طرح الأسئلة الكبرى والملفات الحرجة والعلاقات الشائكة، وممارسة الجراحة والبتر علنا وتحت ضوء الشمس.

حالة الخوف على التحولات الديمقراطية في مجتمعات "الربيع العربي" مشروعة تماما. وهو ليس خوفا مرضيا بلا استجابة منطقية ترى كيف تذهب الأمور في هذه المجتمعات نحو المزيد من خلق الحواجز التي تبعد الناس عن الممارسة الديمقراطية الفعلية، وأحيانا بما يتجاوز ما نتوقعه من المرحلة الانتقالية؛ إذ قد يصل بعض التحولات التي أخذت تطل برأسها إلى خلق قطيعة موضوعية بين هذه المجتمعات والممارسة الديمقراطية. كل هذه المخاوف تحيل موقع التحولات السياسية العربية، كما هي الحال في مصر، إلى التساؤل حول الفرق بين ممارسة السياسة وبين الانجراف في دوامة السياسة؛ أي حالة التخويف والذعر التي جعلت المجتمع ينساق معها، لأن المجتمع فعليا خارج المناقشة التي تحتكرها أطراف بعينها.

حتى لو انتظرنا مائة عام وربما أكثر، ستبقى النظم السياسية والاجتماعية والثقافية الراهنة قادرة على إعادة إنتاج نفسها، بينما ستبقى الصراعات تدور على الأسئلة الأساسية ذاتها، ما لم تتمكن المجتمعات من أن تكون طرفا في طرح الأسئلة وفي تقديم الإجابات، وما لم تدخل في مناقشة جريئة وفاصلة.

الغد





  • 1 عامر الدروع - الجامعة الاردنية 23-07-2013 | 08:56 AM

    مقالة تستحق القراة حيث تثير قضايا كثيرة نحن في مسيس الحاجة للوقوف عليها واعطائها الوقت الذي تستحق من البحث المعمق لانها تلامس المسكوت عنه في كثير من الاشياء التي تحتاج منا القدرة على طرح الأسئلة الكبرى والملفات الحرجة والعلاقات الشائكةفيما بين تلك الاشيا التي جاء على ذكرها الدكتور باسم خلال مقالته القيمة هذه لانه وكما وصف العلة التي نعاني منها في هذه التحولات فانها تحتاج حقا الى ممارسة الجراحة والبتر علنا وتحت ضوء الشمس.

  • 2 محمود الصلاح 23-07-2013 | 09:08 AM

    مقالة رائعة


تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :