facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




بعيداً عن الخنادق قريباً من الشمس


سميحة خريس
15-08-2013 03:28 AM

تنمو الطحالب العفنة في كل الخنادق، أرى مخلوقات سفلى تتسحب كما الأفاعي، وأسمع الكذب يتفتق من همس خائف حائر إلى أن يصبح اخطبوطاً دبقاً يحرك أطرافه ضارباً جدران الخنادق الضيقة التي تعبق برائحة دم متخثر، هناك حيث لا تحتمل الكلمة الحرة أو المغايرة أو صيغة السؤال، هناك حيث كلنا نتحول إلى أصوليين، وجدنا أجدادنا على طريق ضيعهم، فتبعناهم.

متى حدث هذا؟ متى تخلينا عن الشمس وحجبنا أعيننا بسخام قاتم؟ متى أصبحنا نشبه بعضنا حد التطابق؟ ولماذا لم يخولنا هذا التشابه المكين للسير معاً بقدر ما علمنا حفر الخنادق التي لا تتقاطع كما لو كنا مخلوقات تهيء سكنها في باطن الارض وتعزل بعضها بعضاً حتى الموت.

أين سقطت منا الاخلاقيات التي تغنينا بها شعراً في كل الأزمان؟ لماذا بتنا قادرين على الطعن من الأمام والخلف وكل الاتجاهات؟ وكيف صار الدم أرخص من نسمة الهواء؟ ومتى توحشنا؟ ومتى هانت الأفكار والمبادئ وبتنا بارعين في تقليب المعاني وتحريف الدلالات وصولاً إلى قولبة العالم كما نشتهي، لماذا لم نعد نجيد الاستماع وفارقتنا بلاغة الكلام؟ ماذا يحدث للعرب في هذه المرحلة الانتقالية؟ هل يهيئون مكاناً لهم تحت الشمس أم يحكمون إغلاق الخنادق عليهم؟
أشهد أني بت حائرة في فهم المرحلة، لا أكاد أتفهم اصتفافات فئة مع فئة حتى تواجهني معضلة وراء أخرى، فلا اليسار يسار ولا اليمين يمين، ولا الصديق صديق، في حين أن العدو يلعب في مساحة لا حدود لها ولا حواجز فيها، والألوان مخاتلة مختلطة، لا كلوحة عبقرية تعكس جمالاً، ولكن كمتاهة كبيرة لا تفضي إلى وصول، لا تتعلق تلك الحيرة في باب السياسة فحسب، لكنها تسحب في زلزلتها الكونية تلك عالم الاخلاق كله، حياتنا، تعاملنا اليومي، تقييمنا للامور، والأخطر فعلنا العادي البسيط، حيث نتساقط ونحن نتخبط ما بين رغباتنا وأحلامنا وانتماءاتنا وخفايا ما نبطن، وظاهر ما نظهر، وإذا كنا في الماضي نعيب على العالم أنه يكيل بمكيالين فقد باتت لدينا مكاييل عديدة نهيئها كما شاءت لنا مصالحنا وخياراتنا .

كيف أفلت من هذا المستنقع الموبوء؟

ما زالت على هذه الأرض بقاعاً طاهرة يمكنني الاحتماء بفطرتها السليمة، وما زال الفضاء مشرعاً لكل ما له جناحان، بعيداً عن الخنادق بألوانها المخاتلة وأنفاقها الضيقة، ولغوها وغثها، وأفاعيها، ورائحة الدم المراق.

أنفض عني الكلام، وأستدير كما حنظلة، قريباً من الشمس حيث الضوء ساطع والأفق مفتوح ولا مكان فيه للاختباء، أطير.

الرأي





  • 1 بسام عمارين 15-08-2013 | 11:15 AM

    الاستاذه المتألقه سميحه خريس :

    ابداع اخر من ابداعاتك لك كل التحيه و التقدير و أرجو الله أن لا يحرم انسان هذا الوطن من ابداعاتك و أن يديم علينا تألقك ...

  • 2 د.خالدة الحياري 15-08-2013 | 09:20 PM

    مبدعة ومتألقه دوما واﻻهم عفويتك وصدق قلمك

  • 3 د.خالدة الحياري 15-08-2013 | 09:20 PM

    مبدعة ومتألقه دوما واﻻهم عفويتك وصدق قلمك


تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :