facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




البلديات .. تطيح بهيبة القانون والمؤسسات


د. اسامة تليلان
28-08-2013 06:15 PM

الزائر لأي دولة في العالم وخلال طريقة من المطار الى المدينة التي يقصدها يتعامل مع امرين هما نظام السير وتنظيم المدن ونظافتها فيعطيانه صورة كافية لمدى هيبة القانون وقدرة المؤسسات.
ان جولة واحدة في شوارع محافظاتنا ستعطيك نفس المشاهد، نفايات في الشوارع متكدسة بكميات كبيرة ، فوضى مرورية سيارات تصطف بشكل مزدوج او اكثر، اغلاق لحظي للطرق لبعض السيارات، مناوشات يومية بين السائقين، تراشق هائل بالكلمات النابية، ناس تسير في منتصف الطرق بعد ان التهمت المحلات الارصفة، فوضى مرورية هائلة لا تعرف بدايتها ولا نهايتها.
صور مرشحين تملأ الجدران واللوحات المرورية الارشادية، جدران مشوهة بعبارات سيئة تملأ المدن، اسوار مدارس البنات عبارة عن لوحات يفرغ عليها المراهقون ابشع عباراتهم، ومكان للترويج الاعلانات التجارية المجانية، اكشاك من صفيح مهترئة، مظلات مشاة بحالة بائسة. اطاريف مكسرة او مفقودة بالكامل مدارس ومداخل احياء بدون ارصفة.
فوضى عارمة امام المحال التجارية، اعتداء على ارصفة المشاة من قبل المحال واستخدامها لغايات عرض بضائعهم، بسطات وفتوات تأكل حرم الشوارع العامة. بضائع لا تخضع لأي نوع من انواع الرقابة، سمسرة سوداء، تكدس القاذورات بين ارجل المارة، اسواق تجارية تعج بما يخرج عن المألوف والمقبول.
في ظل هذا الجزء من المشهد اليومي .. الم تسهم البلديات بزعزعة هيبة القانون والمؤسسات وتهشمهما.... كيف يمكن ان نقول لأبنائنا وللآخرين ان هناك شيئا اسمه قانون ولا بد من احترامه وعدم تجاوزه وكيف يمكن ان نقول لهم ان هناك مؤسسات معنية بتقديم الخدمات للمواطنين والحفاظ على سلامة حياتهم وأخلاقهم. كيف يمكن ان نقول لهم ذلك وإذا ما خرجوا الى الشارع ووجدوا ان لا أثر لقانون ولا أثر لنظام ولا أثر لمؤسسات تعمل باستثناء ما يقرره الشارع وتفرضه مفرادته وعضلاته.
ثم ان الاشكالية لا تقف عند هذا الحد وإنما تمتد ليشكل هذا الواقع المشوه مصدرا من مصادر توليد قيم جديدة مشوهة في المجتمع خصوصا عند فئة الشباب والأطفال، قيم تتخلق من رحم هذه الفوضى فما عساها ان تكون غير قيم الخروج على القانون وقيم عدم احترام اداء المؤسسات وقيم خذ ما تراه حقك بالقوة، قيم تعزز من الانحراف والعنف والفوضى والفساد الاخلاقي، قيم تطيح بكل الضوابط الايجابية في تنظيم حياة المجتمعات البشرية الى الدرجة التي تمس فيها ادمية الانسان وحقه في الحصول على ابسط حقوقه الادمية.
لم يعد استنتاجا مبالغا فيه او استنتاجا يحمل اي سمه من التحليل والذكاء عندما نقول ان تجربة البلديات على مستوى تقديم الخدمات وقدرتها على القيام بوظائفها الاساسية قد منيت بالفشل ، كذلك لم يعد سرا ان قلنا ان تجربة الحكم المحلي في ظل قصور التشريعات الناظمة للعمل والأداء والصلاحيات تواجه هي الاخرى الفشل ، وان طرقنا في اختيار المجالس البلدية لم تستطع ان تحقق نجاحا ينعكس على اداء المجالس البلدية كحكومات محلية قادرة على معالجة متطلبات مجتمعاتها بكفاية مناسبة وان تطبق القوانين والأنظمة بطريقة صحيحة. وان الرقابة الشعبية على اداء المجالس البلدية ليست سوى جزء من وهم عام في ظل الثقافة المجتمعية التي تحدد طرق اختيار هذه المجالس التي لا يحاسبها ناخبيها ولا يصرخون بوجه مجلسها عندما يختل اداؤه.
كلنا يعلم تماما ان اشكالية البلديات ليست مالية فقط وإنما قبل ذلك مشكلة اداء عام ان على صعيد الكوادر البشرية وإعداد الخطط المالية والاستثمارية او على صعيد التخطيط الاداري وصعيد تخطيط المدن والتنظيم اننا امام مؤسسات تكلست في عدد كبير من المدن الى الدرجة التي لم تعد تستطيع القيام بأبسط وظائفها وهي الرقابة على الاسواق وتنظيمها والحفاظ على مدن نظيفة وبالتالي لم يعد بقاؤها يشكل قيمة مضافة.
استعادة هيبة القانون والمؤسسات ليست لغزا كبيرا ولا تحتاج للكثير من الرؤى ويمكن القول ان واحدة من افضل الطرق للوصول اليها البدء من مؤسسة البلدية وإصلاحها لتمكينها من القيام بوظائفها الاساسية في النظافة والتنظيم والرقابة وتطبيق القوانين المحلية، فهي اقرب الطرق لاعادة انتاج ثقافتنا المحلية لانها الاكثر اشتباكا مع حياة الناس اليومية، فالناس عندما ترى هذا الترهل وهذا العجز بشكل يومي تتشكل لديها افكار جديدة لكنها هدامه لا مكان فيها للقانون والمؤسسات وعندما ترى عكس ذلك من المؤكد انها ستبدأ ببناء ثقافة جديدة اساسها وجود القانون والمؤسسات.
البلديات بعد الانتخابات امام استحقاق كبير فإما ان تستمر عبر ادائها بالإطاحة بالقوانين والأنظمة وتكريس صورة المؤسسات المترهلة، على كل المستويات، وإما ان تشكل انعطافه كبيرة في هذا الطريق، ووزارة البلديات معنية بقيادة هذه الانعطافة من خلال طرح مشروع اصلاح واسع للبلديات ربما يحتاج على خطة خمسية شاملة، لأنه وبكل بساطة لن تستطيع المجالس القادمة اخراج البلديات ومدننا من ازمتها الراهنة.
ويكفي اننا بتنا لا نملك ترف المطالبة بمكتبة او حديقة وبتنا لا نريد اكثر من رفع القمامة من وجوهنا كل صباح.





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :