facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




يتيم في الخمسين


طلال الخطاطبة
14-09-2013 09:37 PM

"أمي ماتت" قلتها لزوجتي عندما سألتني "شو فيه" بعد أن أنهيت مكالمة قصيرة مع أخي في الأردن. قلتها و انفجرت في نوبة بكاء كطفل تركته أمه في يومه الأول في المدرسة بعد أن رأى أمه تبعد بعيداً من خلفه، و عصا المعلم تنتظره في الصف الأول. كانت الساعة الثانية و النصف من صباح يوم الأحد الموافق الثامن من شهر أيلول. هذا اليوم التحقت الوالدة الجليلة أم طلال لتلحق بمن سبقها من عائلتها الطيبة أخوالي و خالاتي و رفيق الدرب و الطفولة أبن أخيها و صهرها أبو هيثم رحمهم الله جميعاً، فهذا العام كان عام فراق الأحبة.

ألحاجة أم طلال لم تكن يوماً ممن تقام المناسبات تحت رعايتهن، و لم تكن ممن يفتتحن الأيام الخيرية لرعاية الاسر المعوزة لتعيش العوز ساعة ثم تعود إلى أرستقراطيتها في إحدى الفلل البعيدة عن الفقر و الفقراء، و لم تلبس أم طلال الشرش (الثوب الأسود) كثوب فلكلوري في عرض أزياء شعبي. هي (و الحديث هنا لمن يقاربني في السن) كأمهاتكم جميعاً؛ كانت هي الأم و الأب لنا عندما كانت إجازات الأب يومين أو ثلاث كل عدة شهور، يعود بعدها إلى عمله في القوات المسلحة أو الشرطة بعد أن وضع بيدها عدة دنانير لا تكفي لوجبة من الوجبات السريعة هذه الأيام كمصروف الشهر. هي كانت المربية و مدبرة المنزل؛ هي الوجه الذي كنا نفيق على صوته صباحاً لنفطر خبز وزيت و شاي قبل الذهاب إلى المدرسة، و ننام على صوتها بعد أن تقول لنا (خلصتوا قراية يمه) فقد كانت حريصة على ذلك رغم أنها لا تقرأ و لا تكتب. لهذا ليس من العسير عليكم التعرف على أم طلال : فيكفي أن تنظر بوجه والدتك لتراها إن كنتَ ما زلتَ من المحظوظين بالنظر إلى وجهها الكريم. أم طلال و أمثالها عشن حياتهن مجاهداتٍ بهدوء و رحلن بهدوء كما كانت حياتهن دون ضجيج.

في عيد الأم الماضي ناجيتها بمقال على هذا الموقع بعنوان " إلى أمي في عيدها" و لم أكن أدري أنها ستكون المناجاة الأخيرة، و استعرضتُ معها شريطاً من الذكريات، ذكرتها ببعض الأشياء فلم يكن من الممكن استعراض هذا التاريخ الطويل بمقال. عرفت أن أخواتي قد قرأن المقال لها، فابتسمت رحمها الله البعض المواقف و دمعت عيناها لبعض الأمور و لكنها قالت " الله يرضى عليك يا طلال". سعدت جداً عندما أخبروني بذلك. هذا الصيف تحديداُ لا أذكر أنني رأيتها أكثر سعادة في يوم من الأيام كما رأيتها بهذا الصيف. كانت كلما رأتني أو أحداً من أسرتي الصغيرة ( تهاهي و تزغرد). بنهاية الصيف شهدت أسرتنا فرحاً بزواج إبني أخي أمين: أنس و أنيس، فلم تسعفها قوتها أن تشارك في الفرح، فهي رفيقة كرسي متحرك ضمها بحنان لسنوات، و لكنها كانت تراقب من بعيد دخول العرائس و العرسان الذين اقتربوا منها و قبّلوا يديها طالبين الدعاء بالتوفيق، كانت تصفق و تغني و تهاهي و تزغرد لوحدها كما لو كانت وسط كل هذا الغناء. قبل سفري بيومين حضرتُ لوداعها فقبّلت يديها و رأسها مودعاً و راجياً الدعاء. عدت محمّلاً بالدعوات بالتوفيق و الكثير من أقراص العيد من صنع أخواتي و إشراف أم طلال.

لا اعتراض على حُكم الله و لا راد لقضائه و لا مغير لمشيئته، فقد شاءت إرادته جل و علا أن تفيض روحها الطاهرة و أنا بديار الاغتراب بعيداً عنها، و لن ألعن الاغتراب فلم نغترب رفاهية طبعاً. لكن عز علي أن تذهب دون أن أسمع كلمة المسامحة منها؛ ينتابني شعورٌ بالحزن و الأسى لذهاب التي كنا نُرزق بسببها، و أُغلقت إحدى طرقنا إلى الجنة و هي طريق الأم، و عزاؤنا أن الأخرى موجودة بوجود الوالد العزيز أطال الله في عمره و أعطاه الصحة و العافية. و أحسست بشعور باليُتم لحظة سماعي بخبر وفاتها؛ أدرك حديث الرسول الكريم صلى الله عليه و سلم أن "لا يتم بعد إحتلام"؛ إنما هو مجرد شعور لا أستطيع اخفاءه، فأنا لآ أطالب بكفالة اليتيم، و لكني لا أدري ما الذي جعلني أقول لزميلي من السودان الشقيق الذي جاء النادي الاجتماعي الأردني بصلاله معزياً بوفاة الوالدة أنني أشعر باليتم بعد وفاة الوالدة؛ و دار حديث مع من حضر من الإخوة الأردنيين و العُمانيين و السودانين و اليمنيين من زملائي بالكلية حول دور الأم و أثرها في الأسرة.

أليوم هو مرور أسبوع لحلول الوالدة الحاجة مريم (أم طلال) ضيفة برحاب المولى عز وجل و أدعوه أن يغفر لها ويكرم نزلها و يوسع لها في دارها و يحشرها مع الصالحات من عباده إنه هو البر الكريم. إن القلب ليحزن و إن العين لتدمع، و إنا على فراقك يا امي لمحزونون، و لكن لا نقول إلا ما يرضى الله و رسوله " إنا لله و إنا إليه راجعون".

كل الشكر و التقدير و العرفان لمن تفضل بالحضور إلى بيت العزاء بجديتا مُعزياً إخوتي أو إلى النادي الاجتماعي الأردني بصلاله لتعزيتي و من تفضل كذلك بتقديم التعازي على صفحتي على موقع التواصل الاجتماعي الفيس بوك و تويتر أو اتصل هاتفياً معزياً. لكن و الطمع بالأجاويد أمثالكم أرجو ممن قرأ هذا المقال أن يقرأ الفاتحة على روح والدتي الحبيبة رحمها الله و يدعو لها بالمغفرة.

لا يتم بعد احتلام، و لكن اليتم بوفاة الوالدة بعد الخمسين شعور مختلف، فإذا مررتم بمن تيتم بعد الخمسين فارأفوا به و واسوه فإن مصابه جلل.
رحم الله الوالدة و رحم أمواتكم.
لا أراكم الله مكروها بعزيز.

alkhatatbeh@hotmail.com





  • 1 رحمة الله على جميع اموات المسلمين 14-09-2013 | 10:53 PM

    يبقى الرجل طفلا الى ان تموت امه وقتها يشيخ

  • 2 أنور الخطيب//قطر 14-09-2013 | 11:33 PM

    أبكيتني ..كانك تسرد حكاية والدتي رحمها الله.
    رحم الله والدتك ووالدتي وجميع امهات المؤمنين والمؤمنات.وجعلهن من أهل الجنة.
    أنا اعرف شعورك باليتم وأحس به ..فقد جربته قبل حوالي عامين..حين رحلت والدتي عن الدنيا ذات فجر ... ولا زال هذا الشعور يلازمني بل وأشعر ان الدنيا قد ضاقت بما رحبت بعد رحيل والدتي..لا نقول الا ما يرضي الله....مسلمين بقضائه......!!

  • 3 هيثم الخطاطبه 15-09-2013 | 12:12 AM

    اللهم انها تحت رحمتك أنت أعلم بحالها في لحدها
    اللهم اخرجها من ضيق اللحود إلى سعة جنات الخلود
    اللهم وسع مدخلها وآنس وحدتاه وأنر عليها ظلمته
    اللهم اجعل قبرها روضه من رياض الجنه
    اللهم ارزقها دار خير من دارها واهل خير من اهلها
    اللهم اعتقها من النار وادخلها جنة الابرار
    واجمعني بها في الفردوس الأعلى وأمواتنا وأموات المسلمين

    رحمة الله جدتي أم طلال اللهم تغمد روحها الجنه وارحمها برحمتك يا عزيز يا جبار انك أرحم الراحمين
    طوله العمر الك خالي صبرا جميل وبالله المستعان

  • 4 مسلم كشوب 15-09-2013 | 12:50 AM

    أخي أبو محمد تعازي الحارة في مصابك .أسأل الله القدير أن يتغمد روح الوالده أم طلال برحمته وأن يجمعك ويجمعنا بها في الفردوس الأعلى آمين.

  • 5 محمد الجراح 15-09-2013 | 12:55 AM

    أسأل الله العظيم رب العرش الكريم أن يتغمدها بواسع رحمته ويلهمك الصبر.
    وأسأل الله أن يجمعنا في مستقر رحمته.

  • 6 صباح الصباغ 15-09-2013 | 12:56 AM

    رحم الله امك وامهاتنا حقا اخي طلال مشاعر صادقه جياشه


    من ابن بار لوالدته ابكيتني اخي وانت تعرف اني يتيمه من صغري

    لكن مقالك هلا فتح مواجعي اللهم ارحم ام طلال وادخلها الجنه وليس لنا الا الدعاء وطلب الرحمه والفاتحه لروحها

    وربنا يصبرك بمصابك الجلل

    اختك ام احمد

  • 7 ميسر حرب 15-09-2013 | 02:20 AM

    رحمها الله واسكنها فسيح جنانه لايتم الا بعد وفاة الام حتى لو كنا في الستين من العمر نحتاجها في كل الاوقات كم بكيت لمقالتك فأمي حاجة طاعنة في السن وقلبي يتفطر الما كلما تعبت ولااتخيل حياتي بدونها اعانك الله والهمك الصبر والسلوان

  • 8 د/ عبدالغني الشعيبي - الدوحـة - قطر 15-09-2013 | 04:10 AM

    إن لله ما أخذ وله ما أعطى ، وكل شيء عنده بأجل مُسمى ... فلتصبر ولتحتسب أخي طلال.


    اللهم اغفر لها وارحمها، وعافها، واعف عنها، وأكرم نُزُلها، ووسع مُدخلها، واغسلها بالماء والثلج والبرد، ونقها من الخطايا كما ينقى الثوب الأبيض من الدنس، وأبدلها داراً خيراً من دارها، وأهلاً خيراً من أهلها وزوجاً خيراً من زوجها، وأدخلها الجنة، وأعذها من عذاب القبر ومن عذاب النار.

  • 9 جعفر الصرايره 15-09-2013 | 10:40 AM

    عظم الله اجركم يا ابا محمد

  • 10 جعفر الصرايره 15-09-2013 | 10:40 AM

    عظم الله اجركم يا ابا محمد

  • 11 سعيد ملحم 15-09-2013 | 10:54 AM

    اسأل الله العظيم ان يتغمدها بواسع رحمته

  • 12 لين الخلايلة 15-09-2013 | 01:04 PM

    ربنا يرحمها يا رب

  • 13 د. وليد ابودلبوح 15-09-2013 | 02:51 PM

    اخي طلال بارك الله فيك وفي امثالك يكفيك فخرا ان الله اعانك على تأدية الامانه في البر للوالدة وهذه نعمة تستحق الحمد والشكر نسأل الله أن يرحمها رحمة واسعة ويدخلها فسيح جنانه

  • 14 هدي ابورجب 15-09-2013 | 07:44 PM

    اشعر بما تشعر استاذ طلال فوالدي توفي قبل عام ونصف وانا بالغربه ولم تسنح لي الفرصه لوداعه ها هي امي بعد ان قررت ان تاتي لزيارتي ونستمتع برمضان سويا في اخر جمعه من رمضان الكريم اصيبت بجلطه بالدماغ ومنذ هذا اليوم وهي ترقد هنا في مستشفي في الولايات المتحده .ومع كل التقدم في العلاج التي تتلقاه والعنايه التي تلقاها كل ما تتطلبته مني كل صباح (يما رجعيتي علي الاردن اموت ببلدي وبين اوللادي انا بس ارجع راح اطيب ) هذه الجمله التي ترددها ليل نهار
    اللهم اشفي مرضانا ومرضي المسلمين وارحم موتانا وموتي المسلمين

  • 15 ابراهيم أبو فؤاد - دبي 15-09-2013 | 10:35 PM

    العزاء للجميع ...لعمي أبو طلال وللأستاذ الفاضل طلال والأستاذ الغالي بلال وللأخ العزيز أيمن .. ولجميع الأهل والأقارب من عشيرتنا الغالية
    رحم الله أم طلال .. وأدخلها فسيح جنانه

  • 16 صالح خطاطبه ابو عامر 16-09-2013 | 02:07 AM

    عظم الله اجركم واحسن عزاؤكم وتغمد الله الفقيده بواسع رحمته وسائر اموات المسلمين


تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :