facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




"الهية" الكرك حينما تكتب في سفر الوطن!!


د. زيد نوايسة
21-11-2013 02:15 PM

مائة عام وثلاث سنوات، هي عمر "الهية" الثورة، الساكنة في الوجدان الأردني كما الوشم على وجوه جداتنا، هي بواكير الوطن الذي بناه الاباء والأجداد، بالدم والدمع والصبر، ففي ذلك المساء التشريني، الأحد 21/11/1910، خرجت الكرك وكل حواضرها عن بكرة أبيها، معلنة الثورة على الحاكم العثماني المستبد "جمال باشا السفاح" وقائد حملته العسكرية "سامي باشا الفاروقي"، فكانت هبة الكرك أو "الهية" كما يسميها الكركيون.

تلك الهية "الثورة"، والتي جاءت بعد خمس سنوات تقريبا على ثورة الشوبك "الثورة المنسيه" آذ شكلت بواكير الرفض والتمرد الشعبي على المنطق الاستعلائي للحاكم العثماني، فانتفض أهل الشوبك لكرامتهم، ورفضوا قرار قائد الحامية العثمانية، بإلزام نساء تلك القرية بإحضار الماء يوميا، فكانت أحداث عاصفة، انتهت بقبول الأتراك بشروط أهل الشوبك، وكان من قادت تلك الثورة، الشيخ مصلح الهباهبة والشيخ مطلق البدور والشيخ احمد الغنميين.


لقد جسد الشعر الشعبي تلك المرحلة ببساطة، التي ساد فيها الظلم والعسف والبطش العثماني، وإجبار الناس على السخرة، وها هو شاعر الكرك الشيخ "عبد الله العكشة" يصف الحال فيقول :

الله من قلب أضرمت بيه نيران جوّى ضلوعي زايد إلها الهابا
ع ديرة ما هي ملك ابن عثمان ظلت عزيزة بالشرف والمهابا
ترى السخرة خلت الناس نسوان أو غدت على بعض المخاليق نابا
عسكر كركنا شارب الشف فسقان حنا فريسة أو هم صاروا ذيابا
يا شيوخنا صفت عذارى بديوان والكل منهم ساعياً بالخرابا
حنّا الغنم وأنتم على الكل رعيان حسبي عليكو الله صرنا نهابا
شيخاً بلا عزوة ترى ماله الشآن إو عزوة بلا شيخاً بليّا مهابا

عندما نستعرض تاريخ تلك المرحلة ، نجد أن أهم الأحداث التي سبقت حدوث "الهية" هو تمكن قائد الحملة على حوران والكرك، "سامي باشا الفاروقي" من إخماد ثورة حوران قبل شهرين من اندلاع الأحداث في الكرك، فقرر الفاروقي الطلب من متصرف الكرك "طاهر بيك" بوحي من إحساسه بالزهو والانتصار، معتقداً انه يستطيع كسر شوكة الكرك وأهلها، بفرض إحصاء النفوس والتجنيد الإجباري وجمع السلاح وتسجيل الأراضي والأملاك، ولكن حساباته خالفها الواقع المتمرد، فرفض الأهالي وزعماء المنطقة الأمر، وتداعوا لاجتماع في بلدة المزار لشيوخ وزعماء عشائر المنطقة، المجالي، والطراونة، والنوايسة، والقطاونة، والصرايرة، والضمور، والبطوش، والمواجده، والخرشة، والنعيمات، وكان القرار بالخروج على السلطه التركية، ورفض قراراتها بمعزل عن الثمن وفداحة الخسارة المتوقعة، فالكرامة والعزة ليست موضع نقاش ومساومة ، وفي هذه الأثناء قام شباب من أبناء بلدة "المزار" باعتراض الضابط التركي اليوزباشي "سعيد أفندي" ومعه خمسة جنود، قتلوهم جميعا، وكانت الشرارة بالإيذان ببدء أحداث "الهية" والتي سرعان ما إمتدات إلى الحامية العسكرية التركية في بلدة "العراق" غربي المزار الذين سارعوا وهاجموها وقتلوا من فيها.

كان الرد العثماني قاسيا وهمجيا على قرية "العراق" إذ سقط ما يقارب المائة شهيد من أهلها ( تسع وتسعون رجل وأمراه) حسب الروايات وفي بعضها ثلاثة وثمانون، تلك القرية المنسية للآن قدمت للوطن ما لم يقدمها كثيرون غيرها ممن توارثوا المواقع والمناصب في حالة فرعونية مقيتة، منذ أن تأسست الدولة وحتى الآن، ولم ينال أي من هؤلاء الشهداء الكبار الذين علمونا أسمى معاني التضحية والبطولة، ابسط تكريم ولو بتسمية شارع بأسمائهم في قرية نائية أقصى الأردن؟!!.

في صباح اليوم التالي الاثنين 22/11/1910، وعلى وقع أهزوجة الثورة الشهيرة "يا سامي باشا ما نطيع ولا نعد رجالنا لعيون مشخص والبنات ذبح العساكر كارنا"، توافد الكركيون من كل فج عميق في الكرك من ريفها وقراها وباديتها، ومن كل عشائرها وعائلاتها، بل أن المشاركة امتدت لتشمل العشائر الأردنية من العقبة جنوبا كالحويطات إلى عشائر بني حميدة والكعابنة والسلايطة شمالاً، ومن سكة الحديد شرقاً إلى غور الصافي غرباً، ، ليهاجموا مقر الحكومة والسرايا والقلعة، وتستمر الأحداث ما يقارب العشرة أيام، ولكن وصول الامتدادات العسكرية إلى منطقة القطرانة، وشدة العسف والبطش العثماني، وحصار الكرك، الذي مارسه الجيش التركي، ساهم في إخماد هذه الثورة المجيدة التي جاءت في بواكير مرحلة النهضة العربية لتؤسس وتمهد موضوعيا للثورة العربية الكبرى فيما بعد بقيادة الشريف الحسين بن علي.

بعد أن استتب الأمر، قدرت خسائر الأتراك بـــ 150 قتيلا، والخسائر المادية بما يقارب 290 ألف قرش، أما خسائر الكرك فاستشهد 130 مواطن، وحوكم 1047 شخص ، ثبتت التهم على 110 أشخاص، وحكم غيابا على ،560 ومنهم قائد الثورة الشيخ قدر المجالي الذي ظل مختفيا لسنوات، إلى أن تم اغتياله مسموما في دمشق، وها هو الشاعر سعود بن عبد القادر المجالي يرثي عمه "قدر" :
أمسى الضحى شدّيت كور النجيبة أدوّر على عمي طول مغيبه
لهو مع الحجاج فوق النجيبة ولا تكسر مركبه في البحر عام

وقد صدرت أحكام بالإعدام على 22 شيخا من شيوخ الكرك، اعدم 5 منهم في ساحة الاتحاد بدمشق وهم الشيخ علي سليمان اللوانسه والشيخ درويش بن خليل الجعافرة والشيخ ساهر بن محمد المعايطة والشيخ منصور بن إبراهيم الذنيبات والشيخ خليل بن هلال الذنيبات واعدم البقية في قلعة الكرك، بالتزامن مع إعدام أحرار العرب بساحة المرجة بدمشق، وساحة الشهداء في بيروت، والشهداء الذين صدرت بحقهم أحكام الإعدام أمام المسجد الأموي في الكرك، اعدموا بأبشع طريقة إعدام عرفتها البشرية حيث تم ربطهم بحجر كبير والقي بهم من أعلى قلعة الكرك لتتدحرج أجسادهم إلى الوادي، وهؤلاء هم:-

الشيخ محمد البحري البصراوي والشيخ ذياب بن حمود الجلامدة والشيخ عاتق بن طه الطراونه والشيخ فجيج بن طاعة الطراونه والشيخ منصور بن طريف والشيخ سليمان البطوش والشيخ عبد الغني البطوش والشيخ صحن بن فارس المجالي والشيخ عبد القادر المجالي والشيخ درويش المجالي والشيخ محمود بن طه الضمور والشيخ محمد بن علي الطراونه والشيخ حسين بن اعوض الطراونه والشيخ محمود بن إسماعيل القطاونه والشيخ معمرالمعايطة والشيخ سالم الصرايرة والشيخ حسين بن عليان العواسا النعيمات.

اليوم، وبعد مائة عام ونيف، نستذكر هؤلاء الأجداد العظام الذين كتبوا بالدم في سفر الوطن، أروع صفحات البطولة والكرامة والكبرياء الوطني، وننحني أمام هاماتهم الكبيرة التي طاولت ذرى المجد والعزة والفخار، وأسست مبكراً للدولة التي ننتمي إليها الآن، ونقف أمام ذكراهم خجلين معتذرين، لان عصبياتنا وانتماءاتنا الصغيرة، وانتهازية البعض منا، ساهمت في إغفال ونسيان تلك الصفحات المضيئة من تاريخنا، في المقاومة، والرفض، والتضحية والبطولة، فأي بطولة وتضحية وفداء أمام تضحية عشائر قرية "العراق"، تلك القرية البائسة والفقيرة والمهملة الآن، فما بالكم قبل مائة وثلاثة أعوام؟!!، لتقدم ما يقارب المائة من أهلها فداءً للوطن والحرية ورفض الظلم؟!! وأي مشهد أنساني أعظم وأنبل أكثر من إصرار الشيخ محمود بن إسماعيل القطاونة " أبو شما" ، وهو يطلب من الحاكم العسكري في ساحة المسجد الأموي، أن يعدمه قبل خاله الشيخ محمد بن علي الطراونة "أبو فياض"، لأنه لا يقبل أن يعدم خاله أمامه، في صورة تعزز الوفاء والاحترام حتى أخر لحظة في الحياة في أبهى صورة.

نستذكر تلك الثورة اليوم وشهدائها وقادتها الكبار الكبار، بصمت وكبرياء، لنقول لكل العابثين والعابرين، والطامحين الطامعين، "مهلاً"، فهذا الوطن لم يولد في غفلة من الزمان، ولا كان مجرد التماعة برق في عقل مغامر، ولا هو محطة عابرة في التاريخ، بل هو نتاج الدم حينما ينتصر على السيف، والإرادة حينما تقرر أن تكون ويكون الوطن، فالسلام على أرواح البناة الأوائل الذين سطروا بدمهم ملحمة ستظل الأجيال تذكرها بفخر واعتزاز وكبرياء، وسيظل الرهان والآمل معقود على كل المؤمنين بهذا الوطن باعادة اعتبار للهية "الثورة" وصنعها و "تأريخها" لتظل راسخة في ضمير الاجيال.





  • 1 مصطفى ابونواس 21-11-2013 | 04:14 PM

    الاستاذ زيد كل الحب والتقدير والشكر على مقالاتك الرائعة دوما

  • 2 نايف النوايسة(ابو عمر) 21-11-2013 | 06:11 PM

    نعتذر..

  • 3 د. حازم الضمور 21-11-2013 | 08:27 PM

    الاخ زيد الاستاذ الكبير
    شكرا لك على هذه الملحمة الكبيرة التي كتبتها, سلمت يمناك لقد ذكرتنا بشيء غائب تماما عن ذاكرةهذاالجيل من ابناء الكرك, لعل بهذا العمل ان نتذكر و نعي من نحن. انت ابن الكرك الفاضل الاصيل. لك مني الف تحية وشكر.
    د. حازم الصمور

  • 4 محمد فاضل المحاسنة 21-11-2013 | 08:37 PM

    نعتذر..

  • 5 محمد عبيدات 21-11-2013 | 09:09 PM

    نعتذر...

  • 6 مورخ فلسطيني 22-11-2013 | 03:26 AM

    نعتذر...

  • 7 صايل القيسـي - مادبـا 22-11-2013 | 09:30 AM

    الاستاذ زيد النوايسة شكرا لمقالك الرائع.. وهذا التاريخ المضيء يجب أن يدرس للطلبة في المدارس كجزء من تاريخ الأردن الحديث وفي مقدمة الحديث عن الثورة العربية الكبرى.. ورحم الله جميع شهداء الكرامة والحرية

  • 8 إبراهيم الصرايرة 22-11-2013 | 10:16 AM

    نعتذر...

  • 9 كركي 22-11-2013 | 11:57 AM

    كل الشكر على هذا الابداع

  • 10 د منتهى مدالله الطراونة \ الدوحة 22-11-2013 | 02:21 PM

    تحياتي ابن العمة الغالي أبدعت وكتبت في سفر الوطن الغالي أروع السطور ووثقت لبعض من تاريخ الكرك ورجالاتها الشجعان على مر الزمان بوركت وبورك قلمك وبوركت الكرك وبورك الوطن الأغلى والأروع

  • 11 كركي 22-11-2013 | 03:53 PM

    هية على هية

  • 12 عبد الله عويس 22-11-2013 | 04:07 PM

    نعتذر...

  • 13 هدى الطراونه 22-11-2013 | 06:21 PM

    جزيل الشكر على هذه المعلومات التي يجهلها الكثيرون وينسون ان للاردنيين تاريخ مشرف ولابناء الكرك بالذات كل الفخر والاعتزاز

  • 14 محمد يوسف النوايسة 22-11-2013 | 08:05 PM

    كل الاحترام ابو محمد

  • 15 حامد حسين النوايسة 22-11-2013 | 10:51 PM

    ارجو ان انوه ان ابيات الشعر المتعلقة بالشيخ قدر المجاليه، ليست للشيخ سعود بن عبد القادر المجالية بل هي للشاعر الثورة غنام البطوش الذي تنبأ في اخر القصيدة بقوله " بكر يجوك البداوي كما السيل داوي، الهم على ظهور النجياب حداوي، في ضف اخو عليا النداوي، عوده مضاري للعدا ضد والطام، اقطع لساني كان هالهرج ما يصير، يجي من القبله جيوش ودعاثير، يجي يافيصل قايدا للطوابير،جده مترخ للعرب سيد الاسلام، يجي وينزل على بير التوانه، وتصير تركيا بحال الهوانه، الله ........يوما من دون الايام.
    وكانها نبؤة بتورة العرب.

  • 16 زيد محمد النوايسة 22-11-2013 | 10:56 PM

    تنوية: اشكرك الذين علقوا وانا ممتن لكل واحد منهم، وارجو ان اشير ان خطأ وقع في نسب ابيات الشعر المتعلقه بالشيخ قدر المجالي ، فتبين انها للشيخ غنام البطوش وليس للشيخ سعود بن عبد القادر المجالي.

  • 17 سفيان الجحايا 22-11-2013 | 11:39 PM

    قامت الدولة العثمانية بعدما اعادة سيطرتها على الكرك والبؤر الثائرة قدرت الخسائر وفرضت غرامات على العشائر بمبدأ الغرم بالجرم حيث فرض على قبيلة الحجايا 1500 مجيديه وهي الغرامة الاعلى وتم تخفيضها الى 7500 مجيديه دفع منها الشيخ حمد العلياني الحجايا 2500 مجيدية والشيخ غيث الهدايات الحجايا 2500 وشيخ المناعيين الحجايا 2500 مجيدية وتم اعدم خمسة اشخاص من الحجايا حيث قام فرسانها بقطع الامداد عن الحامية التركية وقتل وسلب عدد من الاتراك في السواقة والقطرانة واللجون. للمزيد الرجوع لكتاب د محمد سالم الطراونة

  • 18 كلوب باشا 23-11-2013 | 01:22 AM

    أحسن من سفر التكوين ......

  • 19 اردني وافتخر 23-11-2013 | 02:31 AM

    ممن نعرف اسم العشيره التي تسكن بلده العراق شكرا

  • 20 د قاسم يحيى الطراونه/ الرياض 23-11-2013 | 11:19 AM

    مبدع استاذ زيد سمعت عن هية الكرك لكن التفاصيل التي ذكرت شدتني للموضوع وتنم عن ثقافتكم الواسعه و وطنيتكم وحبكم لتراب الأردن واحب ان انوه هنا ان الحقبه الأخيره فقط من تاريخ العثمانيين وهي الأتحاديين الذي سيطروا على الحكم في الحقبه الأخيره هم من ساهموا في التفريق بين اجزاء الأمبروطوريه العثمانيه التي سادها العدل والمساواه ايام السلاطين الأوائل وشكرا لكم

  • 21 عائده محاميد 23-11-2013 | 12:40 PM

    دائما مبدعه وتحسنين الاختيار يسلما

  • 22 عائده محاميد 23-11-2013 | 12:42 PM

    دائما مبدعه وتحسنين الاختيار يسلموا

  • 23 وضاح ساطع عطاالله الطراونه 24-11-2013 | 12:26 AM

    نعتذر...

  • 24 مواطن حر 24-11-2013 | 12:04 PM

    الخسائر حسب اعتقادي لم تكن كما ذكرت حيث في العراق لم تتجاوز 12 ليس 99 .
    مع الشكر

  • 25 عصام الضمور ابو سعود 31-12-2013 | 01:04 AM

    استاذ زيد ابدعت وسلمت رحم الله والشبس مشايخ الاردن اينما كانوا وماتوا والمحزن جيل هذا اليوم الذي لايستذكر الا الواتس والبليستشن

  • 26 سنان الطراونه 28-03-2014 | 04:45 PM

    لله درك يا كرك


تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :