facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




بالعقول تبنى الأمم وبالعقول تهدم


عبير الزبن
26-12-2013 02:16 AM

كثير من الحكايات تروى في سالف الزمان، نسمعها على ألسن الكهول وتقرأ على صفحات الورق الأصفر، الذي زال من المكتبات أو كاد يزول، تروي هذه الحكايات تمجيدا لقدرة العقول الخالقة المذهلة، وتزين سماعها بالزهو والتفاخر والفخار، هناك من بنى قصرا في أعماق الصحراء الخالية ببرهة من الزمن، وهناك فارس يقاس بأربعين فارسا، و هناك من إذا وقف فالجمع كلهم وقوف، وأن جلس وتكلم فالجمع كلهم صامتون جالسون، حكايات أقرب إلى الخيال ولكنها تمجد القدرات العقلية لدى هؤلاء، وتلبدها لدى السامعين، فما هي يا ترى الغاية ؟ .

إن جل غايتهم الحقيقية لم تدرك الا بعد مرور السنين، وبلوغ سن الرشد للسامعين، إن غايتها التفاخر بزينة العقل و حث الخلائق على التحلي والتجمل والزهو به، والانتقال من بعد بالحياة الفضلى لما هو أفضل، فهل الحث هذا على استعمال العقول و قطف ثمار إنتاجها كان في الماضي ديدنهم الدؤوب الذي لا يفتر؟ أو أن التاريخ لا يدون الا فضائل الاعمال و يسقط الساقط منها، ويمجد و يخلد من تحلى بالفضائل منها، و يهمل ألوفا ممن لا ترقى أسماؤهم وأفعالهم للتأريخ والتدوين .

هل شعوب اليوم تحمل تلك الصفات التي أفرزتها هذه العقول الممجدة؟،أو أن التفاوت بين الامس واليوم هو بمقدار الحس الوطني و بمقدار أداء الواجبات بما هو لك و بما هو عليك، هل الشعور بثقل الامانة وأداء المسؤولية هي التي جعلت العقل يبني ولا يعرف سوى البناء في أجيال الامس، النقية البريئة الهادئة الآمنه المطمئنة الخالية من الشوائب، مقارنة مع أجيال اليوم ( البعض منهم ) جعلت عقولهم تهدم ما تم بناؤه وتشييده.

العقول زينتها الافكار والاراء، وزينة الافكار حسن السلوك، وزينة السلوك العمل الطيب، وزينة العمل الطيب مناهج الخير، التي يزينها جميعا المالكون لها والقائمون عليها بجد وجرأة وأمانة .
ثم إنه ليس الحياة الناجحة ولا السلوك المستقيم ولا العمل الأمثل ولا المنهاج الأسلم تلك التي تقوم على رعب آمر و مأمور، رئيس و مرؤوس، باستخدام الإدارة التسلطية والهيمنة الرئاسية، إنما الحياة عقل و فهم واحترام وحقوق وعدل و تواضع و محبة و صدق و ولاء وانتماء .

في بناء الأوطان فالأمنيات وحدها لا تكفي، وإن كانت بداية الأمل، الا إذا تبعها حسن التفكير والتدبير، باستخدام العقول زينة ما خلق الله، فلو سُئل الجمع لَتَمَنوا النمو والتطور ودوام النعم، والاحسان في التعامل والاخلاص في العمل والوفاء للمبادئ، والأمن و الإستقرار و وحدة الصف، فهل يا ترى هذه الأماني صعبة على العقول أن تحيلها إلى واقع حقيقي ملموس، والمثل يقول: ( عقولٌ تبني أمما وعقولٌ تهدمها ) فإن هم بقوا على الأمنيات كانوا كالشموع التي نهايتها دموع.

ثم إن بناء الأوطان على أيدي أبنائه وبعصف عقولهم و توالد أفكارهم، ليس حكرا ولا حصرا على الرجال دون الإناث، فإن كان كذلك فهو كمن سار على قدم واحدة وعطل الأخرى، فسيره بطيء، ومداه قصير، وأهدافه قريبة، وإنجازه هزيل ورؤاه محدودة، يده مغلولة ولسانه حبيس فكيه، بل إن الركيزة المساوية أو ربما تزيد هي المرأة، فلا تضيعوا دورها في البناء، إذ لا زالت النظرة السائدة والثقافة العامة، خارج البيت للرجل وداخله للمرأة .

القدرات العقلية هبة من الله، وهبها لكل خلقه دون تمييز، ولم يحصر قدرتها في الرجال حتى يكونوا هم وحدهم بناة الوطن، فالعقول المبدعة تبني، سواء كانت بالذكور أو الإناث، و العقول القاصرة تهدم ونادرا ما تكون من النساء، وصدق من قال بالعقول تبنى الأمم وبالعقول تهدم .
حمى الله الاردن وشعبه ومليكه .
(الدستور)





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :