facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




المظلومية الجديدة


د. باسم الطويسي
03-02-2014 03:04 AM

مع اقتراب وصول النخبة العسكرية المصرية إلى السلطة، بصناديق الاقتراع أو بالشارع أو حتى بالدبابات، يتأكد أننا أمام تشكل مظلومية جديدة تتأسس في هذا الوقت في الخطاب والممارسة لجماعة الإخوان المسلمين، في هذه المرحلة من تاريخ المنطقة العربية، وبما يختم ربما الفصل الأخير مما سمي "تحولات الربيع العربي". أي إننا ندخل، مرة أخرى، دائرة الصراع المغلقة بين طرفي معادلة الظالم والمظلوم، ونفوت، مرة أخرى أيضا، الاشتباك مع فكرة الظلم نفسها، بغض النظر عن فاعليها؛ أي تفكيك العلاقات التي تنتج فكرة الظلم، وبناء علاقات أخرى تؤسس لفكرة العدالة والديمقراطية في عقول الرجال والنساء، وفي ممارساتهم.

المظلومية تبدأ بالشعور باغتصاب حق ما، وبأن موازين القوى لا تخدم المظلوم ولا تناصره؛ فيكتفي بالشكوى والشعور بالاضطهاد الذي قد يتحول إلى عقدة، إذا ما استمر الشعور بالظلم، ولم تتغير العلاقات القائمة. وفكرة المظلومية موجودة تاريخيا منذ مظلومية عبيد أثينا، مرورا بفكرة المظلومية عند الشيعة المسلمين، وصولا إلى مظلومية الإخوان المسلمين في القرن العشرين.

فقد شكلت عقود النصف الثاني من القرن الماضي مسرحا لرواية مظلومية التيار الإسلامي الأكثر انتشارا وتنظيما في تاريخ العرب المعاصر. تلك المظلومية المملوءة بذكريات معتقلات الضباط الأحرار وسجونهم، وأحزان سيد قطب في زنزانته، مع مصفوفة طويلة من أدبيات الاضطهاد والإقصاء والمنع والتشويه الذي مارسه عهد عبدالناصر ضد الإخوان، حسب روايتهم وما تبعها من تأويل.

ويبدو المشهد اليوم وقد اكتمل للدخول في حلقة أخرى في إنتاج مظلومية جديدة، وأهم ملامحها رواية الانقلاب العسكري، وحرق مقار الإخوان، ومطاردتهم وزجهم في السجون مجددا. والأهم في ذلك اغتصاب شرعية الحكم التي جاءت بها الصناديق، ثم ما يقدم من ترميز للرئيس المنتخب والمعزول، محمد مرسي، في سجنه، والسردية التي تروى عن أحواله، وما تحمله من رموز وتداعيات؛ منها وقائع، وأخرى خيال سياسي واجتماعي. في المقابل، تخدم الخطوات والأخطاء الكبيرة التي ارتكبتها النخبة العسكرية، اكتمال عناصر هذا المشهد، وآخرها عزم وزير الدفاع عبدالفتاح السيسي الترشح لانتخابات الرئاسة. ويبدو أنه لا يفصله عن السلطة إلا أيام.
ماذا يعني كل ذلك؟

أولا، أننا سنواصل لعبة الدوران في التاريخ. فالمظلومية هي صيغة لإدارة الصراع لا لحله؛ وصيغة لاختصار قضية الظلم والعدالة والاستبداد في الصراع بين طرفين، وليست إحلالا لحالة اجتماعية وثقافية وسياسية محل حالة اجتماعية وثقافية وسياسية أخرى. وثانيا، أن خيار الديمقراطية سيبقى أداة من أدوات الصراع بين الطرفين، وليس أداة لحسم الصراع والقبول بالنتائج؛ بمعنى أوضح: أن الديمقراطية مؤجلة. وثالثا، تأجيل حسم القيم الثقافية والسياسية مرة أخرى، وعلى رأسها علاقة الدين بالدولة والسياسة؛ بمعنى أننا أمام عقود من التناحر السياسي التي سنعيد فيها الماضي القريب.

كان فيلسوف المعذبين والمظلومين فرانز فانون يقول: "إن الثورات يطبخها فلاسفة وأخلاقيون عظام. وينفذها رجال شجعان. ويرثها فاسدون".
(الغد)





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :