facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




ليس بالقوانين وحدها تستقيم الحياة ..


مسَـلم الكساسبة
13-02-2008 02:00 AM

حينما تـُعالَج مسألة ما.. أية مسالة كانت.. ويكون طرح الحلول لها وفقا لنظرة سطحية ورؤية محدودة لا تبصر إلا جانبا واحدا من الموضوع .. فان العلاج ذاته يصبح جزء من المشكلة ، فيُراكمها ويفاقمها بدلا من أن يحلها أو حتى يحد منها .. ويكون الضرر أكبر حينما تكون لتلك المسألة صفة العموم وتهم قطاعا كبيرا من المجتمع .وهو ما دعاني لكي أتساءل : ماذا يكون الحال لو كان بعض من يفكرون أو يكتبون أو يشيرون وينصحون هم أنفسهم من يشرّعون .. أو كانوا صناع قرار وراسمي سياسات ؟

واليوم ونحن نتحدث عن ظاهرة مقلقة اجتماعيا ووطنيا هي "حوادث الطرق" نسمع الكثير من الآراء والمقترحات التي تبصر الموضوع من زاوية محددة وتبدأ من حيث يجب أن تنتهي .. كتلك التي تظن أن الحل يتم بالردع والسفع والقوانين الصارمة والعقوبات المغلظة مثلا .

وفي ذات السياق وكنوع من التبرير والبرهنة لما يذهبون إليه يقول لك مثلا : إن تلك القوانين الرادعة إياها معمول بها ومأخوذة عن قوانين هذه الدولة أو تلك وربما أورد أسماء دول غربية أوروبية ليقول إن مثل تلك القوانين معمول بها في أكثر الدول تحضرا .. ودون أن ينظروا ويقارنوا هل طرقنا مثل طرقهم ؟ وهل مستوانا المعيشي ودخول مواطنينا مثلهم ؟ وهل أسعار السيارات وجماركها وأوضاعها عندنا مثلهم ؟ وهل محلات الصيانة ومستواها عندنا مثلهم ؟ وهل الثقافة المرورية عندنا مثلما عندهم ...هل البيئة والوقود المستخدم و...الخ حتى لم يبق علينا من الموضوع إلا أن نستورد قوانين تشبه قوانينهم؟

بل وينسى أصحاب ذلك الاتجاه من الحلول أو لعلهم يتناسون - لا أدري - أن حد السرقة فقها– وهو أحد مصادر التشريع - يُعَطل في المجاعات وسني المحل .. وهو إجراء تستخلص منه فلسفة العقوبات والقوانين ذاتها والتي تأتي كتتويج وتتميم لحلول متكاملة تسبقها وتمهد لها .. ولتضع اللمسات الأخيرة لمجموعة من الإجراءات والتدابير .. فتأتي القوانين في الختام لكي تسُد تلك الثغرات التي بقيت بعد اتخاذ كافة الإجراءات والاحتياطيات الأخرى .. لا لتضطلع وحدها بدور الوقاية والعلاج بكافة مراحله وخطواته لوحدها .

أما التفكير بعقلية الردع والسّفع .. والتغريم والتجريم .. فإنه يجعل القوانين تفشل فشلا ذريعا لتصير هي ذاتها جزء من المشكلة .. وبدلا من أن تحد من الظاهرة تصبح آلة لتوليدها .. ومن يظن أن قطع الأيدي وحده يمنع الاعتداء على أموال الغير مثلا ما لم يكن الناس مكتفين وتكون ثمة عدالة في التوزيع ثم تكون تلك الأموال بدورها مصونة وليست ملقاة على قارعة الطريق لتغريهم وتوقعهم في الخطيئة .. ما لم تتخذ كل تلك الإجراءات الكفيلة بذلك ، فإن من يعتقد هذا يكون مخطئا ، وعليه قس .

بالتالي يخطئ من يطالبون للحد من الحوادث بالضغط باتجاه قوانين : قاسية .. صارمة .. رادعة .. إلى آخر ما هنالك من عبارات.. ودون أن يتحدثوا قبل ذلك عن : حق الناس في طريق جيدة مؤثثة جيدا ، وحقهم في ثقافة مرورية جيدة .. وحقهم في عمال صيانة مهرة مدربين جيدا ومحلات صيانة بمستوى عالي .. وحقهم في تخفيض جمارك السيارات ليستطيع المواطن شراء سيارة جديدة صالحة للاستعمال - إذ لا يعقل أن ثمن السيارة في الأردن على الأقل هو ثلاثة أضعاف ثمنها في أي قطر مجاور .. بل وفي أي قطر منتج ومصنع وبحيث ثمن السيارة موديل 90 عندنا مثلا هو أغلى من ثمن نظيرتها موديل 2008 في بلادها المصنعة لها .. بينما يحظى بالإعفاءات ناس وناس .. و هم بالمناسبة من ينظرون علينا لأنهم يمشون على طرق نسبيا أنظف ويركبون سيارات أحدث وتتاح لهم صيانة أفضل وجيوبهم اسمن .. ثم يأتي ختامها المسك بالدعوة للحل عن طريق الضرب بيد من حديد ، وبينما الحكومة تستفيد من السيارات أكثر مما لو كانت تملك ثلاث مصانع سيارات معا ، بينما على الأردني لكي يحصل على سيارة موديل 70 أن يدفع ما يعادل ثمن سيارة موديل 90 في لبنان أو دول الخليج كمثال .. لذا علينا قبل أن نتكلم عن الردع والسفع والقوانين الصارمة أن ننظر في كل تلك الجوانب الأهم .. ثم بعد ذلك كله يأتي الكلام عن القوانين المتممة والمتوجة للحل المتكامل .. وإن شئت فالرادعة لمن يسيء استخدام المركبة ويستهتر بالأرواح بعد توفير كل تلك الإجراءات والشروط.. ولكي يمكن ساعتها لتلك القوانين أن تنجح وتعمل بفعالية وتكون مؤثرة والأهم "عادلة".

سوى هذا فإن أي كلام عن الموضوع بأسلوب تغليظ العقوبات والغرامات أو تقليد ما هو معمول به لدى أمم أخرى فلن يُنظر له - وبغض النظر عن مقاصده - إلا على أنه شكل من أشكال استغلال حوادث السير والتباكي على الأرواح كوسيلة لمزيد من الجباية من جيب مواطن منهك أصلا وبالكاد يُحَصّل مقومات إدامة الحياة الزهيدة في أدنى شروطها .

يهرع الكثير منا فورا لأسلوب الردع بالقوانين وتغليظ العقوبات فيبدءون من حيث كان يجب أن ينتهوا .. وينسون أن القوانين لا تردع إذا لم يتهيأ لها قبل ذلك بيئة مواتية تعمل في ظلها بحيث يأتي القانون تتويجا واستكمالا لسلسلة إجراءات تسبقه وتساعده على أن يكون ناجعا ومؤثرا.. لا ليقوم مقام الطريق الصالحة والسيارة الصالحة وعمال الصيانة المهرة والثقافة المرورية الجيدة وهو ما لا يمكن لأي قانون أن يقوم به في غياب كل ذلك.

وفي حين أن الأمم الحية التي تفكر وتبدع وتبتكر وتخترع فتترجم تلك الأفكار والمخترعات على شكل تكنولوجيا وآلات وأدوات من شأنها إسعاد الإنسان وتسهيل حياته بالدرجة الأولى ليأتي بالطبع الربح والدخل المتحصل من إنتاجها كتحصيل حاصل وليس الهدف الوحيد ..بينما نحن الذين لم نخترع ولم ننتج شيئا نتلقف تلك المنتجات ونستخدمها كأدوات للشقاء والضنك .. إما عن طرق المتاجرة بها للحصد والإثراء على حساب هذا الإنسان المنهك أصلا.. أو كوسيلة للعبث والتسلية وبالتالي قتله وإيقاع الأذى به .. ثم تأتي الطائفة الثالثة التي تريد أن تكمل دورة الضنك لتجعل من تلك الآلات ذريعة لتغليظ العقاب له بالتالي لمزيد من استنزافه وإتعاسه؟!

msallamk@yahoo.com





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :