facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




مَلاك السُودان


فؤاد الكرشة
13-02-2014 06:16 PM

كَسائرِ النجاحاتِ الذاتيةِ التي يُنجزُها الأردنيون خَارجَ الأردن ثَمةَ إنجازٌ نادرٌ وتاريخيٌ لَم يأخذَ اهتماماً اعلامياً كما يَجب، خاصةَ ونحنُ في الشرق نعيشُ في زمنٍ تَقوى فيهِ سَطوةُ التكفيرِ والتَطرفِ، زَمنُ إخطافِ الراهبات وأساقفةِ الكنائس وقَتلِ رجالِ الدينِ والتَهجير، هذا الانجاز بَطلهُ شابٌ عربيٌ أردنيٌ أنجَبهُ بيتٌ مَسيحيٌ قَدمهُ للكنيسة ولِرعَيتها هَدية، إنها قِصةُ "سامر قموه" إبن الشبيبة الأرثوذكسية الذي أَصبحَ صاحبَ السيادةِ المِتروبوليت(1) ناركيسوس الجزيل الاحترام والكلي الوقار مُطران السُودان والنُوبة للروم الأرثوذكس، كانَ هذا في نوفيمبر الماضي حيثُ إنتخَبهُ المَجمع المُقدس الاسكندري أسقفاً، وهذه نادرةٌ تاريخية في حُصولِ عربي أردني لرتبةِ رئيس أساقفه (مِتروبوليت) في الكنيسة الأرثوذكسية عموماً.

الأسقفُ الجديد حَصل على تَعليمه الجامعي في اليونان ويحملُ دَرجةَ الماجستير في عُلومِ اللاهوت والعَقيدة، هناك في اليونان تَمت سِيامتهُ كاهناً ورُقي الى دَرجة أرشمندريت(2) (رئيس) عام 1994 وطبعاً التحق بالكنيسة اليونانية وبدأ العَمل والخِدمة، عام 2009 إنتدبَ منَ اليونان الى مِصرَ الى بطريركية الاسكندرية وخلال ال 20 سَنة الماضِية من حَياته الرهبانية تَنقل في أعمال الخِدمَةِ الرعائية والتَعليم والادارة الكنسيَة وكان رئيساً لأحد الأديره.

غِبطةُ البطريرك اليوناني ثَيودوروس الثاني بَابا وبَطريرك الاسكندرية وسائر وأفريقيا للروم الأرثوذكس بِسيامَتِه للأب العربي ناركيسوس أسقفاً، يُذكرنا بانفتاح الرومية الأرثوذكسية في بِلادنا المَشرقية العربية وإعتدالها التي تَرجمت وحدةَ الكنيسة الأرثوذكسية ووَحَدت شَعبها من مختلف الأصول والمَنابت في المنطقة تاريخاً وهُنا لا يَسعني الا أن أذكر كَلمةَ حَق في صَاحب الغبطة البطريرك ثَيودوروس الثاني الذي أقام سيامةٍ عِدة لأساقفة أفارقة وبِهذا تَرجمَ واقعياً قَولَ الرسول بولس في رِسالته الى أهل رومية 12:10 "لأنهُ لافرقَ بين اليَهودي واليوناني لأنَ رباً واحداً للجميع غنياً لجميع الذين يدَعون به"

أَتفكر في سيامةِ المطران ناركيسوس "سامر قموه" وأنظر الى حالِ بطريركيتنا (كنيسة القدس) وما هي عَليه وكَيفَ تَسيرُ الأمورُ فيها وأسأل:
هَل قام بَطريرك الاسكندرية بِهذه الخُطوة بَعدَ ضَغطٍ حُكوميٍ رسميٍ تنفيذاً لقانون ما؟
أم لاجل تَهدئة مُؤسسات وهيئات أرثوذكسية ضَاغطة والخلاص من (الزَن)؟
أو رُبما لأجل إمتصاص غَضب الشارع الأرثوذكسي وتدمرهُ المُستمر الذي يَتسبب بالحرج؟
أو لأجل كَسب تأييد هُنا وهُناك؟

ولا أيُ شيءٍ من هَذا صَحيح، بل هي حِكمةُ صَاحب الغبطة البَطريرك ثَيودوروس الثاني ومَجمعهُ الذي أنتخبَ الشخص المُناسب في المَكان المُناسب وعن استحقاق وجَدارة وبِهذا كانت صَيحاتُ الحضور ب "مُستحق آكسيوس" في الكاثيدرائية أثناء مَراسم السيامة في مَكانها وزَمنها الصحيح، فكانت ارادة الله في راهب لديه سِيرةٌ مُضيئة من الخِبرة الكهنوتية والعُلوم المُتقدمة والمَحبة للعمل لأن يُصبحَ ملاكاً لأبرشية السودان، وبِهذا استحق حَمل عَصا الرعاية عَصا الخِدمة عَصا المُسؤولية لا عَصا الوَجاهة عَصا المُناسبات والاحتفالات عَصا الصُور، فأسألُ نَفسي هل الرُتبَة الأسقفية وحُللها تَصنعُ أسقفاً؟ أم أن هُناك العَديد من الرهبانِ البُسطاء هم أساقفة بِحكمَتهم وعِلمهم وعَطائهم ورِعايتهم؟ فكلُ الحُللِ والتِيجان والعُصي والسيارات ذاتُ الاعلام تَذهب وتَبقى الذكرى العَطرة للعمل الصالح والمَواقف المُشرفة والدليل على هذا: الذاكرة التي يَنفُضها شبابُ جِيلنا الواعي وتَبقى عَطرة فمثلاً المرحوم المُطران العربي بشارةَ غريغوريوس حَجار مُطران عكا وحَيفا والناصرة وسائر الجليل للروم الكاثوليك المَلكييين الذي قاومَ الحَركة الصهيونية في الثلاثينيات ووَاجه الانجليز مُباشرةً وقَدم لرَعيته ومُجتمعه الخدمات المُختلفة فَكانت عصا الأسقُفية التي بِيده عَصا المقاومة(3)

تَعود بيَ الذاكرة لقِصة سَمِعتُها عن رجالات كَنيسة القديس جاورجيوس في مَدينة الزرقاء التي بعد 30 كيلو متراً عن العاصمة الأردنية عَمان، حادِثة حَصلت في الستينيات وتحديداً قبل عام 1967 حيثُ اجتمع وجهاؤها وعَزموا الذهابَ الى القدس للقاء غِبطة البَطريرك المَرحوم فنيذكتوس الأول لأمرٍ يخصُ رَعية كنيسة الزرقاء آنذاك، وَقتها طلبوا من جَدي الياس الكرشة (أبو عيسى) رحمهُ الله أن يَكونَ ضِمنَ الوفد لأنهُ تَولد القدس وابنُ المدينة وكونه موظفٌ سابقٌ في مَطبعة دَير الروم ويَعرف البطريركية عن قُرب، ولدى وصول الوفد تم استقبالهم في صالون البطريركية في القدس لكنَ البطريرك لم يكن مَوجود بل كان أحد الأساقفه اليونان الذي استقبلهم وسَمع مِنهم وكانت اجابته بالعَربية "المُكسرة": أن غِبطة البطريرك غيرُ مَوجود ومسافر وأنا لا صَلاحية لي، عَليكم العودة مُجدداً في وقت آخر.

فسأله جَدي: ما مَنصبُكَ يا سَيدنا؟
فقال وكيل بَطريركي
فأعاد سؤالاً آخر: والكرسي الذي تَجلس عليه الآن كرسي من؟ ومن يَجلس هنا بالعادةَ؟
أجاب الأسقف: كُرسي البطريرك وهو من يَجلس هُنا عندما يكون حاضراً وأنا أجلس هنا لأن سيدنا البطريرك ليس هُنا
فَنهرهُ جدي: اذاً لا تَجلس على هذا الكرسي مرةً أخرى واياكَ أن تَذكر أنكَ وكيلاً للبطريرك
وكان هذا أمام جميع من كان في صَالون البطريركية يَومها
سيامةُ الأسقف ناركيسوس قموه تَجعلني أفكر بِواقعنا في كنيسةِ القدس (بطريركية الروم الأرثوذكس) فأيُ واقعٍ يا رَعاكم الله؟ لنسألَ ذَواتنا لماذا يَتقدمُ حالُ أبناءُ كنيستنا خارجَ كنيستهم الأم؟ ألسنا أولى بِهم؟ خاصة أننا بِحاجة مَاسة الى رُعاة وخُدام للكنيسة، لنرَاجَع عدد أبناء كنيسة القدس العَرب (رجال الدين المُهاجرين) الذين يَخدمونَ في كنائس أرثوذكسية أخرى والمُؤهلين ليكونوا أساقفه هذا سَيقودنا للتأمل في عَدد الأساقفه العرب (الوطنيين) في كَنيستنا وهي نِسبةٌ خجولة تَكاد لا تَظهر بواقع أسقفين من أصل 23 بَينما الأرثوذكس في الأردن وفلسطين هم عَرب بنسبة 100% وهذا يأخذنا للتَفكر في صَلاحيات الأساقفة في بَطريركيتنا والامكانيات المُتوفرة لهم للعمل؟ والنِسبة ذاتها المُتواضعة تَتكرر في عَدد الرُهبان العرب (الوطنيين) في أخوية القبر المقدس، وبِحال رجال الدين العَرب (الوطنيين) المُهمشين داخل البطريركية، وكيف يَتم استقبال رُهبان أجانب من خارج الرعية في كنيسة القدس وتَرفيعهم الى أعلى الرُتب الكهنوتية في زَمن قِياسي، ويَبقى البَعضُ من الرهبان العَرب (الوطنيين) من أبناء الكَنيسة مِمَن سَمحت لهم الظروف النادرة أن يَترهبنوا مُعلقين يَدورون في دَوامة بِدون استقرار.

سَعيد بالأسقف الجَديد ناركيسوس قموه ولسنين عديدة ان شاء الله وسَعيد لمَحبة وفِكر بَطريرك الاسكندرية، ولكن تَبقى الغَصة وقد يَصعبُ اغلاقُ هذا المَلف.





  • 1 فرح خليفات 24-02-2014 | 11:44 PM

    نعم للوكيل الذي يعمل ولا للعميل النائم


تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :